هيبته و وقاره
أما هيبة الامام الهادي عليه السلام فكانت تعنولها الجباه، فقد ورث من آبائه هيبتهم و وقارهم، و كانت تبدو عليه سيماء الأنبياء، و بها الأوصياء، و ما لقيه أحد من خصومه أو شيعته الا هابه و وقره، و قد تحدث عن مدي هيبته محمد بن الحسن الأشتر العلوي قال: كنت مع أبي علي باب المتوكل في جمع من الناس ما بين طالبي و عباسي و جعفري فبينما نحن وقوف اذ جاء أبوالحسن، فترجل الناس كلهم اجلالا و اكبارا له، حتي دخل القصر، و انبري بعضهم فأنكر هذا التكريم للامام و قال:
«لمن نترجل هذا الغلام؟ ما هو بأشرفنا، و لا بأكبرنا سنا، والله لا نترجل له اذا خرج...».
فرد عليه أبوهاشم الجعفري و قال:
«والله لتترجلن له صغارا و ذلة...».
و خرج الامام عليه السلام فعلت أصوات التكبير و التهليل، و قام الناس بأسرهم تعظيما له، فالتفت أبوهاشم الي القوم قائلا:
«أليس زعمتم أنكم لا تترجلون له؟...».
فلم يملكوا اعجابهم بالامام و راحوا يقولون:
[ صفحه 27]
«والله ما ملكنا أنفسنا حتي ترجلنا...» [1] .
لقد كانت هيبته تملأ القلوب اكبارا و تعظيما، و لم تكن هيبته ناشئة عن ملك أو سلطان و انما كانت ناشئة من طاعة الله و زهده في الدنيا و تحرجه في الدين كأعظم ما يكون التحرج، فقد خرج من ذل معصية الله الي عز طاعته و قد بلغ من عظيم هيبة الناس له انه كان اذا دخل علي المتوكل لا يبقي أحد في القصر الا قام بخدماته، و كانوا يتسابقون الي رفع الستائر، و فتح الأبواب و لا يكلفونه بشي ء من ذلك [2] .
پاورقي
[1] البحار 13 / 131، أعيان الشيعة 4 / ق 2 / 275 - 274.
[2] البحار 13 / 129.