بازگشت

دعاء المظلوم علي الظالم


8- قال ابن طاووس: حدثنا الشريف ابوالحسن محمد بن محمد بن المحسن بن يحيي بن الرضا (ادام الله تاييده) يوم الجمعة لخمس بقين من ذي الحجة سنة اربع و أربعمائة بمشهد مقابر قريش علي ساكنه السلام قال: حدثني ابي رضي الله عنه قال: حدثنا ابوعبدالله محمد بن ابراهيم بن صدقه يوم السبت لثلاث بقين من سنة اثنين و ستين و ثلثمائة بمشهد مقابر قريش علي ساكنه السلام من حفظه قال: اخبرنا سلامة محمد الازدي.

قال: حدثني ابوجعفر بن عبدالله العقيلي؛ و حدثني ابوالحسن محمد بن نزيك الرهاوي قال: اخبرنا ابوالقاسم عبدالواحد الموصلي اجازة قال: حدثني ابومحمد جعفر بن عقيل بن عبدالله بن عقيل بن محمد بن عبدالله بن عقيل بن ابي طالب عليه السلام قال: حدثنا علي بن احمد بن محمد بن الحسين بن اسحاق بن جعفر بن محمد قال: حدثني ابوروح النسائي عن ابي الحسن علي بن محمد عليهماالسلام انه دعا علي المتوكل فقال بعد ان حمدالله و اثني عليه.

«اللهم اني و فلانا عبدان من عبيدك» الي آخر الدعاء الذي يأتي ذكره و وجدت هذا الدعاء مذكورا بطرق اخري هذا لفظه ذكر باسنادنا عن زرافة حاجب المتوكل و كان شيعيا انه قال: كان المتوكل يحظي الفتح بن خاقان عنده و قربه منه دون الناس جميعا و دون ولده و أهله أراد أن يبين موضعه عندهم.

فأمر جميع مملكته من الأشراف من أهله و غيرهم و الوزراء و الامراء و القواد و سائر العساكر و وجوه الناس، ان يزينوا باحسن التزيين و يظهروا في افخر عددهم و ذخائرهم، و يخرجوا مشاة بين يديه و أن لا يركب أحد الا هو و الفتح بن خاقان خاصته بسر من رأي، و مشي الناس بين ايديهما عي مراتبهم رجالة و كان يوما قائظا شديد الحر.



[ صفحه 187]



و اخرجوا في جملتها الأشراف أباالحسن علي بن محمد عليهماالسلام و شق عليه ما لقيه من الحر و الزحمة، قال زرافة: فاقبلت اليه و قلت له: يا سيدي يعز و الله علي ما تلقي من هذه الطغاة و ما قد تكلفته من المشقة و أخذت بيده فتوكا علي و قال: يا زرافة ما ناقة صالح عندالله باكرام مني او قال: بأعظم قدرا مني.

و لم ازل اسائله و استفيد منه و احادثه الي ان نزل المتوكل من الركوب و أمر الناس بالانصراف فقدمت اليهم دوابهم، فركبوا الي منازلهم و قدمت بغلة له فركبها فركبت معه الي داره فنزل و ودعته و انصرفت الي داري و لولدي مؤدب يتشيع من أهل العلم و الفضل و كانت لي عادة باحضاره عند الطعام.

فحضر عند ذلك و تجارينا الحديث و ما جري من ركوب المتوكل و الفتح و مشي الأشراف و ذوي الاقتدار بين ايديهما، و ذكرت له ما شاهدته من أبي الحسن علي بن محمد عليهماالسلام و ما سمعته عن قوله ما ناقة صالح عندي بأعظم قدرا مني، و كان المؤدب يأكل معي فرفع يده و قال: بالله انك سمعت هذا اللفظ منه؟ فقلت له: و الله سمعته يقول.

فقال لي: اعلم ان المتوكل لا يبقي في مملكته اكثر من ثلاثة ايام و يهلك فانظر في أمرك و احرز ما تريد احرازه و تاهب لامرك كي لا يفجوكم هلاك هذا الرجل، فتهلك اموالكم بحادثة تحدث او سبب يجري، فقلت له: من اين لك؟ فقال: اما قرأت القرآن في قصة صالح عليه السلام و الناقة و قوله تعالي: «تمتعوا في داركم ثلاثة ايام ذلك وعد غير مكذوب» و لا يجوز ان يبطل قول الامام.

قال زرافة: فوالله ما جاء اليوم الثالث حتي هجم المنتصر و معه بغا و وصيف و الأتراك علي المتوكل فقتلوه و قطعوه و الفتح بن الخاقان جميعا قطعا، حتي لم يعرف أحدهما من الاخر و ازال الله نعمته و مملكته فلقيت الامام اباالحسن عليه السلام بعد ذلك و عرفته ما جري مع المؤدب و ما قاله.

فقال: صدق انه لما بلغ مني الجهد و رجعت الي كنوز نتوارثها من ابائنا هي اعز



[ صفحه 188]



من الحصون و السلاح و الجنن و هو دعاء المظلوم علي الظالم فدعوت به عليه فاهلكه الله، فقلت له: يا سيدي ان رأيت ان تعلمنيه، فعلمنيه و هو:

«اللهم اني و فلان بن فلان عبدان من عبيدك نواصينا بيدك، تعلم مستقرنا و مستودعنا، و تعلم منقلبنا و مثوانا، و سرنا و علانيتنا، و تطلع علي نياتنا و تحيط بضمائرنا، علمك بما نبديه كعلمك بما نخفيه، و معرفتك بما نبطنه كمعرفتك بما نظهره، و لا ينطوي عنك شي ء من امورنا، و لا يستتر دونك حال من احوالنا.

و لا لنا منك معقل يحصننا، و لا حرز يحرزنا، و لا هارب يفوتك منا، و يمتنع الظالم منك بسلطانه، و لا يجاهدك عنه جنوده، و يغالبك مغالب بمنعة، و لا يعازك متعزز بكثرة، انت مدركه اين ما سلك، و قادر عليه اين لجا فمعاذ المظلوم منا بك و توكل المقهور منا عليك و رجوعه اليك.

و يستغيث بك اذا خذله المغيث، و يتسصرخك اذا قعد عنه النصير، و يلوذ بك اذا نفته الافنية، و يطرق بابك اذا اغلقت دونه الابواب المرتحة، و يصل اليك اذا احتجبت عنه الملوك الغافلة، تعلم ما حل به قبل ان يشكوه اليك، و تعرف ما يصلحه قبل ان يدعوك له، فلك الحمد سميعا بصيرا لطيفا قديرا.

اللهم انه قد كان في سابق علمك و محكم قضاءك، و جاري قدرك و ماضي حكمك، و نافذ مشيئتك في خلقك اجمعين، سعيدهم و شقيهم و برهم و فاجرهم، ان جعلت لفلان بن فلان علي قدرة فظلمني بها و بغي علي لمكانها و تعزز علي بسلطانه الذي خولته اياه و تجبر علي بعلو حاله التي جعلتها له و غره املاءك له و اطفاه حلمك عنه.

فقصدني بمكروه عجزت عن الصبر عليه، و تغمدني بشر ضعفت عن احتماله، و لم اقدر علي الانصار منه لضعفي، و الانتصاف منه لذلي، فوكلته اليك و توكلت، في امره عليك، و توعدته بعقوبتك و حذرته سطوتك و خوفته نقمتك.

فظن ان حلمك عنه من ضعف، و حسب ان املاءك له من عجز، و لم تنهه واحدة



[ صفحه 189]



عن اخري، و لا انزجر عن ثانية باولي، و لكنه تمادي في غيه و تتابع في ظلمه، ولج في عدوانه و استشري في طغيانه، جراة عليك يا سيدي، و تعرضا لسخطك الذي لا ترده عن الظالمين، و قلة اكتراث ببأسك الذي لا تحبسه عن الباغين.

فها انا ذا يا سيدي مستضعف في يديه، مستضام تحت سلطانه، مستذل بعنائه، مغلوب مبغي علي مغضوب و جل خائف مروع مقهور، قد قل صبري و ضاقت حيلتي و انغلقت علي المذاهب الا اليك، و انسدت علي الجهات الا جهتك، و التبست علي اموري في دفع مكروهه عني.

و اشتبهت علي الاراء في ازالة ظلمه، و خذلني من استنصرته من عبادك، و اسلمني من تعلقت به من خلقك طرا، و استشرت نصيحي فاشار الي بالرغبة اليك، و استرشدت دليلي فلم يدلني الا عليك، فرجعت اليك يا مولاي صاغرا راغما مستكينا، عالما انه لا فرج الا عندك، و لا خلاص لي الا بك انتجز وعدك في نصرتي و اجابة دعائي.

فانك قلت و قولك الحق الذي لا يرد و لا يبدل، و من عاقب بمثل ما عوقب به. ثم بغي عليه لينصرنه الله و قلت جل جلالك و تقدست اسماءك «ادعوني استجب لكم» و انا فاعل ما امرتني به لا منا عليك، و كيف امن به و انت عليه دللتني.

فصل علي محمد و ال محمد فاستجب لي كما وعدتني، يا من لا يخلف الميعاد، و اني لا علم يا سيدي ان لك يوما تنتقم فيه من الظالم للمظلوم، و اتيقن لك وقتا تاخذ فيه من الغاصب للمغصوب، لانك لا يسبقك معاند، و لا يخرج عن قبضتك منابذ و لا تخاف فوت فائت، و لكن جزعي و هلعي لا يبلغان بي الصبر علي اناتك و انتظار حلمك.

فقدرتك علي يا سيدي و مولاي فوق كل قدرة، و سلطانك غالب علي كل سلطان، و معاد كل احد اليك و ان امهلته، و رجوع كل ظالم اليك و ان انظرته، و قد اضرني يا رب حلمك عن فلان بن فلان، و طول اناتك له و امها لك اياه و كاد القنوط يستولي



[ صفحه 190]



علي لولا الثقة بك و اليقين بوعدك.

فان كان في قضاءك النافذ و قدرتك الماضية ان ينيب او يتوب او يرجع عن ظلمي، و يكف مركوهه عني و ينتقل عن عظيم ما ركب مني، فصل اللهم علي محمد و آل محمد و اوقع ذلك في قلبه الساعة الساعة، قبل ازالة نعمتك التي انعمت بها علي، و تكديره معروفك الذي صنعته عندي، و ان كان في علمك به غير ذلك من مقام علي ظلمي.

فاسئلك يا ناصر المظلوم المبغي عليه اجابة دعوتي فصل علي محمد و آل محمد و خذه من ما منه اخذ عزيز مقتدر، و افجائه في غفلته مفاجاة مليك منتصر، و اسلبه نعمته و سلطانه، و افضض عنه جموعه و اعوانه، و مزق ملكه كل ممزق، و فرق انصاره كل مفرق، و اعره من نعمتك التي لم يقابلها بالشكر، و انزع عنه سربال عزك الذي لم يجازه بالاحسان.

و اقصمه يا قاصم الجبابرة، و اهلكه يا مهلك القرون، و ابره يا مبير الامم الظالمة، و اخذله يا خاذل الفئات الباغية، و ابتر عمره، و ابتز ملكه و عف اثره و اقطع خبره، و اطف ناره و اظلم نهاره و كور شمسه، و ازهق نفسه و اهشم شدته وجب سنامه، و ارغم انفه و عجل حتفه.

و لا تدع له جنة الا هتكتها و لا دعامة الا قصمتها، و لا كلمة مجتمعة الا فرقتها، و لا قائمة علو الا وضعتها، و لا ركنا الا وهنته، و لا سببا الا قطعته، و ارنا انصاره و جنده و احبائه و ارحامه عباديد بعد الالفة، و شتي بعد اجتماع الكلمة، و مقنعي الرؤس بعد الظهور علي الامة، و اشف بزوال امره القلوب المنقلبة الوجلة و الافئدة اللهفة، و الامة المتحيرة و البرية الضايعة.

و ادل ببواره الحدود المعطلة، و الاحكام المهملة، و السنن الداثرة، و المعالم المغيرة و التلاوات المتغيرة، و الايات المحرفة و المدارس المهجورة، و المحاريب المجفوة و المساجد المهدومة، و ارح به الاقدام المتعبة و اشبع به الخماص الساغبة، وارو به اللهوات



[ صفحه 191]



اللاغبة، و الاكباد الظامية و ارح به الاقدام المتعبة.

و اطرقه بليلة لا اخت لها و ساعة لا شفاء منها، و بنكبة لا انتعاش معها، و بعثرة لا اقالة منها، و ابح حريمه و نغص نعيمه، و اره بطشتك الكبري، و نقمتك المثلي و قدرتك التي هي فوق كل قدرة، و سلطانك الذي هو اعز من سلطانه، و اغلبه لي بقوتك القوية و محالك الشديد، و امنعني منه بمنعتك التي كل خلق فيها ذليل.

و ابتله بفقر لا تجبره و بسوء لا تستره و كله الي نفسه فيما يريد، انك فعال لما تريد و ابرئه من حولك و قوتك و احوجه الي حوله و قوته و اذل مكره بمكرك، و ادفع مشيئته بمشيئتك و اسقم جسده، و ايتم ولده و انقص اجله و خيب امله.

و ازل دولته و اطل عولته، و اجعل شغله في بدنه، و لا تفكه من حزنه، و صير كيده في ضلال، و امره الي زوال، و نعمته الي انتقال، و جده في سفال، و سلطانه في اضمحلال، و عاقبته الي شر مال، و امته بغيظه اذا امته و ابقه لحزنه ان ابقيته، و قني شره و همزه و لمزه و سطوته و عداوته، و المحه لمحة تدمرها عليه، فانك اشد باسا و اشد تنكيلا و الحمد لله رب العالمين» [1] .


پاورقي

[1] مهج الدعوات: 265.