بازگشت

چگونگي زيارت امام هادي، اميرمؤمنان را


[415] -24- روي المجلسي:

قال المفيد: روي عن أبي محمد الحسن بن العسكري، عن أبيه صلوات الله عليهما، و ذكر أنه عليه السلام زار بها في يوم الغدير، في السنة التي أشخصه المعتصم، فاذا أردت ذلك، فقف علي باب القبة الشريفة و استأذن، و ادخل مقدما رجلك اليمني علي اليسري، و امش حتي تقف علي الضريح و استقبله، و اجعل القبلة بين كتفيك، و قل:

السلام علي محمد رسول الله خاتم النبيين، و سيد المرسلين، و صفوة رب العالمين، أمين الله علي وحيه، و عزائم أمره، و الخاتم لما سبق، و الفاتح لما استقبل، و المهيمن علي ذلك كله، و رحمة الله و بركاته و صلواته و تحياته، السلام علي أنبياء الله و رسله، و ملائكته المقربين، و عباده الصالحين.

السلام عليك يا أميرالمؤمنين! و سيد الوصيين، و وارث علم النبيين، و ولي رب العالمين، و مولاي و مولي المؤمنين، و رحمة الله و بركاته.

السلام عليك يا مولاي! يا أميرالمؤمنين، يا أمين الله في أرضه، و سفيره في خلقه، و حجته البالغة علي عباده.

السلام عليك يا دين الله القويم! و صراطه المستقيم.

السلام عليك أيها النبأ العظيم، الذي هم فيه مختلفون، و عنه يسألون.

السلام عليك يا أميرالمؤمنين! آمنت بالله و هم مشركون، و صدقت بالحق و هم مكذبون، و جاهدت و هم محجمون، و عبدت الله مخلصا له الدين صابرا محتسبا حتي أتاك اليقين، ألا لعنة الله علي الظالمين.

السلام عليك يا سيد المسلمين! و يعسوب المؤمنين، و امام المتقين، و قائد الغر المحجلين، و رحمة الله و بركاته.

أشهد أنك أخو رسول الله، و وصيه، و وارث علمه، و أمينه علي شرعه، و خليفته في أمته، و أول من آمن بالله، و صدق بما أنزل علي نبيه، و أشهد أنه قد بلغ عن الله ما أنزله فيك، فصدع بأمره، و أوجب علي أمته فرض طاعتك و ولايتك، و عقد عليهم البيعة لك، و جعلك أولي بالمؤمنين من أنفسهم، كما جعله الله كذلك، ثم أشهد الله تعالي عليهم، فقال: ألست قد بلغت؟ فقالوا: اللهم! بلي.

فقال: اللهم! اشهد و كفي بك شهيدا، و حاكما بين العباد، فلعن الله جاحد ولايتك بعد الاقرار، و ناكث عهدك بعد الميثاق، و أشهد أنك وفيت بعهد الله تعالي، و أن الله تعالي موف لك بعهده، (و من أوفي بما عاهد عليه الله فسيؤتيه أجرا عظيما) [1] ، و أشهد أنك أميرالمؤمنين الحق، الذي نطق بولايتك التنزيل، و أخذ لك العهد علي الأمة بذلك الرسول.

و أشهد أنك و عمك و أخاك الذين تاجرتم الله بنفوسكم، فأنزل الله فيكم: (ان الله اشتري من المؤمنين أنفسهم و أموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون و يقتلون وعدا عليه حقا في التوراة و الانجيل و القرآن و من أوفي بعهده من الله فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به و ذلك هو الفوز العظيم - التائبون العابدون الحامدون السائحون الراكعون الساجدون الآمرون بالمعروف و الناهون عن المنكر و الحافظون لحدود الله و بشر المؤمنين) [2] .

أشهد يا أميرالمؤمنين! أن الشاك فيك ما آمن بالرسول الأمين، و أن العادل بك غيرك عاند عن الدين القويم، الذي ارتضاه لنا رب العالمين، و أكمله بولايتك يوم الغدير، و أشهد أنك المعني بقول العزيز الرحيم: (و أن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه و لا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله) [3] ضل والله! و أضل من اتبع سواك، و عند عن الحق من عاداك.

اللهم! سمعنا لأمرك و أطعنا، و اتبعنا صراطك المستقيم فاهدنا، ربنا! و لا تزغ قلوبنا بعد اذ هديتنا الي طاعتك، و اجعلنا من الشاكرين لأنعمك.

و أشهد أنك لم تزل للهوي مخالفا، و للتقي محالفا، و علي كظم الغيظ قادرا، و عن الناس عافيا غافرا، و اذا عصي الله ساخطا، و اذا أطيع الله راضيا، و بما عهد اليك عاملا، راعيا لما استحفظت، حافظا لما استودعت، مبلغا ما حملت، منتظرا ما وعدت.

و أشهد أنك ما اتقيت ضارعا، و لا أمسكت عن حقك جازعا، و لا أحجمت عن مجاهدة عاصيك ناكلا، و لا أظهرت الرضا بخلاف ما يرضي الله مداهنا، و لا وهنت لما أصابك في سبيل الله، و لا ضعفت و لا استكنت عن طلب حقك مراقبا، معاذ الله أن تكون كذلك، بل اذ ظلمت احتسبت ربك، و فوضت اليه أمرك، و ذكرتهم فما ادكروا، و وعظتهم فما اتعظوا، و خوفتهم الله فما تخوفوا.

و أشهد أنك يا أميرالمؤمنين! جاهدت في الله حق جهاده حتي دعاك الله الي جواره، و قبضك اليه باختياره، و ألزم أعداءك الحجة بقتلهم اياك، لتكون الحجة لك عليهم مع ما لك من الحجج البالغة علي جميع خلقه.

السلام عليك يا أميرالمؤمنين! عبدت الله مخلصا، و جاهدت في الله صابرا، وجدت بنفسك محتسبا، و عملت بكتابه و اتبعت سنة نبيه، و أقمت الصلاة، و آتيت الزكاة، و أمرت بالمعروف و نهيت عن المنكر ما استطعت، مبتغيا ما عندالله راغبا فيما وعد الله، لا تحفل بالنوائب، و لا تهن عند الشدائد، و لا تحجم عن محارب، أفك من نسب غير ذلك اليك، و افتري باطلا عليك، و أولي لمن عند عنك، لقد جاهدت في الله حق الجهاد، و صبرت علي الأذي صبر احتساب، و أنت أول من آمن بالله، و صلي له و جاهد، و أبدي صفحته في دار الشرك، و الأرض مشحونة ضلالة، و الشيطان يعبد جهرة.

و أنت القائل، لا تزيدني كثرة الناس حولي عزة و لا تفرقهم عني وحشة، ولو أسلمني الناس جميعا لم أكن متضرعا، اعتصمت بالله فعززت، و آثرت الآخرة علي الأولي فزهدت، و أيدك الله و هداك و أخلصك و اجتباك، فما تناقضت أفعالك، و لا اختلفت أقوالك، و لا تقلبت أحوالك، و لا ادعيت و لا افتريت علي الله كذبا، و لا شرهت الي الحطام، و لا دنسك الآثام، و لم تزل علي بينة من ربك و يقين من أمرك، تهدي الي الحق، و الي طريق مستقيم.

أشهد شهادة حق، و أقسم بالله قسم صدق، ان محمدا و آله صلوات الله عليهم سادات الخلق، و أنك مولاي و مولي المؤمنين، و أنك عبدالله و وليه، و أخو الرسول و وصيه و وارثه، و انه القائل لك: و الذي بعثني بالحق ما آمن بي من كفر بك، و لا أقر بالله من جحدك، و قد ضل من صد عنك، و لم يهتد الي الله و لا الي من لا يهتدي بك، و هو قول ربي عزوجل:

(و اني لغفار لمن تاب و آمن و عمل صالحا ثم اهتدي) [4] الي ولايتك.

مولاي فضلك لا يخفي، و نورك لا يطفي، و أن من جحدك الظلوم الأشقي، مولاي! أنت الحجة علي العباد، و الهادي الي الرشاد، و العدة للمعاد، مولاي! لقد رفع الله في الأولي منزلتك، و أعلي في الآخرة درجتك، و بصرك ما عمي علي من خالفك و حال بينك و بين مواهب الله لك، فلعن الله مستحلي الحرمة منك، و ذائد الحق عنك.

و أشهد أنهم الأخسرون الذين تلفح وجوههم النار، و هم فيها كالحون.

و أشهد أنك ما أقدمت و لا أحجمت و لا نطقت و لا أمسكت الا بأمر من الله و رسوله، قلت: و الذي نفسي بيده! لقد نظر الي رسول الله صلي الله عليه و آله أضرب بالسيف قدما، فقال: يا علي! أنت مني بمنزلة هارون من موسي الا أنه لا نبي بعدي.

و أعلمك! أن موتك و حياتك معي، و علي سنتي، فوالله! ما كذبت و لا كذبت و لا ضللت و لا ضل بي، و لا نسيت ما عهد الي ربي، و اني لعلي بينة من ربي بينها لنبيه و بينها النبي لي، و اني لعلي الطريق الواضح، ألفظه لفظا.

صدقت والله! و قلت الحق، فلعن الله من ساواك بمن ناواك، والله جل اسمه يقول:

(هل يستوي الذين يعلمون و الذين لا يعلمون) [5] ، فلعن الله من عدل بك من فرض الله عليه ولايتك، و أنت ولي الله، و أخو رسوله، و الذاب عن دينه، و الذي نطق القرآن بتفضيله، قال الله تعالي:

(فضل الله المجاهدين علي القاعدين أجرا عظيما درجات منه و مغفرة و رحمة و كان الله غفورا رحيما) [6] .

و قال الله تعالي: (أجعلتم سقاية الحاج و عمارة المسجد الحرام كمن آمن بالله و اليوم الآخر و جاهد في سبيل الله لا يستوون عندالله و الله لا يهدي القوم الظالمين - الذين آمنوا و هاجروا و جاهدوا في سبيل الله بأموالهم و أنفسهم أعظم درجة عندالله و أولئك هم الفائزون - يبشرهم ربهم برحمة منه و رضوان و جنات لهم فيها نعيم مقيم - خالدين فيها أبدا ان الله عنده أجر عظيم) [7] .

أشهد أنك المخصوص بمدحة الله، المخلص لطاعة الله، لم تبغ بالهدي بدلا، و لم تشرك بعبادة ربك أحدا، و أن الله تعالي استجاب لنبيه صلي الله عليه و آله فيك دعوته، ثم أمره باظهار ما أولاك لأمته اعلاء لشأنك، و اعلانا لبرهانك، و دحضا للأباطيل، و قطعا للمعاذير، فلما أشفق من فتنة الفاسقين، و اتقي فيك المنافقين، أوحي اليه رب العالمين: (يا أيها الرسول بلغ ما أنزل اليك من ربك و ان لم تفعل فما بلغت رسالته و الله يعصمك من الناس) [8] ، فوضع علي نفسه أوزار المسير، و نهض في رمضاء الهجير، فخطب فأسمع و نادي فأبلغ، ثم سألهم أجمع، فقال: هل بلغت؟ فقالوا: اللهم! بلي.

فقال: اللهم اشهد، ثم قال: ألست أولي بالمؤمنين من أنفسهم؟ فقالوا: بلي، فأخذ بيدك و قال: من كنت مولاه فهذا علي مولاه، اللهم! وال من والاه و عاد من عاداه، و انصر من نصره و اخذل من خذله، فما آمن بما أنزل الله فيك علي نبيه الا قليل، و لا زاد أكثرهم غير تخسير، و لقد أنزل الله تعالي فيك من قبل و هم كارهون: (يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم و يحبونه أذلة علي المؤمنين أعزة علي الكافرين يجاهدون في سبيل الله و لا يخافون لومة لائم ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء و الله واسع عليم) [9] .

(انما وليكم الله و رسوله و الذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة و يؤتون الزكاة وهم راكعون - و من يتول الله و رسوله و الذين آمنوا فان حزب الله هم الغالبون) [10] ، (ربنا آمنا بما أنزلت و اتبعنا الرسول فاكتبنا مع الشاهدين) [11] ، (ربنا لا تزغ قلوبنا بعد اذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة انك أنت الوهاب) [12] .

اللهم! انا نعلم أن هذا هو الحق من عندك، فالعن من عارضه و استكبر و كذب به و كفر، (سيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون) [13] .

السلام عليك يا أميرالمؤمنين! و سيد الوصيين و أول العابدين، و أزهد الزاهدين، و رحمة الله و بركاته و صلواته و تحياته.

أنت مطعم الطعام علي حبه مسكينا و يتيما و أسيرا لوجه الله، لا تريد منهم جزاء و لا شكورا، و فيك أنزل الله تعالي: (يؤثرون علي أنفسهم و لو كان بهم خصاصة و من يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون) [14] .

و أنت الكاظم للغيظ، و العافي عن الناس، والله يحب المحسنين، و أنت الصابر في البأساء و الضراء و حين البأس، و أنت القاسم بالسوية، و العادل في الرعية، و العالم بحدود الله من جميع البرية، و الله تعالي أخبر عما أولاك من فضله بقوله: (أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا لا يستوون - أما الذين آمنوا و عملوا الصالحات فلهم جنات المأوي نزلا بما كانوا يعملون) [15] .

و أنت المخصوص بعلم التنزيل، وحكم التأويل، ونص الرسول، و لك المواقف المشهودة، و المقامات المشهورة، و الأيام المذكورة: يوم بدر، و يوم الأحزاب: (اذ زاغت الأبصار و بلغت القلوب الحناجر و تظنون بالله الظنونا هنالك ابتلي المؤمنون و زلزلوا زلزالا شديدا - و اذ يقول المنافقون و الذين في قلوبهم مرض ما وعدنا الله و رسوله الا غرورا - و اذ قالت طائفة منهم يا أهل يثرب لا مقام لكم فارجعوا و يستأذن فريق منهم النبي يقولون ان بيوتنا عورة و ما هي بعورة ان يريدون الا فرارا) [16] .

و قال الله تعالي: (و لما رأ المؤمنون الأحزاب قالوا هذا ما وعدنا الله و رسوله و صدق الله و رسوله و ما زادهم الا ايمانا و تسليما) [17] .

فقتلت عمروهم، و هزمت جمعهم، (ورد الله الذين كفروا بغيظهم، لم ينالوا خيرا و كفي الله المؤمنين القتال، و كان الله قويا عزيزا) [18] .

و يوم أحد اذ يصعدون و لا يلون علي أحد، و الرسول يدعوهم في أخراهم، و أنت تذود بهم المشركين عن النبي ذات اليمين، و ذات الشمال حتي ردهم الله عنكما خائفين، و نصر بك الخاذلين.

و يوم حنين علي ما نطق به التنزيل: (اذ أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئا و ضاقت عليكم الأرض بما رحبت ثم وليتم مدبرين - ثم أنزل الله سكينته علي رسوله و علي المؤمنين) [19] .

و المؤمنون أنت و من يليك، و عمك العباس ينادي المنهزمين: يا أصحاب سورة البقرة، يا أهل بيعة الشجرة، حتي استجاب له قوم قد كفيتهم المؤونة، و تكفلت دونهم المعونة، فعادوا آيسين من المثوبة، راجين وعد الله تعالي بالتوبة، و ذلك قول الله جل ذكره: (ثم يتوب الله من بعد ذلك علي من يشاء) [20] ، و أنت حائز درجة الصبر، فائز بعظيم الأجر.

و يوم خيبر اذ أظهر الله خور المنافقين، و قطع دابر الكافرين، و الحمد لله رب العالمين:

(و لقد كانوا عاهدوا الله من قبل لا يولون الأدبار و كان عهد الله مسؤلا) [21] .

مولاي! أنت الحجة البالغة، و المحجة الواضحة، و النعمة السابغة، و البرهان المنير، فهنيئا لك بما آتاك الله من فضل، وتبا لشانئك ذي الجهل، شهدت مع النبي صلي الله عليه و آله جميع حروبه و مغازيه، تحمل الراية أمامه، و تضرب بالسيف قدامه، ثم لحزمك المشهور و بصيرتك في الأمور، أمرك في المواطن و لم تكن عليك أمير، و كم من أمر صدك عن امضاء عزمك فيه التقي، و اتبع غيرك في مثله الهوي، فظن الجاهلون أنك عجزت عما اليه انتهي، ضل والله! الظان لذلك و ما اهتدي، و لقد أوضحت ما أشكل من ذلك لمن توهم، و امتري، بقولك صلي الله عليك: قد يري الحول القلب وجه الحيلة و دونها حاجز من تقوي الله، فيدعها رأي العين، و ينتهز فرصتها من لا حريجة له في الدين. صدقت و خسر المبطلون، و اذ ماكرك الناكثان، فقالا: نريد العمرة، فقلت لهما: لعمر كما ما تريدان العمرة، لكن تريدان الغدرة.

فأخذت البيعة عليهما، وجددت الميثاق فجدا في النفاق، فما نبهتهما علي فعلهما أغفلا وعادا، و ما انتفعا و كان عاقبة أمرهما خسرا، ثم تلاهما أهل الشام، فسرت اليهم بعد الاعذار، و هم لا يدينون دين الحق، و لا يتدبرون القرآن همج رعاع ضالون، و بالذي أنزل علي محمد فيك كافرون، و لأهل الخلاف عليك ناصرون، و قد أمر الله تعالي باتباعك، و ندب المؤمنين الي نصرك، و قال عزوجل: (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله و كونوا مع الصادقين) [22] .

مولاي! بك ظهر الحق و قد نبذه الخلق، و أوضحت السنن بعد الدروس و الطمس، فلك سابقة الجهاد علي تصديق التنزيل، و لك فضيلة الجهاد علي تحقيق التأويل، و عدوك عدو الله جاحد لرسول الله، يدعو باطلا ويحكم جائرا، و يتأمر غاصبا، و يدعو حزبه الي النار، و عمار يجاهد و ينادي بين الصفين: الرواح الرواح الي الجنة، و لما استسقي فسقي اللبن كبر، و قال: قال لي رسول الله صلي الله عليه و آله: آخر شرابك من الدنيا ضياح من لبن، و تقتلك الفئة الباغية، فاعترضه أبوالعادية الفزاري فقتله، فعلي أبي العادية لعنة الله و لعنة ملائكته و رسله أجمعين، و علي من سل سيفه عليك و سللت سيفك عليه يا أميرالمؤمنين! من المشركين و المنافقين الي يوم الدين، و علي من رضي بما ساءك و لم يكرهه، و أغمض عينه و لم ينكر، أو أعان عليك بيد أو لسان، أو قعد عن نصرك، أو خذل عن الجهاد معك، أو غمط فضلك وجحد حقك، أو عدل بك من جعلك الله أولي به من نفسه، و صلوات الله عليك و رحمة الله و بركاته و سلامه و تحياته، و علي الأئمة من آلك الطاهرين، انه حميد مجيد.

و الأمر الأعجب و الخطب الأفظع بعد جحدك حقك، غصب الصديقة الطاهرة الزهراء سيدة النساء فدكا، ورد شهادتك و شهادة السيدين سلالتك، و عترة المصطفي صلي الله عليكم، و قد أعلي الله تعالي علي الأمة درجتكم، و رفع منزلتكم، و أبان فضلكم، و شرفكم علي العالمين، فأذهب عنكم الرجس و طهركم تطهيرا، قال الله جل و عز: (ان الانسان خلق هلوعا - اذا مسه الشر جزوعا - و اذا مسه الخير منوعا - الا المصلين) [23] .

فاستثني الله تعالي نبيه المصطفي، و أنت يا سيد الأوصياء! من جميع الخلق، فما أعمه من ظلمك عن الحق، ثم أقرضوك سهم ذوي القربي مكرا، أو حادوه عن أهله جورا.

فلما آل الأمر اليك أجريتهم علي ما أجريا رغبة عنهما بما عندالله لك، فأشبهت محنتك بهما محن الأنبياء عند الوحدة و عدم الأنصار، و أشبهت في البيات علي الفراش الذبيح عليه السلام اذ أجبت كما أجاب، و أطعت كما أطاع اسماعيل صابرا محتسبا اذ قال له: (اني أري في المنام أني أذبحك فانظر ماذا تري قال يا أبت افعل ما تؤمر ستجدني ان شاء الله من الصابرين) [24] .

و كذلك أنت لما أباتك النبي صلي الله عليه و آله و أمرك أن تضجع في مرقده واقيا له بنفسك أسرعت الي اجابته مطيعا و لنفسك علي القتل موطنا، فشكر الله تعالي طاعتك، و أبان عن جميل فعلك بقوله جل ذكره: (و من الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله) [25] .

ثم محنتك يوم صفين و قد رفعت المصاحف حيلة و مكرا، فأعرض الشك و عرف الحق و أتبع الظن أشبهت محنة هارون، اذ أمره موسي علي قومه فتفرقوا عنه، و هارون ينادي بهم و يقول: (يا قوم انما فتنتم به و ان ربكم الرحمن فاتبعوني و أطيعوا أمري - قالوا لن نبرح عليه عاكفين حتي يرجع الينا موسي) [26] .

و كذلك أنت لما رفعت المصاحف قلت: يا قوم انما فتنتم بها و خدعتم، فعصوك و خالفوا عليك، و استدعوا نصب الحكمين، فأبيت عليهم و تبرأت الي الله من فعلهم، و فوضته اليهم، فلما أسفر الحق وسفه المنكر و اعترفوا بالزلل و الجور عن القصد و اختلفوا من بعده، و ألزموك علي سفه التحكيم الذي أبيته و أحبوه و حظرته، و أباحوا ذنبهم الذي اقترفوه، و أنت علي نهج بصيرة و هدي، و هم علي سنن ضلالة و عمي، فما زالوا علي النفاق مصرين، و في الغي مترددين، حتي أذاقهم الله و بال أمرهم، فأمات بسيفك من عاندك فشقي و هوي، و أحيا بحجتك من سعد فهدي، صلوات الله عليك غادية و رائحة و عاكفة و ذاهبة، فما يحيط المادح وصفك، و لا يحبط الطاعن فضلك، أنت أحسن الخلق عبادة، و أخلصهم زهادة، و أذبهم عن الدين، أقمت حدود الله بجهدك، و فللت عساكر المارقين بسيفك، تخمد لهب الحروب ببنانك، و تهتك ستور الشبه ببيانك، و تكشف لبس الباطل عن صريح الحق، لا تأخذك في الله لومة لائم.

و في مدح الله تعالي لك غني عن مدح المادحين و تقريظ الواصفين، قال الله تعالي:

(من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضي نحبه و منهم من ينتظر و ما بدلوا تبديلا) [27] .

و لما رأيت أن قتلت الناكثين و القاسطين و المارقين و صدقك رسول الله صلي الله عليه و آله وعده فأوفيت بعهده، قلت: أما آن أن تخضب هذه من هذه؟ أم متي يبعث أشقاها؟ واثقا بأنك علي بينة من ربك، و بصيرة من أمرك، قادم علي الله مستبشر ببيعك الذي بايعته به، و ذلك هو الفوز العظيم.

اللهم! العن قتلة أنبيائك و أوصياء أنبيائك بجميع لعناتك و أصلهم حر نارك، و العن من غصب وليك حقه و أنكر عهده و جحده بعد اليقين و الاقرار بالولاية له يوم أكملت له الدين، اللهم! العن قتلة أميرالمؤمنين و من ظلمه و أشياعهم و أنصارهم، اللهم! العن ظالمي الحسين و قاتليه و المتابعين عدوه و ناصريه و الراضين بقتله و خاذليه لعنا وبيلا، اللهم! العن أول ظالم ظلم آل محمد و مانعيهم حقوقهم، اللهم! خص أول ظالم و غاصب لآل محمد باللعن، و كل مستن بما سن الي يوم القيامة.

اللهم صل علي محمد و آل محمد خاتم النبيين، و علي علي سيد الوصيين و آله الطاهرين، و اجعلنا بهم متمسكين و بولايتهم من الفائزين الآمنين الذين لا خوف عليهم و لا هم يحزنون [28] .

[416] -25- روي الكليني:

عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمد بن أورمة، عمن حدثه، عن الصادق أبي الحسن الثالث عليه السلام قال: يقول: السلام عليك يا ولي الله، أنت أول مظلوم، و أول من غصب حقه، صبرت و احتسبت حتي أتاك اليقين، فأشهد أنك لقيت الله و أنت شهيد، عذب الله قاتلك بأنواع العذاب، و جدد عليه العذاب، جئتك عارفا بحقك مستبصرا بشأنك، معاديا لأعدائك، و من ظلمك ألقي علي ذلك ربي ان شاء الله. يا ولي الله! ان لي ذنوبا كثيرة فاشفع لي الي ربك، فان لك عندالله مقاما محمودا معلوما، و ان لك عندالله جاها و شفاعة، و قد قال تعالي: (لا يشفعون الا لمن ارتضي) [29] .

ثم قال الكليني: روي محمد بن جعفر الرازي [الرزاز]، عن محمد بن عيسي بن عبيد، عن بعض أصحابنا، عن أبي الحسن الثالث عليه السلام مثله [30] .


پاورقي

[1] الفتح: 10.

[2] التوبة: 111 و 112.

[3] الانعام: 153.

[4] طه: 82.

[5] الزمر: 9.

[6] النساء: 95.

[7] التوبة: 19 - 22.

[8] المائدة: 67.

[9] المائدة: 54.

[10] المائدة: 55 و 56.

[11] آل عمران: 53.

[12] آل عمران: 8.

[13] الشعراء: 227.

[14] الحشر: 9.

[15] السجدة: 18 و 19.

[16] الاحزاب: 10 - 13.

[17] الاحزاب: 22.

[18] الاحزاب: 25.

[19] التوبة: 25.

[20] التوبة: 27.

[21] الاحزاب: 15.

[22] التوبة: 119.

[23] المعارج: 19 - 22.

[24] الصافات: 102.

[25] البقرة: 207.

[26] طه: 90 و 91.

[27] الاحزاب: 23.

[28] بحارالأنوار 100: 359 ح 6.

[29] الأنبياء: 28.

[30] الكافي 4: 569 ح 1، كامل الزيارات: 103، تهذيب الأحكام 6: 28 ح 542.