بازگشت

ابطال الجبر و التفويض


لعل من أروع ما أثر عن الامام أبي الحسن الهادي عليه السلام من الثروات الفكرية و العلمية هذه الرسالة الذهبية التي بعثها لأهل الأهواز (ع) و قد تعرض فيها بصورة موضوعية و دقيقة للرد علي فكرة «الجبر» و هي التي تبنتها الأشاعرة و نادوا بها فقالوا ان العباد مجبورون علي ما يفعلون، و انهم غير خاضعين لارادتهم و اختيارهم... كما رد فيها علي التفويض، الذي قال به المعتزلة فذهبوا الي أن الله تعالي قد فوض العباد في أفعالهم الي سلطانهم و ارادتهم و لا دخل لأي ارادة أو سلطان عليهم، و بعد ما أبطل الامام هذين الأمرين أثبت بالأدلة العلمية الحاسمة «الأمر بين الأمرين» و هي الفكرة التي رفع شعارها أئمة أهل البيت عليهم السلام و تبنوها هم و شيعتهم و تعتبر هذه الرسالة من أخصب الدراسات لهذه البحوث، و قد صدرها الامام بكلمة تمهيدية تعرض فيها لامامة جده الامام أميرالمؤمنين المنافح الأول عن رسالة الاسلام، و والحامي لأهدافه و مبادئه، و نتعرض بصورة موجزة الي التعليق علي هذه الرسالة الشريفة، و شرح بعض مضامينها، و منه تعالي نستمد التوفيق، قال عليه السلام بعد البسملة:

«من علي بن محمد سلام عليكم، و علي من اتبع الهدي و رحمة الله و بركاته فانه ورد علي كتابكم، و فهمت ما ذكرتم، من اختلافكم في دينكم، و خوضكم في القدر، و مقالة من يقول منكم بالجبر، و من يقول



[ صفحه 105]



بالتفويض، و تفرقكم في ذلك، و تقاطعكم، و ما ظهر من العداوة بينكم، ثم سألتموني عنه و بيانه لكم و فهمت ذلك كله....»

و كشفت هذه الفقرات عن مدي الاختلاف الخطر الناشي ء بين المسلمين بسبب هذه المسائل، فقد أدي النزاع فيها الي تشتتهم و فرقتهم و اختلاف كلمتهم، و شيوع العداوة و البغضاء بينهم، و بذلك فقد تباعدوا عن دينهم الذي ألزم بالوحدة بين المسلمين و نشر المحبة و المودة بينهم.

قال عليه السلام:

«اعلموا رحمكم الله انا نظرنا في الآثار و كثرة ما جاءت به الأخبار فوجدناها عند جميع من ينتحل الاسلام ممن يعقل عن الله جل و عز لا تخلو من معنيين: اما حق فيتبع، و اما باطل فيجتنب و قد اجمعت الأمة قاطبة لا اختلاف بينهم ان القرآن حق لا ريب فيه عند جميع أهل الفرق و في حال اجتماعهم مقرون بتصديق الكتاب و تحقيقه مصيبون مهتدون و ذلك بقول رسول الله صلي الله عليه و آله: «لا تجتمع أمتي علي ضلالة» فأخبر ان جميع ما اجتمعت عليه الأمة كلها حق، هذا اذا لم يخالف بعضها بعضا، و القرآن حق لااختلاف بينهم في تنزيله و تصديقه، فاذا شهد القرآن بتصديق خبر و تحقيقه، و أنكر الخبر طائفة من الأمة لزمهم الاقرار به ضرورة حين اجتمعت في الأصل علي تصديق الكتاب فان (هي) جحدت و أنكرت لزمها الخروج من الملة...».

و ركز الامام في هذه الفقرات من حديثه علي ضرورة الرجوع الي القرآن الكريم - الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه و لا من خلفه - فيما اختلفت فيه الأمة من نزعات فكرية، و عقائد مذهبية، فما وافق منها الكتاب فهو حق لا ريب فيه، و ما خالفه فهو زخرف و باطل، و من دان به فهو خارج عن ربقة



[ صفحه 106]



الاسلام، قال عليه السلام: «فأول خبر يعرف تحقيقه من الكتاب و تصديقه، و التماس شهادته عليه خبر ورد عن رسول الله صلي الله عليه و آله و وجد بموافقة الكتاب و تصديقه بحيث لا تخالفه أقاويلهم، حيث قال:«اني مخلف فيكم الثقلين: كتاب الله، و عترتي - أهل بيتي - لن تضلوا ما تمسكتم بهما، و انهما لن يفترقا حتي يردا علي الحوض». فلما وجدنا شواهد هذا الحديث في كتاب الله نصا، مثل قوله جل و عز: «انما وليكم الله و رسوله و الذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة و يؤتون الزكاة و هم راكعون و من يتولي الله و رسوله و الذين آمنوا فان حزب الله هم الغالبون» [1] و روت العامة في ذلك أخبار لأمير المؤمنين عليه السلام أنه تصدق بخاتمه و هو راكع فشكر الله ذلك له، و انزل الاية فيه. فوجدنا رسول الله صلي الله عليه و آله قد أتي بقوله: «من كنت مولاه فعلي مولاه» و بقوله: «أنت مني بمنزلة هارون من موسي الا انه لا نبي بعدي» و وجدناه يقول: «علي يقضي ديني و ينجز موعدي و هو خليفتي عليكم من بعدي...»

تعرض الامام العظيم في هذه الفقرات المشرفة من حديثه الي أروع حديث نبوي و هو حديث (الثقلين) الذي أعلن فيه الرسول الأعظم صلي الله عليه و آله المصير الحاسم لأمته فقد وضعها علي عتبة الانتصار، و ضمن لها أن لا تضل في مسيرتها، و لا تنحرف في طريقها، و ذلك فيما اذا تمسكت بكتاب الله العظيم، و أعلت قيادتها الروحية و الزمنية الي أهل البيت عليهم السلام الذين أذهب الله عنهم الرجس و طهرهم تطهيرا، و قد اختار الامام حديث الثقلين، و ذلك لما له من الأهمية البالغة سندا و دلالة أما سندا فقد أجمع علماء المسلمين علي روايته، و نشير في الهامش الي بعض مصادر [2] و أما



[ صفحه 107]



دلالته فواضحة علي لزوم اتباع أهل البيت عليهم السلام فقد قرنهم بمحكم التنزيل الذي يجب علي كل مسلم اتباعه و الاقتداء به، و كما أن الكتاب معصوم من الباطل فكذلك العترة الطاهرة و الا لم تصح المقايسة بينهما، و كما أن الكتاب يجب علي كل مسلم الأخذ بتعاليمه فكذلك العترة الطاهرة، و قد دعم الامام هذا الحديث بما يلي:

أ- قوله تعالي: (انما وليكم الله و رسوله و الذين آمنوا) «الآية» نص علماء المسلمين أنها نزلت في الامام أميرالمؤمنين عليه السلام حينما تصدق بخاتمه علي المسكين [3] و قد حصرت الآية الولاية العامة بالله و الرسول و الامام أميرالمؤمنين، و كما أن ولاية الله و الرسول نافذتان علي المسلمين فكذلك ولاية الامام أميرالمؤمنين عليه السلام.

ب - قوله صلي الله عليه و آله في الامام أميرالمؤمنين عليه السلام: «من كنت مولاه، فعلي مولاه» و هو جزء من الحديث النبوي المشهور الذي أعلن فيه الرسول صلي الله عليه و آله الولاية العامة للامام أميرالمؤمنين عليه السلام و نصبه خليفة من بعده علي المسلمين، و ذلك في يوم (غدير خم) و هو من أيام الاسلام الخالدة التي تمت فيه النعمة الكبري و كمل الدين، و هو من أوثق الأدلة و أكثرها صراحة و وضوحا علي امامة الامام أميرالمؤمنين عليه السلام [4] .

ج - قوله صلي الله عليه و آله: «يا علي أنت مني بمنزلة هارون من موسي... الخ» و هذا الحديث من أشهر الأحاديث النبوية و قد دون في أكثر



[ صفحه 108]



كتب الصحاح و غيرها [5] و هو يدل بصراحة علي خلافة الامام فقد قرنه صلي الله عليه و آله بهارون، و هارون وزير موسي و خليفته فكذلك الامام أمير المؤمنين.

د- قوله صلي الله عليه و آله:«علي يقضي ديني، و ينجز موعدي، و هو خليفتي عليكم من بعدي» [6]

و دلت الرواية - بوضوح - علي خلافه الامام أميرالمؤمنين من بعد الرسول الأعظم صلي الله عليه و آله و انه هو الذي يقوم بقضاء دينه، و انجاز مواعيده، و انه ليس هناك أحد أولي بمقام الرسول صلي الله عليه و آله و أحق بمنصبه من الامام علي مفخرة الشرق و رائد التطور الفكري و الحضاري في الأرض.هذه بعض الروايات التي تدعم حديث الثقلين و تسايره في التدليل علي قيادة العترة الطاهرة للأمة التي ضمن لها الرسول صلي الله عليه و آله أن لا تزيغ عن طريق الهدي فيما لو أتبعتهم، و لو تتقدم عليهم.

قال عليه السلام: «فالخبر الأول الذي استنبطت منه هذه الأخبار خبر صحيح مجمع عليه لا اختلاف فيه عندهم، و هو أيضا موافق للكتاب، فلما شهد الكتاب بتصديق الخبر، و هذه الشواهد الأخر لزم علي الأمة الاقرار بها ضرورة اذ كانت هذه الأخبار شواهدها في القرآن ناطقة، و وافقت القرآن و القرآن وافقها، ثم وردت حقائق الأخبار من رسول الله صلي الله عليه و آله عن الصادقين، و نقلها قوم ثقات معروفون، فصار الاقتداء بهذه الأخبار فرضا واجبا علي كل مؤمن و مؤمنة، لا يتعداه الا أهل العناد، و ذلك ان أقاويل آل



[ صفحه 109]



رسول الله صلي الله عليه و آله متصلة بقول الله، و ذلك مثل قوله في محكم كتابه:«ان الذين يؤذون الله و رسوله لعنهم الله في الدنيا و الآخرة و أعد لهم عذابا مهينا» [7] و وجدنا نظير هذه الآية قول رسول الله صلي الله عليه و آله: «من آذي عليا فقد آذاني، و من آذاني فقد آذي الله، و من آذي الله يوشك أن ينتقم منه» و كذلك قوله صلي الله عليه و آله:«من أحب عليا فقد أحبني و من أحبني فقد أحب الله» و مثل قوله صلي الله عليه و آله: في بني وليعة لأبعثن اليهم رجلا كنفسي يحب الله و رسوله، و يحبه الله و رسوله، قم يا علي فسر اليهم» و قوله صلي الله عليه و آله: يوم خبير «لأبعثن اليهم غدا رجلا يحب الله و رسوله، و يحبه الله و رسوله كرار غير فرار، لا يرجع حتي يفتح الله عليه» فقضي رسول الله صلي الله عليه و آله بالفتح قبل التوجيه، فاستشرف أصحاب رسول الله صلي الله عليه و آله فلما كان من الغد دعا عليا عليه السلام فبعثه اليهم فاصطفاه بهذه المنقبة و سماه كرارا غير فرار، فسماه الله محبا لله و لرسوله، فأخبر ان الله و رسوله يحبانه...».

و بعد ما أعلن الامام عليه السلام أن المقياس في معرفة الخبر الصحيح هو مطابقته لكتاب الله العزيز و موافقته له، و علي ضوء هذه القاعدة نال حديث الثقلين الدرجة القطعية من الصحة، فقد وافق الكتاب و تأيد بمجموعة من الأخبار الصحيحة التي ذكرها الامام عليه السلام، و يترتب علي ذلك أنه يجب علي كل مسلم أن يعتقد بالحديث الشريف و يؤمن بالعترة الطاهرة و يدين بالولاء لها.

ثم ذكر الامام عليه السلام الآية الكريمة(ان الذين يؤذون الله و رسوله لعنهم الله في الدنيا و الآخرة و أعد لهم عذابا مهينا) و ذكر كوكبة من الأخبار وردت عن النبي صلي الله عليه و آله في حق وصيه و باب مدينة علمه الامام أمير المؤمنين عليه السلام، و نذكرها للاشارة الي مصادرها، و هي:



[ صفحه 110]



1- قال رسول الله صلي الله عليه و آله:«من آذي عليا فقد آذاني، و من آذاني فقد آذي الله الحديث...» [8] .

2- قال رسول الله صلي الله عليه و آله:«من أحب عليا فقد أحبني و من أحبني فقد أحب الله» [9] .

3- قال رسول الله صلي الله عليه و آله: في يوم خبير «لأبعثن اليهم غدا رجلا يحب الله و رسوله و يحبه الله و رسوله كرار غير فرار لا يرجع حتي يفتح الله عليه...» [10] .

هذه بعض الأحاديث النبوية التي اتفقت مع القرآن الكريم، و هي مما أجمع المسلمون علي صحتها، و قد أشادت بفضل أبي الحسين، و فرضت ولايته و امامته علي عموم المسلمين.

قال عليه السلام: «و انما قدمنا هذا الشرح و البيان دليلا علي ما أردنا و قوة لما نحن مبينوه من أمر الجبر و التفويض، و المنزلة بين المنزلتين، و بالله العون و القوة، و عليه نتوكل في جميع أمورنا. فاذا نبدأ بقول الصادق عليه السلام: «لا جبر و لا تفويض و لكن منزلة بين المنزلتين»، و هي صحة الخلقة و تخلية السرب [11] و المهلة في الوقت، و الزاد مثل الراحلة، و السبب المهيج للفاعل علي فعله» فهذه خمسة أشياء جمع بها الصادق جوامع الفضل، فاذا نقض العبد منها خلة كان العمل عنه مطروحا بحسبه، فأخبر الصادق عليه السلام بأصل ما يجب علي الناس من طلب معرفته، و نطق



[ صفحه 111]



الكتاب بتصديقه فشهد بذلك محكمات آيات رسوله، لأن الرسول صلي الله عليه و آله لا يعدو شي ء من قوله و أقاويلهم حدود القرآن، فاذا وردت حقائق الأخبار، و التمست شواهدها من التنزيل فوجد لها موافقا و عليها دليلا كان الاقتداء بها فرضا لا يتعداه الا أهل العناد كما ذكرنا في أول الكتاب. و لما التمسنا تحقيق ما قاله الصادق عليه السلام: من المنزلة بين المنزلتين، و انكاره الجبر و التفويض، وجدنا الكتاب قد شهد له، و صدق مقالته في هذا، و خبر عنه أيضا موافق لهذا، ان الصادق سئل هل أجبر الله العباد علي المعاصي؟ فقال الصادق: هو أعدل من ذلك، فقيل له: فهل فوض اليهم؟ فقال عليه السلام: هو أعز و أقهر لهم من ذلك، و روي عنه أنه قال: الناس في القدر علي ثلاثة أوجه: رجل يزعم أن الأمر مفوض اليه فقد وهن الله في سلطانه فهو هالك و رجل يزعم أن الله جل و عز أجبر العباد علي المعاصي، و كلفهم ما لا يطيقون فقد ظلم الله في حكمه فهو هالك، و رجل يزعم أن الله كلف العباد ما يطيقون، و لم يكلفهم ما لا يطيقون، فاذا أحسن حمدالله و اذا أساء استغفرالله فهذا مسلم بالغ، فاخبر عليه السلام ان من تقلد الجبر و التفويض و دان بهما فهو علي خلاف الحق، فقد شرحت الجبر الذي من دان به يلزمه الخطأ و ان الذي يتقلد التفويض يلزمه الباطل، فصارت المنزلة بين المنزلتين...».

تعرض الامام عليه السلام في هذه القطعة من كلامه الي أن ما ذكره - أولا - من لزوم التمسك بالخبر الموافق للكتاب بالخبر الموافق للكتاب العزيز و ذكر مقدمة تمهيدية للاستدلال ببعض الأخبار علي بطلان الجبر و التفويض مضافا الي الأدلة العقلية، كما تعرض بصورة مجملة الي بطانهما، و سيعرض لهما في كلامه الآتي بصورة مفصلة قال عليه السلام:«واضرب لكل باب من هذه الأبواب مثلا يقرب المعني للطاب و يسهل له البحث عن شرحه، تشهد به محكمات آيات الكتاب، و تحقق تصديقه عند ذوي الألباب، و بالله التوفيق و العصمة.



[ صفحه 112]



فأما الجبر الذي يلزم من دان به الخطأ فهو قول من زعم أن الله جل و عز أجبر العباد علي المعاصي و عاقبهم عليها، و من قال: بهذا القول فقد ظلم الله في حكمه، و كذبه ورد عليه قوله: (و لا يظلم ربك أحدا) [12] و قوله: (ذلك بما قدمت يداك و ان الله ليس بظلام للعبيد) [13] و قوله: (ان الله لا يظلم الناس شيئا و لكن الناس أنفسهم يظلمون) [14] مع آي كثيرة في ذكر هذا، فمن زعم أنه مجبر علي المعاصي فقد أحال بذنبه علي الله، و قد ظلمه في عقوبته. و من ظلم الله فقد كذب كتابه، و من كذب كتابه فقد لزمه الكفر باجتماع الأمة، و مثل ذلك مثل رجل مملوك ملك عبدا مملوكا لا يملك نفسه و لا يملك عرضا من عرض الدنيا، و يعلم مولاه ذلك منه فأمره علي علم منه بالمصير الي السوق لحاجة يأتيه بها، و لم يملكه ثمن ما يأتيه به من حاجته، و علم المالك أن علي الحاجة رقيبا لا يطمع أحد في أخذها منه الا بما يرضي به من الثمن، و قد وصف مالك هذا العبد نفسه بالعدل و النصفة و اظهار الحكمة، و نفي الجور، و أوعد عبده ان لم يأته بحاجته ان يعاقبه علي علم منه بالرقيب الذي علي حاجته أنه سيمنعه و علم أن المملوك لا يملك ثمنها، و لم يملكه ذلك، فلما صار العبد الي السوق و جاء ليأخذ حاجته التي بعثه المولي لها وجد عليها مانعا يمنع منها الا بشراء و ليس يملك العبد ثمنها فانصرف الي مولاه خائبا بغير قضاء حاجته فاغتاظ مولاه من ذلك و عاقبه عليها. أليس يجب في عدله و حكمه أن لا يعاقبه، و هو يعلم أن عبده لا يملك عرضا من عروض الدنيا و لم يملكه ثمن حاجته، فان عاقبه عاقبه ظالما متعديا عليه مبطلا لما وصف من عدله و حكمته و نصفه، و ان لم يعاقبه كذب نفسه في وعيده اياه حين أوعده بالكذب و الظلم اللذين ينفيان العدل



[ صفحه 113]



و الحكمة. تعالي عما يقولون: علوا كبيرا.

فمن دان بالجبر أو بما يدعو الي الجبر فقد ظلم الله و نسبه الي الجور و العدوان ان أوجب علي من أجبره العقوبة، و من زعم ان الله أجبر علي العباد فقد أوجب علي قياس قوله: ان الله يدفع عنهم العقوبة، و من زعم أن الله يدفع عن أهل المعاصي العذاب فقد كذب الله في وعيده حيث يقول: (بلي من كسب سيئة و أحاطت به خطيئته فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون) [15] و قوله: (ان الذين يأكلون أموال اليتامي ظلما انما يأكلون في بطونهم نارا و سيصلون سعيرا) [16] و قوله: (ان الذين كفروا بآياتنا سوف نصليهم نارا كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها ليذوقوا العذاب ان الله كان عزيزا حكيما) [17] مع آي كثيرة، فبهذا ألقي ممن كذب وعيد الله و يلزمه في تكذبيه آية من كتاب الله الكفر، و هو ممن قال الله (أفتؤمنون ببعض الكتاب و تكفرون ببعض فما جزاء من يفعل ذلك منكم الا خزي في الحياة الدنيا و يوم القيامة يردون الي أشد العذاب و ما الله بغافل عما تعملون) [18] بل نقول: ان الله جل و عز جازي العباد علي أعمالهم و يعاقبهم علي أفعالهم بالاستطاعة التي ملكهم اياها، فأمرهم و نهاهم بذلك و نطق كتابه (من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها و من جاء بالسيئة فلا يجزي الا مثلها و هم لا يظلمون) [19] و قال جل ذكره: (يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا و ما عملت من سوء تود لو أن بينها و بينه أمدا بعيدا و يحذركم الله نفسه... الخ) [20] و قال: (اليوم تجزي كل نفس بما كسبت لا ظلم



[ صفحه 114]



اليوم) [21] فهذه آيات محكمات تنفي الجبر، و من دان به. و مثلها في القرآن كثيرا اختصرنا ذلك لئلا يطول الكتاب و بالله التوفيق...»

و أعطي الامام عليه السلام صورة واضحة عن الجبر، و بين ما يترتب عليه من المفاسد التي من أظهرها نسبة الجور و الظلم الي الله تعالي عن ذلك علوا كبيرا، ثم انه استدلال علي بطلانه تارة بالآيات الكريمة، و أخري بالدليل الوجداني الذي لا يقبل الجدل و الشك، و اعقب ذلك بذكر الآيات الكريمة الدالة - بوضوح - علي مسؤولية الانسان نفسه عما يقترفه من ذنب و معصية، و انه محاسب علي عمله، و مؤاخذ بجريرته بعد ما منحه الله الارادة و الاختيار، و لم يرغمه علي أي شي ء من الأشياء، فهو بسوء اختياره قد ارتكب السوء و العصيان، ثم تعرض الامام عليه السلام بعد ذلك الي بطلان التفويض:

قال عليه السلام: «و أما التفويض الذي أبطله الصادق عليه السلام و أخطأ من دان به و تقلده فهو قول القائل: ان الله جل ذكره فوض الي العباد اختيار أمره و نهيه، و أهملهم. و في هذا كلام دقيق لمن يذهب الي تحريره و دقته، و الي هذا ذهبت الأئمة المهتدية من عترة الرسول صلي الله عليه و آله فانهم قالوا: لو فوض اليهم علي جهة الاهمال لكان لازما له رضي ما اختاروه، و استوجبوا منه الثواب، و لم يكن عليهم فيما جنوه العقاب اذا كان الاهمال واقعا و تنصرف هذه المقالة علي معنيين: اما أن يكون العباد تظاهروا عليه فالزموه قبل اختيارهم بآرائهم ضرورة، كره ذلك أم أحب فقد لزمه الوهن، أو يكون جل و عز عجز عن تعبدهم بالأمر و النهي علي ارادته كرهوا أو أحبوا ففوض أمره و نهيه اليهم و اجراهما علي محبتهم اذا عجز عن تعبدهم بارادته فجعل الاختيار اليهم في الكفر و الايمان، و مثل ذلك مثل رجل ملك



[ صفحه 115]



عبدا ابتاعه ليخدمه، و يعرف له فضل ولايته، و يقف عند أمره و نهيه، و أدعي مالك العبد أنه قاهر عزيز حكيم، فأمر عبده، و نهاه، و وعده علي اتباع أمره عظيم الثواب، و أوعده علي معصيته أليم العقاب، فخالف العبد ارادة مالكه، و لم يقف عند أمره و نهيه، فأي أمر أمره أو أي نهي نهاه عنه لم يأته علي ارادة المولي، بل كان العبد يتبع ارادة نفسه، و اتباع هواه، و لا يطيق المولي أن يرده الي اتباع أمره و نهيه و الوقوف علي ارادته، ففوض اختيار أمره و نهيه اليه، و رضي منه بكل ما فعله علي ارادة العبد لا علي ارادة المالك و بعثه في بعض حوائجه، و سمي له الحاجة فخالف علي مولاه، و قصد لا رادة نفسه، و اتبع هواه، فلما رجع الي مولاه نظر الي ما أتاه به فاذا هو خلاف ما أمره به، فقال له: لم أتيتني بخلاف ما أمرتك؟ فقال العبد: اتكلت علي تفويضك الأمر الي فاتبعت هواي و ارادتي لأن المفوض اليه غير محظور عليه فاستحال التفويض...».

ان حقيقة التفويض هو الالتزام بأن الله تعالي فوض أفعال العباد الي ارادتهم و اختيارهم بلا دخل لا رادة الله فيها، و قد أقام الامام عليه السلام الأدلة الحاسمة علي بطلان هذا القول و استحالته، و أضاف الامام بعد ذلك قائلا:

«أو ليس يجب علي هذا السبب اما أن يكون المالك للعبد قادرا بأمر عبده باتباع أمره و نهيه علي ارادته لا علي ارادة العبد، و يملكه من الطاقة بقدر ما يأمره به، و ينهاه عنه، فاذا أمره بأمر و نهاه عن نهي عرفه الثواب و العقاب عليهما، و حذره و رغبه بصفة ثوابه و عقابه ليعرف العبد قدرة مولاه بما ملكه من الطاقة [22] لأمره و نهيه و ترغيبه و ترهيبه، فيكون عدله و انصافه شاملا له، و حجته واضحة عليه للاعذار و الانذار، فاذا اتبع العبد أمره مولاه جازاه و اذا لم



[ صفحه 116]



يزدجر عن نهيه عاقبه، أو يكون عاجزا غير قادر ففوض أمره اليه أحسن أم أساء أطاع أم عصي، عاجز عن عقوبته ورده الي اتباع أمره، و في اثبات العجز نفي القدرة و التأله، و ابطال الأمر و النهي و الثواب و العقاب، و مخالفة الكتاب اذ يقول:(و لا يرضي لعباده الكفر و ان تشكروا يرضه لكم) [23] و قوله عزوجل: (اتقوا الله حق تقاته و لا تموتن الا و أنتم مسلمون) [24] .

و قوله: (و ما خلقت الجن و الانس الا ليعبدون ما أريد منهم من رزق و ما أريد أن يطعمون) [25] و قوله: (اعبدوا الله و لا تشركوا به شيئا) [26] و قوله: (و أطيعوا الله و أطيعوا الرسول و لا تولوا عنه و أنتم تسمعون) [27] .

فمن زعم أن الله تعالي فوض أمره و نهيه الي عباده فقد أثبت عليه العجز و أوجب عليه قبول كل ما عملوا من خير و شر و أبطل أمر الله و نهيه و وعده و وعيده لعله ما زعم أن الله فوضها اليه لأن المفوض اليه يعمل بمشيئته، فان شاء الكفر أو الايمان كان غير مردود عليه و لا محظور، فمن دان بالتفويض علي هذا المعني فقد أبطل جميع ما ذكرنا من وعده و وعيده و أمره و نهيه، و هو من أهل هذه الآية (أفتؤمنون ببعض الكتاب و تكفرون ببعض فما جزاء من يفعل ذلك منكم الا خزي في الحياة الدنيا و يوم القيامة تردون الي أشد العذاب و ما الله بغافل عما تعملون) [28] تعالي الله عما يدين به أهل التفويض علوا كبيرا...».

ان من يدين بالتفويض فقد أثبت العجز الي الله تعالي، و سلب عنه



[ صفحه 117]



القدرة التامة علي التصرف في شؤون عباده و خلقه، كما يترتب علي ذلك لغوية الوعد و الوعيد فلا معني لوعد الله للمطيعين بالفردوس و للعاصين بالعذاب الدائم، فانه بعدما فوض تعالي الأمور الي عباده، فكيف يثيبهم و كيف يعاقبهم.

و شرع الامام عليه السلام بعد ابطال الجبر و التفويض الي اثبات نظرية «الأمر بين الأمرين» و هي النظرية التي يذهب اليها أئمة أهل البيت عليهم السلام قال عليه السلام:

«لكن نقول: ان الله جل و عز خلق الخلق بقدرته، و ملكهم استطاعة تعبدهم بها، فأمرهم و نهاهم بما أراد، فقبل منهم اتباع أمره، و رضي بذلك لهم، و نهاهم عن معصيته، و ذم من عصاه، و عاقبه عليها، و لله الخيرة في الأمر و النهي، يختار ما يريد، و يأمر به، و ينهي عما يكره، و يعاقب عليه بالاستطاعة التي ملكها عباده لاتباع أمره، و اجتناب معاصيه لأنه ظاهر العدل و النصفة، و الحكمة البالغة، بالغ الحجة بالاعذار و الانذار، و اليه الصفوة يصطفي من عباده من يشاء لتبليغ رسالته و احتجاجه علي عباده، اصطفي محمدا صلي الله عليه و آله و بعثه برسالته الي خلقه فقال: من قال: من كفار قومه حسدا و استكبارا: (لولا أنزل هذا القرآن علي رجل من القريتين عظيم) [29] يعني بذلك أمية بن أبي الصلت، و أبامسعود الثقفي، فأبطل الله اختيارهم، و لم يجز لهم آراءهم حيث يقول: (أهم يقسمون رحمة ربك نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياةالدنيا و رفعنا بعضهم فوق بعض درجات ليتخذ بعضهم بعضا سخريا و رحمة ربك خير مما يجمعون) [30] .

و لذلك اختار من الأمور ما أحب و نهي عما كره، فمن أطاعه أثابه و من



[ صفحه 118]



عصاه عاقبه و لو فوض اختيار أمره الي عباده لأجاز لقريش اختيار أمية بن أبي الصلت أو أبي مسعود الثقفي اذ كانا عندهم أفضل من محمد صلي الله عليه و آله.فلما أدب الله المؤمنين بقوله: (و ما كان لمؤمن و لا مؤمنة اذا قضي الله و رسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم) [31] فلم يجز لهم الاختيار باهوائهم و لم يقبل منهم الا اتباع أمره و اجتناب نهيه علي يدي من اصطفاه فمن أطاعه رشد، و من عصاه ضل و غوي، و لزمته الحجة بما ملكه من الاستطاعة لاتباع أمره و اجتناب نهيه، فمن أجل ذلك حرمه ثوابه و أنزل به عقابه...».

لقد أثبت الامام عليه السلام في هذه الفقرات من كلامه النظرية الأصيلة التي يذهب اليها أئمة أهل البيت عليهم السلام و هي «الأمر بين الأمرين» و قد قامت هذه الفكرة علي أساس وثيق من الفكر و الوعي و المنطق، و قد تعرض سيدنا الاستاذ الامام الخوئي في حوثه الأصولية الي الاستدلال عليها بصورة وثيقة، و كان من بين ما استدل به عليها قال:ان المسألة ليست من المسائل التعبدية بل من ناحية أن الطريق الوسط الذي يمكن به حل مشكلة الجبر و التفويض منحصر فيه:

«تفصيل ذلك: ان أفعال العباد تتوقف علي مقدمتين «الأولي» حياتهم و قدرتهم و علمهم و ما شاكل ذلك «الثانية» مشيئتهم و أعمالهم القدرة نحو ايجاده في الخارج، و المقدمة الأولي تفيض من الله تعالي، و ترتبط بذاته الأزلية ارتباطا ذاتيا، و خاضعة له، يعني أنها عين الربط و الخضوع، لا أنه شي ء له الربط و الخضوع، و علي هذا الضوء لو انقطعت الافاضة من الله سبحانه و تعالي في آن انقطعت الحياة فيه حتما...



[ صفحه 119]



أما المقدمة الثانية: فانها تفيض من العباد عند فرض وجود المقدمة الأولي فهي مرتبطة بها في واقع مغزاها، و متفرعة عليها ذاتا، و عليه فلا يصدر فعل من العبد الا عند افاضة كلتا المقدمتين، و أما اذا انتفعت احداهما فلا يعقل تحققه و علي أساس ذلك صح اسناد الفعل الي الله تعالي كما صح اسناده الي العبد:

و لتوضيح ذلك نضرب مثالا عرفيا لتميز كل من نظرتي الجبر و التفويض عن نظرية الامامية. بيانه: أن الفعل الصادر من العبد خارجا علي ثلاثة أصناف:

«الأول»: ما يصدر منه بغير اختياره و ارادته و ذلك كما لو افتراضنا شخصا مرتعش اليد، و قد فقدت قدرته و اختياره في تحريك يده مع مثله اذا ربط المولي بيده المرتعشة سيفا قاطعا، و فرضنا أن في جنبه شخصا راقدا، و هو يعلم أن السيف المشدود في يده سيقع عليه فيهلكه حتما. و من الطبيعي أن مثل هذا الفعل خارج عن اختياره، و لا يستند اليه، و لا يراه العقلاء مسؤولا عن هذا الحادث، و لا يتوجه اليه الذم و اللوم أصلا، بل المسؤول عنه انما هو من ربط يده بالسيف، و يتوجه اليه اللوم و الذم و هذا واقع نظرية الجبر و حقيقتها.

«الثاني» ما يصدر منه باختياره و استقلاله من دون حاجة الي غيره أصلا و ذلك كما اذا افترضنا ان المولي أعطي سيفا قاطعا بيد شخص حر، و قد ملك تنفيذ ارادته و تحريك يده، ففي مثل ذلك اذا صدر منه قتل في الخارج يستند اليه دون المعطي، و ان كان المعطي يعلم أن اعطاءه السيف ينتهي به الي القتل، كما انه يستطيع أن يأخذ السيف منه متي شاء، و لكن كل ذلك لا يصحح استناد الفعل اليه، فان الاستناد يدور مدار دخل شخص في وجوده خارجا، و المفروض انه لا مؤثر في وجوده ما عدا تحريك يده الذي كان مستقلا فيه. و هذا واقع نظرية التفويض.



[ صفحه 120]



«الثالث» ما يصدر منه باختياره و اعمال قدرته علي رغم أنه فقير بذاته و بحاجة في كل آن الي غيره بحيث لو انقطع منه مدد الغير في آن انقطع الفعل فيه حتما، و ذلك كما اذا افترضنا أن للمولي عبدا مشلولا غير قادر علي الحركة فربط المولي بجسمه تيارا كهربائيا ليبعث في عضلاته قوة و نشاطا نحو العمل، و ليصبح بذلك قادرا علي تحريكها، و أخذ المولي رأس التيار الكهربائي بيده و هو الساعي لا يصال القوة في كل آن الي جسم عبده بحيث لو رفع اليد في آن عن السلك الكهربائي انقطعت القوة عن جسمه فيه، و أصبح عاجزا. و علي هذا فلوا أوصل المولي تلك القوة الي جسمه و ذهب باختياره، و قتل شخصا و المولي يعلم بما فعله، ففي مثل ذلك يستند الفعل الي كل منهما، أما الي العبد فحيث انه صار متمكنا من ايجاد الفعل و عدمه، بعد أن أوصل المولي القوة اليه، و أوجد القدرة في عضلاته، و هو قد فعل باختياره و اعمال قدرته، و اما الي المولي فحيث انه كان معطي القوة و القدرة له حتي حال الفعل و الاشتغال بالقتل مع أنه متمكن من قطع القوة عنه في كل آن شاء و أراد، و هذا هو واقع نظرية الأمر بين الأمرين و حقيقتها...» [32] .

و يأخذ الامام الخوئي في شرح نظرية«الأمر بين الأمرين» التي يدين بها أئمة أهل البيت عليهم السلام، و قد استدل علي وثاقتها بمجموعة من الأدلة العلقلية و النقلية و أثبت أنه لا بد من الالتزام بها، و نعود بعد هذا الي ما ذكره الامام الهادي عليه السلام قال:

«و هذا القول بين القولين: ليس بجبر و لا تفويض، و بذلك أخبر أمير المؤمنين صلوات الله عليه عباية بن ربعي الأسدي حين سأله عن الاستطاعة التي بها يقوم و يقعد و يفعل، فقال له أميرالمؤمنين عليه السلام: سألت عن الاستطاعة تملكها من دون الله، أو مع الله؟ فسكت عباية، فقال



[ صفحه 121]



له أميرالمؤمنين عليه السلام: قل: يا عباية، قال: و ما أقول؟ قال عليه السلام: ان قلت: انك تملكها مع الله قتلتك، و ان قلت: تملكها دون الله قتلتك، قال عباية، فما أقول: يا أميرالمؤمنين؟ قال عليه السلام: تقول: انك تملكها بالله الذي يملكها من دونك، فان يملكها اياك كان ذلك من عطائه، و ان سلبكها كان ذلك من بلائه، هو المالك لما ملك، و القادر علي ما عليه أقدرك، أما سمعت الناس يسألون الحول و القوة حين يقولون، لا حول و لا قوة الا بالله. قال عباية: و ما تأويلها يا أمير المؤمنين؟ قال عليه السلام: لا حول عن معاصي الله الا بعصمة الله، و لا قوة لنا علي طاعة الله الا بعون الله قال: فوثب عباية فقبل يديه و رجليه...».

لقد ألزم الامام أميرالمؤمنين عليه السلام بضرورة التدين «بالأمر بين الأمرين» و انه جزء من عقيدة الاسلام، و من أوليات مبادئه.

قال عليه السلام: و روي عن أميرالمؤمنين عليه السلام حين أتاه نجدة يسأله عن معرفة الله، قال: يا أميرالمؤمنين بماذا عرفت ربك؟ قال عليه السلام: بالتمييز الذي خولني و العقل الذي دلني، قال: أفمجبول أنت عليه؟ قال: لو كنت مجبولا ما كنت محمودا علي احسان، و لا مذموما علي اساءة، و كان المحسن أولي باللائمة من المسي ء، فعلمت أن الله قائم باق و ما دون حدث حائل زائل، و ليس القديم الباقي كالحدث الزائل، قال نجدة: أجدك أصبحت حكيما، يا أميرالمؤمنين، قال: أصبحت مخيرا، فان أتيت السيئة مكان الحسنة فأنا المعاقب عليها.

و روي عن أميرالمؤمنين عليه السلام انه قال: لرجل سأله بعد انصرافه من الشام، فقال: يا أميرالمؤمنين أخبرنا عن خروجنا الي الشام بقضاء و قدر؟ قال عليه السلام: نعم يا شيخ، ما علوتم قلعة [33] و لا هبطتم واديا الا



[ صفحه 122]



بقضاء و قدر من الله، فقال الشيخ: عندالله احتسب عنائي يا أميرالمؤمنين، فقال عليه السلام: مه يا شيخ فان الله قد عظم أجرهم في مسيركم، و أنتم سائرون، و في مقامكم و أنتم مقيمون، و في انصرافكم و أنتم منصرفون، و لم تكونوا في شي ء من أموركم مكرهين و لا اليه مضطرين، لعلك ظننت أنه قضاء حتم، و قدر لازم، لو كان ذلك كذلك لبطل الثواب و العقاب، و لسقط الوعد و الوعيد، و لما ألزمت الأشياء أهلها علي الحقائق، ذلك مقالة عبدة الأوثان، و أولياء الشيطان، ان الله عزوجل أمرا تخييرا، و نهي تحذيرا، و لم يطع مكرها، و لم يعص مغلوبا، و لم يخلق السموات و الأرض و ما بينهما باطلا ذلك ظن الذين كفروا فويل للذين كفروا من النار فقام الشيخ فقبل رأس الامام أمير المؤمنين و أنشأ يقول:



أنت الامام الذي نرجو بطاعته

يوم النجاة من الرحمن غفرانا



أوضحت من ديننا ما كان ملتبسا

جزاك ربك عنا فيه رضوانا



فليس معذرة في فعل فاحشة

قد كنت راكبها ظلما و عصيانا



فقد دل أميرالمؤمنين عليه السلام علي موافقة الكتاب و نفي الجبر و التفويض اللذين يلزمان من دان بهما، و تقلدهما الباطل و الكفر و تكذيب الكتاب، و نعوذ بالله من الضلالة و الكفر، و لسنا ندين بجبر و لا تفويض لكننا نقول: بمنزلة بين المنزلتين، و هو الامتحان و الاختبار بالاستطاعة التي ملكنا الله و تعبدنا بها علي ما شهد به الكتاب و دان به الائمة الأبرار من آل الرسول صلوات الله عليهم...».

لقد دعم الامام الهادي ما ذهب اليه من بطلان الجبر و التفويض و اثبات (الأمر بين الأمرين) بما أثر عن جده الامام أميرالمؤمنين عليه السلام في ذلك، ثم أخذ الامام عليه السلام في ضرب الأمثله لتأييد ما ذكره.

قال عليه السلام: «و مثل الاختبار بالاستطاعة مثل رجل ملك عبدا



[ صفحه 123]



و ملك مالا كثيرا أحب أن يختبر عبده علي علم منه بما يؤول اليه، فملكه من ماله بعض ما أحب و وقفه [34] علي أمور عرفها العبد فأمره أن يصرف ذلك المال فيها، و نهاه عن أسباب لم يحبها، و تقدم اليه أن يجتنبها، و لا ينفق من ماله فيها، و المال يتصرف في أي الوجهين، فصرف المال أحدهما في اتباع أمر المولي و رضاه، و الاخري صرفه في اتباع نهيه و سخطه، و اسكنه دار اختيار أعلمه أنه غير دائم له السكن في الدار و ان له دارا غيرها، و هو مخرجه اليها، فيها ثواب و عقاب دائمان، فان انفذ العبد المال الذي ملكه مولاه في الوجه الذي أمره به جعل له ذلك الثواب الدائم في تلك الدار التي أعلمه أنه مخرجه اليها، و ان انفق المال في الوجه الذي نهاه عن انفاقه فيه جعل له ذلك العقاب الدائم في دار الخلود، و قد حد المولي في ذلك حدا معروفا، و هو المسكن الذي أسكنه في الدار الأولي، فاذا بلغ الحد استبدل المولي بالمال و بالعبد علي أنه لم يزل مالكا للمال و العبد في الأوقات كلها الا انه وعد أن لا يسلبه ذلك المال ما كان في تلك الدار الأولي الي أن يستتم سكناه فيها، فوفي له لأن من صفات المولي العدل و الوفاء، و النصفة، و الحكمة، أو ليس يجب ان كان ذلك العبد صرف ذلك المال في الوجه المأمور به أن يفي له بما وعده من الثواب، و تفضل عليه بأن استعمله في دار فانية، و أثابه علي طاعته فيها نعيما دائما في دار باقية دائمة، و ان صرف العبد المال الذي ملكه مولاه أيام سكناه تلك الدار الأولي في الوجه المنهي عنه، و خالف أمر مولاه، كذلك تجب عليه العقوبة الدائمة التي حذره اياها غير ظالم له لما تقدم اليه و أعلمه و عرفه و أوجب له الوفاء بوعده و وعيده بذلك يوصف القادر القاهر، و أما المولي فهو الله جل و عز، و أما العبد فهو ابن آدم المخلوق، و المال قدرة الله الواسعة، و محنته اظهار الحكمة و القدرة. و الدار الفانية هي الدنيا، و بعض المال الذي ملكه مولاه هو الاستطاعة التي ملك ابن آدم، و الأمور



[ صفحه 124]



التي أمر الله بصرف المال اليها هو الاستطاعة لاتباع الأنبياء، و الاقرار بما أورده عن الله جل و عز و اجتناب الاسباب التي نهي عنها هي طرق ابليس و أما وعده فالنعيم الدائم و هي الجنة، و أما الدار الفانية فهي الدنيا، و أما الدار الاخري فهي الدار الباقية و هي الآخرة، و القول: بين الجبر و التفويض هو الاختبار و الامتحان و البلوي بالاستطاعة التي ملك العبد و شرحها في الأمثال الخمسة التي ذكرها الصادق عليه السلام انها جمعت جوامع الفضل، و أنا مفسرها بشواهد من القرآن و البيان ان شاء الله...».

ان هذا المثال الذي أقامه الامام عليه السلام صريح واضح في أن الانسان يملك ارادته و اختياره فهو اذ يطيع الله فانما يطيعه عن رضي و اختيار و ليس مجبورا علي ذلك، و كذلك في حال عصيانه، و خروجه عن سلطنة مولاه، و علي هذا الاختيار يبتني الأمر بين الأمرين، و هي الفكرة الرائعة التي تبناها أئمة أهل البيت عليهم السلام.

و لنستمع الي حديث الامام عليه السلام قال: «أما قول الصادق عليه السلام: فان معناه كمال الخلق للانسان، و كمال الحواس، و ثبات العقل و التمييز و اطلاق اللسان بالنطق، و ذلك قول الله: (و لقد كرمنا بني آدم و حملناهم في البر و البحر و رزقناهم من الطيبات و فضلناهم علي كثير ممن خلقنا تفضيلا) [35] فقد أخبر عزوجل عن تفضيله بني آدم علي سائر خلقه من البهائم و السباع و دواب البحر و الطير و كل ذي حركة تدركه حواس بني آدم بتميز العقل و النطق، و ذلك قوله: (لقد خلقنا الانسان في أحسن تقويم) [36] و قوله: (يا أيها الانسان ما غرك بربك الكريم، الذي خلقك فسواك فعدلك، في أي صورة ما شاء ركبك) [37] و في



[ صفحه 125]



آيات كثيرة، فأول نعمة الله علي الانسان صحة عقله و تفضيله علي كثير من خلقه بكمال العقل و تمييز البيان و ذلك ان كل ذي حركة علي بسيط الأرض هو قائم بنفسه بحواسه، مستكمل في ذاته ففضل بني آدم بالنطق الذي ليس في غيره من الخلق المدرك بالحواس، فمن أجل النطق ملك الله ابن آدم غيره من الخلق حتي صار آمرا ناهيا و غيره مسخرا له كما قال الله: (كذلك سخرها لكم لتكبروا الله علي ما هداكم) [38] و قال: (و هو الذي سخر البحر لتأكلوا منه لحما طريا و تستخرجوا منه حلية تلبسونها) [39] و قال: (و الأنعام خلقها لكم فيها دف ء و منافع و منها تأكلون، و لكم فيها جمال حين تريحون و حين تسرحون، و تحمل أثقالكم الي بلد لم تكونوا بالغيه الا بشق الأنفس) [40] فمن أجل ذلك دعا الله الانسان الي اتباع أمره و الي طاعته بتفضيله اياه باستواء الخلق، و كمال النطق و المعرفة بعد أن ملكهم استطاعة ما كان تعبدهم به بقوله: (فاتقوا الله ما استطعتم و اسمعوا و أطيعوا) [41] و قوله: (لا يكلف الله نفسا الا وسعها) [42] و قوله: (لا يكلف الله نفسا الا ما آتها) [43] فقد رفع عن كل من كان بهذه الصفة الجهاد و جميع الأعمال التي لا يقوم بها، و كذلك أوجب علي ذي اليسار الحج و الزكاة لما ملكه من استطاعة ذلك، و لم يوجب علي الفقير الزكاة و الحج، قوله: (و لله علي الناس حج البيت من استطاع اليه



[ صفحه 126]



سبيلا) [44] .

و قوله في الظهار: (و الذين يظاهرون من نسائهم ثم يعودون لما قالوا فتحرير رقبة - الي قوله: فمن لم يستطع فاطعام ستين مسكينا) [45] كل ذلك دليل علي أن الله تبارك و تعالي لم يكلف عباده الا ما ملكهم استطاعته بقوة العمل به، و نهاهم عن مثل ذلك فهذه صحة الخلقة.

و أما قوله: تخلية السرب [46] فهو الذي ليس عليه رقيب يحظر عليه، و يمنعه العمل بما أمره الله به، و ذلك قوله: فيمن استضعف، و حظر عليه العمل فلم يجد حيلة، و لا يهتدي سبيلا كما قال الله تعالي: (الا المستضعفين من الرجال و النساء و الولدان لا يستطيعون حيلة و لا يهتدون سبيلا) [47] فأخبر ان المستضعف لم يخل سربه، و ليس عليه من القول شي ء اذا كان مطمئن القلب بالايمان.

و أما المهلة في الوقت فهو العمر الذي يمتنع الانسان من حد ما تجب عليه المعرفة الي أجل الوقت، و ذلك من وقت تمييزه و بلوغه الحلم الي أن يأتيه أجله، فمن مات علي طلب الحق و لم يدرك كماله فهو علي خير، و ذلك قوله: (و من يخرج من بيته مهاجرا الي الله و رسوله - الآية) [48] و ان كان لم يعمل بكمال شرايعه لعله ما لم يمهله في الوقت الي استتمام أمره، و قد حظر علي البالغ ما لم يحظر علي الطفل اذا لم يبلغ الحلم في قوله: (و قل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن - الآية) [49] فلم يجعل عليهن حرجا



[ صفحه 127]



في ابداء الزينة للطفل، و كذلك لا تجري عليه الأحكام، و أما قوله: (الزاد) فمعناه الجدة [50] و البلغة التي يستعين بها العبد علي ما أمره الله به، و ذلك قوله: (ما علي المحسنين من سبيل) [51] ألا تري أنه قبل عذر من لم يجد ما ينفق، و ألزم الحجة كل من أمكنته البلغة و الراحلة للحج و الجهاد، و اشباه ذلك و كذلك قبل عذر الفقراء، و أوجب لهم حقا في مال الأغنياء بقوله: (للفقراء الذين احصروا في سبيل الله - الآية -) [52] فأمر باعفائهم، و لم يكلفهم الاعداد لما لا يستطعيون و لا يملكون.

و أما قوله: في السبب المهيج فهو النية التي هي داعية الانسان الي جميع الأفعال، و حاستها القلب فمن فعل فعلا، و كان بدين لم يعقد قلبه علي ذلك لم يقبل الله منه عملا الا بصدق النية، و لذلك أخبر عن المنافقين بقوله: (يقولون بأفواههم ما ليس في قلوبهم، و الله أعلم بما يكتمون) [53] ثم أنزل علي نبيه صلي الله عليه و آله توبيخا للمؤمنين (يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون - الآية -) [54] فاذا قال الرجل: قوله و اعتقد في قوله دعته النية الي تصديق القول باظهار الفعل و اذا لم يعتقد القول لم تتبين حقيقته. و قد اجاز الله صدق النية و ان كان الفعل غير موافق لها لعلة مانع يمنع اظهار الفعل في قوله: (الا من اكره و قلبه مطمئن بالايمان) [55] و قوله: (لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم) [56] فدل القرآن و اخبار الرسول صلي الله عليه و آله ان القلب مالك لجميع الحواس يصحح أفعالها، و لا يبطل ما يصحح



[ صفحه 128]



القلب شي ء فهذا شرح جميع الأمثال الخمسة التي ذكرها الصادق عليه السلام انها تجمع المنزلة بين المنزلتين و هما الجبر و التفويض، فاذا اجتمع في الانسان كمال هذه الأمثال الخمسة وجب عليها العمل كملا لما أمر الله عزوجل به و رسوله، و اذا نقص العبد منها خلة كان العمل عنها مطروحا بحسب ذلك.

لقد شرح الامام عليه السلام الأمثال الخمسة التي أدلي بها الصادق عليه السلام و نظر الامام الي أعماق هذه الأمور و بين فلسفتها بأسلوبه المنطقي الرائع ثم قال عليه السلام:

«فأما شواهد القرآن علي الاختبار و البلوي بالاستطاعة التي تجمع القول بين القولين فكثيرة و من ذلك قوله: (و لنبونكم حتي نعلم المجاهدين منكم و الصابرين و نبلو أخباركم) [57] و قال: (سنستدرجهم من حيث لا يعلمون) [58] و قال: (ألم أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا و هم لا يفتنون) [59] و قال: في الفتن التي معناها الاختبار (و لقد فتنا سليمان) [60] و قال في قصة موسي عليه السلام (

فانا قد فتنا قومك من بعدك و أضلهم السامري) [61] و قول موسي: (ان هي الا فتنتك) [62] أي اختبارك، فهذه الآيات يقاس بعضها ببعض، و يشهد بعضها لبعض.

و أما آيات البلوي بمعني الاختبار قوله: (ليبولكم فيما آتاكم) [63] و قوله: (ثم صرفكم عنهم ليبتليكم) [64] و قوله: (انا بلوناهم كما بلونا



[ صفحه 129]



أصحاب الجنة) [65] و قوله: (خلق الموت و الحياة ليبولكم أيكم أحسن عملا) [66] و قوله: (و اذا ابتلي ابراهيم ربه بكلمات) [67] و قوله: (و لو يشاء الله لا نتصر منهم و لكن ليبلو بعضكم ببعض) [68] .

و كل ما في القرآن من بلوي هذه الآيات التي شرح أولها فهي اختبار و أمثالها في القرآن كثيرة فهي اثبات الاختبار و البلوي: ان الله جل و عز لم يخلق الخلق عبثا، و لا أهملهم سدي و لا أظهر حكمته لعبا، و بذلك أخبر في قوله: (أفحسبتم انما خلقناكم عبثا) [69] فان قال قائل: فلم يعلم الله ما يكون من العباد حتي اختبرهم، قلنا بلي ما يكون منهم قبل كونه و ذلك قوله: (و لو ردوا لعادوا لما نهوا عنه) [70] و انما اختبرتم ليعلمهم عدله و لا يعذبهم الا بحجة بعد الفعل. و قد اخبر بقوله: (و لو أنا أهلكناهم بعذاب من قبله لقالوا ربنا لولا أرسلت الينا رسولا) [71] و قوله: (و ما كنا معذبين حتي نبعث رسولا) [72] و قوله: (رسلا مبشرين و منذرين) [73] فالاختبار من الله بالاستطاعة التي ملكها عبده و هو القول: بين الجبر و التفويض. و بهذا نطق القرآن و جرت الأخبار عن الأئمة من آل الرسول صلي الله عليه و آله.

فان قالوا: ما الحجة في قول الله: (يهدي من يشاء و يضل من يشاء) و ما أشبهها؟ قيل: مجاز هذه الآيات كلها علي معنيين: أما أحدهما فاخبار



[ صفحه 130]



عن قدرته أي انه قادر علي هداية من يشاء و ضلال من يشاء و اذا أجبرهم بقدرته علي أحدهما لم يجب لهم ثواب و لا عليهم عقاب، علي نحو ما شرحنا في الكتاب و المعني الآخر ان الهداية منه تعريفه كقوله: (و أما ثمود فهديناهم - أي عرفناهم - فاستحبوا العمي علي الهدي) [74] فلو أجبرهم علي الهدي لم يقدروا أن يضلوا، و ليس كما وردت آية مشتبهة كانت الآية حجة علي محكم الآيات اللواتي أمرنا بالأخذ بها، من ذلك قوله: (منه آيات محكمات هن أم الكتاب و أخر متشابهات فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة و ابتغاء تأويله. الآية) [75] و قال: (فبر عبادي، الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه) [76] أي أحكمه و أشرحه (أولئك الذين هداهم الله و أولئك هم أولوا الألباب) [77] .

و فقنا الله و اياكم الي القول و العمل لما يحب و يرضي، و جنبنا و اياكم معاصيه بمنه و فضله، و الحمدلله كثيرا كما هو أهله، و صلي الله علي محمد و آله الطيبين و حسبنا الله و نعم الوكيل...» [78] .

و انتهت هذه الرسالة التي تمثل جانبا أصيلا من الثروات العلمية الهائلة التي يملكها الامام الهادي عليه السلام، فقد فند فيها أوهام الأشاعرة و المعتزلة، و أثبت بالأدلة الحاسمة «الأمر بين الأمرين» و هي الفكرة الرائعة التي يذهب اليها أئمة أهل البيت عليهم السلام، و بهذا ينتهي بنا الحديث عن بعض البحوث الكلامية و الفلسفية التي خاضها الامام عليه السلام.



[ صفحه 131]




پاورقي

[1] سورة المائدة: آية 61 - 60.

[2] مسند أحمد بن حنبل 4 / 366، صحيح الترمذي 2 / 308، سنن البيهقي 2 / 148 كنز العمال 7 / 102، مستدرك الصحيحين 3 / 109، طبقات ابن سعد 2 / القسم 2 ص 2.

[3] الكشاف في تفسير الآية التي في سورة المائدة، تفسير الرازي، تفسير الطبري 6 / 186، الدر المنثور، كنز العمال 6 / 319، مجمع الزوائد 7 / 17 ذخائر العقبي (ص 102) الرياض النضرة 2 / 227.

[4] حديث الغدير من الأحاديث المتواترة، و قد عقد المحقق الكبير الشيخ الأميني الجزء الاول من الغدير في سند الحديث و مصادره.

[5] صحيح ابن ماجة (ص 12) حلية الأولياء 7 / 194، خصائص النسائي (ص 15) تاريخ بغداد 11 / 432 صحيح الترمذي 2 / 301، مشكل الآثار 2 / 309 مسند أبي داود 1 / 29.

[6] قريب من هذا الحديث الشريف جاء في هذه كنز العمال 6 / 155، مجمع الزوائد 9 / 113.

[7] سورة الأحزاب: آية 57.

[8] مستدرك الصحيحين 3 / 122، الاصابة 4 / 304، كنز العمال 6 / 152 مجمع الزوائد 9 / 129، الرياض النضرة 2 / 165.

[9] مستدرك الصحيحين 3 / 130 تاريخ بغداد 13 / 32، أسد الغابة 4 / 383 مجمع الزوائد 9 / 131.

[10] صحيح ابن ماجة (ص 12) حلية الأولياء 1 / 62 خصائص النسائي (ص 32 كنز العمال 6 / 395).

[11] السرب:- بالفتح - الطريق و الصدر، و بالكسر، أيضا الطريق و القلب.

[12] سورة الكهف: آية 49.

[13] سورة الحج: آية 10.

[14] سورة يونس:آية 44.

[15] سورة البقرة: آية 81.

[16] سورة النساء: آية 10.

[17] سورة النساء: آية 56.

[18] سورة البقرة: آية 85.

[19] سورة الأنعام: آية 160.

[20] سورة آل عمران آية 30.

[21] سورة المؤمن أو غافر: آية 17.

[22] في بعض النسخ من الطاعة.

[23] سورة الزمر: آية 7.

[24] سورة آل عمران: آية 102.

[25] سورة الذاريات: آية 56 و 57.

[26] سورة النساء: آية 40.

[27] مضمون مأخوذ من الاية الواردة في سورة الأنفال آية 20.

[28] سورة البقرة آية 85.

[29] سورة الزخرف: آية 30.

[30] سورة الزخرف: آية 31.

[31] سورة الأحزاب: آية 36.

[32] محاضرات في أصول الفقه 2 / 89 - 87، و قد دوناها في البحوث الأصولية التي تلقيناها من سماحته.

[33] القلعة: ما علا من الأرض.

[34] في بعض النسخ «و وافقه».

[35] سورة الاسراء: آية 70.

[36] سورة التين: آية 4.

[37] سورة الانفطار: آية 6 و 7 و 8.

[38] سورة الحج: آية 38.

[39] سورة النحل: آية 14.

[40] سورة النحل: آية 8.

[41] سورة التغابن: آية 16.

[42] سورة البقرة: آية 286.

[43] سورة الطلاق: آية 7.

[44] سورة آل عمران: آية 91.

[45] سورة المجادلة: آية 4 و 5.

[46] السرب: بالفتح و الكسر - الطريق يقال: فلان مخلي السرب أي غير مضيق عليه.

[47] سورة النساء: آية 100.

[48] سورة النساء: آية 100.

[49] سورة النور: آية 31.

[50] الجدة: - بالكسر - الغني و القدرة.

[51] سورة التوبة: آية 91.

[52] سورة البقرة: آية 273.

[53] سورة آل عمران: آية 166.

[54] سورة الصف: آية 2.

[55] سورة النحل: آية 106.

[56] سورة البقرة: آية 225.

[57] سورة محمد: آية 33.

[58] سورة الاعراف آية 181.

[59] سورة العنكبوت: آية 1.

[60] سورة ص: آية 33.

[61] سورة طه: آية 87.

[62] سورة الاعراف: آية 154.

[63] سورة آل عمران: آية 152.

[64] سورة المائدة: آية 48.

[65] سورة القلم: آية 17.

[66] سورة الملك: آية 2.

[67] سورة البقرة: آية 123.

[68] سورة محمد: آية 5.

[69] سورة المؤمنون: آية 110.

[70] سورة الانعام: آية 28.

[71] سورة طه: آية 134.

[72] سورة الاسراء: آية 16.

[73] سورة النساء: آية 163.

[74] سورة فصلت: آية 17.

[75] سورة آل عمران: آية 7.

[76] سورة الزمر آية 18-17.

[77] سورة الزمر آية 18.

[78] تحف العقول (ص 475-458) و رواه الطبرسي في الاحتجاج بصورة موجزة.