بازگشت

رجوع المتوكل لفتاوي الامام


و لم يجد المتوكل بدا من الرجوع الي الامام الهادي عليه السلام في المسائل التي ابتلي بها و تقديم فتواه علي سائر فقهاء عصره، و كان من بين تلك المسائل التي رجع فيها للامام عليه السلام ما يلي:

1- انه كان للمتوكل كاتب نصراني، و كان أثيرا عليه، فكان - لحبه له - يكنيه (أبانوح) فأنكر عليه جماعة من كتابه ذلك، و قالوا: لا يجوز أن يكني الكافر، فاستفتي فقهاء عصره فاختلفوا فطائفة أجازوا، و طائفة اخري منعت، و رفع بذلك استفتاءا الي الامام الهادي عليه السلام، فكتب في الجواب بعد البسملة الآية الكريمة (تبت يدا أبي لهب وتب) و كانت هذه الاجابة من ابدع ما أثر في عالم الفتيا فقد استشهد بالاية الكريمة، و قد أعلنت بوضوح جواز تكنية الكافر، فأخذ المتوكل بفتوي الامام [1] .

2- اعتل المتوكل فنذر ان عافاه الله أن يتصدق بدنانير كثرة، فلما أبل من مرضه جمع الفقهاء عن قدر ما يتصدق به فاختلفوا في ذلك فاستفتي الامام



[ صفحه 240]



فأجاب أنه يتصدق بثلاث و ثمانين دينارا، فعجب الفقهاء من ذلك، و قالوا للمتوكل: من أين له هذه؟ فأرسل اليه يطلب منه المدرك، فأجاب عليه السلام.

«ان الله تعالي يقول:«لقد نصركم الله في مواطن كثيرة) و قد روي أهلنا جميعا ان المواطن في السرايا كانت ثلاثة و ثمانين موطنا [2] .

و أضاف الامام في آخر الجواب و كلما زاد أميرالمؤمنين في فعل الخير كان أنفع له، و جدي عليه في الدنيا و الآخرة [3] .

3- و من بين المسائل التي رجع فيها المتوكل للامام انه قدم له رجل نصراني فجر بامرأة مسلمة، فأراد المتوكل أن يقيم عليه الحد، فأسلم النصراني، فقال يحيي بن أكثم: هدم ايمانه شركه و فعله، و قال بعض الفقهاء: يضرب ثلاث حدود و ذهب آخرون الي خلاف ذلك، فأمر المتوكل أن يستفتي الامام الهادي في هذه المسألة، فاستفتي فأجاب عليه السلام (يضرب حتي يموت) فأنكر يحيي و سائر الفقهاء ذلك، و قالوا: انه لم يجي ء بذلك، كتاب و لا سنة، فكتب المتوكل الي الامام عليه السلام ان فقهاء المسلمين قد أنكروا ذلك و قالوا: انه لم تجي ء به سنة، و لم ينطق به كتاب، فبين لنا لم أوجبت عليه الضرب حتي يموت؟ فأجاب عليه السلام بعد البسملة بالآية الكريمة (فلما رأوا بأسنا قالوا آمنا بالله وحده و كفرنا بما كنا به مشركين، فلم يكن ينفعهم ايمانهم لما رأوا بأسنا) [4] فأخذ المتوكل بفتوي الامام و أمر بضربه حتي مات [5] .



[ صفحه 241]




پاورقي

[1] بحارالأنوار المجلد الرابع.

[2] تاريخ الاسلام للذهبي رجال الطبقة السادسة و العشرين مصور تذكرة الخواص (ص 360).

[3] المنتظم 12 / ورقة 27 - 26 مصور.

[4] شرح شافية أبي فراس 2 / ورقة 167 مصور.

[5] سورة غافر: آية 83 و 84.