بازگشت

نشأته


نشأ الامام الهادي عليه السلام في أسره تميزت عن الناس بسلوكها المشرق و آدابها الرائعة، و فضائلها النيرة، فكان الصغير منهم يوقر الكبير، و الكبير يحترم الصغير، و قد روي المؤرخون ألوانا رائعة تدعوا الي الاعتزاز و الفخر، فقد رووا أن الامام الحسين عليه السلام ما تكلم بين يدي أخيه الامام الحسن عليه السلام اجلالا و اكبارا له، و رووا أن الامام زين العابدين عليه السلام ما أكل مع أمه أو مربيته خوفا من أن يكون قد سبق نظرها الي بعض الطعام الذي يتناوله، فيكون بذلك عاقا لها، فأي آداب في الدنيا تضارع هذه الآداب التي تضارع آداب الأنبياء و سمو سلوكهم و علو أخلاقهم.

لقد نشأ الامام الهادي في ظلال أبيه الجواد الذي كان انموذجا لكل ما يعتز به الانسان من الفضائل و المآثر، و قد أفرغ عليه أشعة من روحه، فلم يبق فضيلة الا غرسها في نفس وليده، و كان يشيد به - دوما - و يبدي اعجابه بمواهبه



[ صفحه 24]



و ذكائه، و قد روي المؤرخون أنه لما أراد الشخوص الي العراق أجلسه في حجره - و كان عمره آنذاك ست سنين - فقال له:

«ما الذي تحب أن يهدي اليك من طرائف العراق؟..»

فتبسم الهادي و قال:

«سيف كأنه شعلة..».

و التفت الامام الجواد الي ولده موسي فقال له:

«و أنت ما تحب أن تشتهي؟..».

فقال موسي: «فراش بيت..».

و لم يكتم الامام اعجابه بولده الهادي فراح يخاطبه:

«أشبهني أبوالحسن....».

لقد سر بتمني ولده الذي ينم عن شجاعته و بسالته، و هذه سمته و سمة آبائه.