بازگشت

كلامه الي اهل الاهواز في الرد علي اهل الجبر و التفويض و اثبات العدل


من علي بن محمد، سلام عليكم و علي من اتبع الهدي و رحمة الله و بركاته، فانه ورد علي كتابكم و فهمت ما ذكرتم من اختلافكم في دينكم و خوضكم في القدر، و مقالة من يقول منكم بالجبر و من يقول بالتفويض و تفرقكم في ذلك و تقاطعكم، و ما ظهر من العداوة بينكم، ثم سألتموني عنه و بيانه لكم، و فهمت ذلك كله.

اعلموا رحمكم الله، انا نظرنا في الاثار و كثرة ما جاءت به الاخبار، فوجدناها عند جميع من ينتحل الاسلام ممن يعقل عن الله جل و عز لا تخلو من معنيين: اما حق فيتبع، و اما باطل فيجتنب.

و قد اجتمعت الامة قاطبة لا اختلاف بينهم ان القران حق لا ريب فيه عند جميع اهل الفرق، و في حال اجتماعهم مقرون بتصديق الكتاب و تحقيقه، مصيبون مهتدون، و ذلك بقول رسول الله صلي الله عليه و آله: لا تجتمع امتي علي ضلالة، فاخبر ان جميع ما اجتمعت عليه الامة كلها حق.

هذا اذا لم يخالف بعضها بعضا، و القرآن حق لا اختلاف بينهم في تنزيله و تصديقه، فاذا شهد القران بتصديق خبر و تحقيقه و انكر الخبر طائفة من الامة لزمهم الاقرار به ضرورة حين اجتمعت في الاصل علي تصديق الكتاب، فان هي جحدت و انكرت لزمها الخروج من الملة.

فاول خبر تحقيقه من الكتاب و تصديقه و التماس شهادته عليه خبر ورد عن رسول الله صلي الله عليه و اله، و وجد بموافقته الكتاب و تصديقه بحيث لا تخالفه اقاويلهم، حين قال: «اني مخلف فيكم الثقلين كتاب الله و عترتي - اهل بيتي - لن تضلوا ما تمسكتم بهما، و انهما لن يفترقا حتي يردا علي الحوض».

فلما وجدنا شواهد هذا الحديث في كتاب الله نصا مثل قوله جل و عز: «انما وليكم الله و رسوله و الذين امنوا الذين يقيمون الصلاة و يؤتون الزكاة و هم راكعون - و من يتول الله و رسوله و الذين امنوا فان حزب الله هم الغالبون» [1] ، و روت العامة في ذلك اخبارا لاميرالمؤمنين عليه السلام انه تصدق بخاتمه و هو راكع، فشكر الله ذلك له و انزل الاية فيه.

فوجدنا رسول الله صلي الله عليه و اله قد اتي بقوله: «من كنت مولاه فعلي مولاه»، و بقوله: «انت مني بمنزلة هارون من موسي الا انه لا نبي بعدي»، و وجدناه يقول: «علي يقضي ديني، و ينجز موعدي، و هو خليفتي عليكم من بعدي».

فالخبر الاول الذي استنبطت منه هذه الاخبار خبر صحيح مجمع عليه لا اختلاف فيه عندهم، و هو ايضا موافق الكتاب.

فلما شهد الكتاب بتصديق الخبر و هذه الشواهد الاخر لزم علي الامة الاقرار بها ضرورة، اذ كانت هذه الاخبار شواهدها من القران ناطقة، و وافقت القران و القران وافقها.

ثم وردت حقائق الاخبار من رسول الله صلي الله عليه و اله عن الصادقين عليهم السلام، و نقلها قوم معروفون، فصار الاقتداء بهذه الاخبار فرضا واجبا علي كل مؤمن و مؤمنة لا يتعداه الا اهل العناد.

و ذلك ان اقاويل ال رسول الله صلي الله عليه و اله متصلة بقول الله، و ذلك مثل قوله في محكم كتابه: «ان الذين يؤذون الله و رسوله لعنهم الله في الدنيا و الاخرة و اعد لهم عذابا مهينا» [2] .

و وجدنا نظير هذه الاية قول رسول الله صلي الله عليه و اله: «من اذي عليا فقد اذاني، و من اذاني فقد اذي الله، و من اذي الله يوشك ان ينتقم منه»، و كذلك قوله صلي الله عليه و اله: «من احب عليا فقد احبني، و من احبني فقد احب الله»، و مثل قوله في بني وليعة: «لابعثن اليهم رجلا كنفسي يحب الله و رسوله و يحبه الله و رسوله، قم يا علي فسر اليهم».

و قوله صلي الله عليه و اله يوم خيبر: «لابعثن اليهم غدا رجلا يحب الله و رسوله، و يحبه الله و رسوله، كرارا غير فرار، لا يرجع حتي يفتح الله عليه»، فقضي رسول الله صلي الله عليه و اله بالفتح قبل التوجيه، فاستشرف لكلامه اصحاب رسول الله صلي الله عليه و اله، فلما كان من الغد دعا عليا عليه السلام فبعثه اليهم فاصطفاه بهذه المنقبة، و سماه كرارا غير فرار، فسماه الله محبا لله و لرسوله، فاخبر ان الله و رسوله يحبانه.

و انما قدمنا هذا الشرح و البيان دليلا علي ما اردنا، و قوة لما نحن مبينوه، من امر الجبر و التفويض و المنزلة بين المنزلتين، و بالله العون و القوة، و عليه نتوكل في جميع امورنا.

فانا نبدء من ذلك بقول الصادق عليه السلام: «لا جبر و لا تفويض و لكن منزلة بين المنزلتين، و هي صحة الخلقة، و تخلية السرب، و المهلة في الوقت، و الزاد مثل الراحلة، و السبب المهيج للفاعل علي فعله».

فهذه خمسة اشياء جمع به الصادق عليه السلام جوامع الفضل، فاذا نقص العبد منها خلة كان العمل عنه مطروحا بحسبه.

فاخبر الصادق عليه السلام باصل ما يجب علي الناس من طلب معرفته، و نطق الكتاب بتصديقه، فشهد بذلك محكمات ايات رسوله، لان الرسول صلي الله عليه و اله و اله عليهم السلام لا يعدون شيئا من قوله و اقاويلهم حدود القران.

فاذا وردت حقائق الاخبار، و التمست شواهدها من التنزيل فوجد لها موافقا و عليها دليلا، كان الاقتداء بها فرضا لا يتعداه الا اهل العناد، كما ذكرنا في اول الكتاب.

و لما التمسنا تحقيق ما قاله الصادق عليه السلام من المنزلة بين المنزلتين و انكاره الجبر و التفويض، وجدنا الكتاب قد شهد له و صدق مقالته في هذا.

و خبر عنه ايضا موافق لهذا، ان الصادق عليه السلام سئل: هل أجبر الله العباد علي المعاصي؟ فقال الصادق عليه السلام: هو اعدل من ذلك، فقيل له: فهل فوض اليهم؟ فقال عليه السلام: هو اعز و اقهر لهم من ذلك.

و روي عنه انه قال: الناس في القدر ثلاثة اوجه: رجل يزعم ان الامر مفوض اليه، فقد وهن الله في سلطانه، فهو هالك، و رجل يزعم ان الله جل و عز اجبر العباد علي المعاصي و كلفهم ما لا يطيقون، فقد ظلم الله في حكمه، فهو هالك، و رجل يزعم ان الله كلف العباد ما يطيقون و لم يكلفهم ما لا يطيقون، فاذا احسن حمدالله، و اذا اساء استغفر الله، فهذا مسلم بالغ، فاخبر عليه السلام ان من تقلد الجبر و التفويض و دان بهما فهو علي خلاف الحق.

فقد شرحت الجبر الذي من دان به يلزمه الخطأ، و ان الذي يتقلد التفويض يلزمه الباطل، فصارت المنزلة بين المنزلتين بينهما.

ثم قال عليه السلام: و اضرب لكل باب من هذه الابواب مثلا يقرب المعني للطالب، و يسهل له البحث عن شرحه، تشهد به محكمات ايات الكتاب و تحقق تصديقه عند ذوي الالباب، و بالله التوفيق و العصمة.

فاما الجبر الذي يلزم من دان به الخطأ، فهو قول من زعم ان الله جل و عز اجبر العباد علي المعاصي و عاقبهم عليها، و من قال بهذا القول فقد ظلم الله في حكمه و كذبه، و رد عليه قوله: «و لا يظلم ربك احدا» [3] ، و قوله: «و ذلك بما قدمت يداك و ان الله ليس بظلام للعبيد» [4] ، و قوله: «ان الله لا يظلم الناس شيئا و لكن الناس انفسهم يظلمون» [5] ، مع اي كثيرة في ذكر هذا.

فمن زعم انه مجبر علي المعاصي فقد احال بذنبه علي الله، و قد ظلمه في عقوبته، و من ظلم الله فقد كذب كتابه، و من كذب كتابه فقد لزمه الكفر باجتماع الامة.

و مثل ذلك مثل رجل ملك عبدا مملوكا لا يملك نفسه، و لا يملك عرضا من عرض الدنيا، و يعلم مولاه ذلك منه، فامره علي علم منه بالمصير الي السوق لحاجة يأتيه بها، و لم يملكه ثمن ما يأتيه به من حاجته، و علم المالك ان علي الحاجة رقيبا لا يطمع احد في اخذها منه الا بما يرضي به من الثمن.

و قد وصف مالك هذا العبد نفسه بالعدل و النصفة، و اظهار الحكمة و نفي الجور، و اوعد عبده ان لم يأته بحاجته ان يعاقبه علي علم منه بالرقيب الذي علي حاجته انه سيمنعه، و علم ان المملوك لا يملك ثمنها و لم يملكه ذلك.

فلما صار العبد الي السوق، و جاء ليأخذ حاجته التي بعثه المولي لها وجد عليها مانعا يمنع منها الا بشراء، و ليس يملك العبد ثمنها، فانصرف الي مولاه خائبا بغير قضاء حاجته، فاغتاظ مولاه من ذلك و عاقبه عليه.

اليس يجب في عدله و حكمه ان لا يعاقبه، و هو يعلم ان عبده لا يملك عرضا من عروض الدنيا و لم يملكه ثمن حاجته، فان عاقبه عاقبه ظالما متعديا عليه، مبطلا لما وصف من عدله و حكمته و نصفته، و ان لم يعاقبه كذب نفسه في وعيده اياه حين اوعده بالكذب و الظلم اللذين ينفيان العدل و الحكمة، تعالي عما يقولون علوا كبيرا.

فمن دان بالجبر او بما يدعو الي الجبر فقد ظلم الله و نسبه الي الجور و العدوان، اذ اوجب علي من اجبره العقوبة، و من زعم ان الله اجبر العباد فقد اوجب علي قياس قوله: ان الله يدفع عنهم العقوبة.

و من زعم ان الله يدفع عن اهل المعاصي العذاب فقد كذب الله في وعيده، حيث يقول: «بلي من كسب سيئة و احاطت به خطيئته فاولئك اصحاب النار هم فيها خالدون» [6] ، و قوله: «ان الذين يأكلون اموال اليتامي ظلما انما يأكلون في بطونهم نارا و سيصلون سعيرا» [7] ، و قوله: «ان الذين كفروا باياتنا سوف نصليهم نارا كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها ليذوقوا العذاب ان الله كان عزيزا حكيما» [8] .

مع اي كثيرة في هذا الفن ممن كذب وعيد الله، و يلزمه في تكذيبه اية من كتاب الله الكفر، و هو ممن قال الله: «أفتؤمنون ببعض الكتاب و تكفرون ببعض فما جزاء من يفعل ذلك منكم الا خزي في الحياة الدنيا و يوم القيامة يردون الي اشد العذاب و ما الله بغافل عما يعملون» [9] .

بل نقول: ان الله جل و عز جازي العباد علي اعمالهم و يعاقبهم علي افعالهم بالاستطاعة التي ملكهم اياها.

فامرهم و نهاهم بذلك، و نطق كتابه: «من جاء بالحسنة فله عشر امثالها و من جاء بالسيئة فلا يجزي الا مثلها و هم لا يظلمون» [10] ، و قال جل ذكره: «يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا و ما عملت من سوء تود لو ان بينها و بينه امدا بعيدا و يحذركم الله نفسه»، [11] و قال: «اليوم تجزي كل نفس بما كسبت لا ظلم اليوم» [12] ، فهذه ايات محكمات تنفي الجبر و من دان به، و مثلها في القران كثير، اختصرنا ذلك لئلا يطول الكتاب، و بالله التوفيق.

و اما التفويض الذي ابطله الصادق عليه السلام، و اخطأ من دان به و تقلده، فهو قول القائل: ان الله جل ذكره فوض الي العباد اختيار امره و نهيه و اهملهم، و في هذا كلام دقيق لمن يذهب الي تحريره و دقته.

و الي هذا ذهبت الائمة المهتدية من عترة الرسول صلي الله عليه و اله، فانهم قالوا: لو فوض اليهم علي جهة الاهمال لكان لازما له رضا ما اختاروه، و استوجبوا منه الثواب، و لم يكن عليهم فيما جنوه العقاب اذا كان الاهمال واقعا.

و تنصرف هذه المقالة علي معنيين: اما ان يكون العباد تظاهروا عليه فالزموه قبول اختيارهم بارائهم ضرورة، كره ذلك ام احب، فقد لزمه الوهن، او يكون جل و عز عجز عن تعبدهم بالامر و النهي علي ارادته، كرهوا او احبوا، ففوض امره و نهيه اليهم و اجراهما علي محبتهم، اذ عجز عن تعبدهم بارادته، فجعل الاختيار اليهم في الكفر و الايمان.

و مثل ذلك مثل رجل ملك عبدا ابتاعه ليخدمه و يعرف له فضل ولايته و يقف عند امره و نهيه، و ادعي مالك العبد انه قاهر عزيز حكيم، فامر عبده و نهاه، و وعده علي اتباع امره عظيم الثواب، و اوعده علي معصيته اليم العقاب، فخالف العبد ارادة مالكه و لم يقف عند امره و نهيه.

فاي امر امره او نهي نهاه عنه لم يأته علي ارادة المولي، بل كان العبد يتبع ارادة نفسه و اتباع هواه، و لا يطيق المولي ان يرده الي اتباع امره و نهيه و الوقوف علي ارادته، ففوض اختيار امره و نهيه اليه، و رضي منه بكل ما فعله علي ارادة العبد لا علي ارادة المالك، و بعثه في بعض حوائجه و سمي له الحاجة، فخالف علي مولاه، و قصد لارادة نفسه و اتبع هواه.

فلما رجع الي مولاه نظر الي ما اتاه به، فاذا هو خلاف ما امره به، فقال له: لم اتيتني بخلاف ما امرتك؟ فقال العبد: اتكلت علي تفويضك الامر الي، فاتبعت هواي و ارادتي، لان المفوض اليه غير محظور عليه، فاستحال التفويض.

او ليس يجب علي هذا السبب اما ان يكون المالك للعبد قادرا يأمر عبده باتباع امره و نهيه علي ارادته لا علي ارادة العبد، و يملكه من الطاقة بقدر ما يأمره به و ينهاه عنه.

فاذا امره بامر و نهاه عن نهي عرفه الثواب و العقاب عليهما، و حذره و رغبه بصفة ثوابه و عقابه ليعرف العبد قدرة مولاه بما ملكه من الطاقة لامره و نهيه، و ترغيبه و ترهيبه، فيكون عدله و انصافه شاملا له، و حجته واضحة عليه للاعذار و الانذار، فاذا اتبع العبد امر مولاه جازاه، و اذا لم يزدجر عن نهيه عاقبه او يكون عاجزا غير قادر، ففوض امره اليه، احسن ام اساء، اطاع ام عصي، عاجز عن عقوبته و رده الي اتباع امره.

و في اثبات العجز نفي القدرة و التأله، و ابطال الامر و النهي و الثواب و العقاب، و مخالفة الكتاب، اذ يقول: «و لا يرضي لعباده الكفر و ان تشكروا يرضه لكم» [13] ، و قوله عزوجل: «اتقوا الله حق تقاته و لا تموتن الا و انتم مسلمون» [14] ، و قوله: «و ما خلقت الجن و الانس الا ليعبدون - ما اريد منهم من رزق و ما اريد ان يطعمون» [15] ، و قوله: «اعبدوا الله و لا تشركوا به شيئا» [16] ، و قوله: «و اطيعوا الله و اطيعوا الرسول و لا تولوا عنه و انتم تسمعون» [17] .

فمن زعم ان الله تعالي فوض امره و نهيه الي عباده فقد اثبت عليه العجز و اوجب عليه قبول كل ما عملوا من خير و شر، و ابطل امر الله و نهيه، و وعده و وعيده، لعلة ما زعم ان الله فوضها اليه، لان المفوض اليه يعمل بمشيئته، فان شاء الكفر او الايمان كان غير مردود عليه و لا محظور.

فمن دان بالتفويض علي هذا المعني فقد ابطل جميع ما ذكرنا من وعده و وعيده، و امره و نهيه، و هو من اهل هذه الاية: «افتؤمنون ببعض الكتاب و تكفرون ببعض فما جزاء من يفعل ذلك منكم الا خزي في الحيوة الدنيا و يوم القيامة يردون الي اشد العذاب و ما الله بغافل عما تعملون» [18] ، تعالي الله عما يدين به اهل التفويض علوا كبيرا.

لكن نقول: ان الله جل و عز خلق الخلق بقدرته، و ملكهم استطاعة تعبدهم بها، فامرهم و نهاهم بما اراد، فقبل منهم اتباع امره و رضي بذلك لهم، و نهاهم عن معصيته، و ذم من عصاه و عاقبه عليها، و لله الخيرة في الامر و النهي، يختار ما يريد و يأمر به، و ينهي عما يكره، و يعاقب عليه بالاستطاعة التي ملكها عباده، لاتباع امره و اجتناب معاصيه، لانه ظاهر العدل و النصفة و الحكمة البالغة، بالغ الحجة بالاعذار و الانذار، و اليه الصفوة، يصطفي من عباده من يشاء لتبليغ رسالته و احتجاجه علي عباده، اصطفي محمدا صلي الله عليه و آله و بعثه برسالاته الي خلقه.

فقال من قال من كفار قومه حسدا و استكبارا: «لولا نزل هذا القران علي رجل من القريتين عظيم» [19] ، يعني بذلك امية بن ابي الصلت و ابا مسعود الثقفي، فابطل الله اختيارهم و لم يجز لهم آراءهم، حيث يقول:

«أهم يقسمون رحمة ربك نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحيوة الدنيا و رفعنا بعضهم فوق بعض درجات ليتخذ بعضهم بعضا سخريا و رحمة ربك خير مما يجمعون» [20] .

و لذلك اختار من الامور ما احب و نهي عما كره، فمن اطاعه اثابه، و من عصاه عاقبه، و لو فوض اختيار امره الي عباده لاجاز لقريش اختيار امية بن ابي الصلت و ابي مسعود الثقفي، اذ كانا عندهم افضل من محمد صلي الله عليه و آله.

فلما ادب الله المؤمنين بقوله: «و ما كان لمؤمن و لا مؤمنة اذا قضي الله و رسوله امرا ان يكون لهم الخيرة من امرهم» [21] ، فلم يجز لهم الاختيار باهوائهم و لم يقبل منهم الا اتباع امره و اجتناب نهيه علي يدي من اصطفاه، فمن اطاعه رشد و من عصاه ضل و غوي، و لزمته الحجة بما ملكه من الاستطاعة لاتباع امره و اجتناب نهيه، فمن اجل ذلك حرمه ثوابه و انزل به عقابه.

و هذا القول بين القولين، ليس بجبر و لا تفويض، و بذلك اخبر اميرالمؤمنين صلوات الله عليه عباية بن ربعي الاسدي، حين سأله عن الاستطاعة التي بها يقوم و يقعد و يفعل.

فقال له اميرالمؤمنين عليه السلام: سألت عن الاستطاعة تملكها من دون الله او مع الله؟ فسكت عباية، فقال له اميرالمؤمنين عليه السلام: قل يا عباية، قال: و ما اقول؟ قال عليه السلام: ان قلت: انك تملكها مع الله قتلتك، و ان قلت تملكها دون الله قتلتك، قال عباية: فما اقول يا اميرالمؤمنين؟

قال عليه السلام: تقول انك تملكها بالله الذي يملكها من دونك، فان يملكها اياك كان ذلك من عطائه، و ان يسلبكها كان ذلك من بلائه، هو المالك لما ملكك و القادر علي ما عليه اقدرك، اما سمعت الناس يسألون الحول و القوة حين يقولون: لا حول و لا قوة الا بالله.

قال عباية: و ما تأويلها يا اميرالمؤمنين؟ قال عليه السلام: لا حول عن معاصي الله الا بعصمة الله، و لا قوة لنا علي طاعة الله الا بعون الله، قال: فوثب عباية فقبل يديه و رجليه.

و روي عن اميرالمؤمنين عليه السلام حين أتاه نجدة يسأله عن معرفة الله، قال: يا اميرالمؤمنين بماذا عرفت ربك؟ قال عليه السلام: بالتمييز الذي خولني، و العقل الذي دلني، قال: أفمجبول انت عليه؟ قال: لو كنت مجبولا ما كنت محمودا علي احسان و لا مذموما علي اساءة، و كان المحسن اولي باللائمة من المسي ء، فعلمت ان الله قائم باق و ما دونه حدث حائل زائل، و ليس القديم الباقي كالحدث الزائل، قال نجدة: أجدك اصبحت حكيما يا اميرالمؤمنين؟ قال: اصبحت مخيرا، فان اتيت السيئة بمكان الحسنة فانا المعاقب عليها.

و روي عن اميرالمؤمنين عليه السلام انه قال لرجل سأله بعد انصرافه من الشام، فقال: يا امير المؤمنين اخبرنا عن خروجنا الي الشام بقضاء و قدر؟ قال عليه السلام: نعم يا شيخ، ما علوتم تلعة و لا هبطتم واديا الا بقضاء و قدر من الله، فقال الشيخ: عند الله احتسب عنائي يا اميرالمؤمنين؟

فقال عليه السلام: مه يا شيخ، فان الله قد عظم اجركم في مسيركم و انتم سائرون، و في مقامكم و انتم مقيمون، و في انصرافكم و انتم منصرفون، و لم تكونوا في شي ء من اموركم مكرهين، و لا اليه مضطرين، لعلك ظننت انه قضاء حتم و قدر لازم، لو كان ذلك كذلك لبطل الثواب و العقاب، و لسقط الوعد و الوعيد، و لما الزمت الاشياء اهلها علي الحقائق، ذلك مقالة عبدة الاوثان و اولياء الشيطان، ان الله جل و عز امر تخييرا و نهي تحذيرا، و لم يطع مكرها، و لم يعص مغلوبا، و لم يخلق السماوات و الارض و ما بينهما باطلا «ذلك ظن الذين كفروا فويل للذين كفروا من النار» [22] .

فقال الشيخ فقبل رأس اميرالمؤمنين عليه السلام، و انشأ يقول:



انت الامام الذي نرجو بطاعته

يوم النجاة من الرحمان غفرانا



اوضحت من ديننا ما كان ملتبسا

جزاك ربك عنا فيه رضوانا



فليس معذرة في فعل فاحشة

قد كنت راكبها ظلما و عصيانا



فقد دل اميرالمؤمنين عليه السلام علي موافقة الكتاب و نفي الجبر و التفويض اللذين يلزمان من دان بهما و تقلدهما الباطل و الكفر و تكذيب الكتاب، و نعوذ بالله من الضلالة و الكفر، و لسنا ندين بجبر و لا تفويض، لكنا نقول بمنزلة بين المنزلتين، و هو الامتحان و الاختبار بالاستطاعة التي ملكنا الله و تعبدنا بها، علي ما شهد به الكتاب و دان به الائمة الابرار من آل الرسول صلوات الله عليهم.

و مثل الاختبار بالاستطاعة، مثل رجل ملك عبدا و ملك مالا كثيرا، احب ان يختبر عبده علي علم منه بما يؤول اليه، فملكه من ماله بعض ما احب و وقفه علي امور عرفها العبد، فامره ان يصرف ذلك المال فيها، و نهاه عن اسباب لم يحبها، و تقدم اليه ان يجتنبها و لا ينفق من ماله فيها، و المال يتصرف في اي الوجهين.

فصرف المال احدهما في اتباع امر المولي و رضاه، و الاخر صرفه في اتباع نهيه و سخطه، و اسكنه دار اختبار اعلمه انه غير دائم له السكني في الدار، و ان له دارا غيرها، و هو مخرجه اليها، فيها ثواب و عقاب دائمان.

فان انفذ العبد المال الذي ملكه مولاه في الوجه الذي امره به جعل له ذلك الثواب الدائم في تلك الدار التي اعلمه انه مخرجه اليها، و ان انفق المال في الوجه الذي نهاه عن انفاقه فيه جعل له ذلك العقاب الدائم في دار الخلود، و قد حد المولي في ذلك حدا معروفا، و هو المسكن الذي اسكنه في الدار الاولي.

فاذا بلغ الحد استبدل المولي بالمال و بالعبد علي انه لم يزل مالكا للمال و العبد في الاوقات كلها، الا انه وعد ان لا يسلبه ذلك المال ما كان في تلك الدار الاولي الي ان يستتم سكناه فيها، فوفي له، لان من صفات المولي العدل و الوفاء و النصفة و الحكمة.

اوليس يجب ان كان ذلك العبد صرف ذلك المال في الوجه المأمور به ان يفي له بما وعده من الثواب و تفضل عليه بان استعمله في دار فانية، و اثابه علي طاعته فيها نعيما دائما في دار باقية دائمة، و ان صرف العبد المال الذي ملكه مولاه ايام سكناه تلك الدار الاولي في الوجه المنهي عنه و خالف امر مولاه، كذلك تجب عليه العقوبة الدائمة التي حذره اياها، غير ظالم له لما تقدم اليه، و اعلمه و عرفه، و اوجب له الوفاء بوعده و وعيده، بذلك يوصف القادر القاهر.

و أما المولي، فهو الله جل و عز، و أما العبد فهو ابن آدم المخلوق، و المال قدرة الله الواسعة، و محنته اظهاره الحكمة و القدرة، و الدار الفانية هي الدنيا، و بعض المال الذي ملكه مولاه هو الاستطاعة التي ملك ابن آدم، و الامور التي امر الله بصرف المال اليها هو الاستطاعة لاتباع الانبياء و الاقرار بما اوردوه عن الله جل و عز، و اجتناب الاسباب التي نهي عنها هي طرق ابليس.

و اما وعده فالنعيم الدائم و هي الجنة، و اما الدار الفانية فهي الدنيا، و اما الدار الاخري فهي الدار الباقية و هي الاخرة، و القول بين الجبر و التفويض هو الاختبار و الامتحان و البلوي بالاستطاعة التي ملك العبد.

و شرحها في الخمسة الامثال التي ذكرها الصادق عليه السلام انها جمعت جوامع الفضل، و انا مفسرها بشواهد من القرآن و البيان ان شاءالله.

اما قول الصادق عليه السلام: «صحة الخلقة»، فان معناه كمال الخلق للانسان و كمال الحواس، و ثبات العقل و التمييز، و اطلاق اللسان بالنطق، و ذلك قول الله: «و لقد كرمنا بني آدم و حملناهم في البر و البحر و رزقناهم من الطيبات و فضلناهم علي كثير ممن خلقنا تفضيلا» [23] .

فقد اخبر عز و جل عن تفضيله بني آدم علي سائر خلقه من البهائم و السباع و دواب البحر و الطير، و كل ذي حركة تدركه حواس بني آدم بتمييز العقل و النطق، و ذلك قوله: «لقد خلقنا الانسان في احسن تقويم» [24] ، و قوله: «يا ايها الانسان ما غرك بربك الكريم - الذي خلقك فسواك فعدلك - في اي صورة ما شاء ركبك» [25] ، و في آيات كثيرة.

فأول نعمة الله علي الانسان صحة عقله و تفضيله علي كثير من خلقه بكمال العقل و تمييز البيان، و ذلك ان كل ذي حركة علي بسيط الارض هو قائم بنفسه بحواسه، مستكمل في ذاته، ففضل بني آدم بالنطق الذي ليس في غيره من الخلق المدرك بالحواس.

فمن اجل النطق ملك الله ابن آدم غيره من الخلق حتي صار آمرا ناهيا و غيره مسخر له، كما قال الله: «كذلك سخرها لكم لتكبروا الله علي ما هداكم» [26] ، و قال: «و هو الذي سخر البحر لتأكلوا منه لحما طريا و تستخرجوا منه حلية تلبسونها» [27] ، و قال: «و الانعام خلقها لكم فيها دف ء و منافع و منها تأكلون - و لكم فيها جمال حين تريحون و حين تسرحون - و تحمل اثقالكم الي بلد لم تكونوا بالغيه الا بشق الانفس» [28] .

فمن اجل ذلك دعا الله الانسان الي اتباع امره و الي طاعته بتفضيله اياه باستواء الخلق و كمال النطق والمعرفة، بعد ان ملكهم استطاعة ما كان تعبدهم به، بقوله: «فاتقوا الله ما استطعتم و اسمعوا و اطيعوا» [29] ، و قوله: «لا يكلف الله نفسا الا وسعها» [30] ، و قوله: «لا يكلف الله نفسا الا ما آتيها» [31] ، و في آيات كثيرة.

فاذا سلب من العبد حاسة من حواسه رفع العمل عنه بحاسته، كقوله: «ليس علي الاعمي حرج و لا علي الاعرج حرج - الاية» [32] ، فقد رفع عن كل من كان بهذه الصفة الجهاد و جميع الاعمال التي لا يقوم بها، و كذلك اوجب علي ذي اليسار الحج و الزكاة لما ملكه من استطاعة ذلك، و لم يوجب علي الفقير الزكاة و الحج، قوله: «و لله علي الناس حج البيت من استطاع اليه سبيلا» [33] ، و قوله في الظهار: «و الذين يظاهرون من نسائهم قم يعودون لما قالوا فتحرير رقبة - الي قوله: - فمن لم يستطع فاطعام ستين مسكينا» [34] .

و كل ذلك دليل علي ان الله تبارك و تعالي لم يكلف عباده الا ما ملكهم استطاعته بقوة العمل به و نهاهم عن مثل ذلك، فهذه صحة الخلقة.

و اما قوله: «تخلية السرب»، فهو الذي ليس عليه رقيب يحظر عليه، و يمنعه العمل بما امره الله به، و ذلك قوله فيمن استضعف و حظر عليه العمل فلم يجد حيلة و لا يهتدي سبيلا، كما قال الله تعالي: «الا المستضعفين من الرجال و النساء و الولدان لا يستطيعون حيلة و لا يهتدون سبيلا» [35] ، فاخبر ان المستضعف لم يخل سربه، و ليس عليه من القول شي ء اذا كان مطمئن القلب بالايمان.

و اما: «المهلة في الوقت»، فهو العمر الذي يمتع الانسان من حد ما تجب عليه المعرفة الي اجل الوقت، و ذلك من وقت تمييزه و بلوغ الحلم الي ان يأتيه اجله، فمن مات علي طلب الحق و لم يدرك كماله فهو علي خير، و ذلك قوله: «و من يخرج من بيته مهاجرا الي الله و رسوله - الاية» [36] .

و ان كان لم يعمل بكمال شرايعه لعلة ما لم يمهله في الوقت الي استتمام امره، و قد حظر علي البالغ ما لم يحظر علي الطفل اذا لم يبلغ الحلم في قوله: «و قل للمؤمنات يغضضن من ابصارهن - الاية» [37] ، فلم يجعل عليهن حرجا في ابداء الزينة للطفل، و كذلك لا تجري عليه الاحكام.

و اما قوله: «الزاد»، فمعناه الجدة و البلغة التي يستعين بها العبد علي ما امره الله به، و ذلك قوله: «ما علي المحسنين من سبيل - الاية» [38] .

الا تري انه قبل عذر من لم يجد ما ينفق، و الزم الحجة كل من امكنته البلغة و الراحلة للحج و الجهاد و اشباه ذلك، و كذلك قبل عذر الفقراء و اوجب لهم حقا في مال الاغنياء بقوله: «للفقراء الذين احصروا في سبيل الله - الاية « [39] ، فامر باعفائهم و لم يكلفهم الاعداد لما لا يستطيعون و لا يملكون.

و اما قوله: «السبب المهيج»، فهو النية التي هي داعية الانسان الي جميع الافعال، و حاستها القلب، فمن فعل فعلا و كان بدين لم يعقد قلبه علي ذلك لم يقبل الله منه عملا الا بصدق النية، و لذلك اخبر عن المنافقين بقوله: «يقولون بافواههم ما ليس في قلوبهم و الله اعلم بما يكتمون» [40] ، ثم انزل علي نبيه صلي الله عليه و آله توبيخا للمؤمنين: «يا ايها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون - الاية» [41] .

فاذا قال الرجل قولا و اعتقد في قوله، دعته النية الي تصديق القول باظهار الفعل، و اذا لم يعتقد القول لم تتبين حقيقته، و قد اجاز الله صدق النية و ان كان الفعل غير موافق لها لعلة مانع يمنع اظهار الفعل في قوله: «الا من اكره و قلبه مطمئن بالايمان» [42] ، و قوله: «لا يؤاخذكم الله باللغو في ايمانكم» [43] .

فدل القران و اخبار الرسول صلي الله عليه و اله ان القلب مالك لجميع الحواس يصحح افعالها، و لا يبطل ما يصحح القلب شي ء.

فهذا شرح جميع الخمسة الامثال التي ذكرها الصادق عليه السلام انها تجمع المنزلة بين المنزلتين، و هما الجبر و التفويض، فاذا اجتمع في الانسان كمال هذه الخمسة الامثال وجب عليه العمل كملا لما امر الله عزوجل به و رسوله، و اذا نقص العبد منا خلة كان العمل عنها مطروحا بحسب ذلك.

فاما شواهد القرآن علي الاختبار و البلوي بالاستطاعة التي تجمع القول بين القولين فكثيرة، و من ذلك قوله: «و لنبلونكم حتي نعلم المجاهدين منكم و الصابرين و نبلو اخباركم» [44] ، و قال: «سنستدرجهم من حيث لا يعلمون» [45] ، و قال: «الم - أحسب الناس ان يتركوا ان يقولوا امنا و هم لا يفتنون» [46] .

و قال في الفتن التي معناها الاختبار: «و لقد فتنا سليمان - الاية» [47] ، و قال في قصة موسي عليه السلام: «فانا قد فتنا قومك من بعدك و اضلهم السامري» [48] ، و قول موسي: «ان هي الا فتنتك» [49] ، اي اختبارك، فهذه الايات يقاس بعضها ببعض و يشهد بعضها لبعض.

و اما آيات البلوي بمعني الاختبار، قوله: «ليبلونكم فيما آتاكم» [50] ، و قوله: «ثم صرفكم عنهم ليبتليكم» [51] ، و قوله: «انا بلوناهم كما بلونا اصحاب الجنة» [52] ، و قوله: «خلق الموت و الحيوة ليبلوكم ايكم احسن عملا» [53] ، و قوله: «و اذا ابتلي ابراهيم ربه بكلمات» [54] ، و قوله: «و لو يشاء الله لانتصر منهم و لكن ليبلو بعضكم ببعض! [55] .

و كل ما في القران من بلوي هذه الايات التي شرح اولها فهي اختبار، و امثالها في القران كثيرة، فهي اثبات الاختبار و البلوي، ان الله جل و عز لم يخلق الخلق عبثا و لا اهملهم سدي، و لا اظهر حكمته لعبا، و بذلك اخبر في قوله: «أفحسبتم انما خلقناكم عبثا» [56] .

فان قال قائل: فلم يعلم الله ما يكون من العباد حتي اختبرهم؟ قلنا: بلي، قد علم ما يكون منهم قبل كونه، و ذلك قوله: «و لو ردوا لعادوا لما نهوا عنه» [57] ، و انما اختبرهم ليعلمهم عدله، و لا يعذبهم الا بحجة بعد الفعل.

و قد اخبر بقوله: «و لو انا اهلكناهم بعذاب من قبله لقالوا ربنا لولا ارسلت الينا رسولا» [58] ، و قوله: «و ما كنا معذبين حتي نبعث رسولا» [59] ، و قوله: «رسلا مبشرين و منذرين» [60] ، فالاختبار من الله بالاستطاعة التي ملكها عبده، و هو القول بين الجبر و التفويض، و بهذا نطق القران و جرت الاخبار عن الائمة من ال الرسول صلي الله عليه و آله.

فان قالوا: ما الحجة في قول الله: «يهدي من يشاء و يضل من يشاء» [61] و ما اشبهها، قيل: مجاز هذه الايات كلها علي معنيين:

أما احدهما، فاخبار عن قدرته، اي انه قادر علي هداية من يشاء و ضلال من يشاء، و اذا اجبرهم بقدرته علي احدهما لم يجب لهم ثواب و لا عليهم عقاب، علي نحو ما شرحنا في الكتاب.

و المعني الاخر، ان الهداية منه تعريفه، كقوله: «و أما ثمود فهديناهم» اي عرفناهم «فاستحبوا العمي علي الهدي» [62] ، فلو اجبرهم علي الهدي لم يقدروا ان يضلوا.

و ليس كلما وردت اية مشتبهة كانت الاية حجة علي محكم الايات اللواتي امرنا بالاخذ بها، من ذلك قوله: «منه آيات محكمات هن ام الكتاب و اخر متشابهات فاما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة و ابتغاء تأويله و ما يعلم - الاية» [63] ، و قال: «فبشر عباد - الذين يستمعون القول فيتبعون احسنه» اي احكمه و اشرحه «اولئك الذين هداهم الله و اولئك هم اولوا الالباب» [64] .

وفقنا الله و اياكم الي القول و العمل لما يحب و يرضي، و جنبنا و اياكم معاصيه بمنه و فضله، و الحمد لله كثيرا كما هو اهله، و صلي الله علي محمد و اله الطيبين، و حسبنا الله و نعم الوكيل.


پاورقي

[1] المائدة: 61 - 60.

[2] الاحزاب: 57.

[3] الكهف: 47.

[4] الحج: 10.

[5] يونس: 45.

[6] البقرة: 76.

[7] النساء: 11.

[8] النساء: 59.

[9] البقرة: 79.

[10] الانفال: 161.

[11] آل عمران: 30.

[12] الغافر: 17.

[13] الزمر: 6.

[14] آل عمران: 97.

[15] الذاريات: 57 - 56.

[16] النساء: 40.

[17] مضمونه مأخوذ من الاية الواردة في الانفال: 20، لا لفظها.

[18] البقرة: 79.

[19] الزخرف: 31.

[20] الزخرف: 32.

[21] الاحزاب: 36.

[22] ص / 27.

[23] الاسراء: 72.

[24] التين: 4.

[25] الانفطار: 8 - 6.

[26] الحج: 38.

[27] النحل: 14.

[28] النحل: 7 - 6 - 5.

[29] التغابن: 16.

[30] البقرة: 286.

[31] الطلاق: 7.

[32] النور: 61، الفتح: 17.

[33] آل عمران: 97.

[34] المجادلة: 4 - 3.

[35] النساء: 98.

[36] النساء: 100.

[37] النور: 31.

[38] التوبة: 91.

[39] البقرة: 273.

[40] آل عمران: 167.

[41] الصف: 2.

[42] النحل: 106.

[43] البقرة: 225.

[44] محمد صلي الله عليه و اله: 31.

[45] الاعراف: 181، القلم: 44.

[46] العنكبوت: 1.

[47] ص: 33.

[48] طه: 87.

[49] الاعراف: 154.

[50] المائدة: 48، الانعام: 165.

[51] آل عمران: 152.

[52] القلم: 17.

[53] الملك: 2.

[54] البقرة: 123.

[55] محمد صلي الله عليه و اله: 4.

[56] المؤمنون: 110.

[57] الانعام: 28.

[58] طه: 134.

[59] الاسراء: 16.

[60] النساء: 163.

[61] النحل: 93، فاطر: 8، و فيهما: «يضل من يشاء و يهدي من يشاء».

[62] فصلت: 17.

[63] آل عمران: 7.

[64] الزمر: 18 - 17.