بازگشت

الحاجة الي الامامة


أما الامامة فانها شأن من شؤون الحياة الاسلامية لا تستغني عنها و لا تستقيم بدونها، لا لأنها تدير الحياة الدينية فحسب، و انما تدير الحياة الاقتصادية و السياسية و الاجتماعية، و تضمن للأمة استقلالها و حريتها و توفر لها الأمن و الرخاء و الاستقرار.

و لعل من أعمق الأسباب و أدقها في الحاجة الي الامامة هو بسط القوي



[ صفحه 36]



الروحية، و نشر الفضيلة و الخير بين الناس، و محاربة النزعات الفاسدة من الأنانية و الغرور و الطمع و الحسد و غيرها من نزعات الشذوذ و الانحراف، فجميع القوي الخيرة في العالم تبتني علي الايمان بالله تعالي فهو وحده الذي يصون العالم من ويلات الدمار و كوارث الحروب، و هو أقوي سلاح و أمنعه في الأرض و قد اهتم الأئمة الطيبون بهذه الظاهرة بصورة ايجابية و فعالة، فرفعوا راية الايمان عالية خفاقة، و جاهدوا في سبيل الله جهادا شاقا و عسيرا، و قد خلفوا آثارا مشرقة في الدعوة الي الله، فقد حفل نهج البلاغة للامام أمير المؤمنين عليه السلام بنفحات من نفحات الايمان العميق بالله، ففيه الدعوة الي التفكر في خلق هذه الكائنات التي تدعوا الي حتمية الايمان كما فيه الدعوة لي التحلي بمكارم الأخلاق و محاسن الصفات، و التحذير من الاتصاف بالنزعات الشريرة التي تدعو الي التأخر و الانحطاط، و كذلك نجد الغذاء الروحي المشرق في الصحيفة السجادية التي هي انجيل آل محمد صلي الله عليه و آله و هي مصدر خصب الي الايمان، كما أن في سائر الأدعية المأثورة عن الأئمة عليهم السلام نجد هذا الغذاء الروحي الذي يبعث علي اشراق النفس و صفائها و تحريرها من آفات الجهل و الغرور.

و نجد في كتب الاحتجاج الأدلة الوثيقة التي أقامها الأئمة الطاهرون علي توحيد الله و تعظيمه، و ابطال الشبه التي أقامتها الزمرة الباغية علي الاسلام، و المنكرة لله،... و قد أشاد الامام الهادي عليه السلام بجهاد آبائه الأئمة الطاهرين في ميادين الايمان و الدعوة الي الله في زيارته المسماة (بالجامعة) فقد جاء فيها:

«السلام علي الدعاة الي الله، و الادلاء علي مرضاة الله، و المستقرين في أمر الله، و التامين في محبة الله، و المخلصين في توحيد الله، و المظهرين لأمر الله...».

و أضاف الامام قائلا:

«فعظمتم جلاله - أي جلال الله - و أكبرتم شأنه، و مجدتم كرمه، و أدمتم



[ صفحه 37]



ذكره، و وكدتم ميثاقه، و أحكمتم عقد طاعته، و نصحتم له في السر و العلانية،و دعوتم الي سبيله بالحكمة و الموعظة الحسنة، بذلتم أنفسكم في مرضاته و صبرتم علي ما أصابكم في جنبه، و أقمتم الصلاة، و آتيتم الزكاة، و أمرتم بالمعروف، و نهيتم عن المنكر، و جاهدتم في الله حق جهاده، حتي أعلنتم دعوته و بينتم فرائضه، و أقمتم حدوده، و نشرتم شرائع أحكامه، و سننتم سنته و صرتم في ذلك منه الي الرضا، و سلمتم له القضاء، و صدقتم من رسله من مضي...».

و صورت هذه الفقرات الرائعة الدور النضالي الذي خاضه الأئمة الطيبون في رفع كلمة التوحيد، و الذب عن قيم الايمان و الاسلام، فقد قدموا أرواحهم قرابين خالصة لوجه الله لا يبغون الأجر و الجزاء الا من الله.