بازگشت

آگاهي امام از حوادث آينده


[155] -155- قال الراوندي:

روي عن يحيي بن هرثمة، قال: دعاني المتوكل فقال: اختر ثلاثمائة رجل ممن تريد و اخرجوا الي الكوفة فخلفوا أثقالكم فيها، و اخرجوا علي طريق البادية الي المدينة فأحضروا علي بن محمد بن الرضا عليهم السلام الي عندي مكرما معظما مبجلا.

قال: ففعلت و خرجنا، و كان في أصحابي قائد من الشراة [1] ، و كان لي كاتب يتشيع، و أنا علي مذهب الحشوية [2] ، و كان ذلك الشاري يناظر ذلك الكاتب، و كنت أستريح الي مناظرتهما لقطع الطريق.

فلما صرنا الي وسط الطريق قال الشاري للكاتب: أليس من قول صاحبكم علي بن أبي طالب: انه ليس من الأرض بقعة الا و هي قبر، أو ستكون قبرا، فانظر الي هذه البرية أين من يموت فيها حتي يملأها الله قبورا، كما تزعمون؟

قال: فقلت للكاتب: أهذا من قولكم؟ قال: نعم، قلت: صدق أين من يموت في هذه البرية العظيمة حتي تمتلي قبورا، و تضاحكنا ساعة اذ انخذل الكاتب في أيدينا.

قال: وسرنا حتي دخلنا المدينة، فقصدت باب أبي الحسن علي بن محمد بن الرضا عليهم السلام فدخلت اليه، فقرأ كتاب المتوكل فقال: انزلوا، و ليس من جهتي خلاف.

قال: فلما صرت اليه من الغد، وكنا في تموز أشد ما يكون من الحر، فاذا بين يديه خياط و هو يقطع من ثياب غلاظ خفاتين [3] له و لغلمانه، ثم قال للخياط: أجمع عليها جماعة من الخياطين، و اعمد علي الفراغ منها يومك هذا، وبكر بها الي في هذا الوقت، ثم نظر الي و قال: يا يحيي! اقضوا وطركم من المدينة في هذا اليوم، و اعمل علي الرحيل غدا في هذا الوقت.

قال: فخرجت من عنده و أنا أتعجب منه من الخفاتين، و أقول في نفسي: نحن في تموز وحر الحجاز، و انما بيننا و بين العراق مسيرة عشرة أيام، فما يصنع بهذه الثياب، ثم قلت في نفسي: هذا رجل لم يسافر و هو يقدر أن كل سفر يحتاج فيه الي هذه الثياب، و أتعجب من الرافضة حيث يقولون بامامة هذا مع فهمه هذا.

فعدت اليه في الغد في ذلك الوقت، فاذا الثياب قد أحضرت فقال لغلمانه: ادخلوا، وخذوا لنا معكم لبابيد و برانس، ثم قال: ارحل، يا يحيي! فقلت في نفسي: و هذا أعجب من الأول، أيخاف أن يلحقنا الشتاء في الطريق حتي أخذ معه اللبابيد و البرانس!

فخرجت و أنا أستصغر فهمه، فسرنا حتي وصلنا الي موضع المناظرة في القبور، ارتفعت سحابة، و اسودت و أرعدت و أبرقت حتي اذا صارت علي رؤوسنا أرسلت علينا بردا مثل الصخور، و قد شد علي نفسه و علي غلمانه الخفاتين، و لبسوا اللبابيد و البرانس، و قال لغلمانه: ادفعوا الي يحيي لبادة، و الي الكاتب برنسا.

و تجمعنا و البرد يأخذنا حتي قتل من أصحابي ثمانين رجلا، و زالت و رجع الحر كما كان.

فقال لي: يا يحيي! انزل أنت و من بقي من أصحابك، ليدفن من قد مات من أصحابك، ثم قال: فهكذا يملأ الله هذه البرية قبورا.

قال يحيي: فرميت بنفسي عن دابتي و عدوت اليه فقبلت ركابه و رجله، و قلت: أنا أشهد أن لا اله الا الله، و أن محمدا عبده و رسوله و أنكم خلفاء الله في أرضه، و قد كنت كافرا، و انني الآن قد أسلمت علي يديك يا مولاي!

قال يحيي: و تشيعت و لزمت خدمته الي أن مضي [4] .

[156] -156- قال ابن شهرآشوب:

وجه المتوكل عتاب بن أبي عتاب الي المدينة يحمل علي بن محمد الي سر من رأي، و كانت الشيعة يتحدثون أنه يعلم الغيب، فكان في نفس عتاب من هذا شي ء، فلما فصل من المدينة رآه و قد لبس لبادة و السماء صاحية، فما كان أسرع من أن تغيمت و أمطرت و قال عتاب: هذا واحد.

ثم لما وافي شط القاطول، رآه مقلق القلب، فقال له: ما لك يا أبا أحمد؟!

فقال: قلبي مقلق بحوائج التمستها من أميرالمؤمنين، قال له: فان حوائجك قد قضيت، فما كان بأسرع من أن جاءته البشارات بقضاء حوائجه، قال: الناس يقولون: انك تعلم الغيب، و قد تبينت من ذلك خلتين [5] .


پاورقي

[1] الشراة: الخوارج، (مجمع البحرين - شري).

[2] الحشوية: طائفة من أصحاب الحديث، تمسكوا بالظاهر.

[3] يحتمل كونه: «الخفتان» كما في هامش المصدر، و هي ضرب من الثياب (فارسية). المنجد: 188، (خفت).

[4] الخرائج و الجرائح 1: 393 ح 2، الثاقب في المناقب: 551 ح 12، بحارالأنوار 50: 142 ح 27، الامام الهادي عليه السلام من المهد الي اللحد: 440.

[5] المناقب 4: 413، بحارالأنوار 50: 173 ح 53، و 80: 117 ح 5، مدينة المعاجز 7: 505 ح 78.