هجوم شبانه ي مأموران متوكل به خانه ي امام
[62] -62- قال المسعودي:
قد كان سعي بأبي الحسن علي بن محمد عليهماالسلام الي المتوكل، و قيل له: ان في منزله سلاحا و كتبا و غيرها من شيعته، فوجه اليه ليلا من الأتراك و غيرهم من هجم عليه في منزله علي غفلة ممن في داره، فوجدوه في بيت وحده مغلق عليه، و عليه مدرعة من شعر، و لا بساط في البيت لا الرمل و الحصي، و علي رأسه ملحفة من الصوف، متوجها الي ربه، يترنم بآيات من القرآن في الوعد و الوعيد، فأخذوا علي ما وجدوا عليه، و حمل الي المتوكل في جوف الليل، فمثل بين يديه، و المتوكل يشرب و في يده كأس، فلما رآه أعظمه و أجلسه الي جنبه، و لم يكن في منزله شي ء مما قيل فيه، و لا حالة يتعلل عليه بها، فناوله المتوكل الكأس الذي في يده.
فقال: يا أميرالمؤمنين! ما خامر لحمي و دمي قط، فأعفني منه، فأعفاه و قال أنشدني [شعرا أستحسنه، فقال: اني لقليل الرواية للأشعار، فقال: لابد أن تنشدني]، فأنشده:
باتوا علي قلل الأجبال تحرسهم
غلب الرجال فما أغنتهم القلل
و استنزلوا بعد عز من معاقلهم
فاودعوا حفرا، يا بئس ما نزلوا
ناداهم صارخ من بعد ما قبروا
أين الأسرة و التيجان و الحلل؟
أين الوجوه التي كانت منعمة
من دونها تضرب الأستار و الكلل
فأفصح القبر عنهم حين ساءلهم
تلك الوجوه عليها الدود يقتتل
قد طالما أكلوا دهرا و ما شربوا
فأصبحوا بعد طول الأكل قد أكلوا
و طالما عمروا دورا لتحصنهم
ففارقوا الدور و الأهلين و انتقلوا
و طالما كنزوا الأموال و ادخروا
فخلفوها علي الأعداء و ارتحلوا
أضحت مناز لهم قفرا معطلة
و ساكنوها الي الأجداث قد رحلوا
قال: فأشفق كل من حضر علي علي، و ظن أن بادرة تبدر منه اليه، قال: والله! لقد بكي المتوكل بكاء طويلا حتي بلت دموعه لحيته، وبكي من حضره، ثم أمر برفع الشراب، ثم قال له: يا أباالحسن! أعليك دين؟
قال: نعم، أربعة آلاف دينار، فأمر بدفعها اليه، ورده الي منزله من ساعته مكرما [1] .
پاورقي
[1] مروج الذهب 4: 93، بحارالأنوار 50: 211، مسند الامام الهادي: 51 ح 29.