بازگشت

من نماذج عمل الامام في التربية و الاعداد الفكري


قال فتح بن يزيد الجرجاني قال ضمني و اباالحسن الطريق حين منصرفي من مكة الي خراسان و هو صائر الي العراق فسمعته و هو يقول: من اتقي الله يتقي و من أطاع الله و يطاع قال: فتلطفت في الوصول اليه فسلمت عليه فرد علي السلام و أمرني بالجلوس و اول ما ابتدأني به ان قال: يا فتح من اطاع الخالق لم يبال بسخط المخلوق و من اسخط الخالق فايقن ان يحل به الخالق سخط المخلوق و ان الخالق لا يوصف الا بما وصف به نفسه و أني يوصف الخالق الذي تعجز الحواس ان تدركه و الاوهام ان تناله و الخطرات ان تحده و الابصار عن الاحاطة به جل عما يصفه الواصفون و تعالي عما ينعته الناعتون نأي في قربه و قرب في نأيه فهو في نأيه قريب و في قربه بعيد كيف الكيف فلا يقال كيف و أين الأين فلا يقال اين اذ هو منقطع الكيفية و الأينية هو الواحد الاحد الصمد لم يلد و لم يولد و لم يكن له كفوا احد فجل جلاله ام كيف يوصف بكنهه محمد صلي الله عليه و آله و قد قرنه الجليل باسمه و شركه في عطائه و اوجب لمن اطاعه جزاء طاعته اذ يقول: «و ما نقموا الا أن أغناهم الله و رسوله من فضله».

و قال يحكي: قول من ترك طاعته و هو يعذبه بين اطباق نيرانها و سرابيل قطرانها: «يا ليتنا اطعنا الرسولا» ام كيف يوصف بكنهه من قرن الجليل طاعتهم بطاعة رسوله حيث قال: «اطيعوا الله و اطيعوا الرسول و أولي الامر منكم»و قال: «ولو ردوه الي الرسول و الي أولي الامر منهم و قال: ان الله يأمركم أن تؤدوا الامانات الي اهلها» و قال «فسئلوا اهل الذكر ان كنتم لا تعلمون».

يا فتح كما لا يوصف الجليل جل جلاله و الرسول و الخليل و ولد البتول فكذلك لا يوصف المؤمن المسلم لامرنا فنبينا افضل الانبياء و خليلنا افضل الاخلاء و وصيه اكرم الاوصياء اسمها افضل الاسماء و كنيتهما افضل الكني و اجلاها لو لم يجالسنا الا كفو لم يجالسنا احد ولو لم يزوجنا الاكفو لم يزوجنا احد، اشد الناس تواضعنا اعظمهم حلما و انداهم كفا و امنعهم كنفا ورث عنهما اوصياؤهما علمهما فاردد اليهم الامر و سلم اليهم، اماتك الله مماتهم و احياك حياتهم اذا شئت رحمك الله.



[ صفحه 99]



قال فتح: فخرجت فلما كان من الغد تلطفنا في الوصول اليه فسلمت عليه فرد علي السلام فقلت: يابن رسول الله اتذن لي في مسألة اختلج في صدري امرها ليلتي؟ قال سل و ان شرحتها فلي و ان أمسكتها فلي فصحح نظرك و تثبت في مسألتك واضع الي جوابها سمعك و لا تسأل مسألة تعينت و اعن بما تعتني به فان العالم و المتعلم شريكان في الرشد مأموران بالنصيحة منهيان عن الغش و اما الذي اختلج في صدرك ليلتك فان شاء العالم انبأك ان الله لم يظهر علي غيبه احدا الا من ارتضي من رسول فكل ما كان عند الرسول كان عند العالم و كل ما اطلع عليه الرسول فقد اطلع اوصياؤه عليه لئلا تخلو ارضه من حجة يكون معه علم يدل علي صدق مقالته و جواز عدالته يا فتح عسي الشيطان اراد اللبس عليك فادهمك في بعض ما اودعتك و شككك في ما انبأتك حتي اراد ازالتك عن طريق الله و صراطه المستقيم فقلنا: متي ايقنت انهم كذا فهم ارباب معاذ الله أنهم مخلوقون مربوبون مطيعون لله داخرون راغبون فاذا جاءك الشيطان من قبل ما جاءك فاقمعه بما انبأتك به، فقلت له: جعلت فداك فرجت عني و كشفت ما لبس الملعون علي بشرحك فقد كان اوقع في خلدي انكم ارباب.

قال: فسجد ابوالحسن و هو يقول في سجوده: راغما لك يا خالقي داخرا خاضعا قال: فلم يزل كذلك حتي ذهب ليلا ثم قال: يا فتح كدت ان تهلك و تهلك و ماضر عيسي اذا هلك من هلك فاذهب اذا شئت رحمك الله.

فقال: فخرجت و انا فرح بما كشف الله عني من اللبس فانهم هم و حمدت الله علي ما قدرت عليه فلما كان في المنزل الاخر دخلت عليه و هو متك و بين يديه حنطة مقلوة يعبث بها و قد كان اوقع الشيطان في خلدي انه لا ينبغي ان يأكلوا و يشربوا اذ كان ذلك آفة و الامام غير مأوف فقال: اجلس يا فتح فان لنا بالرسل أسوة كانوا يأكلون و يشربون و يمشون في الاسواق و كل جسم مغذو بهذا الا الخالق الرازق لانه جسم الأجسام و هو لم يجسم و لم يجز ابتناه و لم يتزايد و لم يتناقص مبرء من ذاته ماركب في ذات من جسمه الواحد الاحد الصمد الذي لم يلد و لم يولد و لم يكن له كفوا احد منشي ء الاشياء مجسم الاجسام و هو السميع العليم اللطيف الخبير الرؤوف الرحيم تبارك و تعالي



[ صفحه 100]



عما يقول الظالمون علوا كببرا لو كان كما وصف لم يعرف الرب من المربوب و لا الخالق من المخلوق و لا المنشي ء من المنشأ ولكنه فرق بينه و بين من جسمه و شيأ الاشياء اذ كان لا يشبهه شي ء يري و لا يشبه شيئا.» (كشف لغمة في معرفة الائمة ص 388 - 386).