بازگشت

دعاؤه عقيب صلاة الفجر


و كان الامام الهادي عليه السلام يعقب بعد صلاة الفجر، و لا ينام، و كان يدعو بهذا الدعاء الشريف، و هذا نصه:

«يا كبير كل كبير، يا من لا شريك له و لا وزير، يا خالق الشمس و القمر المنير، يا عصمة الخائف المستجير، يا مطلق المكبل الأسير، يا رازق الطفل الصغير، يا جابر العظم الكسير، يا راحم الشيخ الكبير، يا نور النور، يا مدبر الأمور، يا باعث من في القبور، يا شافي الصدور، يا جاعل الظل و الحرور، يا عالما بذات الصدور، يا منزل الكتاب و النور، و الفرقان العظيم و الزبور، يا من تسبح له الملائكة بالابكار و السحور، يا دائم الثبات، يا مخرج النبات بالغدو و الآصال، يا محيي الأموات، يا منشي ء العظام الدارسات، يا سامع الصوت، يا سابق الفوت، يا كاسي العظام البالية بعد الموت، يا من لا يشغله شغل عن شغل، يا من لا يتغير من حال الي حال، يا من لا يحتاج الي تجشم حركة و لا انتقال، يا من لا يمنعه شأن عن شأن، يا من يرد بالصدقة و الدعاء عن اعنان السماء ما حتم و أبرم من سوء القضاء، يا من لا يحيط به موضع و مكان، يا من يجعل الشفاء فيما يشاء من الأشياء، يا من يمسك الرمق من المرض العميق [1] بما قل بمن الغذاء.

يا من يزيل بأدني الدواء ما غلظ من لداء، يا من اذا وعد وفي، و اذا توعد عفا، يا من يملك حوائج السائلين، يا من يعلم ما في ضمير الصامتين، يا عظيم الخطر، يا كريم الظفر، يا من له وجه لا يبلي، يا من



[ صفحه 56]



له ملك لا يفني، يا من له نور لا يطفي، يا من فوق كل شي ء عرشه، يا من في البر و البحر سلطانه، يا من في جهنم سخطه، يا من في الجنة رحمته، يا من مواعيده صادقة، يا من أياديه فاضلة، يا من رحمته واسعة، يا غياث المستغيثين، يا مجيب دعوة المضطرين، يا من هو بالمنظر الأعلي، و خلقه بالمنظر الأدني، يارب الأرواح الفانية، يا رب الأجساد البالية، يا أبصر الناظرين، يا أسمع السامعين، يا أسرع الحاسبين، يا أحكم الحاكمين، يا أرحم الراحمين، يا وهاب العطايا، يا مطلق الأساري، يارب العزة، يا أهل التقوي و أهل المغفرة، يا من لا يدرك أمده، يا من لا يحصي عدده، يا من لا ينقطع مدده، أشهد و الشهادة لي رفعة وعدة، و هي مني سمع و طاعة، و بها أرجو النجاة يوم الحسرة و الندامة، انك أنت الله لا اله الا انت وحدك لا شريك لك، و ان محمدا عبدك و رسولك صلواتك عليه و آله، و انه قد بلغ عنك و أدي ما كان واجبا عليه لك، و انك تخلق دائما و ترزق، و تعطي و تمنع، و ترفع و تضع، و تغني و تفقر و تخذل و تنصر، و تعفو و ترحم، و تصفح و تتجاوز عما تعلم، و لا تظلم، و انك تقبض و تبسط، و تمحو و تثبت، و تبدا و تعيد، و تحيي و تميت، و أنت حي لا تموت، فصل علي محمد و آل محمد، و اهدني من عندك، و أفض علي من فضلك، و انشر علي من رحمتك، و انزل علي من بركاتك، فطالما عودتني بالحسن الجميل، و أعطيتني الكثير الجزيل، و سترت علي القبيح.

اللهم: فصل علي محمد و آل محمد و عجل فرجي، و أقلني عثرتي، و ارحم غربتي، و ارددني الي أفضل عادتك عندي، و استقبل بي صحة من سقمي، و سعة من عدتي، و سلامة شاملة في بدني، و بصيرة في ديني، و أعني علي استغفارك و استقالتك قبل أن يفني الأجل، و ينقطع الأمل، و أعني علي الموت و كربته، و علي القبر و وحشته، و علي الميزان و خفته، و علي الصراط و زلته، و علي يوم القيامة و روعته، و أسألك نجاة العمل قبل انقطاع



[ صفحه 57]



الأجل، و قوة في سمعي و بصري و استعمالا لصالح ما علمتني و فهمتني انك أنت الرب الجليل، و أنا العبد الذليل و شتان ما بيننا، يا حنان، يا منان، يا ذا الجلال و الاكرام، صل علي محمد و آل محمد الطيبين الطاهرين...» [2] .

ان في أدعية أئمة أهل البيت عليهم السلام صفحات مشرقة من العرفان و التوحيد، و هي مما تدعوا الي الايمان و صيانة النفس من الانحراف و التردي في متاهات التحلل و السقوط.

أما هذا الدعاء فقد دلل علي كمال معرفة الامام بالله، و الاخلاص له في الطاعة فقد مجد فيه الله، و أثني عليه بما هو أهله، و أرجع جميع الأمور الي ارادته تعالي و قدرته، و هذا هو كمال اليقين بالله.


پاورقي

[1] العميق: هو المرض المستحكم.

[2] المصباح، البحار.