بازگشت

كرامت امام، نزد متوكل


[94] -94- قال الراوندي:

روي أبوسعيد سهل بن زياد، [قال]: حدثنا أبوالعباس فضل بن أحمد بن اسرائيل الكاتب، و نحن في داره بسامرة [1] فجري ذكر أبي الحسن، فقال: يا أباسعيد! اني أحدثك بشي ء حدثني به أبي، قال: كنا مع المعتز و كان أبي كاتبه.

قال: فدخلنا الدار و اذا المتوكل علي سريره قاعد، فسلم المعتز و وقف و وقفت خلفه، و كان عهدي به اذا دخل عليه رحب به و يأمره بالقعود، فأطال القيام و جعل يرفع قدما و يضع أخري، و هو لا يأذن له بالقعود.

و نظرت الي وجهه يتغير ساعة، بعد ساعة و يقبل علي الفتح بن خاقان و يقول: هذا الذي تقول فيه ما تقول؟ و يردد القول، و الفتح مقبل عليه يسكنه و يقول: مكذوب عليه يا أميرالمؤمنين! و هو يتلظي و يشطط و يقول: والله! لأقتلن هذا المرائي الزنديق، و هو الذي يدعي الكذب، و يطعن في دولتي.

ثم قال: جئني بأربعة من الخزر جلاف لا يفهمون، فجي ء بهم و دفع اليهم أربعة أسياف، و أمرهم أن يرطنوا [2] بألسنتهم اذا دخل أبوالحسن، و [أن] يقبلوا عليه بأسيافهم (فيخبطوه و يعلقوه)، و هو يقول: والله! لأحرقنه بعد القتل، و أنا منتصب قائم خلف المعتز من وراء الستر.

فما علمت الا بأبي الحسن عليه السلام قد دخل وقد بادر الناس قدامه، و قالوا: [قد] جاء و التفت و رأي فاذا أنا به، وشفتاه تتحر كان، و هو غير مكترث و لا جازع، فلما بصر به المتوكل رمي بنفسه عن السرير اليه، و هو يسبقه فانكب عليه يقبل بين عينيه و يديه، و سيفه بيده، و هو يقول: يا سيدي، يا ابن رسول الله! يا خير خلق الله! يا ابن عمي! يا مولاي يا أباالحسن! و أبوالحسن عليه السلام يقول: أعيذك يا أمير المؤمنين! بالله، اعفني من هذا.

فقال: ما جاء بك يا سيدي! في هذا الوقت؟

قال: جاءني رسولك، فقال المتوكل: [يدعوك، فقال:] كذب ابن الفاعلة، ارجع يا سيدي! من حيث جئت.

يا فتح، يا عبيدالله، يا معتز! شيعوا سيدكم و سيدي.

فلما بصر به الخزر خروا سجدا مذعنين، فلما خرج دعاهم المتوكل (ثم أمر الترجمان أن يخبره) بما يقولون، ثم قال لهم: لم لم تفعلوا ما أمرتم؟

قالوا: شدة هيبته، و رأينا حوله أكثر من مائة سيف لم نقدر أن نتأملهم، فمنعنا ذلك عما أمرت به، و امتلأت قلوبنا من ذلك [رعبا].

فقال المتوكل: يا فتح! هذا صاحبك وضحك في وجه الفتح، وضحك الفتح في وجهه و قال: الحمدلله الذي بيض وجهه، و أنار حجته [3] .

[95] -95- الطوسي:

أبومحمد الفحام، قال: حدثني أبوالطيب أحمد بن محمد بن بوطير، قال: حدثني خير الكاتب، قال: حدثني شيلمة الكاتب، و كان قد عمل أخبار سر من رأي، قال: كان المتوكل ركب الي الجامع، و معه عدد ممن يصلح للخطابة، و كان فيهم رجل من ولد العباس بن محمد يلقب بهريسة، و كان المتوكل يحقره، فتقدم اليه أن يخطب يوما، فخطب و أحسن، فتقدم المتوكل يصلي، فسابقه من قبل أن ينزل من المنبر، فجاء فجذب منطقته من ورائه، و قال: يا أميرالمؤمنين! من خطب يصلي.

فقال المتوكل: أردنا أن نخجله فأخجلنا.

و كان أحد الأشرار، فقال يوما للمتوكل: ما يعمل أحد بك أكثر مما تعمله بنفسك في علي بن محمد، فلا يبقي في الدار الا من يخدمه، و لا يتبعونه بشيل ستر، و لا فتح باب، و لا شي ء، و هذا اذا علمه الناس قالوا: لو لم يعلم استحقاقه للأمر ما فعل به هذا، دعه اذا دخل يشيل الستر لنفسه، و يمشي كما يمشي غيره، فتمسه بعض الجفوة؛ فتقدم الا يخدم و لا يشال بين يديه ستر، و كان المتوكل ما رئي أحد ممن يهتم بالخبر مثله.

قال: فكتب صاحب الخبر اليه: أن علي بن محمد داخل الدار، فلم يخدم و لم يشل أحد بين يديه سترا، فهب هواء رفع الستر له فدخل، فقال: اعرفوا خبر خروجه؛ فذكر صاحب الخبر أن هواء خالف ذلك الهواء، شال الستر له حتي خرج، فقال: ليس نريد هواء يشيل الستر، شيلوا الستر بين يديه.

دخل عليه السلام يوما علي المتوكل فقال: يا أباالحسن! من أشعر الناس، و كان قد سأل قبله ابن الجهم، فذكر شعراء الجاهلية و شعراء الاسلام، فلما سأل الامام عليه السلام قال: فلان بن فلان العلوي.

قال ابن الفحام: و أحسبه الحماني. قال: حيث يقول:



لقد فاخرتنا من قريش عصابة

بمط خدود و امتداد أصابع



فلما تنازعنا القضاء قضي لنا

عليهم بما نهوي نداء لصوامع



قال: و ما نداء الصوامع، يا أباالحسن؟!

قال: أشهد أن لا اله الا الله، و أن محمدا رسول الله، جدي أم جدك؟ فضحك المتوكل، ثم قال: هو جدك، لا ندفعك عنه [4] .


پاورقي

[1] كذا في المصدر، و يقال لها: سامرا بالقصر، و سامراء بالمد مراصد الاطلاع: 2 / 684.

[2] رطن، راطنه مراطنة: كلمه بالأعجمية. المنجد: 266، (رطن).

[3] الخرائج و الجرائح 1: 417 ح 21، الثاقب في المناقب: 556 ح 16، كشف الغمة 2: 395، بحارالأنوار 50: 196 ح 8، مدينة المعاجز 7: 488 ح 62.

[4] الأمالي: 287 ح 3 و 4، المناقب لابن شهرآشوب 4: 406، بحارالأنوار 50: 128 ح 6، مدينة المعاجز 7: 434 ح 16.