بازگشت

ادعيته في قنوت صلاته


و أثرت عن الامام الهادي عليه السلام عدة أدعية كان يدعو بها في قنوت صلاته، و هي تمثل مدي انقطاعه الي الله و عظيم اتصاله به، و هذه بعضها:

أ- «اللهم: ان مناهل كراماتك بجزيل عطياتك مترعة، و أبواب مناجاتك لمن أملك مشرعة، و عطوف لحظاتك لمن ضرع اليك غير متقطعة، و قد الجم الحذار، و اشتد الاضطرار، و عجز عن الاصطبار أهل الانتظار، و أنت اللهم بالمرصد من المكان، اللهم و غير مهمل مع الامهال، و اللائذ بك آمن، و الراهب اليك غانم القصد، اللهم لبابك سالم.

اللهم: فعاجل من قد استن في طغيانه، و استمر علي جهالته لعقباه في كفرانه، و أطعمه حلمك عنه في نيل ارادته، فهو يتسرع الي أوليائك بمكارهه، و يواصلهم بقبايح مراصده، و يقصدهم في مظانهم بأذيته، اللهم اكشف العذاب عن المؤمنين و ابعثه جهرة علي الظالمين، اللهم اكفف العذاب عن المستجيرين، و اصببه علي المغترين، اللهم بادر عصبة الحق بالعون، و بادر أعوان الظلم بالقضم، اللهم اسعدنا بالشكر، و امنحنا النصر، و اعذنا من سوء البداء و العاقبة و الخطر...» [1] .

و لم تقتصر أدعية أئمة أهل البيت عليهم السلام علي الجانب الروحي، و انما شملت جميع مناحي الحياة، و قد صور هذا الدعاء الحياة السياسية، و ما مني الناس به من الظلم و الجور في عهد أولئك الملوك الذين جهدوا في



[ صفحه 53]



ظلم الناس و ارغامهم علي ما يكرهون، و اكبر الظن انه عني بدعائه علي المتوكل الطاغية السفاك الذي بالغ في ظلم العلويين و قهرهم.

ب - و من أدعيته الشريفة التي كان يدعو بها في قنوته هذا الدعاء الشريف:

يا من تفرد بالربوبية، و توحد بالوحدانية، يا من أضاء باسمه النهار، و أشرقت به الأنوار، و أظلم بأمره حندس الليل و هطل بغيثه وابل السيل، يا من دعاه المضطرون فأجابهم، و لجأ اليه الخائفون فآمنهم، و عبده الطائعون فشكرهم، و حمده الشاكرون فأثابهم، ما أجل شأنك، و أعلي سلطانك، و أنفذ أحكامك، أنت الخالق بغير تكلف، و القاضي بغير تحيف، حجتك البالغة، و كلمتك الدامغة، بك اعتصمت و تعوذت من نفثات العقدة، و رصدات الملحدة، الذين ألحدوا في أسمائك، و أرصدوا بالمكاره لأوليائك، و أعانوا علي قتل أنبيائك و أصفيائك، و قصدوا لاطفاء نورك باذاعة سرك، و كذبوا رسلك، و صدوا عن آياتك و اتخذوا من دونك و دون أوليائك وليجة و رغبة عنك، و عبدوا طواغيتهم بدلا منك، فمننت علي أوليائك بعظيم نعمائك، و جدت عليهم بكريم آلائك، و أتممت لهم ما أوليتهم بحسن جزائك حفظا لهم من معاندة الرسل، و ضلال السبل، و صدقت لهم بالعهود السنة الاجابة، و خشعت لك بالعقود قلوب الانابة و أسألك اللهم باسمك الذي خشعت له السماوات و الأرض و أحييت به أموات الأشياء، و أمت به جميع الأحياء، و جمعت به كل متفرق، و فرقت به كل مجتمع، و أتممت به الكلمات، و أريت به كبري الآيات، و ثبت به علي التوابين، و أخرت به عمل المفسدين فجعلت عملهم هباءا منثورا تبرتهم تتبيرا... ان تصلي علي محمد و آل محمد، و ان تجعل شيعتي من الذين حملوا فصدقوا، و استنطقوا فنطقوا آمنين مأمونين.

اللهم: اني أسألك لهم توفيق أهل الهدي، و أعمال أهل اليقين، و مناصحة أهل التوبة، و عزم أهل البصر، و تقية أهل الورع، و كتمان



[ صفحه 54]



الصديقين حتي يخافوك، اللهم مخافة تحجزهم عن معاصيك حتي يعملوا بطاعتك لينالوا كرامتك، و حتي يناصحوا لك و فيك خوفا منك، و حتي يخلصوا لك النصيحة في التوبة حبا لهم فتوجب لهم محبتك التي أوجبتها للتوابين، و حتي يتوكلوا عليك في أمورهم كلها حسن ظن بك، و حتي يفوضوا اليك أمورهم ثقة بك.

اللهم لا تنال طاعتك الا بتوفيقك، و لا تنال درجة من درجات الخير الا بك، اللهم يا مالك يوم الدين العالم بخفايا صدور العالمين طهر الأرض من نجس أهل الشرك، و أخزس الخراصين عن تقولهم علي رسولك الافك.

اللهم اقصم الجبارين و ابر المفترين، و ابد الأفاكين الذين اذا تتلي عليهم آيات الرحمن قالوا: أساطير الأولين و انجز لي وعدك انك لا تخلف الميعاد، و عجل فرج كل طالب مرتاد انك لبالمرصاد، و أعوذ بك من كل لبس ملبوس، و من كل قلب من معرفتك محبوس، و من نفس تكفر اذا أصابها بؤس، و من واصف عدل عمله عن العدل معكوس، و من طالب للحق و هو عن صفات حق منكوس، و من مكتسب اسم باسمه مركوس، و من وجه عند تتابع النعم عليه عبوس، أعوذ بك من ذلك كله و من نظيره و اشكاله و أمثاله انك عليم حكيم....»

و كشف هذا الدعاء عن روعة بلاغته و فصاحته، و انه كجده الامام أميرالمؤمنين عليه السلام في هذه الظاهرة.

و قدم الامام في هذا الدعاء الشريف عرضا لتوحيد الله و تمجيده و الاعتصام به، فقد التجأ عليه السلام الي الخالق تعالي بكل نازلة و شدة، فليس هناك من يكشف البلوي، و يستدفع به الضر غيره، كما تعوذ به تعالي شر الجبابرة الطغاة الذين لا يرقبون الله الا و لا ذمة، و لا يرجون له وقارا.

و قد دعا عليه السلام بهذا الدعاء لشيعته بالتوفيق و السداد و مجانبة



[ صفحه 55]



الشر، و الابتعاد عن الغرور ليكونوا قدوة صالحة في سلوكهم الي بقية المسلمين...و ختم عليه السلام دعاءه بالدعاء علي أهل الشرك و النفاق الذين أعرضوا عن آيات الله، و اتخذوها هزوا.


پاورقي

[1] مهج الدعوات، المصباح.