بازگشت

صلاح الدين الصفدي في كتاب الوافي بالوفيات ج 22 ص 72


علي بن محمد بن علي بن موسي بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب. هو أبوالحسن الهادي بن الجواد بن الرضا بن الكاظم بن الصادق بن الباقر بن زين العابدين، أحد الأئمة الاثني عشر عند الامامية. كان قد سعي به الي المتوكل، و قيل ان في منزله سلاحا و كتبا و غيرها من شيعته، و أوهموه انه يطلب الأمر لنفسه، فوجه اليه عدة من الأتراك فهجموا منزله علي غفلة، فوجدوه في بيت مغلق، و عليه مدرعة من شعر، و علي رأسه ملحفة من صوف، و هو مستقبل القبلة، يترنم بآيات من القرآن في الوعد و الوعيد، ليس بينه و بين الأرض بساط الا الرمل و الحصي، فأخذ علي الصورة التي وجد عليها في جوف الليل، فمثل بين يديه، و المتوكل في مجلس شرابه و بيده كأس، فلما رآه أعظمه و أجلسه الي جانبه، فناوله الكأس، فقال: يا أميرالمؤمنين ما خامر لحمي و دمي قط فاعفني منه، فأعفاه و قال: أنشدني شعرا أستحسنه؟ فقال: اني لقليل الرواية منه، فقال: لابد، فأنشده:



باتوا علي قلل الأجبال تحرسهم

غلب الرجال فما أغنتهم القلل



[ صفحه 15]



و استنزلوا بعد عز من معاقلهم

فادعوا حفرا يا بئس ما نزلوا



ناداهم صارخ من بعد ما قبروا

أين الأسرة و التيجان و الحلل



أين الوجوه التي كانت منعمة

من دونها تضرب الأستار و الكلل



فأفصح القبر عنهم حين سائلهم

تلك الوجوه عليها الدود تقتتل



قد طال ما أكلوا دهرا و ما شربوا

فأصبحوا بعد طول الأكل قد أكلوا



فأشفق من حضر علي علي، و خافوا أن بادرة تبدر اليه، فبكي المتوكل بكاء طويلا حتي بلت دموعه لحيته، و بكي من حضره، ثم أمر برفع الشراب و قال: يا أباالحسن أعليك دين؟ قال: نعم، أربعة الاف دينار، فأمر بدفعها اليه، ورده الي منزله مكرما. و كان المتوكل قد اعتل، فقال: ان برأت لأتصدقن بمال كثير، فلما عوفي جمع الفقهاء و سألهم عن ذلك، فأجابوه مختلفين، فبعث الي علي الهادي، فقال: يتصدق بثلاثة و ثمانين دينارا، قالوا: من أين لك هذا؟ قال: لان الله تعالي قال: (لقد نصركم الله في مواطن كثيرة)، و روي أهلنا ان المواطن كانت ثلاثة و ثمانين موطنا.

و مولده يوم الأحد ثالث عشر شهر رجب، و قيل يوم عرفة سنة أربع، و قيل سنة ثلاث عشرة و مائتين، و توفي بسر من رأي يوم الاثنين لخمس بقين من جمادي الآخرة، و قيل لأربع بقين منها، و قيل في رابعها، و قيل في ثالث شهر رجب سنة أربع و خمسين و مائتين.