بازگشت

عبدالعظيم الحسني


هو السيد الشريف الحسيب النسيب من مفاخر الأسرة النبوية علما و تقي و تحرجا في الدين، و تلمح الي بعض شؤونه.

أ- نسبه الوضاح:

يرجع نسبه الشريف الي الامام الزكي أبي محمد الحسن بن علي سيد شباب أهل الجنة و ريحانة رسول الله صلي الله عليه و آله فهو ابن عبدالله بن علي بن الحسن بن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب عليه السلام [1] و ليس في دنيا الانساب نسب اسمي و لا أجل و أشرف من هذا النسب الرفيع الذي اعزالله به العرب و المسلمين.

ب - وثاقته و علمه:

كان ثقة عدلا، متحرجا في دينه كأشد ما يكون التحرج كما كان عالما و فاضلا و فقيها فقد روي أبوتراب الروياني قال: سمعت أباحماد الرازي، يقول: دخلت علي علي بن محمد عليه السلام بسر من رآي فسألته عن اشياء من الحلال و الحرام فاجابني عنها، فلما ودعته قال لي: يا حماد اذا اشكل عليك شي ء من امر دينك بناحيتك فسل عنه عبدالعظيم الحسني و اقرأه مني السلام [2] و دلت هذه الرواية علي فقهه و علمه.

ج - عرض عقيدته علي الهادي.



[ صفحه 195]



و تشرف السيد الجليل عبدالعظيم بمقابلة الامام الهادي عليه السلام فعرض علي الامام اصول عقيدته و ما يدين به قائلا:

«يا ابن رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم اني أريد ان اعرض عليك ديني فان كان مرضيا ثبت عليه...».

فقابله الامام ببسمات و قال له:

«هات يا أباالقاسم...».

و انبري عبدالعظيم يعرض علي الامام المبادي ء التي آمن بها قائلا:

«اني أقول: ان الله تبارك و تعالي ليس كمثله شي ء، خارج عن الحدين حد الابطال، وحد التشبيه، و انه ليس بجسم، و لا صورة، و لا عرض، و لا جوهر، بل هو مجسم الاجسام، و مصور الصور، و خالق الأعراض و الجواهر، و رب كل شي ء و مالكه، و جاعله و محدثه.

و ان محمدا عبده و رسوله خاتم النبيين، فلا نبي بعده الي يوم القيامة، و ان شريعته خاتمة الشرايع فلا شريعة بعدها الي يوم القيامة، و اقول: ان الامام و الخليفة، و ولي الأمر بعده اميرالمؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام ثم الحسن ثم الحسين ثم علي بن الحسين، ثم محمد بن علي ثم جعفر بن محمد، ثم موسي بن جعفر، ثم علي بن موسي، ثم محمد بن علي، ثم أنت يا مولاي.

و التفت اليه الامام فقال.

«و من بعدي الحسن ابني، فكيف للناس بالخلف من بعده؟.».

و استفسر عبدالعظيم عن الحجة من بعده قائلا:

«و كيف ذاك يا مولاي؟...».



[ صفحه 196]



قال الامام:

«لأنه لا يري شخصه، و لا يحل ذكره باسمه، حتي يخرج فيملأ الأرض قسطا و عدلا، كما ملئت ظلما و جورا...».

و انبري عبدالعظيم يعلن ايمانه بما قال الامام عليه السلام قائلا:

«اقررت، و اقول: ان وليهم الله ولي الله، و عدوهم عدو الله و طاعتهم طاعة الله، و معصيتهم معصية الله... و اقول: ان المعراج حق، و المسألة في القبر حق، و أن الجنة حق، و النار حق، و الصراط حق و الميزان حق، و ان الساعة آتية لا ريب فيها، و ان الله يبعث من في القبور.

و اقول: ان الفرائض الواجبة بعد الولاية - أي الولاية لأئمة أهل البيت عليهم السلام - الصلاة، و الزكاة و الصوم، و الحج و الجهاد و الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر...».

و بارك له الامام عقيدته قائلا:

«يا أباالقاسم هذا والله دين الله الذي ارتضاه لعباده، فاثبت عليه ثبتك الله بالقول الثابت في الحياة الدنيا و الآخرة...» [3] .

هربه الي الري:

و لما جهدت الحكومة العباسية الجائرة في ظلم العلويين و مطاردتهم فر هاربا السيد عبدالعظيم الي الري ليكون بمنجي من شرور العباسيين، و قد أقام في دار رجل شريف من الشيعة، و كان فيما يقول المؤرخون: قد اجهد نفسه علي العبادة فكان يصوم نهاره، و ينفق ليله ساهرا في عبادة الله و التضرع اليه شأنه شأن آبائه الذين احيوا لياليهم في طاعة الله و مناجاته.

و كان في اثناء اقامته في الري يخرج متسترا لزيارة قبر احد ابناء الامام



[ صفحه 197]



موسي بن جعفر عليه السلام [4] و هو - فيما نحسب - السيد الجليل السيد احمد المعروف بشاه چراغ، و قد علمت الشيعة التي في الري بمجيئه فكانت تتعهده بالزيارة [5] علي تستر خوفا من السلطة.

وفاته:

و مكث السيد عبدالعظيم مدة من الزمن بالري، و هو خائف وجل، قد أترعت نفسه بالأسي و الحزن علي ما حل بابناء عمومته من صنوف الظلم و الارهاق من قبل العباسيين الذي نصبوا العداء لأهل البيت، فتنكروا لهم كأشد ما يكون التنكر، فاذاقوهم جميع انواع المصائب و الكوارث.

و مرض السيد الجليل مرضا شديدا، و بقي أياما و هو يعاني آلاما قاسية كان من افجعها بعده عن أهله و وطنه، و اشتد به النزع ودنا اليه الموت فكان لسانه يلهج بذكر الله و شكره، و قد اختطفته المنية و هو في ديار الغربة ليس معه أحد من أهل بيته.

لقد انطوت بموته صفحة مشرقة من صفحات الجهاد الاسلامي، فقد اخمدت تلك الشعلة الوهاجة التي كانت تنير للناس طريقهم نحو العزة و الكرامة.

و هرع أهالي الري بجميع طبقاتهم لتشيع جنازة العلوي الغريب و قد شيعوه بتشييع حافل، و جاءوا بالجثمان المقدس الي مقره الأخير فواروه فيه، و قد واروا معه قطعة من كبد رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم و ثمرة من ثمراته، و قد شيدوا له مرقدا عظيما تزوره في كل يوم المئات من الزائرين متبركين به.



[ صفحه 198]




پاورقي

[1] النجاشي.

[2] معجم رجال الحديث 10 / 52.

[3] أمالي الصدوق و روي بصورة موجزة في وسائل الشيعة 1 / 13.

[4] النجاشي.

[5] النجاشي.