علم الأئمة
أما علم الأئمة فانه كعلم الأنبياء من دون فرق بينهما، فكما أن علم الأنبياء و المرسلين علم الهامي، منحهم الله به ليقيموا الحجة علي خلقه،
[ صفحه 38]
فكذلك علم الأئمة عليهم السلام.
و قد تحدث الامام الصادق عليه السلام عن كيفية علمهم، و ما يملكونه من الكنوز العظيمة التي لا تقدر بثمن قال عليه السلام:
«علمنا غابر، و مزبور، و نكت في القلوب، و نقر في الأسماع، و ان عندنا الجفر الأحمر و الجفر الأبيض، و مصحف فاطمة عليها السلام، و ان عندنا الجامعة فيها جميع ما يحتاج الناس اليه...».
و سئل عن تفسير هذه الجوانب من حديثه فأجاب عنها فقال:
«أما الغابر فالعلم بما يكون، و أما المزبور فالعلم بما كان، و أما النكت في القلوب فهو الالهام، و النقر في الأسماع حديث الملائكة نسمع كلامهم و لا نري أشخاصهم.
و أما الجفر الأحمر فوعاء فيه سلاح رسول الله صلي الله عليه و آله و لن يخرج حتي يقوم قائمنا أهل البيت.
و أما الجفر الأبيض فوعاء فيه توراة موسي و انجيل عيسي، و زبور داوود، و كتب الله الأولي.
و أما مصحف فاطمة عليهاالسلام ففيه ما يكون من حادث، و أسماء كل من يملك الي أن تقوم الساعة.
و أما الجامعة فهي كتاب طوله سبعون ذراعا املاء رسول الله صلي الله عليه و اله من فلق فيه، و خط علي بن أبي طالب عليه السلام بيده فيه - والله - جميع ما يحتاج الناس اليه الي يوم القيامة، حتي ان فيه ارش الخدش، و الجلدة و نصف الجلدة...» [1] .
و الي الجفر الذي يملكه أهل البيت عليهم السلام أشار المعري بقوله:
[ صفحه 39]
لقد عجبوا لأهل البيت لما
أتاهم علمهم في مسك جفر
و مرآة المنجم و هي صغري
أرته كل عامرة و قفر [2] .
و يدلل علي هذه الحقيقة ما أثر عنهم من أنواع العلوم و المعارف فالامام أمير المؤمنين عليه السلام باب مدينة علم النبي صلي الله عليه و آله قد فتق أبوابا من العلوم بلغت - فيما يقول العقاد - اثنين و ثلاثين علما، و هو الذي أخبر عن التقدم التكنلوجي و التطور العلمي الذي يظهر علي مسرح الحياة، فقد قال عليه السلام: يأتي زمان علي الناس يري من في المشرق من في المغرب، و من في المغرب يري من في المشرق، و قال عليه السلام: يأتي زمان علي الناس يسمع من في المشرق من في المغرب، و من في المغرب يسمع من في المشرق، و تحقق ذلك بظهور جهاز التلفزيون و الراديو، و قال عليه السلام: يأتي زمان علي الناس يسير فيه الحديد، و تحقق ذلك بظهور القطار و السيارات و غيرهما، و كثير من أمثال هذه الأمور التي أخبر عنها الامام [3] و هو الذي قال: سلوني عن كتاب الله، فو الله ما من آية الا أنا أعلم أبليل نزلت أم بنهار، أم في سهل نزلت أم في جبل [4] .
و من أئمة أهل البيت عليهم السلام الذين فجروا ينابيع العلم و الحكمة في الأرض، معجزة العلم، و الفكر في الأرض، الامام الصادق عليه السلام فقد أخبر عن تلوث الفضاء و البحار، و ما ينجم عنهما من الاضرار البالغة التي تصيب الانسان، كما اخبر عن وجود الحياة في بعض الكواكب، و هو الذي وضع قواعد التشريح، و خصوصية أعضاء الانسان، و ما فيها من العجائب، و قد تعرض لذلك كتابه المسمي بتوحيد المفضل، كما كان المؤسس الأول لعلوم الفيزياء و الكيمياء، فقد وضع أصولها علي يد تلميذه العظيم جابر بن
[ صفحه 40]
حيان مفخرة الشرق، و رائد التطور البشري في الأرض.
و كان الامام الهادي في سن لا يتجاوز السبع سنين و توفي والده الامام الجواد عليه السلام، و قد ظهر منه من العلوم و المعارف، و هو بهذا السن ما يذهل الافكار، فقد امتحنه كبار العلماء بأدق المسائل الفقهية و الفلسفية و الكلامية فأجاب عنها جواب العالم الخبير المتخصص، فدان العلماء بامامته، و في ذلك دليل واضح علي أن الله تعالي منح أئمة أهل البيت بالعلم و الحكمة، و آتاهم من الفضل ما لم يؤت أحدا من العالمين.
پاورقي
[1] الارشاد (ص 308-307) أصول الكافي.
[2] حياة الحيوان: مادة جفر.
[3] حياة الامام محمد الجواد (ص 69).
[4] الجامع لأحكام القرآن 1 / 35.