بازگشت

الحرب الفكرية


لقد استعملت السلطة العباسية للطعن بالأئمة طريقة توجيه الاسئلة المحرجة لهم لتعجيزهم امام الناس و هذا واضح في حياة الامام الجواد (ع). و كان المتصدي لهذا الدور و المرشح من قبل السلطة يحيي بن أكثم قاضي القضاة. [1] .

و قد مارس هذا الدور مع الامام الهادي فقد وجه مجموعة من الاسئلة المعقدة لموسي بن محمد الجواد بن علي الرضا فرد عليها الامام الهادي (ع).

قال موسي بن محمد بن الرضا [2] : لقيت يحيي بن اكثم في دار العامة،



[ صفحه 22]



فسألني عن مسائل، فجئت الي اخي علي بن محمد عليهماالسلام فدار بيني و بينه من المواعظ ما حملني و بصرني طاعته، فقلت له: جعلت فداك ان ابن اكثم كتب يسألني عن مسائل لأفتيه فيها، فضحك عليه السلام ثم قال: لا، لم اعرفها، قال عليه السلام: و ما هي، قلت: كتب يسألني عن قول الله: قال الذي عنده علم من الكتاب انا آتيك به قبل أن يرتد اليك طرفك. نبي الله كان محتاجا الي علم آصف،. و عن قوله: و رفع ابويه علي العرش و خروا له سجدا سورة يوسف آية 100. سجد يعقوب و ولده ليوسف و هم انبياء. و عن قوله: فان كنت في شك مما انزلنا اليك فاسأل الذين يقرؤون الكتاب سورة يونس آية 94. من المخاطب بالاية، فان كان المخاطب النبي صلي الله عليه و آله و سلم فقد شك. و ان كان المخاطب غيره فعلي من اذن انزل الكتاب، و عن قوله: ولو ان ما في الارض من شجرة اقلام و البحر يمده من بعده سبعة ابحر مانفدت كلمات الله سورة لقمان آية 26. ماهذه الابحر و اين هي، و عن قوله: و فيها ما تشتهيه الانفس و تلذ الاعين سورة الزخرف آية 71. فاشتهت نفس ادم عليه السلام اكل البر فاكل و اطعم (و فيها ما تشتهي الانفس) فكيف عوقب؟. و عن قوله: او يزوجهم ذكرانا و اناثا سورة الشوري آية 49 يزوج الله عباده الذكران و قد عوقب قسوم فعلوا ذلك، و عن شهادة المرأة جازت وحدها و قد قال الله: و اشهدوا ذوي عدل منكم سورة الطلاق آية 2، و عن الخنثي و قول علي عليه السلام: يورث من المبال، فمن ينظر اذا بال اليه، مع انه عسي ان يكون امرأة و قد نظر اليها الرجال، او عسي ان يكون رجلا و قد نظرت اليه النساء و هذا مالا يحل. و شهادة الجار الي نفسه لاتقبل، و عن رجل اتي الي قطيع غنم فرأي الراعي ينزو علي شاة منها فلما بصر بصاحبها خلي سبيلها، فدخلت بين الغنم كيف تذبح و هل يجوز اكلها ام لا، و عن صلاة الفجر لم يجهر فيها بالقراءة و هي من صلاة النهار و انما يجهر في صلاة الليل. و عن قول علي عليه السلام لابن جرموز: بشر قاتل ابن صفية بالنهار [3] فلم يقتله و هو امام، و اخبرني عن علي عليه السلام لم قتل اهل صفين و أمر بذلك مقبلين و مدبرين و اجاز علي الجرحي، و كان حكمه يوم الجمل انه لم يقتل موليا و لم يجز علي جريح و لم يأمر بذلك، و قال من دخل داره فهو امن، و من ألقي سلاحه فهو آمن، لم فعل ذلك، فان



[ صفحه 23]



كان الحكم الاول صوابا فالثاني خطأ. و اخبرني عن رجل اقر باللواط علي نفسه ايحد، ام يدرا عنه الحد؟.

قال عليه السلام: اكتب اليه، قلت: و ما اكتب، قال: اكتب بسم الله الرحمن الرحيم و انت فالهمك الله الرشد اتاني كتابك فامتحنتنا به من تعنتك لتجد الي الطعن سبيلا ان قصرنا فيها، و الله يكافيك علي نيتك و قد شرحنا مسائلك فاضع اليها سمعك و ذلل لها فهمك و اشغل بها قلبك، فقد لزمتك الحجة و السلام.

سألت: عن قول الله جل و عز: قال الذي عنده علم من الكتاب فهو آصف بن برخيا و لم يعجز سليمان عليه السلام عن معرفة ما عرف آصف لكنه صلوات الله عليه احب ان يعرف امته من الجن و الانس انه الحجة من بعده، و ذلك من علم سليمان عليه السلام اودعه عند اصف بأمر الله، ففهمه ذلك لئلا مختلف عليه في امامته و دلالته كما فهم سليمان عليه السلام في حياة داود عليه السلام لتعرف نبوته و امامته من بعد لتأكد الحجة علي الخلق. و اما سجود يعقوب عليه السلام و ولده كان طاعة لله و محبة ليوسف عليه السلام كما ان السجود من الملائكة لادم عليه السلام لم يكن لادم عليه السلام و انما كان ذلك طاعة لله و محبة منهم لادم عليه السلام فسجود يعقوب عليه السلام و ولده يوسف عليه السلام معهم كان شكرالله باجتماع شملهم، الم تره يقول في شكره ذلك الوقت: رب قد اتيتني من الملك و علمتني من تأويل الاحاديث - الي اخر الاية سورة يوسف آية 102.

و اما قوله: فان كنت في شك مما انزلنا اليك فاسأل الذين يقرؤون الكتاب فان المخاطب به رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم و لم يكن في شك مما انزل اليه ولكن قالت الجهلة كيف لم يبعث الله نبيا من الملائكة، اذ لم يفرق بين نبيه و بيننا في الاستغناء عن المآكل و المشارب و المشي في الاسواق، فأوحي الله الي نبيه فاسأل الذين يقرؤون الكتاب بمحضر الجهلة، هل بعث الله رسولا قبلك الا و هو يأكل الطعام و يمشي في الاسواق ولك بهم اسوة. و انما قال. فان كنت في شك و لم يكن شك ولكن للنصفة كما قال. تعالوا ندع ابناءنا و ابناءكم و نساءنا و نساءكم و انفسنا و انفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله علي الكاذبين سورة ال عمران 20 ولو قال. عليكم



[ صفحه 24]



لم يجيبوا الي المباهلة، و قد علم الله ان نبيه يؤدي عنه رسالاته و ماهو من الكاذبين، فكذلك عرف النبي انه صادق فيما يقول ولكن احب ان ينصف من نفسه.

و اما قوله ولو أن ما في الارض من شجرة أقلام و البحر يمده من بعده سبعة ابحر مانفدت كلمات الله فهو كذلك لو ان اشجار الدنيا اقلام و البحر يمده سبعة ابحر و انفجرت الارض عيونا لنفدت قبل ان تنفد كلمات الله و هي عين الكبريت و عين النمر و عين (ال) برهوت و عين طبرية و حمة ما سبندان و حمة افريقية يدعي لسان [4] و عين بحرون، و نحن كلمات الله لاتنفد و لا تدرك فضائلنا.

و اما الجنة فان فيها من المآكل و المشارب و الملاهي ما تشهتي الانفس و تلذ الاعين و أباح الله ذلك كله لآدم عليه السلام و الشجرة التي نهي الله عنها آدم عليه السلام و زوجته ان يأكلا منها شجرة الحسد عهد اليهما ان لا ينظروا الي من فضل الله علي خلائقه بعين الحسد فنسي ونظر بعين الحسد و لم يجد له عزما، و اما قوله: او يزوجهم ذكرانا و اناثا اي يولد له ذكور و يولد له اناث، يقال لكل اثنين مقرنين زوجان كل واحد منهما زوج، و معاذ الله ان يكون عني الجليل ما لبست به علي نفسك تطلب الرخص لارتكاب الماثم و من يفعل ذلك يلق اثاما - يضاعف له العذاب يوم القيامة و يخلد فيها مهانا سورة الفرقان آية 69 ، 68 ان لم يتب.

و اما شهادة المرأة وحدها التي جازت فهي القابلة جازت شهادتها مع الرضا، فان لم يكن رضي فلا اقل من امرأتين تقوم المرأتان بدل الرجل للضرورة، لان الرجل لايمكنه ان يقوم مقامها، فان كانت وحدها قبل قولها مع يمينها.

و اما قول علي عليه السلام في الخنثي فهي كما قال: ينظر قوم عدول ياخذ كل واحد منهم مرآة و تقوم الخنثي خلفهم عريانة و ينظرون في المرايا فيرون الشبح فيحكمون عليه.

و اما الرجل الناظر الي الراعي و قد نزا علي شاة فان عرفها ذبحها و احرقها. و ان لم يعرفها قسم الغنم نصفين و ساهم بينهما، فاذا وقع علي احد النصفين فقد نجا النصف الاخر، ثم يفرق النصف الاخر فلا



[ صفحه 25]



يزال كذلك حتي تبقي شاتان فيقرع بينهما فايتها وقع السهم بها ذبحت و احرقت و نجا سائر الغنم.

و أما صلاة الفجر فالجهر فيها بالقراءة، لان النبي صلي الله عليه و سلم كان يغلس بها فقراءتها من الليل.

و اما قول علي عليه السلام: بشر قاتل ابن صفية بالنار فهو لقول رسول الله صلي الله عليه و سلم و كان ممن خرج يوم النهروان فلم يقتله اميرالمؤمنين صلي الله عليه و آله و سلم بالبصرة، لانه علم انه يقتل في فتنة نهروان.

و اما قولك: ان عليا عليه السلام قتل اهل صفين مقبلين و مدبرين و اجاز علي جريحهم و انه يوم الجمل لم يتبع موليا و لم يجز علي جريح و من القي سلاحه آمنه و من دخل داره امنه، فان اهل الجمل قتل امامهم و لم تكن لهم فئة يرجعون اليها و انما رجع القوم الي منازلهم غير محاربين و لا مخالفين و لا منابذين، رضوا بالكف عنهم، فكان الحكم فيها رفع السيف عنهم و الكف عن اذاهم، اذ كم يطلبوا عليه اعوانا، و اهل صفين كانوا يرجعون الي فئة مستعدة و امام يجمع لهم السلاح الدروع و الرماح و السيوف و يسني لهم العطاء، يهيي ء لهم الانزال و يعود مريضهم و يجبر كسيرهم و يداوي جريحهم و يحمل راجلهم و يكسو حاسرهم و يردهم فيرجعون الي محاربتهم و قتالهم، فلم يساو بين الفريقين في الحكم لما عرف من الحكم في قتل اهل التوحيد لكنه شرح ذلك لهم، فمن رغب عرض علي السيف او يتوب من ذلك.

و اما الرجل الذي اعترف باللواط فانه لم تقم عليه بينة و انما تطوع بالاقرار من نفسه و اذا كان للامام الذي من الله اين يعاقب عن الله كان له ان يمن عن الله، اما سمعت قول الله: هذا عطاؤنا الاية قد انبأناك بجميع ما سألتنا عنه فاعلم ذلك. [5] .


پاورقي

[1] ذكر ابن الكازروني في مختصر التاريخ تحقيق د. مصطفي جواد تحت عنوان قضاة المعتصم ص 141 «و لم يعزل قضاة اخيه المأمون..» و ذكر في قضاة المأمون ص 137 اسم يحيي بن أكثم.

[2] هو ابومحمد موسي المبرقع اخو ابي الحسن الهادي عليه السلام من طرف الاب و الام كانت أمهما ام ولد تسمي سمانه المغربية و كان موسي جد السادات الرضوية، قدم قم سنة 256 و هو اول من انتقل من الكوفة الي قم من السادات الرضوية و كان يسدل علي وجهه برقعا دائما و لذلك يسمي بالمبرقع. و اقام بقم حتي مات سنة 266 و دفن في داره.

[3] ابن صفية هو الزبير بن العوام المعروف الذي قتله يوم الجمل ابن جرموز و القصة مشهورة مذكورة في التواريخ.

[4] الحمة: بالفتح فالتشديد، العين الحارة التي يستشفي بها الاعلاء المرضي.

[5] انظر نص الحديث في تحف العقول ص 352. و الاختصاص للمفيد ص 88.