بازگشت

دلالات الامام الهادي


3- الكليني، عن علي بن ابراهيم، عن محمد بن عيسي، عن أبي الفضل الشهباني، عن هارون بن الفضل قال: رأيت أباالحسن علي بن محمد في اليوم الذي توفي فيه أبوجعفر عليه السلام فقال: انا لله و انا اليه راجعون، مضي أبوجعفر عليه السلام، فقيل له: و كيف عرفت؟ قال: لأنه تداخلني ذلة لله لم أكن أعرفها [1] .

4- عنه، عن الحسين بن محمد، عن معلي بن محمد، عن الوشاء، عن خيران الأسباطي قال: قدمت علي أبي الحسن عليه السلام المدينة فقال لي: ما خبر الواثق عندك؟ قلت: جعلت فداك خلفته في عافية، أنا من أقرب الناس عهدا به، عهدي به منذ عشرة أيام، قال: فقال لي: ان أهل المدينة يقولون: انه مات، فلما أن قال لي: الناس علمت أنه هو.

ثم قال لي: ما فعل جعفر؟ قلت: تركته أسوء الناس حالا في السجن، قال:



[ صفحه 105]



فقال: أما انه صاحب الأمر. ما فعل ابن الزيات؟ قلت: جعلت فداك الناس معه و الأمر أمره، قال: فقال: أما انه شؤم عليه، قال: ثم سكت و قال لي: لابد أن تجري مقادير الله تعالي و أحكامه، يا خيران مات الواثق و قد قعد المتوكل جعفر و قد قتل ابن الزيات، فقلت: متي جعلت فداك؟ قال: بعد خروجك بستة أيام [2] .

5- عنه، عن الحسين بن محمد، عن معلي بن محمد، عن أحمد بن محمد بن عبدالله، عن محمد بن يحيي، عن صالح بن سعيد قال: دخلت علي أبي الحسن عليه السلام فقلت له: جعلت فداك في كل الامور أرادوا اطفاء نورك و التقصير بك، حتي أنزلوك هذا الخان الأشنع، خان الصعاليك. فقال: ههنا أنت يابن سعيد؟

ثم أومأ بيده و قال: انظر. فنظرت، فاذا أنا بروضات آنقات و روضات باسرات فيهن خيرات عطرات و ولدان كأنهن اللؤلؤ المكنون و أطيار و ظباء و أنهار تفور، فحار بصري و حسرت عيني، فقال: حيث كنا فهذا لنا عتيد، لسنا في خان الصعاليك [3] .

6- عنه، عن الحسين بن محمد، عن معلي بن محمد، عن أحمد بن محمد بن عبدالله، عن علي بن محمد، عن اسحاق الجلاب قال: اشتريت لأبي الحسن عليه السلام غنما كثيرة، فدعاني فأدخلني من اصطبل داره الي موضع واسع لا أعرفه، فجعلت افرق تلك الغنم فيمن أمرني به، فبعث الي أبي جعفر و الي والدته و غيرهما ممن أمرني.

ثم استأذنته في الانصراف الي بغداد الي والدي و كان ذلك يوم التروية، فكتب الي: تقيم غدا عندنا ثم تنصرف. قال: فأقمت فلما كان يوم عرفة أقمت عنده و بت ليلة الأضحي في رواق له، فلما كان في السحر أتاني فقال: يا اسحاق قم، قال: فقمت ففتحت عيني فاذا أنا علي بابي ببغداد، فدخلت علي والدي و أنا في أصحابي، فقلت لهم: عرفت بالعسكر و خرجت ببغداد الي العيد [4] .



[ صفحه 106]



7- عنه، عن الحسين بن محمد، عن المعلي بن محمد، عن أحمد بن محمد بن عبدالله، عن علي بن محمد النوفلي قال: قال لي محمد بن الفرج: ان أباالحسن كتب اليه: يا محمد اجمع أمرك و خذ حذرك، قال: فأنا في جمع أمري ]و[ ليس أدري ما كتب الي حتي ورد علي رسول حملني من مصر مقيدا و ضرب علي كل ما أملك، و كنت في السجن ثمان سنين.

ثم ورد علي منه في السجن كتاب فيه: يا محمد لا تنزل في ناحية الجانب الغربي فقرأت الكتاب فقلت: يكتب الي بهذا و أنا في السجن، ان هذا لعجب، فما مكثت أن خلي عني و الحمدلله.

قال: و كتب اليه محمد بن الفرج يسأله عن ضياعه، فكتب اليه سوف ترد عليك و ما يضرك أن لا ترد عليك، فلما شخص محمد بن الفرج الي العسكر كتب اليه برد ضياعه و مات قبل ذلك، قال: و كتب أحمد بن الخضيب الي محمد بن الفرج يسأله الخروج الي العسكر، فكتب الي أبي الحسن عليه السلام يشاوره، فكتب اليه: أخرج فان فيه فرجك ان شاء الله تعالي، فخرج، فلم يلبث الا يسيرا حتي مات [5] .

8- عنه، عن الحسين بن محمد، عن رجل، عن أحمد بن محمد قال: أخبرني أبويعقوب قال: رأيته - يعني محمدا - قبل موته بالعسكر في عشية و قد استقبل أباالحسن عليه السلام فنظر اليه و اعتل من غد، فدخلت اليه عائدا بعد أيام من علته و قد ثقل، فأخبرني أنه بعث اليه بثوب فأخذه و أدرجه و وضعه تحت رأسه، قال: فكفن فيه.

قال أحمد: قال أبويعقوب: رأيت أباالحسن عليه السلام مع ابن الخضيب فقال له ابن الخضيب: سر جعلت فداك، فقال له: أنت المقدم فما لبث الا أربعة أيام حتي وضع الدهق علي ساق ابن الخضيب ثم نعي،قال: روي عنه حين ألح عليه ابن الخضيب في الدار التي يطلبها منه، بعث اليه لأقعدن بك من الله عزوجل مقعدا له يبقي لك باقية فأخذه الله عزوجل في تلك الأيام [6] .



[ صفحه 107]



9- ابن شهر آشوب باسناده عن علي بن مهزيار قال: أرسلت الي أبي الحسن الثالث عليه السلام غلامي و كان صقلابيا، فرجع الغلام الي متعجبا، فقلت له: ما لك يا بني؟ قال: كيف لا اتعجب ما زال يكلمني بالصقلابية، كانه واحدا منا و انما اراد بهذا الكتمان عن القوم [7] .

10- محمد بن الحسن الصفار عن محمد بن الحسين عن علي بن مهزيار عن الطيب الهادي عليه السلام قال: دخلت عليه فابتدأني و كلمني بالفارسية. [8] .

11- عنه قال: حدثنا الحسن بن علي السرسوني عن ابراهيم بن مهزيار قال: كان ابوالحسن كتب الي علي بن مهزيار يأمره أن يعمل له مقدار الساعات، فحملناه اليه في سنة ثمان و عشرين، فلما صرنا بسيالة كتب يعلمه قدومه و يستأذنه في المصير اليه و عن الوقت الذي نسير اليه فيه و استأذن لابراهيم. فورد الجواب بالاذن انا نصير اليه بعد الظهر، فخرجنا جميعا الي أن صرنا في يوم صائف شديد الحر و معنا مسرور غلام علي بن مهزيار.

فلما ان دنوا من قصره اذا بلال قائم ينتظرنا و كان بلال غلام ابي الحسن عليه السلام فقال: ادخلوا، فدخلنا حجرة و قد نالنا من العطش امر عظيم فما قعدنا حينا حتي خرج الينا بعض الخدم و معه قلال من ماء أبرد ما يكون فشربنا، ثم دعا علي بن مهزيار فلبث عنده الي بعد العصر، ثم دعاني فسلمت عليه و استأذنته ان يناولني يده فاقبلها، فمد يده عليه السلام فقبلتها، و دعاني و قعدت.

ثم قمت فودعته فلما خرجت من باب البيت ناداني فقال: يا ابراهيم، فقلت: لبيك يا سيدي، فقال لا تبرح، فلم نزل جالسا و مسرور غلامنا معنا، فأمر أن ينصب المقدار، ثم خرج عليه السلام فالقي له كرسي فجلس عليه و القي لعلي بن مهزيار كرسي عن يساره فجلس و كنت أنا بجنب المقدار فسقطت حصاة فقال مسرور: هشت، فقال: هشت ثمانية، فقلنا: نعم يا سيدنا، فلبثنا عنده الي المساء.



[ صفحه 108]



ثم خرجنا فقال لعلي: رد الي مسرورا بالغداة، فوجهه اليه فلما ان دخل قال له بالفارسية: بار خدايا چون، فقلت له: نيك يا سيدي فمن نصر. فقال لمسرور: در به بند در ببند، فاغلق الباب، ثم القي رداء علي يخفيني من نصر حتي سألني عما اراد فلقيه علي بن مهزيار فقال له: كل هذا حرفا من نصر فقال: يا اباالحسن يكاد خوفي من عمرو بن قرح [9] .

12- عنه، قال حدثنا محمد بن عيسي، عن قارن، عن رجل انه كان رضيع ابي جعفر عليه السلام قال: بينا ابوالحسن عليه السلام جالس مع مودب له يكني ابازكريا و ابوجعفر عليه السلام عندنا انه ببغداد و ابوالحسن يقرأ من اللوح الي مؤدبه، اذ بكي بكاء شديدا، سأله المؤدب ما بكاؤك؟ فلم يجبه.

فقال: ائذن لي بالدخول، فاذن له، فارتفع الصياح و البكاء من منزله، ثم خرج الينا فسألنا عن البكاء، فقال: ان ابي قد توفي الساعة، فقلنا: بما علمت؟ قال: فأدخلني من اجلال الله ما لم أكن أعرفه قبل ذلك، فعلمت انه قد مضي فتعرفنا ذلك الوقت من اليوم و الشهر فاذا هو قد مضي في ذلك الوقت [10] .

13- عنه، قال: حدثنا الحسن بن محمد، عن المعلي بن محمد، عن احمد بن محمد ابن عبدالله، عن احمد بن الحسين، عن علي بن عبدالله بن مروان الانباري قال: كنت حاضرا عند مضي أبوجعفر بن ابي الحسن عليه السلام فجاء ابوالحسن فوضع له كرسي فجلس عليه و ابومحمد قائم في ناحية، فلما فرغ من أبي جعفر التفت أبوالحسن الي ابي محمد فقال: يا بني احدث الله شكرا فقد احدث فيك أمرا [11] .

14- الصدوق قال: حدثنا محمد بن موسي بن المتوكل، قال: حدثنا علي بن ابراهيم، عن عبدالله بن أحمد الموصلي، عن الصقر بن أبي دلف، قال: لما حمل المتوكل سيدنا أباالحسن عليه السلام جئت أسأل عن خبره. قال: فنظر الي الزراقي



[ صفحه 109]



و كان حاجبا للمتوكل فأومأ الي أن أدخل عليه فدخلت اليه. فقال: يا صقر ما شأنك؟ فقلت: خير أيها الاستاد. فقال: اقعد فأخذني ما تقدم و ما تأخر و قلت: أخطأت في المجيي ء. قال: فأوجي ء الناس عنه.

ثم قال: ما شأنك؟ و فيم جئت؟ فقلت: لخبر ما. فقال: لعلك جئت لتسأل عن خبر مولاك؟ فقلت له: و من مولاي؟ مولاي أميرالمؤمنين، فقال: اسكت، مولاك هو الحق فلا تحتشمني فاني علي مذهبك، فقلت: الحمدلله، فقال: أتحب أن تراه؟ فقلت: نعم. فقال: اجلس حتي يخرج صاحب البريد من عنده، قال: فجلست.

فلما خرج قال لغلام له: خذ بيد الصقر فأدخله الي الحجرة التي فيها العلوي المحبوس و خل بينه و بينه. قال: فأدخلني الحجرة و أومأ الي بيت فدخلت قال: فاذا هو عليه السلام جالس علي صدر حصير و بحذاء قبر محفور، قال: فسلمت، فرد ثم أمرني بالجلوس، ثم قال لي: يا صقر ما أتي بك؟ قلت: سيدي جئت أتعرف خبرك. قال: ثم نظرت الي القبر فبكيت، فنظر الي فقال: يا صقر لا عليك، لن يصلوا الينا بسوء، فقلت: الحمدلله.

ثم قلت: يا سيدي حديث روي عن النبي صلي الله عليه و آله لا أعرف ما معناه ]ف[ قال: و ما هو؟ فقلت: قوله: «لا تعادوا الأيام فتعاديكم» ما معناه؟ فقال: نعم، الأيام نحن ما قامت السماوات و الأرض، فالسبت: اسم رسول الله صلي الله عليه و آله؛ و الأحد: أميرالمؤمنين، و الاثنين: الحسن و الحسين؛ و الثلاثاء: علي بن الحسين و محمد بن علي و جعفر بن محمد؛ و الأربعاء: موسي بن جعفر و علي بن موسي و محمد بن علي و أنا؛ و الخميس: ابني الحسن؛ و الجمعة: ابن ابني و اليه تجتمع عصابة الحق و هو الذي يملأها قسطا و عدلا كما ملئت ظلما و جورا، و هذا معني الأيام فلا تعادوهم في الدنيا فيعادوكم في الآخرة. ثم قال: ودع و اخرج فلا آمن عليك [12] .

15- المفيد باسناده عن محمد بن عيسي بن عبيد؛ و ابراهيم بن مهزيار، عن علي



[ صفحه 110]



ابن مهزيار قال: أرسلت الي أبي الحسن الثالث عليه السلام غلامي و كان صقلابيا فرجع الغلام الي متعجبا، فقلت له: ما لك يا بني؟ قال: و كيف لا أتعجب ما زال يكلمني بالصقلابية كأنه واحد منا، فظننت أنه انما أراد بهذا اللسان كيلا يسمع بعض الغلمان ما دار بينهم [13] .

16- الطوسي، باسناده، عن أبي محمد الفحام قال: حدثني المنصوري، عن عم ابيه؛ و حدثني عمي عن كافور الخادم بهذا الحديث قال: كان في الموضع مجاور الامام من أهل الصنائع صنوف من الناس، و كان الموضع كالقرية، و كان يونس النقاش يغشي سيدنا الامام و يخدمه، فجاءه يوما يرعد، فقال له: يا سيدي اوصيك بأهلي خيرا. قال: و ما الخبر؟ قال: عزمت علي الرحيل. قال: و لم يا يونس؟ و هو يتبسم عليه السلام.

قال: قال يونس بن بغا، وجه الي بفص ليس له قيمة أقبلت انقشه فكسرته باثنين و موعده غدا و هو موسي بن بغا اما ألف سوط او القتل. قال: امض الي منزلك الي غد فرج، فما يكون الا خيرا، فلما كان من الغد وافي بكرة يرعد فقال: قد جاء الرسول يلتمس الفص. قال: امض اليه فما تري الا خيرا. قال: و ما أقول له يا سيدي؟ قال: فتبسم و قال: امض اليه و اسمع ما يخبرك به فلن يكون الا خيرا.

قال: فمضي و عاد يضحك. قال: قال لي: يا سيدي الجواري اختصموا فيمكنك أن تجعله فصين حتي نغنيك؟ فقال سيدنا الامام: اللهم لك الحمد اذ جعلتنا ممن يحمدك حقا، فأيش قلت له؟ قال: قلت: أمهلني حتي أتأمل أمره كيف اعمله.

فقال: أصبت [14] .

17- ابن شهر آشوب باسناده عن زيد بن علي بن الحسين بن زيد قال: مرضت فدخل الطبيب علي ليلا و وصف لي دواء اخذه في السحر كذا و كذا يوما، فلم يمكني تحصيله من الليل و خرج الطبيب من الباب و قد ورد صاحب ابي الحسن في الحال و معه



[ صفحه 111]



صرة فيها ذلك الدواء بعينه فاخذته فشربت فبرأت [15] .

18- عنه، باسناده، عن ابي هاشم الجعفري قال: مر بأبي الحسن تركي، فكلمه ابوالحسن بالتركية فنزل عن فرسه فقبل حافر دابته، قال: فحلفت التركي انه ما قال لك الرجل؟ قال: هذا تكناني باسم سميت به في صغري في بلاد الترك ما علمه أحد الي الساعة [16] .

19- عنه، باسناده عن أبي هاشم قال: شكوت اليه قصور يدي فأهوي بيده الي رمل كان عليه جالسا فناولني منه كفا و قال: اتسع بهذا. فقلت: لصايغ اسبك هذا فسبكه و قال: ما رأيت ذهبا أشد حمرة منه [17] . 2 / 448- عنه، باسناده، عن داوود بن القاسم الجعفري قال: دخلت عليه بسر من رأي و أنا اريد الحج لاودعه، فخرج معي فلما انتهي الي آخر الحاجز نزل و نزلت معه فخط بيده الأرض خطة شبيهة بالدايرة ثم قال لي: يا عم خذ ما في هذه يكون في نفقتك، و تستعين به علي حجك فضربت بيدي فاذا سبيكة ذهب فكان فيها مائتا مثقال [18] .

21- عنه باسناده قال: دخل ابوعمرو عثمان بن سعيد و احمد بن اسحاق الأشعري و علي بن جعفر الهمداني علي أبي الحسن العسكري فشكا اليه احمد بن اسحاق دينا عليه، فقال يا اباعمرو و كان وكيله ادفع اليه ثلاثين ألف دينار و الي علي ابن جعفر ثلاثين ألف دينار و خذ أنت ثلاثين ألف دينار فهذه معجزة لا يقدر عليها الا الملوك و ما سمعنا بمثل هذا العطاء [19] .

22- عنه باسناده عن عبدالله بن عبدالرحمان الصالحي انه شكا ابوهاشم الي أبي الحسن عليه السلام ما لقي من السوق اليه اذا انحدر من عنده الي بغداد و قال له: يا سيدي ادع الله لي فما لي مركوب سوي برذوني هذا علي ضعفه. قال: قواك الله يا اباهاشم و قوي برذونك. قال: و كان ابوهاشم يصلي الفجر ببغداد و الظهر بسر من



[ صفحه 112]



رأي و المغرب ببغداد اذا شاء [20] .

23- عنه، باسناده عن ابن سهلويه قال: وقع زيد بن موسي الي عمر بن الفرج مرارا يسأله أن يقدمه علي ابن اخيه و يقول: أنه قد حدث و انا عم ابيه، فقال: عمر ذاك له. فقال: افعل فلما كان من الغد اجلسه و جلس في الصدر ثم أحضر اباالحسن عليه السلام فدخل فلما رآه زيد قام من مجلسه و أقعده في مجلسه و جلس و قعد بين يديه فقيل له في ذلك فقال: لما رايته لم اتمالك نفسي [21] .

24- عنه، باسناده عن ابي محمد الفحام بالاسناد عن أبي الحسن محمد بن احمد قال: حدثني عم أبي قال: قصدت الامام يوما فقلت ان المتوكل قطع رزقي و ما اتهم في ذلك الا علمه بملازمتي لك، فينبغي أن تتفضل علي بمسألته فقال: تكفي ان شاء الله فلما كان في الليل طرقني رسل المتوكل رسول يتلو رسولا، فجئت اليه فوجدته في فراشه فقال: يا اباموسي تشغل شغلي عنك و تنسينا نفسك اي شي ء لك عندي؟

فقلت: الصلة الفلانية، و ذكرت اشياء فأمر لي بها و بضعفها، فقلت للفتح وافي علي بن محمد الي هيهنا و كتب رقعة؟ قال: لا، قال: فدخلت علي الامام فقال لي: يا اباموسي هذا وجه الرضا، قلت: يا سيدي و لكن قالوا انك ما مضيت اليه و لا سألت قال: ان الله تعالي علم منا انا لا نلجأ في المهمات الا اليه و لا نتوكل في الملمات الا عليه و عودنا اذا سألناه الاجابة و نخاف ان نعدل فيعدل [22] .

25- عنه، عن المعتمد في الاصول قال علي بن مهزيار: وردت العسكر و انا شاك في الامامة فرأيت السلطان قد خرج الي الصيد في يوم من الربيع الا انه صائف و الناس عليهم ثياب الصيف و علي ابي الحسن لباد و علي فرسه تجفاف لبود و قد عقد ذنب الفرس، و الناس يتعجبون منه و يقولون الا ترون الي هذا المدني ما قد فعل بنفسه؟ فقلت في نفسي: لو كان هذا اماما، ما فعل هذا.



[ صفحه 113]



فلما خرج الناس الي الصحراء لم يلبثوا ان ارتفعت سحابة عظيمة هطلت فلم يبق أحد الا ابتل حتي غرق بالمطر و عاد عليه السلام و هو سالم من جميعه، فقلت في نفسي: يوشك أن يكون هو الامام، ثم قلت: اريد أن أسأله عن الجنب اذا عرق في الثوب فقلت في نفسي: ان كشف وجهه فهو الامام.

فلما قرب مني كشف وجهه ثم قال: ان كان عرق الجنب في الثوب و جنابته من حرام لا يجوز الصلاة فيه و ان كان جنابته من حلال فلا بأس. فلم يبق في نفسي بعد ذلك شبهة [23] .

26- عنه، باسناده عن كافور الخادم قال لي الامام علي بن محمد: اترك لي السطل الفلاني في الموضع الفلاني لأتطهر منه للصلاة و انفذني في حاجته فنسيت ذلك حتي انتبه ليصلي و كانت ليلة باردة ثم انه ناداني: فقال ما ذاك اما عرفت رسمي انني لا اتطهر الا بماء بارد سخنت لي الماء و تركته في السطل فقلت: و الله يا سيدي ما تركت السطل و لا الماء، قال: الحمدلله و الله ما تركنا رخصته و لا رددنا منحته الحمدلله الذي جعلنا من اهل طاعته و وفقنا للعون علي عبادته ثم ان النبي عليه السلام يقول: ان الله يغضب علي من لا يقبل رخصته [24] .

27- عنه، باسناده عن ابي يعقوب قال: رأيت محمد بن الفرج ينظر اليه ابوالحسن نظرا شافيا فاعتل من الغد، فدخلت عليه فقال: ان اباالحسن قد انفذ اليه بثوب فارانيه مدرجا تحت ثيابه. قال: فكفن فيه و الله [25] .

28- عنه، باسناده عن سعيد بن سهل البصري قال: كان لبعض اولاده الخلافة وليمة فدعي اباالحسن فيها فلما راوه انصتوا اجلالا له و جعل شاب في المجلس لا يوقره و جعل يلفظ و يضحك، فقال له: ما هذا أتضحك ملأ فيك و تذهل عن ذكر الله و أنت بعد ثلاثة أيام من أهل القبور. فكف عما هو عليه و كان كما قال. [26] .



[ صفحه 114]



29- عنه، باسناده عن سعيد الملاح قال: اجتمعنا في وليمة فجعل رجل يمزح فاقبل ابوالحسن علي جعفر بن القاسم بن هاشم البصري فقال: اما انه لا يأكل من هذا الطعام و سوف يرد عليه من خبر أهله ما ينغص عليه عيشه. فلما قدمت المائدة أتي غلامه باكيا أن امه وقعت من فوق البيت و هي بالموت فقال جعفر: و الله لا وقفت بعد هذا و قطعت عليه [27] .

30- عنه، باسناده عن الحسين بن علي انه اتي النقي عليه السلام رجل خائف و هو يرتعد و يقول: ان ابني اخذ بمحبتكم و الليلة يرمونه من موضع كذا و يدفنونه تحته. قال: فما تريد؟ قال: ما يريد الابوان. فقال عليه السلام: لا باس عليه اذهب فان ابنك يأتيك غدا. فلما أصبح أتاه ابنه. فقال: يا بني ما شانك؟ فقال: لما حفر القبر و شدوا لي الايدي أتاني عشرة أنفس مطهرة معطرة و سألوا عن بكائي فذكرت لهم.

فقالوا: لو جعل الطالب مطلوبا تجرد نفسك و تخرج و تلزم تربة النبي صلي الله عليه و آله. قلت: نعم، فاخذوا الحاجب فرموه من شاهق الجبل و لم يسمع احد جزعه و لا رآني الرجال و اوردوني اليك و هم ينتظرون خروجي اليهم و ودع اباه و ذهب فجاء أبوه الي الامام و أخبره بحاله فكان الغوغاء يذهب و يقول: وقع كذا و كذا، و الامام يتبسم و يقول: انهم لا يعلمون ما نعلم [28] .

31- المسعودي باسناده عن الحميري، عن محمد بن عيسي، عن الحسين بن قارون، عن رجل ذكر أنه كان رضيع ابي جعفر عليه السلام قال: بينا ابوالحسن عليه السلام جالسا في الكتاب و كان مؤدبه رجل كرخي من أهل بغداد يكني أبازكريا و كان أبوجعفر عليه السلام في ذلك الوقت ببغداد و ابوالحسن عليه السلام بالمدينة، يقرأ في اللوح علي المؤدب اذ بكي بكاءا شديدا.

فسأله المؤدب عن شأنه و بكائه، فلم يجبه، و قام فدخل الدار باكيا و ارتفع الصياح و البكاء، ثم خرج بعد ذلك فسألناه عن بكائه، فقال: أبي توفي. فقلنا له: بماذا



[ صفحه 115]



علمت ذاك؟ قال: دخلني من اجلال الله جل و عز اجلاله شي ء علمت معه أن أبي قد مضي فأرخنا الوقت، فما ورد الخبر نظرنا فاذا هو قد مضي في تلك الساعة [29] .

32- عنه باسناده عن الحميري عن معاوية بن الحكم، عن ابي الفضل الشيباني، عن هارون بن الفضل قال: رأيت اباالحسن عليه السلام في اليوم الذي مضي فيه ابوجعفر يقول: انا لله و انا اليه راجعون مضي ابوجعفر. فقيل له: فكيف عرفت ذلك؟ قال: تداخلني ذل و استكانة لم اكن اعهدها [30] .

33- عنه، باسناده، عن الحسن بن محمد بن معلي، عن الحسن بن علي الوشاء قال: حدثتني ام محمد مولاة ابي الحسن الرضا قالت: جاء ابوالحسن و قد ذعر حتي جلس في حجر ام أبيها بنت موسي عمة أبيه فقالت له: ما لك؟ فقال لها: مات ابي و الله الساعة.

فقالت: لا تقل هذا، هو و الله كما اقول لك. فكتبا الوقت و اليوم فجاءت وفاته و كان كما قال عليه السلام. و قام ابوالحسن بأمر الله تعالي في سنة عشرين و مائتين و له ست سنين و شهور في مثل سن أبيه بعد أن ملك المعتصم بسنتين [31] .

34- عنه، باسناده عن الحميري، عن محمد بن سعيد مولي لولد جعفر بن محمد قال: قدم عمر بن الفرج الرخجي المدينة حاجا بعد مضي أبي جعفر فأحضر جماعة من أهل المدينة و المخالفين المعاندين لأهل بيت رسول الله، فقال لهم: ابغوا لي رجلا من أهل الأدب و القرآن و العلم لا يوالي أهل هذا البيت لأضمه الي هذا الغلام و أوكله بتعليمه و أتقدم اليه، بأن يمنع منه الرافضة الذين يقصدونه يمسونه.

فأسموا له رجلا من أهل الأدب يكني أباعبدالله و يعرف بالجنيدي متقدما عند أهل المدينة في الأدب و الفهم، ظاهر الغضب و العداوة، فأحضره عمر بن الفرج و أسني له الجاري من مال السلطان و تقدم اليه بما أراد و عرفه أن السلطان أمره باختيار



[ صفحه 116]



مثله و توكيله بهذا الغلام.

قال: فكان الجنيدي يلزم أباالحسن في القصر بصريا فاذا كان الليل أغلق الباب و أقفله و أخذ المفاتيح اليه فمكث علي هذا مدة و انقطعت الشيعة عنه و عن الاستماع منه و القراءة عليه، ثم اني لقيته في يوم جمعة فسلمت عليه و قلت له: ما قال هذا الغلام الهاشمي الذي تؤدبه؟

فقال منكرا علي: تقول الغلام و لا تقول الشيخ الهاشمي، انشدك الله هل تعلم بالمدينة أعلم مني؟ قلت: لا. قال: فاني و الله اذكر له الحزب من الأدب أظن أني قد بالغت فيه فيملي علي بما فيه استفيده منه و يظن الناس اني اعلمه و أنا و الله أتعلم منه، قال فتجاوزت عن كلامه هذا كأني ما سمعته منه.

ثم لقيته بعد ذلك فسلمت عليه و سألته عن خبره و حاله ثم قلت: ما حال الفتي الهاشمي؟ فقال لي: دع هذا القول عنك هذا و الله خير أهل الأرض و أفضل من خلق انه لربما هم بالدخول فأقول له تنظر حتي تقرأ عشرك فيقول لي أي السور تحب أن أقرأها انا اذكر له من السور الطوال ما لم تبلغ اليه فيهذها بقراءة لم أسمع أصح منها من أحد قط، و خرم أطيب من مزامير داوود النبي الذي اليها من قراءته يضرب المثل.

قال: ثم قال: هذا مات أبوه بالعراق و هو صغير بالمدينة و نشأ بين هذه الجواري السد فمن أين علم هذا؟ قال: ثم ما مرت به الايام و الليالي حتي لقيته فوجدته قد قال بامامته و عرف الحق و قال به، و في سبع سنين من امامته مات المعتصم في سنة سبع و عشرين و مائتين، و لأبي الحسن أربع عشرة سنة، و بويع لهارون الواثق بن المعتصم و مضي الواثق في سنة اثنتين و ثلاثين و مائتين، في اثنتي عشرة سنة من امامة أبي الحسن و بويع للمتوكل جعفر بن المعتصم [32] .

35- عنه، باسناده عن الحميري قال: حدثني خيران الخادم مولي فراطيس ام الواثق قال: حججت سنة اثنتين و ثلاثين و مائتين، فدخلت علي ابي الحسن فقال: ما



[ صفحه 117]



حال صاحبك يعني الواثق؟ فقلت: وجع و لعله قد مات، قال: فقال: لم يمت و لكنه لما به، ثم قال: فمن يقال بعده؟ قلت: ابنه، فقال: الناس يزعمون أنه جعفر. قلت: لا. قال: بلي هو كما أقول لك. قلت: صدق الله و رسوله و ابن رسول الله، فكان كما قال. [33] .

36- عنه، باسناده عن الحميري، عن محمد بن عيسي قال: حدثني ابوعلي بن راشد قال: قال ابوالحسن في سنة اثنتين و ثلاثين و مائتين: ما فعل الرجل يعني الواثق؟ قلت: عليل أو قد مات، قال: لم يمت و لكنه لا يلبث حتي يموت [34] .

37- عنه، باسناده عن الحميري، عن محمد بن عيسي، عن علي بن جعفر ان اباالحسن اتي المسجد ليلة الجمعة فصلي عند الاسطوانة التي حذاء بيت فاطمة، فلما جلس أتاه رجل من أهل بيته يقال له معروف قد عرفه علي بن جعفر و غيره فقعد الي جانبه يعاتبه و قال له: اني أتيتكم فلم تأذن لي.

فقال: لعلك أتيت في وقت لم يمكن أن يؤذن لك علي و ما علمت بمكانك و اخبرت عنك انك ذكرتني و شكوتني بما لا ينبغي. فقال الرجل: لا و الله ما فعلت و الا فهو بري ء من صاحب القبر ان كان فعل. فقال ابوالحسن: علمت أنه حلف كاذبا. فقلت: اللهم انه قد حلف كاذبا فانتقم منه فمات الرجل من غدو صار حديثا بالمدينة [35] .

38- عنه، باسناده عن الحميري قال: حدثني ايوب بن نوح قال: كتبت الي أبي الحسن أن لي حملا و أسأله أن يدعو الله أن يجعله لي ذكرا فوقع أسمه محمدا، فولد لي ابن سميته محمدا، و كان من خبره عليه السلام في بركة السباع و خبر المشعبذ و خبر علي ابن الجهم و خبر عمر بن الفرج الرخجي و غير ذلك مما رواه الناس [36] .

39- عنه، باسناده عن الحميري، عن أحمد بن محمد بن ما بنداذ الكاتب الاسكافي قال: تقلدت ديار ربيعة و ديار مضر فخرجت و أقمت بنصيبين و قلدت عمالي و انفذتهم الي نواحي أعمالي و تقدمت أن يجعل الي كل واحد منهم كل من يجده في



[ صفحه 118]



عمله ممن له مذهب، فكان يرد علي في اليوم الواحد و الاثنان و الجماعة منهم فاسمع منها و اعامل كل واحد بما يستحقه.

فأنا ذات يوم جالس اذ ورد كتاب عامل بكفر توثي يذكر أنه توجه الي برجل يقال له: ادريس بن زياد، فدعوت به فرأيته و سيما قسيما قبلته نفسي، ثم ناجيته فرأيته ممطورا و رأيته من المعرفة بالفقه و الأحاديث علي ما أعجبني فدعوته الي القول بامامة الاثني عشر، فأبي و انكر علي ذلك و خاصمني فيه، و سألته بعد مقامه عندي اياما أن يهب لي زورة الي سر من رأي لينظر الي أبي الحسن و ينصرف.

فقال لي أنا أقضي حقك بذلك و شخص بعد أن حمله فأبطأ عني و تأخر كتابه، ثم انه قدم و دخل الي فأول ما رآني أسبل عينيه بالبكاء، فلما رأيته باكيا لم أتمالك حتي بكيت فدنا مني و قبل يدي و رجلي، ثم قال: يا أعظم الناس منة نجيتني من النار و أدخلتني الجنة و حدثني.

فقال لي: خرجت من عندك و عزمي اذا لقيت سيدي أباالحسن أن أسأله من مسائل و كان فيما أعددته أن أسأله عن عرق الجنب هل يجوز الصلاة في القميص الذي اعرق فيه و أنا جنب أم لا؟ فصرت الي سر من رأي فلم أصل اليه و أبطأ من الركوب لعلة كانت به ثم سمعت الناس يتحدثون بأنه يركب فبادرت ففاتني و دخل دار السلطان.

فجلست في الشارع و عزمت أن لا أبرح أو ينصرف و اشتد الحر علي، فعدلت الي باب دار فيه، فجلست أرقبه و نعست فحملتني عيني فلم انتبه الا بمقرعة قد وضعت علي كتفي ففتحت عيني فاذا هو مولاي ابوالحسن واقف علي دابته، فوثبت فقال لي: يا ادريس أما آن لك؟ فقلت: بلي يا سيدي. فقال: ان كان العرق من حلال فحلال و ان كان من حرام فحرام من غير أن أسأله. فقلت: به و سلمت لأمره [37] .

40- عنه، باسناده عن أبي هاشم داوود بن القاسم الجعفري قال، دخلت الي أبي الحسن فقلت له: قد كبر سني و ضعف بدني و هرم برذوني و هو ذي تلحقني مشقة



[ صفحه 119]



في زيارتك من بغداد فادع الله لي. فقال: يا اباهاشم قوي الله برذونك و قرب طريقك فكنت اركب فأصير الي سر من رأي و اتحدث عنده نهاري كلها و ارجع الي بغداد في آخر الليل [38] .

41- عنه باسناده عن الحسين بن اسماعيل شيخ من أهل النهرين قال: خرجت و أهل قريتي الي أبي الحسن بشي ء كان معنا و كان بعض أهل القرية قد حملنا رسالة و دفع الينا ما أوصلناه و قال: تقرؤنه مني السلام و تسألونه عن بيض الطائر الفلاني من طيور الآجام هل يجوز أكله أم لا؟

فسلمناه ما كان معنا الي خازنه و أتاه رسول السلطان فنهض ليركب و خرج من عنده و لم نسأله عن شي ء فلما صرنا في الشارع لحقنا عليه السلام فقال لرفيقي بالنبطية: و اقرأ فلانا السلام و قل له: بيض الطائر الفلاني لا تأكله فانه من المسوخ [39] .

42- عنه، باسناده قال: روي جماعة من اصحابنا قال: ولد لأبي الحسن جعفر فهنأناه فلم نجد به سرورا. فقيل له: في ذلك، فقال: هون عليك أمره فانه سيظل خلقا كثيرا. [40] .

43- عنه، باسناده قال: روي أنه دخل دار المتوكل فقام يصلي فأتاه بعض المخالفين فوقف حياله فقال له: الي كم هذا الرياء؟ فأسرع الصلاة و سلم، ثم التفت اليه فقال: ان كنت كاذبا نسخك الله. فوقع الرجل ميتا فصار حديثا في الدار. [41] .

44- عنه، باسناده عن الحميري عن النوفلي قال: قال ابوالحسن: يا علي ان هذا الطاغية يبتدي ء ببناء مدينة لا يتم له بناؤها و يكون حتفه فيها علي يدي فراعنة الاتراك. قال النوفلي: و سمعته يقول: اسم الله الأعظم علي ثلاث و سبعين حرفا و انما كانت عن آصف بن برخيا منه حرف واحد، فتكلم به فانخرقت له الارض فيما بينه و بين سبأ.

فتناول عرش بلقيس حتي صيره الي حضرة سليمان، ثم بسطت الأرض له في أقل طرفة عين و عندنا منه اثنان و سبعون حرفا و يتعجب مما و هبه الله لنا بقدرته و اذنه،



[ صفحه 120]



و كتب اليه رجل من أهل المداين يسأله عما بقي من ملك المتوكل فكتب:

بسم الله الرحمن الرحيم تزرعون سبع سنين دابا فما حصدتم فذروه في سنبله الا قليلا مما تأكلون، ثم يأتي من بعد ذلك سبع شداد يأكلن ما قدمتم لهن الا قليلا مما تحصنون، ثم يأتي من بعد ذلك عام فيه يغاث الناس و فيه يعصرون فقتل في أول السنة الخامسة عشرة.

قال: و كان من أمر بناء المتوكل القصر المسمي بالجعفري و ما أمر به بني هاشم من الأبنية ما يحدث به و وجه الي ابي الحسن عليه السلام بثلاثين ألف درهم و أمره أن يستعين بها في بناء دار فخطت و رفع اساسها رفعا يسيرا، فركع المتوكل يوما يطوف في الأبنية، فنظر الي داره لم ترتفع فأنكر ذلك.

و قال لعبيدالله بن يحيي بن خاقان وزيره علي و علي يمينا اكدها لئن ركبت و لم ترتفع دار علي بن محمد لأضر بن عنقه. فقال له عبيدالله بن يحيي: يا أميرالمؤمنين لعله في ضيقة. فأمر له بعشرين ألف درهم، فوجه بها عبيدالله مع ابنه أحمد و قال: حدثهبما جري فصار اليه فأخبره بالخبر. فقال: ان ركب الي البناء فرجع أحمد بن عبيدالله الي أبيه فعرفه ذلك.

فقال عبيدالله: ليس و الله يركب و لما كان في يوم الفطر من السنة التي قتل فيها المتوكل أمر بني هاشم بالترجل و المشي بين يديه، و انما أراد بذلك أن يترجل ابوالحسن، فترجل بنوهاشم و ترجل عليه السلام فاتكأ علي رجل من مواليه، فأقبل عليه الهاشميون فقالوا له: يا سيدنا ما في هذا العالم احد يستجاب دعاؤه فيكفينا الله.

فقال لهم ابوالحسن: في هذا العالم من قلامة ظفره أكرم علي الله من ناقة ثمود لما عقرت ضج الفصيل الي الله فقال الله: «تمتعوا في داركم ثلاثة أيام ذلك وعد غير مكذوب» فقتل المتوكل في اليوم الثالث.

روي أنه قال و قد أجهده المشي أما أنه قد قطع رحمي قطع الله أجله [42] .



[ صفحه 121]



45- عنه، باسناده عن الحميري عن يوسف بن السخت قال: حدثني العباس ابن محمد، عن علي بن جعفر قال: عرضت مؤامرتي علي المتوكل فأقبل علي عبيدالله ابن يحيي فقال: لا تتعبن نفسك، فان عمر بن ابي الفرج أخبرني أنه رافضي فانه وكيل علي بن محمد، فأرسل عبيدالله الي فعرفني أنه قد حلف ألا يخرجني من الحبس الا بعد موتي بثلاثة أيام.

قال فكتب الي ابي الحسن: ان نفسي قد ضاقت و قد خفت الزيغ، فوقع الي اما اذا بلغ الأمر منك ما قلت فينا، فسأقصد الله تبارك و تعالي فيك. فما انقضت ايام الجمعة حتي خرجت من الحبس.

و حدثني بعض الثقات قال: كان بين المتوكل و بين بعض عماله من الشيعة معاملة فعملت له مؤامرة الزم فيها ثمانون ألف درهم.

فقال المتوكل ان باعني غلامه الفلاني بهذا المال فليؤخذ منه و يخلي له السبيل. قال الرجل: فأحضرني عبيدالله بن يحيي و كان يعني بأمري و يحب خلاصي، فعرفني الخبر و وصف سروره بما جري و أمرني بالاشهاد علي نفسي ببيع الغلام، فأنعمت له و وجه لاحضار العدول و كتب العهدة. فقلت في نفسي: و الله ما بعته غلاما و قد ربيته و قد عرف بهذا الأمر و استبصر فيه فيملكه طاغوت فان هذا حرام علي.

فلما حضر الشهود و أحضر الغلام فأقر لي بالعبودية، قلت للعدول: اشهدوا أنه حر لوجه الله. فكتب عبيدالله بن يحيي بالخبر، فخرج التوقيع أن يقيد بخمسين رطلا و يغل بخمسين و يوضع في أضيق الحبوس، قال: فوجهت بأولادي و جميع اسبابي الي أصدقائي و اخواني يعرفونهم الخبر و يسألونهم السعي في خلاصي و كتبت بعد ذلك بخبري الي ابي الحسن.

فوقع الي لا و الله لا يكون الفرج حتي تعلم أن الأمر لله وحده. قال: فأرسلت الي جميع من كنت راسلته و سألته السعي في أمري أسأله أن لا يتكلم و لا يسعي في أمري، و أمرت أولادي ألا يعرفوا خبري و لا يسيروا الي زاير منهم. فلما كان بعد تسعة أيام



[ صفحه 122]



فتحت الأبواب عني ليلا فحملت و اخرجت قيودي، فادخلت الي عبيدالله بن يحيي.

فقال لي: و هو مستبشر: ورد علي الساعة توقيع أميرالمؤمنين يأمر بتخلية سبيلك.

فقلت له: اني لا احب أن يحل قيودي حتي تكتب اليه تسأله عن السبب في اطلاقي، فاغتاظ علي و استشاط غضبا و أمرني فنحيت من بين يديه، فلما أصبح ركب اليه ثم عاد فأحضرني و أعلمني أنه رأي في المنام كأن آتيا أتاه و بيده سكين.

فقال له: لئن لم تخل سبيل فلان ابن فلان لأذبحنك و انه انتبه فزعا فقرأ و تعوذ و نام فأتاه الآتي، فقال له: أليس أمرتك بتخلية فلان لئن لم تخل سبيله الليلة لأذبحنك فانتبه مذعورا و داخله شأن في تخليتك و نام فعاد اليه الثالثة.

فقال له: و الله لئن لم تخل سبيله في هذه الساعة لأذبحنك بهذا السكين، قال: فانتبهت و وقعت اليك، قال: ثم نمت فلم أر شيئا، فقلت له: أما الآن فتأمر بحل قيودي فخلوها، فخرجت الي منزلي و اهلي و لم أر من المال درهما، ثم قتل المتوكل في اليوم الرابع من شوال سنة سبع و أربعين و مائتين و سنة سبع و عشرين من امامة ابي الحسن و بويع لابنه محمد بن جعفر المنتصر.

فكان من حديثه مع ابي الحسن و مع جعفر بن محمود ما رواه الناس، و ملك ستة أشهر، توفي في شهر ربيع الآخر سنة ثمان و أربعين و مائتين، و بويع لأحمد بن محمد المستعين بن المعتصم بالله، فكانت مدته أربع سنين و شهر مع منازعته المعتزلة و محاربته اياه و كانت الفتنة و الحرب بينهما أكثر أيامه الي أن خلع و بويع للمعتز بن المتوكل، و يروي أن اسمه الزبير في سنة اثنتين و خمسين و مائتين، و ذلك في اثنين و ثلاثين سنة من امامة أبي الحسن عليه السلام [43] .

46- روي المجلسي عن الخرائج: روي عن محمد بن الفرج أنه قال: ان أباالحسن كتب الي: أجمع أمرك، و خذ حذرك، قال: فأنا في جمع أمري لست أدري ما الذي أراد فيما كتب به الي حتي ورد علي رسول حملني من مصر مقيدا مصفدا



[ صفحه 123]



بالحديد، و ضرب علي كل ما أملك.

فمكثت في السجن ثماني سنين ثم ورد علي كتاب من أبي الحسن عليه السلام و أنا في الحبس «لا تنزل في ناحية الجانب الغربي» فقرأت الكتاب فقلت في نفسي: يكتب الي أبوالحسن عليه السلام بهذا و أنا في الحبس ان هذا لعجيب! فما مكثت الا أياما يسيرة حتي افرج عني، و حلت قيودي، و خلي سبيلي.

و لما رجع الي العراق لم يقف ببغداد لما أمره أبوالحسن عليه السلام و خرج الي سر من رأي.

قال: فكتبت اليه بعد خروجي أسأله أن يسأل الله ليرد علي ضياعي فكتب الي سوف يرد عليك، و ما يضرك أن لا ترد عليك.

قال علي بن محمد النوفلي: فلما شخص محمد بن الفرج الي العسكر كتب له برد ضياعه، فلم يصل الكتاب اليه حتي مات [44] .

47- عنه، عن الخرائج: حدث جماعة من أهل اصفهان منهم أبوالعباس أحمد بن النضر و أبوجعفر محمد بن علوية قالوا: كان باصفهان رجل يقال له: عبدالرحمان و كان شيعيا قيل له: ما السبب الذي أوجب عليك القول بامامة علي النقي دون غيره من أهل الزمان؟ قال: شاهدت ما أوجب علي و ذلك أني كنت رجلا فقيرا و كان لي لسان و جرأة، فأخرجني أهل اصفهان سنة من السنين مع قوم آخرين الي باب المتوكل متظلمين.

فكنا بباب المتوكل يوما اذا خرج الأمر باحضار علي بن محمد بن الرضا عليهم السلام فقلت لبعض من حضر: من هذا الرجل الذي قد أمره باحضاره؟ فقيل: هذا رجل علوي تقول الرافضة بامامته، ثم قال: و يقدر أن المتوكل يحضره للقتل فقلت: لا أبرح من ههنا حتي أنظر الي هذا الرجل أي رجل هو؟

قال: فأقبل راكبا علي فرس، و قد قام الناس يمنة الطريق و يسرتها صفين ينظرون



[ صفحه 124]



اليه، فلما رأيته وقع حبه في قلبي فجعلت أدعو في نفسي بأن يدفع الله عنه شر المتوكل، فأقبل يسير بين الناس و هو ينظر الي عرف دابته لا ينظر يمنة و لا يسرة، و أنا دائم الدعاء.

فلما صار الي أقبل بوجهه الي و قال: استجاب الله دعاءك، و طول عمرك، و كثر مالك و ولدك، قال: فارتعدت و وقعت بين أصحابي فسألوني و هم يقولون: ما شأنك؟ فقلت: خير و لم اخبر بذلك.

فانصرفنا بعد ذلك الي اصفهان، ففتح الله علي وجوها من المال، حتي أنا اليوم أغلق بابي علي ما قيمته ألف ألف درهم، سوي ما لي خارج داري، و رزقت عشرة من الأولاد، و قد بلغت الآن من عمري نيفا و سبعين سنة و أنا أقول بامامة الرجل علي الذي علم ما في قلبي، و استجاب الله دعاءه في ولي [45] .

48- عنه، عن الخرائج: روي عن يحيي بن هرثمة، قال: دعاني المتوكل قال: اختر ثلاث مائة رجل ممن تريد و اخرجوا الي الكوفة، فخلفوا أثقالكم فيها، و اخرجوا الي طريق البادية الي المدينة، فأحضروا علي بن محمد بن الرضا الي عندي مكرما معظما مبجلا.

قال: ففعلت و خرجنا و كان في أصحابي قائد من الشراة و كان لي كاتب يتشيع و أنا علي مذهب الحشوية و كان ذلك الشاري يناظر ذلك الكتاب و كنت أستريح الي مناظرتهما لقطع الطريق.

فلما صرنا الي وسط الطريق قال الشاري للكتاب: أليس من قول صاحبكم علي ابن أبي طالب أنه ليس من الأرض بقعة الا و هي قبر أو سيكون قبرا؟ فانظر الي هذه التربة أين من يموت فيها حتي يملأها الله قبورا كما يزعمون؟.

قال: فقلت للكاتب: هذا من قولكم؟ قال: نعم. قلت: صدق أين يموت في هذه التربة العظيمة حتي يمتلي ء قبورا و تضاحكنا ساعة اذ انخذل الكتاب في أيدينا.



[ صفحه 125]



قال: و سرنا حتي دخلنا المدينة، فقصدت باب أبي الحسن علي بن محمد بن الرضا عليهم السلام فدخلت عليه فقرأ كتاب المتوكل فقال: انزلوا و ليس من جهتي خلاف، قال: فلما صرت اليه من الغد و كنا في تموز أشد ما يكون من الحر فاذا بين يديه خياط و هو يقطع من ثياب غلاظ خفاتين له و لغلمانه.

ثم قال للخياط: أجمع عليها جماعة من الخياطين، و اعمد علي الفراغ منها يومك هذا و بكر بها الي في هذا الوقت ثم نظر الي و قال: يا يحيي اقضوا و طركم من المدينة في هذا اليوم و اعمد علي الرحيل غدا في هذا الوقت.

قال: فخرجت من عنده و أنا أتعجب من الخفاتين و أقول في نفسي: نحن في تموز و حر الحجاز و انما بيننا و بين العراق مسيرة عشرة أيام فما يصنع بهذه الثياب؟ ثم قلت في نفسي: هذا رجل لم يسافر، و هو يقدر أن كل سفر يحتاج فيه الي مثل هذه الثياب و العجب من الرافضة حيث يقولون بامامة هذا مع فهمه هذا.

فعدت اليه في الغد في ذلك الوقت، فاذا الثياب قد احضرت، فقال لغلمانه: ادخلوا و خذوا لنا معكم لبابيد و برانس ثم قال: ارحل يا يحيي، فقلت في نفسي: هذا أعجب من الأول أيخاف أن يلحقنا الشتاء في الطريق حتي أخذ معه اللبابيد و البرانس؟.

فخرجت و أنا أستصغر فهمه، فعبرنا حتي اذا وصلنا ذلك الموضع الذي وقعت المناظرة في القبور ارتفعت سحابة و اسودت و أرعدت و أبرقت حتي اذا صارت علي رؤوسنا أرسلت علينا بردا مثل الصخور و قد شد علي نفسه و علي غلمانه الخفاتين و لبسوا اللبابيد و البرانس، قال لغلمانه: ادفعوا الي يحيي لبادة و الي الكاتب برنسا و تجمعنا و البرد يأخذنا حتي قتل من أصحابي ثمانين رجلا و زالت و رجع الحر كما كان.

فقال لي: يا يحيي أنزل من بقي من أصحابك ليدفن من قد مات من أصحابك فهكذا يملأ الله البرية قبورا. قال: فرميت نفسي عن دابتي و عدوت اليه و قبلت ركابه و رجله و قلت: أنا أشهد أن لا اله الا الله و أن محمدا عبده و رسوله، و أنكم خلفاء الله في



[ صفحه 126]



أرضه، و قد كنت كافرا و انني الآن قد أسلمت علي يديك يا مولاي. قال يحيي: و تشيعت و لزمت خدمته الي أن مضي [46] .

49- عنه عن الخرائج: روي هبة الله بن أبي منصور الموصلي أنه كان بديار ربيعة كانت نصراني و كان من أهل كفر توثا يسمي يوسف بن يعقوب و كان بينه و بين والدي صداقة، قال: فوافي فنزل عند والدي فقال له: ما شأنك قدمت في هذا الوقت؟ قال: دعيت الي حضرة المتوكل و لا أدري ما يراد مني الا أني اشتريت نفسي من الله بمائة دينار، و قد حملتها لعلي بن محمد بن الرضا عليهم السلام معي فقال له والدي: قد وفقت في هذا.

قال: و خرج الي حضرة المتوكل و انصرف الينا بعد أيام قلائل فرحا مستبشرا فقال له والدي: حدثني حديثك، قال: صرت الي سر من رأي و ما دخلتها قط فنزلت في دار و قلت احب أن اوصل المائة الي ابن الرضا عليه السلام قبل مصيري الي باب المتوكل و قبل أن يعرف أحد قدومي، قال: فعرفت أن المتوكل قد منعه من الركوب و أنه ملازم لداره، فقلت: كيف أصنع؟ رجل نصراني يسأل عن دار ابن الرضا؟ لا آمن أن يبدربي فيكون ذلك زيادة فيما احاذره.

قال: ففكرت ساعة في ذلك فوقع في قلبي أن أركب حماري و أخرج في البلد و لا أمنعه من حيث يذهب لعلي أقف علي معرفة داره من غير أن أسأل أحدا، قال: فجعلت الدنانير في كاغذة و جعلتها في كمي و ركبت فكان الحمار يتخرق الشوارع و الأسواق يمر حيث يشاء الي أن صرت الي باب دار، فوقف الحمار فجهدت أن يزول فلم يزول، فقلت للغلام: سل لمن هذه الدار، فقيل: هذه دار ابن الرضا! فقلت: الله أكبر دلالة و الله مقنعة.

قال: و اذا خادم أسود قد خرج، فقال: أنت يوسف بن يعقوب؟ قلت: نعم. قال: انزل، فنزلت فأقعدني في الدهليز فدخل، فقلت في نفسي: هذه دلالة اخري من



[ صفحه 127]



أين عرف هذا الغلام اسمي و ليس في هذا البلد من يعرفني و لا دخلته قط.

قال: فخرج الخادم فقال: مائة دينار التي في كمك في الكاغذ هاتها! فناولته اياها، قلت: و هذه ثالثة. ثم رجع الي و قال: ادخل فدخلت اليه و هو في مجلسه وحده فقال: يا يوسف ما آن لك؟ فقلت: يا مولاي قد بان لي من البرهان ما فيه كفاية لمن اكتفي.

فقال: هيهات انك لا تسلم و لكن سيسلم ولدك فلان، و هو من شيعتنا، يا يوسف ان أقواما يزعمون أن ولايتنا لا تنفع أمثالكم، كذبوا و الله انها لتنفع أمثالك امض فيها وافيت له فانك ستري ما تحب. قال: فمضيت الي باب المتوكل فقلت كل ما أردت فانصرفت.

قال هبة الله: فلقيت ابنه بعد هذا - يعني بعد موت والده - و الله و هو مسلم حسن التشيع فأخبرني أن أباه مات علي النصرانية، و أنه أسلم بعد موت أبيه، و كان يقول: أنا بشارة مولاي عليه السلام [47] .

50- عنه، عن الخرائج: روي أبوهاشم الجعفري أنه ظهر برجل من أهل سر من رأي برص فتنغص عليه عيشه، فجلس يوما الي أبي علي الفهري فشكا اليه حاله فقال له: لو تعرضت يوما لأبي الحسن علي بن محمد بن الرضا عليهم السلام فسألته أن يدعو لك لرجوت أن يزول عنك.

فجلس له يوما في الطريق وقت منصرفه من دار المتوكل فلما رآه قام ليدنو منه فيسأله ذلك، فقال: تنح عافاك الله، و أشار اليه بيده تنح عافاك الله تنح عافاك الله ثلاث مرات، فأبعد الرجل و لم يجسر أن يدنو منه و انصرف، فلقي الفهري فعرفه الحال و ما قال، فقال: قد دعا لك قبل أن تسأل فامض فانك ستعافي فانصرف الرجل الي بيته فبات تلك الليلة فلما أصبح لم ير علي بدنه شيئا من ذلك [48] .

51- عنه، عن الخرائج: روي أبوالقاسم بن أبي القاسم البغدادي، عن زرارة



[ صفحه 128]



حاجب المتوكل أنه قال: وقع رجل مشعبذ من ناحية الهند الي المتوكل يلعب بلعب الحق لم ير مثله، و كان المتوكل لعابا فأراد أن يخجل علي بن محمد بن الرضا فقال لذلك الرجل: ان أنت أخجلته أعطيتك ألف دينار زكية.

قال: تقدم بأن يخبز رقاق خفاف و اجعلها علي المائدة و أقعدني الي جنبه ففعل و أحضر علي بن محمد عليهماالسلام و كانت له مسورة عن يساره كان عليها صورة أسد و جلس اللاعب الي جانب المسورة فمد علي بن محمد عليه السلام يده الي رقاقة فطيرها ذلك الرجل و مد يه الي اخري فطيرها فتضاحك الناس.

فضرب علي بن محمد عليهماالسلام يده علي تلك الصورة التي في المسورة، و قال: خذه فوثبت تلك الصورة من المسورة فابتلعت الرجل، و عادت في المسورة كما كانت.

فتحير الجميع و نهض علي بن محمد عليهماالسلام فقال له المتوكل: سألتك الا جلست ورددته، فقال: و الله لا تري بعدها أتسلط أعداء الله علي أولياء الله، و خرج من عنده فلم ير الرجل بعد ]ذلك[ [49] .

52- عنه، عن الخرائج: روي أنه أتاه رجل من أهل بيته يقال له معروف، و قال: أتيتك فلم تأذن لي، فقال: ما علمت بمكانك و اخبرت بعد انصرافك و ذكرتني بما لا ينبغي فحلف ما فعلت، فقال أبوالحسن عليه السلام: فعلمت أنه حلف كاذبا فدعوت الله عليه: اللهم انه حلف كاذبا فانتقم منه، فمات الرجل من الغد [50] .

53- عنه، عن الخرائج: روي أبوالقاسم البغدادي عن زرارة قال: أراد المتوكل: أن يمشي علي بن محمد بن الرضا عليهم السلام يوم السلام فقال له وزيره: ان في هذا شناعة عليك و سوء قالة فلا تفعل، قال: لابد من هذا. قال: فان لم يكن بد من هذا فتقدم بأن يمشي القواد و الأشراف كلهم، حتي لا يظن الناس أنك قصدته بهذا دون غيره، ففعل و مشي عليه السلام و كان الصيف فوافي الدهليز و قد عرق.

قال: فلقيته فأجلسته في الدهليز و مسحت وجهه بمنديل و قلت: ابن عمك لم



[ صفحه 129]



يقصدك بهذا دون غيرك، فلا تجد عليه في قلبك، فقال: ايها عنك «تمتعوا في داركم ثلاثة أيام، ذلك وعد غير مكذوب».

قال زرارة: و كان عندي معلم يتشيع و كنت كثيرا امازحه بالرافضي فانصرفت الي منزلي وقت العشاء و قلت: تعال يا رافضي حتي احدثك بشي ء سمعته اليوم من امامكم، قال لي: و ما سمعت؟ فأخبرته بما قال، فقال: أقول لك فاقبل نصيحتي قلت: هاتها، قال: ان كان علي بن محمد قال بما قلت فاحترز و اخزن كل ما تملكه فان المتوكل يموت أو يقتل بعد ثلاثة أيام. فغضبت عليه و شتمته و طردته من بين يدي فخرج.

فلما خلوت بنفسي، تفكرت و قلت: ما يضرني أن آخذ بالحزم، فان كان من هذا شي ء كنت قد أخذت بالحزم، و ان لم يكن لم يضرني ذلك، قال: فركبت الي دار المتوكل فأخرجت كل ما كان لي فيها و فرقت كل ما كان في داري الي عند أقوام أثق بهم، و لم أترك في داري الا حصيرا أقعد عليه.

فلما كانت الليلة الرابعة قتل المتوكل و سلمت أنا و مالي و تشيعت عند ذلك، فصرت اليه، و لزمت خدمته، و سألته أن يدعو لي و تواليته حق الولاية [51] .

54- عنه، عن الخرائج: روي عن أبي القاسم بن القاسم عن خادم علي بن محمد عليهماالسلام قال: كان المتوكل يمنع الناس من الدخول الي علي بن محمد، فخرجت يوما و هو في دار المتوكل فاذا جماعة من الشيعة جلوس خلف الدار فقلت: ما شأنكم جلستم ههنا؟ قالوا: ننتظر انصراف مولانا لننظر اليه و نسلم عليه و ننصرف.

قلت لهم: اذا رأيتموه تعرفونه؟ قالوا: كلنا نعرفه.

فلما وافي أقاموا اليه فسلموا عليه، و نزل فدخل داره، و أراد اولئك الانصراف فقلت: يا فتيان اصبروا حتي أسألكم أليس قد رأيتم مولاكم؟ قالوا: نعم، قلت: فصفوه، فقال واحد: هو شيخ أبيض الرأس أبيض مشرب بحمرة، و قال آخر: لا



[ صفحه 130]



تكذب ما هو الا أسمر اللحية، و قال الآخر لا لعمري ما هو كذلك هو كهل ما بين البياض و السمرة، فقلت: أليس زعمتم أنكم تعرفونه انصرفوا في حفظ الله [52] .

55- عنه، عن الخرائج: روي أبوهاشم الجعفري: أنه كان للمتوكل مجلس بشبابيك كيما تدور الشمس في حيطانه، قد جعل فيها الطيور التي تصوت، فاذا كان يوم السلام جلس في ذلك المجلس فلا يسمع ما يقال له و لا يسمع ما يقول لاختلاف أصوات تلك الطيور، فاذا وافاه علي بن محمد بن الرضا عليهم السلام سكتت الطيور فلا يسمع منها صوت واحد الي أن يخرج، فاذا خرج من باب المجلس عادت الطيور في أصواتها.

قال: و كان عنده عدة من القوابج في الحيطان فكان يجلس في مجلسه له عال، و يرسل تلك القوابج تقتتل، و هو ينظر اليها و يضحك منها، فاذا وافي علي بن محمد عليه السلام ذلك المجلس لصقت القوابج بالحيطان فلا تتحرك من مواضعها حتي ينصرف فاذا انصرف عادت في القتال [53] .

56- عنه، عن الخرائج روي أن أباهاشم الجعفري قال: ظهرت في أيام المتوكل امرأة تدعي أنها زينب فاطمة بنت رسول الله صلي الله عليه و آله فقال المتوكل: أنت امرأة شابة و قد مضي من وقت رسول الله صلي الله عليه و آله ما مضي من السنين، فقالت: ان رسول الله صلي الله عليه و آله مسح علي و سأل الله أن يرد علي شبابي في كل أربعين سنة، و لم أظهر للناس الي هذه الغاية فلحقتني الحاجة فصرت اليهم.

فدعا المتوكل مشايخ آل أبي طالب و ولد العباس و قريش و عرفهم حالها فروي جماعة وفاة زينب في سنة كذا، فقال لها: ما تقولين في هذه الرواية؟

فقالت: كذب و زور، فان أمري كان مستورا عن الناس، فلم يعرف لي حياة و لا موت، فقال لهم المتوكل: هل عندكم حجة علي هذه المرأة غير هذه الرواية؟ فقالوا: لا، فقال: هو بري ء من العباس ان لا أنزلها عما ادعت الا بحجة.



[ صفحه 131]



قالوا: فأحضر ابن الرضا عليه السلام فلعل عنده شيئا من الحجة غير ما عندنا. فبعث اليه فحضر فأخبره بخبر المرأة فقال: كذبت فان زينب توفيت في سنة كذا في شهر كذا في يوم كذا، قال: فان هؤلاء قد رووا مثل هذه و قد حلفت أن لا أنزلها الا بحجة تلزمها.

قال: و لا عليك فههنا حجة تلزمها و تلزم غيرها، قال: و ما هي؟ لحوم بني فاطمة محرمة علي السباع فأنزلها الي السباع فان كانت من ولد فاطمة فلا تضرها فقال لها: ما تقولين؟ قالت: انه يريد قتلي، قال: فههنا جماعة من ولد الحسن و الحسين عليهماالسلام فأنزل من شئت منهم، قال: فوالله لقد تغيرت وجوه الجميع، فقال بعض المبغضين: هو يحيل علي غيره لم لا يكون هو؟

فمال المتوكل الي ذلك رجاء أن يذهب من غير أن يكون له في أمره صنع فقال: يا أباالحسن لم لا تكون أنت ذلك؟ قال: ذاك اليك قال: فافعل! قال: أفعل فاتي بسلم و فتح عن السباع و كانت ستة من الأسد فنزل أبوالحسن اليها فلما دخل و جلس صارت الاسود اليه فرمت بأنفسها بين يديه، و مدت بأيديها، و وضعت رؤوسها بين يديه فجعل يمسح علي رأس كل واحد منها، ثم يشير اليه بيده الي الاعتزال فتعتزل ناحية حتي اعتزلت كلها و أقامت بازائه.

فقال له الوزير: ما هذا صوابا فبادر باخراجه من هناك، قبل أن ينتشر خبره فقال له: يا أباالحسن ما أردنا بك سوءا و انما أردنا أن نكون علي يقين مما قلت فاحب أن تصعد، فقام و صار الي السلم و هي حوله تتمسح بثيابه.

فلما وضع رجله علي أول درجة التفت اليها و أشار بيده أن ترجع، فرجعت و صعد فقال: كل من زعم أنه من ولد فاطمة فليجلس في ذلك المجلس، فقال لها المتوكل: انزلي، قالت: الله الله ادعيت الباطل، و أنا بنت فلان حملني الضر علي ما قلت، قال المتوكل: القوها الي السباع فاستوهبتها والدته [54] .



[ صفحه 132]



57- عنه، عن الخرائج: روي عن علي بن جعفر قال: قلت لأبي الحسن عليه السلام: أينا أشد حبا لدينه؟ قال: أشدكم حبا لصاحبه في حديث طويل، ثم قال: يا علي ان هذا المتوكل يبني بين المدينة بناء لا يتم، و يكون هلاكه قبل تمامه علي يد فرعون من فراعنة الترك [55] .

58- عنه، عن الخرائج: روي عن أحمد بن عيسي الكاتب قال: رأيت رسول الله صلي الله عليه و آله فيما يري النائم كأنه نائم في حجري، و كأنه دفع الي كفا من تمر عدده خمس و عشرون تمرة، قال: فما لبثت الا و أنا بأبي الحسن علي بن محمد عليه السلام و معه قائد فأنزلته في حجرتي و كان القائد يبعث و يأخذ من العلف من عندي، فسألني يوما: كم لك علينا؟ قلت: لست آخذ منك شيئا فقال لي: أتحب أن تدخل الي هذا العلوي فتسلم عليه؟ قلت: لست أكره ذلك.

فدخلت فسلمت عليه، و قلت له: ان في هذه القرية كذا و كذا من مواليك فان أمرتنا بحضورهم فعلنا، قال: لا تفعلوا. قلت: فان عندنا تمورا جيادا فتأذن لي أن أحمل لك بعضها، فقال: ان حملت شيئا يصل الي و لكن احمله الي القائد فانه سيبعث الي منه فحملت الي القائد أنواعا من التمر و أخذت نوعا جيدا في كمي و سكرجة من زبد فحملته اليه.

ثم جئت فقال القائد: أتحب أن تدخل علي صاحبك؟ قلت: نعم، فدخلت فاذا قدامه من ذلك التمر الذي بعثت به الي القائد فأخرجت التمر الذي كان معي و الزبد فوضعته بين يديه، فأخذ كفا من تمر فدفعه الي و قال: لو زادك رسول الله صلي الله عليه و آله لزدناك، فعددته فاذا هي كما رأيت في النوم لم يزد و لم ينقص [56] .

59- عنه، عن الخرائج: روي عن أحمد بن هارون قال: كنت جالسا اعلم غلاما من غلمانه في فازة داره، اذ دخل علينا أبوالحسن عليه السلام راكبا علي فرس له، فقمنا اليه فسبقنا فنزل قبل أن ندنو منه فأخذ عنان فرسه بيده فعلقه في طنب من



[ صفحه 133]



أطناب الفازة، ثم دخل فجلس معنا فأقبل علي و قال: متي رأيك أن تنصرف الي المدينة؟ فقلت: الليلة. قال: فأكتب اذا كتابا معك توصله الي فلان التاجر، قلت: نعم قال: يا غلام هات الدوات و القرطاس، فخرج الغلام ليأتي بهما من دار اخري.

فلما غاب الغلام صهل الفرس و ضرب بذنبه فقال له بالفارسية ما هذا الغلق؟ فصهل الثانية فضرب بيده، فقال له بالفارسية: اقلع فامض الي ناحية البستان و بل هناك ورث و ارجع فقف هناك مكانك، فرفع الفرس رأسه و أخرج العنان من موضعه ثم مضي الي ناحية البستان حتي لا نراه في ظهر الفازة فبال وراث و عاد الي مكانه.

فدخلني من ذلك ما الله به عليم، فوسوس الشيطان في قلبي فقال: يا أحمد لا يعظم عليك ما رأيت ان محمدا و آل محمد أكثر مما أعطي داوود، و آل داوود، قلت: صدق ابن رسول الله صلي الله عليه و آله فما قال لك؟ و ما قلت له فقد فهمته فقال قال لي الفرس: قم فاركب الي البيت حتي تفرغ عني قلت: ما هذا الغلق؟

قال: قد تعبت، قلت: لي حاجة اريد أن أكتب كتابا الي المدينة فاذا فرغت ركبتك، قال: اني اريد أن أروث و أبول و أكره أن أفعل ذلك بين يديك، فقلت: اذهب الي ناحية البستان فافعل ما أردت ثم عد الي مكانك ففعل الذي رأيت.

ثم أقبل الغلام بالدوات و القرطاس، و قد غابت الشمس، فوضعها بين يديه فأخذ في الكتابة حتي أظلم الليل فيما بيني و بينه، فلم أر الكتاب، و ظننت أنه أصابه الذي أصابني، فقلت للغلام: قم فهات شمعة من الدار حتي يبصر مولاك كيف يكتب، فمضي؛ فقال للغلام: ليس الي ذلك حاجة.

ثم كتب كتابا طويلا الي أن غاب الشفق، ثم قطعه فقال للغلام: أصلح و أخذ الغلام الكتاب، و خرج الي الفازة ليصلحه ثم عاد اليه و ناوله ليختمه فختمه من غير أن ينظر الخاتم مقلوبا أو غير مقلوب، فناولني، فقمت لأذهب فعرض في قلبي قبل أن أخرج من الفازة اصلي قبل أن آتي المدينة، قال: يا أحمد صل المغرب و العشاء الآخرة في مسجد الرسول صلي الله عليه و آله و اطلب الرجل في الروضة فانك توافقه ان شاء الله.



[ صفحه 134]



قال: فخرجت مبادرا فأتيت المسجد و قد نودي العشاء الآخرة، فصليت المغرب، ثم صليت معهم العتمة، و طلبت الرجل حيث أمرني فوجدته فأعطيته الكتاب و أخذه و فضه ليقرأه، فلم يستبن قراءته في ذلك الوقت، فدعا بسراج فأخذته و قرأته عليه في السراج في المسجد.

فاذا خط مستوليس حرف ملتصقا بحرف و اذا الخاتم مستوليس بمقلوب فقال لي الرجل: عد الي غدا حتي أكتب جواب الكتاب، فغدوت فكتب الجواب فجئت به اليه، فقال: أليس قد وجدت الرجل حيث قلت لك؟ فقلت: نعم، قال: أحسنت [57] .

60- عنه، عن الخرائج: روي عن محمد بن الفرج قال: قال لي علي بن محمد عليهماالسلام اذا أردت أن تسأل مسألة فاكتبها، وضع الكتاب تحت مصلاك، ودعه ساعة، ثم أخرجه و انظر قال: ففعلت فوجدت جواب ما سألت عنه موقعا فيه [58] .

61- عنه، عن الخرائج: روي عن أبي محمد الطبري قال: تمنيت أن يكون لي خاتم من عنده عليه السلام فجاءني نصر الخادم بدرهمين، فصغت خاتما فدخلت علي قوم يشربون الخمر فتعلقوا بي حتي شربت قدحا أو قدحين، فكان الخاتم ضيقا في أصبعي لا يمكنني ادارته للوضوء، فأصبحت و قد افتقدته، فتبت الي الله [59] .

62- عنه، عن الخرائج: روي أن المتوكل أو الواثق أو غيرهما أمر العسكر، و هم تسعون ألف فارس من الأتراك الساكنين بسر من رأي أن يملأ كل واحد مخلاة فرسه من الطين الأحمر، و يجعلوا بعضه علي بعض في وسط تربة واسعة هناك، ففعلوا.

فلما صار مثل جبل عظيم و اسمه تل المخالي صعد فوقه، و استدعي أباالحسن و استصعده، و قال: استحضرتك لنظارة خيولي و قد كان أمرهم أن يلبسوا التجافيف و يحملوا الأسلحة و قد عرضوا بأحسن زينة، و أعظم هيبة و كان غرضه أن يكسر قلب كل من يخرج عليه و كان خوفه من أبي الحسن عليه السلام أن يأمر أحدا من



[ صفحه 135]



أهل بيته أن يخرج علي الخليفة.

فقال له أبوالحسن عليه السلام: و هل أعرض عليك عسكري؟ قال: نعم، فدعا الله سبحانه فاذا بين السماء و الأرض من المشرق و المغرب ملائكة مدججون فغشي علي الخليفة، فلما أفاق قال أبوالحسن عليه السلام: نحن لا نناقشكم في الدنيا نحن مشتغلون بأمر الآخرة فلا عليك شي ء مما تظن [60] .

63- عنه، عن الخرائج: روي أبومحمد البصري عن أبي العباس خال شبل كاتب ابراهيم بن محمد قال: كنا أجرينا ذكر أبي الحسن عليه السلام فقال لي: يا أبامحمد لم أكن في شي ء من هذا الأمر و كنت أعيب علي أخي، و علي أهل هذا القول عيبا شديدا بالذم و الشتم الي أن كنت في الوفد الذين أوفد المتوكل الي المدينة في احضار أبي الحسن عليه السلام فخرجنا الي المدينة.

فلما خرج و صرنا في بعض الطريق و طوينا المنزل و كان منزلا صائفا شديد الحر فسألناه أن ينزل فقال: لا، فخرجنا و لم نطعم و لم نشرب فلما اشتد الحر و الجوع و العطش فبينما و نحن اذ ذلك في أرض ملساء لا نري شيئا و لا ظل و لا ماء نستريح فجعلنا نشخص بأبصارنا نحوه، قال: و ما لكم أحسبكم جياعا و قد عطشتم فقلنا: اي و الله يا سيدنا قد عيينا قال: عرسوا! و كلوا و اشربوا. فتعجبت من قوله و نحن في صحراء ملساء لا نري فيها شيئا نستريح اليه، و لا نري ماءا و لا ظلا، فقال: ما لكم عرسوا فابتدرت الي القطار لانيخ ثم التفت و اذا أنا بشجرتين عظيمتين تستظل تحتهما عالم من الناس و اني لأعرف موضعهما أنه أرض براح قفراء، و اذا بعين تسيح علي وجه الأرض أعذب ماء و أبرده.

فنزلنا و أكلنا و شربنا و استرحنا، و ان فينا من سلك ذلك الطريق مرارا فوقع في قلبي ذلك الوقت أعاجيب، و جعلت أحد النظر اليه و أتأمله طويلا و اذا نظرت اليه تبسم و زوي وجهه عني.



[ صفحه 136]



فقلت في نفسي: و الله لأعرفن هذا كيف هو؟ فأتيت من وراء الشجرة فدفنت سيفي و وضعت عليه حجرين و تغوطت في ذلك الموضع و تهيأت للصلاة، فقال أبوالحسن عليه السلام: استرحتم؟ قلنا: نعم، قال: فارتحلوا علي اسم الله، فارتحلنا.

فلما أن سرنا ساعة رجعت علي الأثر فأتيت الموضع فوجدت الأثر و السيف كما وضعت و العلامة و كأن الله لم يخلق ثم شجرة و لا ماءا و لا ظلالا و لا بللا فتعجبت من ذلك، و رفعت يدي الي السماء فسألت الله الثبات علي المحبة و الايمان به، و المعرفة منه؛ و أخذت الأثر فلحقت القوم.

فالتفت الي أبوالحسن عليه السلام و قال: يا أباالعباس فعلتها؟ قلت: نعم يا سيدي، لقد كنت شاكا و أصبحت أنا عند نفسي من أغني الناس في الدنيا و الآخرة. فقال: هو كذلك هم معدودون معلومون لا يزيد رجل و لا ينقص [61] .

64- عنه، عن الخرائج روي عن داوود بن القاسم قال: دخلت علي أبي الحسن صاحب العسكر عليه السلام فقال لي: كلم هذا الغلام بالفارسية فانه زعم أنه يحسنها فقلت للخادم «زانوي تو چيست» فلم يجب، فقال له: يسألك و يقول: ركبتك ما هي؟. [62] .

65- عنه، عن السيد بن طاووس في كشف المحجة باسناده من كتاب الرسائل للكليني عمن سماه قال: كتبت الي أبي الحسن عليه السلام أن الرجل يحب أن يفضي الي امامه ما يحب أن يفضي الي ربه، قال: فكتب: ان كان لك حاجة فحرك شفتيك فان الجواب يأتيك [63] .

66- ابوجعفر المشهدي، باسناده عن محمد بن حمدان عن ابراهيم بن بلطون عن أبيه قال: كنت أحجب المتوكل فاهدي له خمسون غلاما من الحرر فأمرني أن استلمها و احسن اليهم فلما تمت سنة، كنت واقفا بين يديه اذ دخل عليه ابوالحسن علي بن



[ صفحه 137]



محمد التقي عليهماالسلام فلما اخذ مجلسه أمرني أن اخرج الغلمان من بيوتهم فأخرجتهم.

فلما بصروا بأبي الحسن عليه السلام سجدوا له بأجمعهم فلم يتمالك المتوكل ان قام يجر رجليه حتي تواري خلف الستر. ثم نهض ابوالحسن عليه السلام فلما علم المتوكل بذلك خرج الي و قال: ويلك يا بلطون ما هذا الذي فعلت بهؤلاء الغلمان؟

فقلت: لا و الله ما ادري، قال: سلهم. فسألتهم عما فعلوا، فقالوا: هذا رجل يأتينا كل سنة فيعرض علينا الدين و يقيم عندنا عشرة أيام و هو وصي نبي المسلمين، فأمرني بذبحهم فذبحتهم عن آخرهم، فلما كان وقت العتمة صرت الي سيدي عليه السلام، فاذا خادم علي الباب فنظر الي، فلما بصربي قال: ادخل. فدخلت فاذا هو عليه السلام جالس.

فقال: يا بلطون ما صنع القوم؟ فقلت: يابن رسول الله ذبحوا و الله عن آخرهم. فقال لي: كلهم؟ فقلت: اي و الله. فقال: عليه السلام أتحب أن تراهم؟ فقلت: نعم يابن رسول الله، فأومي بيده أن أدخل الستر، فدخلت فاذا أنا بالقوم قعدوا و بين أيديهم فاكهة يأكلون [64] .

67- عنه، باسناده عن يحيي بن هرثمة قال: أنا صحبت أباالحسن عليه السلام من المدينة الي سر من رأي في خلافة المتوكل، فلما صرنا ببعض الطريق عطشنا عطشا شديدا فتكلمنا و تكلم الناس في ذلك، فقال ابوالحسن عليه السلام: الان نصير الي ماء عذب فنشربه. فما سرنا الا قليلا حتي صرنا الي تحت شجرة ينبع منها ماء عذب بارد، فنزلنا عليه و ارتوينا و حملنا و ارتحلنا و كنت علقت سيفي علي الشجرة فنسيته.

فلما صرنا غير بعيد في بعض الطريق فذكرته، فقلت لغلامي: ارجع حتي يأتيني بالسيف. فمر الغلام ركضا فوجد السيف و حمله فرجع متحيرا، فسألته عن ذلك. فقال لي: اني رجعت الي الشجرة فوجدت السيف معلقا عليها و لا عين و لا ماء و لا شجر، فعرفت الخبر فصرت الي أبي الحسن عليه السلام فأخبرته ذلك. فقال: اخف ان



[ صفحه 138]



لا تذكر ذلك لاحد. فقلت: نعم [65] .

68- عنه، باسناده عن أبي هاشم الجعفري قال: حججت سنة حج بغا فلما صرت الي المدينة صرت الي باب أبي الحسن عليه السلام فوجدته ركب في استقبال بغا فسلمت عليه فقال: امض بنا اذا شئت. فمضيت معه حتي اذا خرجنا من المدينة، فلما اصحرنا التفت الي غلامه و قال: اذهب و انظر في أوائل العسكر، ثم قال: انزل بنا يا اباهاشم.

قال: فنزلت و في نفسي أن أسأله شيئا و أنا أستحيي منه و اقدم و اؤخر، قال: فعمل بسوطه في الأرض خاتم سليمان، فنظرت فاذا في آخر الاحرف خذ، الاخر و اكتم، و في الاخر و اعذر، ثم اقتلعه بسوطه و ناولنيه، فنظرته فاذا بنقرة صافية فيها أربع مائة مثقال، فقلت: بأبي و امي لقد كنت شديد الحاجة اليها و أردت كلامك و اقدم و اؤخر و الله يعلم حيث يجعل رسالته، ثم ركبنا [66] .

69- عنه، باسناده عن ابي يعقوب قال: رأيت اباالحسن عليه السلام مع احمد بن الخضيب يتسايران، و قد قصر ابوالحسن عنه، فقال له ابن الخضيب [67] : سر جعلت فداك، فقال له: ابوالحسن انت المتقدم فما لبث الا اربعة ايام حتي وضع الزهو علي ساق بن الخضيب [68] .

70- عنه، باسناده عن الحسين بن محمد بن جمهور قال: كان لي صديق لي مؤدب لولد فقال: وصيف اليك مني، فقال لي: قل للأمير منصرفه من دار الخليفة حبس اميرالمؤمنين هذا الذي تقولون له الرضا اليوم، و دفعه الي علي كره، فسمعته يقول: أنا أكرم علي الله من ناقة صالح تمتعوا في دياركم ثلاثة ايام ذلك وعد غير مكذوب.

فليس يفصح بالآية و لا بالكلام اي شي ء هذا؟ قال: قلت: أعزك الله فوعدك انظر ما يكون بعد ثلاثة أيام. فلما كان من الغد أطلقه و أعتذر اليه. فلما كان في اليوم



[ صفحه 139]



الثالث وثب عليه باغر و نعدلون و نامس [69] و جماعة معهم فقتلوه واقعوا المنتصر ولده خليفة.

ثم سعيد بن سهلومة البصري الملقب بالملاح قال: حدث لبعض أولاد الخلفاء وليمة فدعانا فدخلنا رأوه انصتوا اجلالا له و جعل مار المجلس ألا يوقره و جعل يلعب و يضحك فاقبل عليه و قال: يا هذا اتضحك ملأ فيك و تذهل عن ذكر الله تعالي و انت بعد ما فيه من القبور، فقلنا: هذا دليل ننظر ما يكون.

قال: فامسك الفتي و كف عما هو فيه و طعمنا و خرجنا فما كان بعد يوم حتي اعتل الفتي و مات في اليوم الثالث من اول النهار و دفن في اخره [70] .

71- باسناده عنه قال: اجتمعنا أيضا في وليمة لبعض اهل سر من راي و ابوالحسن معنا فجعل رجل يعبث و يمزح و لا نري له اجلالا، فاقبل علي جعفر و قال: انه لا ياكل من هذا الطعام و سوف يرد عليه من خبر أهله ما ينقص عليه عيشه، فقدمت المائدة فقال: ليس بعد هذا خبر، و قد بطل قوله فوالله لقد غسل الرجل يده و أهوي الي الطعام فاذا غلامه قد دخل من باب البيت يبكي و قال: الحق امك فقد وقعت من فوق البيت و هي بالموت فقال جعفر: قلت: و الله لا وقفت بعد هذا و قطعت عليه [71] .

72- عنه، باسناده عن ابي يعقوب قال: رايت محمد بن الفرج قبل موته بالعسكر في عشية من العشيا قد استقبل اباالحسن عليه السلام نظر اليه نظرا شافيا، و اعتل محمد بن الفرج من الغد فدخلت عليه عامدا بعد ايام من علته فحدثني ان اباالحسن عليه السلام انفذ اليه بثوب و رأيته مدرجا راسه، و قال: و كفن و الله فيه [72] .

73- عنه، باسناده عن المنتصر بن المتوكل قال: زرع والدي الاس في بستان و اكرمته فلما استوي الاس كله و حسن، أمر الفراشين أن يفرشوا له علي مكان في وسط البستان و أنا قائم علي رأسه، فرفع رأسه الي و قال: يا رافضي سل ربك الا يرد علي هذا الاصل الاصفر ما له مرتين [73] ما ينبغي هذا البستان قد اصفر فانك تزعم انه يعلم



[ صفحه 140]



الغيب، فقلت: يا اميرالمؤمنين انه ليس يعلم الغيب.

فاصبحت الي ابي الحسن عليه السلام من الغد و اخبرته بالاس، فقال: يا بني امض انت و احفر الاصل الأصفر فان تحته جحمة بحرة و اصفراره لبخارها و نتنها. قال: ففعلت ذلك فواجهته كما قال، ثم قال: يا بني لا تخبرن احدا بهذا الا لمن يحدثك بمثله [74] .

74- عنه، باسناده عن الحسن بن محمد بن جمهور القمي قالت: سمعت عن سعيد الصغير الحاجب قال: دخلت علي سعيد بن صالح الحاجب فقلت: يا عثمان قد صرت بين اصحابك و كان سعيد يتبع، فقال: هيهات، قلت: بلي و الله، قال: و كيف ذلك؟ قال [75] ..... المتوكل و أمرني ان يكبس علي بن محمد الرضا عليه السلام و انظر ما فعل ففعلت ذلك فوجدته يصلي فبقيت قائما حتي فرغ.

فلما انفتل من صلاته اقبل علي و قال: يا سعيد لا يكف عني جعفر حتي تقطع اربا اربا اذهب او اغرب [76] و أشار بيده فخرجت مرعوبا و ادخلني من هند ندما احسن أن اصفه فلما رجعت الي المتوكل سمعت الصيحة فسألت عنه فقيل: قتل المتوكل: فرجعنا و قلت بها عند عبدالله بن طاهر [77] ، قال: خرجت الي سر من أري لأمر من الامور احضرني المتوكل له ما قمت مدة.

ثم ودعت و عزمت علي الانحدار الي بغداد اذ فكتبت الي ابي الحسن استاذنه في ذلك و اوعده. فكتب الي: فانك بعد ثلاث يحتاج اليك و يحدث أمران فانحدرت و استصحبته فخرجت الي الصيد و أنسيت ما وقع الي ابوالحسن.

فعدلت الي المطرة قد مر مصري و انا جالس علي خاصتي اذا ثمانية فوارس يتبعهم مائة فارس يقولون: اجب اميرالمؤمنين. فقلت: ما الخبر؟ فقالوا: قتل المتوكل و بويع



[ صفحه 141]



المنتصر و استوز احمد بن الخصيب فقمت من فوري راجعا [78] .

75- عنه، باسناده عن الطيب بن محمد بن الحسن بن شمون قال: ركب المتوكل ذات يوم و خلفه الناس و ركبت آل ابي طالب الي ابي الحسن عليه السلام بركوبه فخرج في يوم صائف شديد الحر و السماء نقية ما فيها غيم و هو معقود ذنب الدابة بسرج جلود طويل و عليه ممطر و مر بس، قال زيد بن موسي بن جعفر لجماعة آل ابي طالب: انظروا الي هذا الاعرابي يخرج مثل هذا اليوم كانه وسط الشتاء.

قال: فساروا جميعا فما جاوزوا الجسر و لا خرجوا عنه حتي غيمت السماء و ارخت غزالتها كافواه القرب، و ابتلت ثياب الناس، فدنا منه زيد بن موسي و قال: يا سيدي انت قد علمت ان السماء تمطر فهلا اعلمتنا فقد هلكنا و عطبنا [79] .

76- عنه، باسناده عن الحسن بن علي قال: جاء رجل الي علي بن محمد بن علي ابن موسي عليهم السلام و هو ترتعد فرائصه فقال: يابن رسول الله ان فلانا يعني الوالي اخذ ابني و اتهمه بموالاتك فسلمه الي حاجب من حجابه فأمره أن يذهب به الي موضع كذا، و قيل فدهده من أعلي الجبل هناك ثم تدفنه في اصل الجبل.

فقال عليه السلام: فما تشاء؟ فقال: ما يشأ الوالد الشفيق لولده. فقال: اذهب ابنك يأتيك غدا اذا أمسيت و يخبرك بالعجب من أمره، فانصرف الرجل فرحا فلما كان عند ساعة من اخر النهار اذا هو بابنه قد طلع عليه في احسن صورة فسره، فقال: ما خبرك يا بني؟

قال: صرت انا و فلانا يعني الحاجب الي أصل الجبل فأمسي عنده في مثل هذا الوقت يريد أن يلبث هناك، ثم يصعدني الي أعلا ذلك الجبل و يدهدهني، و قد حفر لي القبر في هذه الساعة فجعلت اتلي، و قوم موكلون بي يحفظونني فأتاني جماعة عشرة لم أر احسن منهم وجوها و أنظف منهم ثيابا و أطيب منهم روائح، و الموكلون بي لا يرونهم. فقالوا لي: ما هذا البكاء و الجزع و التطاول و التضرع؟



[ صفحه 142]



فقلت: الا ترون قبرا محفورا و جبلا شاهقا و موكلون لا يرحمون يريدون ان يدهدهوني منه و يدفنوني فيه؟ قالوا: بلي أرأيت لو جعلنا الطالب مثل المطلوب، فدهدهناه من الجبل و دفناه في القبر لحرز نفسك فتكون لقبر محمد صلي الله عليه و آله خادما؟ قلت: بلي و الله فمضوا اليه يعني الحاجب فتناولوه و جروه و هو يستغيث و لا يسمع به أصحابه و لا يشعرون به.

ثم صعدوا به في الجبل و دهدهوا به منه، فلم يصل الي الأرض حتي تقطع أوصاله فجاء اصحابه و ضجوا بالبكاء و اشتغلوا عني، فقمت و تناولي العشرة فطاروا بي اليك في هذه الساعة و هم وقوف ينتظرون ليمضوا بي الي قبر محمد صلي الله عليه و آله بالمدينة اكون خادما، و مضي فجاء الرجل الي علي بن محمد عليه السلام فاخبره.

ثم لم يلبث الا قليلا حتي جاء الخبر بأن قوما أخذوا ذلك الحاجب فدهدهوه من ذلك الجبل و دفنه أصحابه في ذلك القبر، و هرب الرجل الذي كان أراد ان يدفنه أصحابه في ذلك القبر فجعل علي بن محمد عليهماالسلام يقول للرجل: انهم لا يعلمون ما يعلم، فضحك [80] .

77- عنه، باسناده عن علي بن مهران قال: انه سار الي سر من رأي و كانت زينب الكاذبة ظهرت و زعمت أنها زينب بنت علي بن أبي طالب عليه السلام و حضرها المتوكل و سألها فانتسبت الي علي بن ابي طالب و فاطمة، فقال لجلسائه: كيف بنا و تصحيح امر هذه و عند من نجده؟ فقال الفتح بن خاقان: ابعث الي ابن الرضا فاحضره حتي يخبرك بحقيقة امرها فاحضر، فرحب به المتوكل و اجلسه معه علي سريره، فقال: ان هذه تدعي كذا ما عندك؟

فقال: المحنة في هذا قريبة، ان الله حرم لحم جميع من ولدته فاطمة و علي و الحسن و الحسين عليهم السلام علي السباع فان كانت صادقة لم تتعرض لها فان كانت كاذبة أكلها.



[ صفحه 143]



فعرض عليها فكذبت نفسها و ركبت علي حمار في طريق سر من رأي تنادي علي نفسها و جاريتها علي حمار بأنها زينب الكذابة و ليس بينها و بين رسول الله صلي الله عليه و آله و علي و فاطمة قرابة، ثم دخلت الي الشام فلما ان كان بعد ذلك بأيام ذكر عند المتوكل ابوالحسن و ما قال في زينب.

فقال علي بن الجهم: يا اميرالمؤمنين لو جريت قوله علي نفسه لعرف حقيقة قوله. فقال: افعل، ثم تقدم الي قوام السباع ان اخرجها من القصر فنزل فقعد هو في المستنظر و اغلق باب الدرجة و بعث الي ابي الحسن، فاحضر و أمره أن يدخل من باب القصر فدخل، فلما صار في الصحن أمر، فغلق الباب و خلي بينه و بين السباع في الصحن.

قال علي بن يحيي: و انا في الجماعة و ابن حمدون فلما حضر عليه السلام و عليه سواده و سيفه و دخل و اغلق الباب و السباع قد اصمت الاذان من زبيرها، فلما مشي في الصحن يريد الدرجة مشت اليه السباع و قد سكنت و لم يسمع لها حسا حتي تمسحت به و دارت حوله و هو يمسح رؤسها بكمه، ثم ضرب بصدورها فدخل و ارتفع ابوالحسن عليه السلام و قعد طويلا.

ثم قال و انحدر ففعلت السباع به كفعلها الأول، فلم تزل ترابصه حتي خرج من الباب الذي دخل منه و انصرف و اتبعه المتوكل بمال جليل صلة له. فقال علي بن جهم: فقمت و قلت: يا اميرالمؤمنين أنت امام فافعل كما فعل بزعمك، فقال ناقص تظن امه اني تتلهي و الله لان بلغني ذلك من أحد من الناس لأضر بن عنقه و عنق هذه العصابة كلهم، فوالله ما تحدثنا بذلك حتي قتل [81] .

78- عنه، باسناده عن ابي العباس فضل بن احمد بن اسرائيل الكاتب قال: كنا مع المعتز و كنت الي جانبه فدخلنا الدار و المتوكل علي سريره قاعدا فسلم المعتز و وقفت خلفه و كان عهدي به اذا دخل عليه رحب به و أمره بالجلوس، و نظرت الي وجهه يتغير ساعة بعد ساعة و يقبل علي الفتح بن خاقان و يقول: هذا الذي يقول فيه ما يقول،



[ صفحه 144]



و يرد علي القول و الفتح مقبل عليه يسكنه و يقول: مكذوب عليه يا اميرالمؤمنين.

و هو يتلظي و يقول: و الله هذا المرء الي الزنديق و هو الذي يدعي الكذب و يطعن في دولتي، ثم قال: جئني بأربع من الجزر و جلاب لا يفقهون فجي ء بهم و دفع اليهم أربعة أسياف و أمرهم أن يربطوا بالسنتهم، اذا دخل ابوالحسن عليه السلام ان يقبلوا عليه بأسيافهم فيخبطوه و يقتلوه و يقول: و الله لأحرقنه بعد القتل. و أنا منتصب قائم خلفه من وراء الستر.

فما علمت الا بأبي الحسن قد دخل و قد بادر الناس قدامه فقالوا: جاء و التفت و رأي و هو غير مكترث و لا جازع، فلما بصر به المتوكل رمي بنفسه علي السرير اليه و هو بسيفه فانكب عليه يقبل بين عينيه و احتمل يده بيده و يقول: يا سيدي يابن رسول الله يا خير خلق الله يابن عمي يا مولاي يا اباالحسن، و ابوالحسن يقول: اعتدل يا اميرالمؤمنين ما هذا؟ فقال: ما جاء بك يا سيدي من حيث جئت، يا فتح يا عبدالله شيعوا سيدكم و سيدي.

فلما بصر به المتوكل الجزر خروا سجدا مذعنين، فلما خرج دعاهم المتوكل ثم أمر الترجمان يخبره بما يقولون، ثم قال لهم: لم لا تفعلوا ما أمرتكم؟ قالوا: اشد هيبة و راينا حوله ما به سيف لم نقدر ان نناله، فمنعنا ذلك عما أمرنا به و امتلأت قلق بنا من ذلك. فقال المتوكل: هذا صاحبكم. وضحك في وجه الفتح و ضحك الفتح في وجهه و قال: الحمدلله الذي بيض وجهه و أرانا حجته [82] .

79- عنه باسناده عن موسي بن جعفر البغدادي. قال: كانت لي حاجة احببت ان اكتب الي العسكري عليه السلام فسالت محمد بن علي بن مهزيار ان يكتب اليه بحاجتي فابي، فكتب اليه كتابا و لم اذكر فيه حاجتي بل بيضت موضعها فورد الكتاب في حاجتي مفسرا لمحمد بن ابراهيم الخصبي [83] .

80- ابن شهر آشوب باسناده عن محمد بن الفرج الرخجي قال: كتب ابوالحسن اجمع



[ صفحه 145]



امرك و خذ حذرك فبينا أنا في حذري اذ صفد بي و ضرب علي كل ما املك فمكثت في السجن ثمان سنين ثم ورد علي كتاب منه في السجن يا محمد لا تنزل في ناحية الجانب الغربي، ففرج عني بعد يوم فكتبت اليه أن يسأل الله ان يرد علي ضيعتي: فكتب الي سوف يرد اليك و ما يضرك الا يرد عليك قال النوفلي: كتب له برد ضياعه فلم يصل الكتاب حتي مات [84] .

81- عنه، عن أبي هاشم قال: دخلت عليه فكلمني بالهندية فبهت و كان بين يديه ركوة ملأي حصا واحدة فوضعها في فيه فمصها ثلثا رمي بها الي فوضعتها في فمي فوالله ما برحت من عنده حتي تكلمت بثلثة و سبعين لسانا اولها بالهندية [85] .


پاورقي

[1] الكافي: 1 / 381.

[2] الكافي: 1 / 498.

[3] الكافي: 1 / 498 و البصائر: 406 و الاختصاص: 324.

[4] الكافي: 1 / 498 و الاختصاص: 325.

[5] الكافي: 1 / 500.

[6] الكافي: 1 / 500.

[7] المناقب: 2 / 448.

[8] البصائر: 333.

[9] البصائر: 337.

[10] البصائر: 467.

[11] البصائر: 472.

[12] معاني الأخبار: 123.

[13] الاختصاص: 289.

[14] أمالي الشيخ: 1 / 294.

[15] المناقب: 2 / 447.

[16] المناقب: 2 / 448.

[17] المناقب: 20.

[18] المناقب: 2 / 448.

[19] المناقب: 2 / 448.

[20] المناقب: 2 / 448.

[21] المناقب: 2 / 449.

[22] المناقب:2 / 449.

[23] المناقب: 2 / 451.

[24] المناقب: 2 / 452 و امالي الشيخ: 1 / 304.

[25] المناقب: 2 / 452.

[26] المناقب: 2 / 452.

[27] المناقب: 2 / 452.

[28] المناقب: 2 / 454.

[29] اثبات الوصية: 221.

[30] اثبات الوصية: 222.

[31] اثبات الوصية: 222.

[32] اثبات الوصية: 222.

[33] اثبات الوصية: 224.

[34] اثبات الوصية: 224.

[35] اثبات الوصية: 224.

[36] اثبات الوصية 229.

[37] اثبات الوصية: 229.

[38] اثبات الوصية: 230.

[39] اثبات الوصية: 230.

[40] اثبات الوصية: 230.

[41] اثبات الوصية: 230.

[42] اثبات الوصية: 231.

[43] اثبات الوصية: 232.

[44] البحار: 50 / 140.

[45] البحار: 50 / 141.

[46] بحارالانوار: 50 / 142.

[47] بحارالانوار: 50 / 142.

[48] البحار: 50 / 145.

[49] بحارالانوار: 50 / 146.

[50] بحارالانوار: 50 / 147.

[51] بحارالانوار: 50 / 147.

[52] البحار: 50 / 148.

[53] البحار: 50 / 148.

[54] بحارالانوار: 50 / 149.

[55] بحارالانوار: 50 / 152.

[56] بحارالانوار: 50 / 153.

[57] بحارالانوار: 50 / 153.

[58] بحارالانوار: 50 / 155.

[59] بحارالانوار: 50 / 155.

[60] بحارالانوار: 50 / 155.

[61] بحارالانوار: 50 / 156.

[62] بحارالانوار: 50 / 157.

[63] البحار: 50 / 155.

[64] الثاقب: 211.

[65] الثاقب: 211.

[66] الثاقب: 212.

[67] في الاصل: الخصيب.

[68] الثاقب: 213.

[69] كذا في الاصل.

[70] الثاقب: 213.

[71] الثاقب: 214.

[72] الثاقب: 214.

[73] كذا في الاصل.

[74] الثاقب: 214.

[75] هنا كلمة لا تقرأ في الاصل.

[76] كذا في الأصل و الظاهر كلمة «او» من الراوي يعني ان الامام عليه السلام قال: اذهب او قال: اغرب.

[77] كذا و الظاهر عبيدالله بن عبدالله بن طاهر والي خراسان.

[78] الثاقب: 215.

[79] الثاقب: 215.

[80] الثاقب: 216.

[81] الثاقب: 218.

[82] الثاقب: 223.

[83] الثاقب: 216.

[84] المناقب: 2 / 452.

[85] المناقب: 2 / 448.