بازگشت

بغا التركي و آل أبي طالب


31- قال المسعودي: و في سنة ثمان و أربعين و مائتين كانت وفاة بغا الكبير التركي، و قد نيف علي التسعين سنة، و قد كان باشر من الحروب ما لم يباشره أحد، فما أصابته جراحة قط، و تقلد ابنه موسي بن بغا ما كان يتقلده، و ضم اليه أصحابه، و جعلت له قيادته، و كان بغا دينا من بين الأتراك، و كان من غلمان المعتصم، يشهد الحروب العظام، و يباشرها بنفسه، فيخرج منها سالما، و يقول: الأجل جوشن.



[ صفحه 165]



و لم يكن يلبس علي بدنه شيئا من الحديد، فعذل في ذلك، فقال: رأيت في نومي النبي صلي الله عليه و سلم و معه جماعة من أصحابه فقال لي: يا بغا، أحسنت الي رجل من أمتي فدعا لك بدعوات استجيبت له فيك، قال: فقلت: يا رسول الله و من ذلك الرجل؟

قال: الذي خلصته من السباع، فقلت: يا رسول الله، سل ربك أن يطيل عمري، فرفع يديه نحو السماء و قال: اللهم أطل عمره، و أتم أجله، فقلت: يا رسول الله، خمس و تسعون سنة، فقال رجل كان بين يديه: و يوقي من الآفات، فقلت للرجل: من أنت؟ قال: أنا علي بن أبي طالب، فاستيقظت من نومي، و أنا أقول: علي بن أبي طالب.

و كان بغا كثير التعطف و البر للطالبيين، فقيل له: من كان ذلك الرجل الذي خلصته من السباع؟ قال: كان أتي المعتصم برجل قد رمي ببدعة، فجرت بينهم في الليل مخاطبة في خلوة، فقال لي المعتصم، خذه فألقه الي السباع، فأتيت بالرجل الي السباع لألقيه اليها و أنا مغتاظ عليه، فسمعته يقول: اللهم انك تعلم ما تكلمت الا فيك، و لم أرد بذلك غيرك، و تقربا اليك بطاعتك، و اقامة الحق علي من خالفك، أفتسلمني؟

قال: فارتعدت و داخلتني له رقة، و ملي ء قلبي له رعبا، فجذبته عن طرف بركة السباع، و قد كدت أن أزج به فيها، و أتيت به حجرتي فأخفيته فيها، و أتيت المعصتم فقال: هيه، قلت: ألقيته، قال: فما سمعته يقول؟ قلت: أنا عجمي و هو يتكلم بكلام عربي ما أدري ما يقول، و قد كان الرجل اغلظ، فلما كان في السحر قلت للرجل:

قد فتحت الأبواب و أنا مخرجك مع رجال الحرس، و قد آثرتك علي نفسي، و وقيتك بروحي، فاجهد ألا تظهر في أيام المعتصم، قال: نعم، قلت: ما خبرك؟ قال: هجم رجل من عماله في بلدنا علي ارتكاب المكاره و الفجور و اماتة الحق و نصر الباطل، فسري ذلك الي فساد الشريعة، و هدم التوحيد، فلم أجد عليه ناصرا، فوثبت عليه في ليلة فقتلته؛ لأن جرمه كان يستحق به في الشريعة أن يفعل به ذلك [1] .



[ صفحه 166]




پاورقي

[1] مروج الذهب: 4 / 161 - 160.