بازگشت

نبوغه المبكر


و ملك الامام الهادي عليه السلام في طفولته المبكرة من الذكاء و النبوغ ما يذهل الفكر و يبهر الألباب، فكان يملك ذاكرة قوية و ذكاءا مفرطا و فطنة بالغة فقد ذكر الرواة بوادر كثيرة من ذكائه كان منها أن المعتصم بعد ما اغتال الامام الجواد عليه السلام عهد الي عمر بن الفرج أن يشخص الي يثرب ليختار معلما لأبي الحسن الهادي البالغ من العمر آنذاك ست سنين و أشهرا، و قد عهد اليه أن يكون المعلم معروفا بالنصب و الانحراف عن أهل البيت عليهم السلام ليغذيه ببغضهم، و لما انتهي عمر الي يثرب التقي بالوالي و عرفه بمهمته، فأرشده الوالي و غيره الي الجنيدي، و كان شديد البغض للعلويين فأرسل خلفه و عرفه بالأمر



[ صفحه 25]



فاستجاب له، و عين له راتبا شهريا، و عهد اليه أن يمنع الشيعة من زيارته، و الاتصال به، و قام الجنيدي بتعليم الامام الا انه قد ذهل لما يراه من حدة ذكائه، فقد التقي محمد بن جعفر بالجنيدي فقال له:

«ما حال هذا الصبي - يعني الامام الهادي - الذي تؤدبه؟...» فأنكر الجنيدي ذلك وراح يقول:

«أتقول: هذا الصبي؟!! و لا تقول هذا الشيخ أنشدك بالله هل تعرف بالمدينة من هو أعرف مني بالأدب و العلم؟...».

«لا...».

اني و الله لأذكر الحرف في الأدب، و أظن أني قد بالغت فيه، ثم انه يملي أبوابا أستفيده منه، فيظن الناس أني أعلمه، و أنا و الله أتعلم منه...».

و انطوت أيام فالتقي محمد بن جعفر مرة أخري بالجنيدي، فقال له:

«ما حال هذا الصبي؟.».

فأنكر عليه الجنيدي ذلك و قال:

«دع عنك هذا القول، والله تعالي لهو خير أهل الأرض، و أفضل من برأه الله تعالي، و انه لربما هم بدخول الحجرة، فأقول له: حتي تقرأ سورة، فيقول: أي سورة تريد أن أقرأها؟ فاذكر له السور الطوال، ما لم يبلغ اليها، فيسرع بقراءتها بما لم أسمع أصح منها، و كان يقرأها بصوت أطيب من مزامير داوود، و انه حافظ القرآن من أوله الي آخره، و يعلم تأويله و تنزيله...

و أضاف الجنيدي يقول: هذا صبي صغير نشأ بالمدينة بين الجدران السود فمن أين علم هذا العلم الكبير، يا سبحان الله!!

ثم انه نزع عن نفسه النصب لأهل البيت عليهم السلام و دان بالولاء



[ صفحه 26]



لهم، و اعتقد بالامامة [1] .

و من الطبيعي أنه لا تعليل لهذه الظاهرة الا القول بما تذهب اليه الشيعة من أن الله أمد أئمة أهل البيت بالعلم و الحكمة و آتاهم من الفضل ما لم يؤت أحدا من العالمين من غير فرق بين الصغير و الكبير منهم.


پاورقي

[1] مآثر الكبراء ذي تاريخ سامراء 3 / 96 - 95.