بازگشت

زهده


لقد عزف الامام الهادي عليه السلام عن جميع مباهج الحياة و متعها و عاش عيشة زاهدة الي أقصي حد، لقد واظب علي العبادة و الورع و الزهد، فلم يحفل بأي مظهر من مظاهر الحياة، و آثر طاعة الله علي كل شي ء، و قد كان منزله في يثرب و سر من رأي خاليا من كل أثاث، فقد داهمت منزله شرطة المتوكل ففتشوه تفتيشا دقيقا فلم يجدوا فيه شيئا من رغائب الحياة، و كذلك لما فتشت الشرطة داره في سر من رأي، فقد وجدوا الامام في بيت مغلق، و عليه مدرعة من شعر و هو جالس علي الرمل و الحصي، ليس بينه و بين الأرض فراش، قال السبط بن الجوزي: ان علي الهادي لم يكن عنده ميل الي الدنيا، و كان ملازما للمسجد فلما فتشوا داره لم يجدوا فيه الا مصاحف و أدعية و كتب علم»... لقد عاش علي ضوء الحياة الكريمة التي عاشها آباؤه من الزهد في الدنيا، و عدم الاكتراث بأي شأن من شؤونها المادية سوي ما يتصل بالحق، فقد كان جده الأعلي الامام أمير المؤمنين عليه السلام من



[ صفحه 46]



أزهد الناس في الدنيا، ففي أيام خلافته و حكمه لم يتخذ من غنائمها و فرا، فكان نعاله من ليف و يخصفه بيده، و كان حزامه من ليف، و قد شد حجر المجاعة علي بطنه، و كانت زوجته سيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء سلام الله عليها قد رفضت الدنيا فعاشت في بيت ضيق لا أثاث فيه، و ان يديها قد مجلتا من الرحي... علي هذا الخط سار الأئمة الطاهرون، فقد طلقوا الدنيا و اعرضوا عن زينتها، و اتصلوا بالله تعالي و عملوا كل ما يقربهم اليه زلفي.