بازگشت

زيارة الغدير


من أهم زيارات الأئمة الطاهرين - عند الشيعة الامامية - زيارة الغدير، فقد اهتموا بها اهتماما بالغا، لأنها رمز لذلك اليوم الخالد في دنيا الاسلام، ذلك اليوم الذي قرر فيه الرسول صلي الله عليه و آله المصير الحاسم لأمته، فنصب الامام أميرالمؤمنين عليه السلام خليفة علي المسلمين، و توجه بتاج الامامة و الخلافة، و تعتبر الشيعة يوم الغدير عيدا لهم لأنه المصدر الأصيل لكيانهم العقائدي، و انهم منذ فجر تاريخهم حتي يوم الناس هذا يزورون مرقد الامام أميرالمؤمنين عليه السلام في يوم الغدير و يجددون له الولاء و البيعة، و قد زاره الامام أبوالحسن الهادي عليه السلام في السنة التي أشخصه بها المعتصم من يثرب الي سر من رأي [1] ، و قد زاره بهذه الزيارة



[ صفحه 141]



التي هي من أروع و أجل الزيارات، فقد تحدث فيها عن فضائل الامام أمير المؤمنين عليه السلام و ما عاناه في عصره من المشاكل السياسية و الاجتماعية من فقرات هذه الزيارة:

و يجدر بنا أن نشير الي بعض فقرات هذه الزيارة التي هي من ملاحم أهل البيت عليهم السلام:

1- تحدث الامام أبوالحسن الهادي عليه السلام في زيارته (الغديرية) أن جده الامام أميرالمؤمنين عليه السلام هو أول من أسلم و آمن بالله، و استجاب لدعوة نبيه، يقول عليه السلام مخاطبا له:

«و أنت أول من آمن بالله و صلي له، و جاهد، و أبدي صفحته في دار الشرك، و الأرض مشحونة ضلالة و الشيطان يعبد جهرة...».

لقد تضافرت الأخبار بأن الامام أميرالمؤمنين عليه السلام هو أول من اعتنق الاسلام، و استجاب لنداء الله و دان بدينه، فقد روي الطبري بسنده عن ابن اسحاق قال: كان أول ذكر آمن برسول الله صلي الله عليه و آله و صلي معه، و صدقه بما جاءه من عندالله علي بن أبي طالب عليه السلام و هو يومئذ ابن عشر سنين [2] و روي الطبراني بسنده عن أبي ذر قال: أخذ رسول الله صلي الله عليه و آله بيد علي عليه السلام فقال: «هذا أول من آمن بي، و أول من يصافحني يوم القيامة...» [3] .

و قال رسول الله صلي الله عليه و آله لعائشة: «هذا علي بن أي طالب أول الناس ايمانا» [4] و كثير من أمثال هذه الأخبار قد أعلنت ذلك.

2- و تحدث الامام عليه السلام في زيارته عن جهاد الامام أميرالمؤمنين



[ صفحه 142]



عليه السلام و بسالته و شجاعته و صموده في الحروب قائلا:

«و لك المواقف المشهودة، و المقامات المشهورة، و الأيام المذكورة يوم بدر، و يوم الأحزاب، اذ زاغت الأبصار و بلغت القلوب الحناجر، و تظنون بالله الظنونا، هنالك أبتلي المؤمنون، و زلزلوا زلزالا شديدا، و اذ يقول المنافقون و الذين في قلوبهم مرض ما وعدنا الله و رسوله الا غرورا و اذا قالت طائفة منهم يا أهل يثرب لا مقام لكم فارجعوا و يستأذن فريق منهم النبي يقولون ان بيوتنا عورة و ما هي بعورة ان يريدون الا فرارا [5] و قال الله تعالي: (و لما رأي المؤمنون الأحزاب، قالوا: هذا ما وعدنا الله و رسوله و صدق الله و رسوله و ما زادهم الا ايمانا و تسليما) [6] فقتلت عمرهم و هزمت جمعهم، و رد الله الذين كفروا بغيظهم لم ينالوا خيرا، و كفي الله المؤمنين القتال، و كان الله قويا عزيزا، و يوم أحد اذ يصعدون و لا يلوون علي أحد و الرسول يدعوهم في أخراهم و أنت تذود بهم المشركين عن النبي صلي الله عليه و آله ذات اليمين و ذات الشمال حتي ردهم الله تعالي عنها خائفين و نصر بك الخاذلين، و يوم حنين علي ما نطق به التنزيل (اذ أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئا، و ضاقت عليكم الأرض بما رحبت ثم وليتم مدبرين، ثم أنزل الله سكينته علي رسوله و علي المؤمنين) و المؤمنون أنت و من يليك، و عملك العباس ينادي المنهزمين يا أصحاب سورة البقرة، يا أهل بيعة الشجرة حتي استجاب له قوم قد كفيتهم المؤونة، و تكلفت دونهم المعونة، فعادوا آيسين من المثوبة، راجين وعد الله تعالي بالمثوبة، و ذلك قول الله جل ذكره (ثم يتوب الله من بعد ذلك علي من يشاء) و أنت حائزدرجة الصبر، فائز بعظيم الأجر.

و يوم خبير اذ أظهر الله خور المنافقين، و قطع دابر الكافرين - والحمد



[ صفحه 143]



لله رب العالمين - و لقد كانوا عاهدوا الله من قبل لا يولون الأدبار، و كان عهد الله مسؤولا...

و أضاف الامام قائلا:

و شهدت مع النبي صلي الله عليه و اله جميع حروبه و مغازيه، تحمل الراية أمامه، و تضرب بالسيف قدامه، ثم لحزمك المشهور و بصيرتك في الأمور أمرك في المواطن، و لم يكن عليك أمير...».

و حفلت هذه الكلمات بنودا مشرفة من جهاد الامام أبي الحسين عليه السلام.

لقد نافح الامام أميرالمؤمنين عن الاسلام في جميع المواقف و المشاهد، و لقن أعداء الله دروسا قاسية، فقد استأصل اعلام الشرك و الالحاد بسيفه، و لو لا جهوده و جهاده لكان الاسلام أثرا بعد عين.

3- و عرض الامام في زيارته الي مبيت الامام علي فراش النبي صلي الله عليه و آله و وقايته له بنفسه حينما أجمعت قريش علي قتله، فكان الامام الفدائي الأول في الاسلام، يقول عليه السلام:

«و أشبهت في البيات علي الفراش الذبيح عليه السلام اذ أجبت كما أجاب، و أطعت كما أطاع اسماعيل صابرا محتسبا اذ قال له (يا بني اني أري في المنام أني أذبحك فانظر ماذا تري قال: يا أبت افعل ما تؤمر ستجدني ان شاء الله من الصابرين) و كذلك أنت لما أباتك النبي صلي الله عليه و آله و أمرك أن تضطجع في مرقده واقيا له بنفسك أسرعت الي اجابته مطيعا، و لنفسك علي القتل موطنا فشكر الله تعالي طاعتك، و أبان عن جميل فعلك بقوله: جل ذكره (و من الناس من يشتري نفسه ابتغاء مرضاة الله)...».

لقد كان مبيت الامام أميرالمؤمنين عليه السلام علي فراش النبي من أعظم العمليات الجهادية، فقد أنقذ الاسلام من أعظم كارثة كانت ملمة به،



[ صفحه 144]



و هكذا كانت حياة الامام علي عليه السلام كلها عطاء للاسلام.

4- و قد استعرض الامام عليه السلام في زيارته عن بعض الصفات الماثلة في جده الامام أميرالمؤمنين عليه السلام يقول:

«أشهد أنك لم تزل للهوي مخالفا، و للتقي محالفا، و علي كظم الغيظ قادرا، و عن الناس عافيا غافرا، و اذا عصي الله ساخطا، و اذا أطيع الله راضيا، و بما عهد اليك عاملا راعيان لما استحفظت، و حافظا لما استودعت، مبلغا ما حملت، منتظرا ما وعدت، و اشهد أنك ما اتقيت ضارعا، و لا أمسكت عن حقك جازعا و لا أحجمت عن مجاهدة غاصبيك ناكلا، و لا أظهرت الرضا بخلاف ما يرضي الله مداهنا، و لا هنت لما أصابك في سبيل الله، و لا ضعفت و لا استكنت عن طلب حقك مراقبا، معاذ الله أن تكون كذلك، بل اذا ظلمت احتسبت ربك، و فوضت اليه أمرك...».

و اعرب الامام عليه السلام عن بعض الصفات الرفيعة و المثل الكريمة الماثلة في شخصية جده أميرالمؤمنين، و التي كان منها:

1- مخالفته للهوي فلم يؤثر أي شي ء علي طاعة الله و رضاه.

2- مخالفته للتقي، فقد اعتنق كل نزعة خيرة، و فعل كل ما يقربه الي الله زلفي.

3- كظمه للغيظ.

4- عفوه عن المعتدين عليه.

5- سخطه علي العصاة و المارقين عن الدين.

6- ان امساك الامام عن حقه في الخلافة لم يكن مبعث ذلك عن و هن أو ضعف و انما كان ذلك لمصلحة الاسلام العليا.

و يستمر الامام عليه السلام في عرض صفات جده عليه السلام فيقول



[ صفحه 145]




پاورقي

[1] مفاتيح الجنان (ص 363) للشيخ عباس القمي.

[2] تاريخ الطبري 2 / 75.

[3] فيض القدير 4 / 358، كنزالعمال 6 / 156.

[4] الاستيعاب 2 / 759.

[5] سورة الأحزاب آية 13.

[6] سورة الأحزاب آية 22.