بازگشت

زيارته لمرقد الامام أميرالمؤمنين


و في السنة الأولي من تشريف الامام الي سر من رأي زار مرقد جده الامام أميرالمؤمنين عليه السلام، و قد صادفت زيارته يوم عيد الغدير، و قد زاره بالزيارة التي ألمحنا اليها عند الحديث عن بعض تراثه العلمي، و قد أثرت عنه زيارتان زار بهما جده أميرالمؤمنين عليه السلام و هما:

1- السلام عليك يا ولي الله، أشهد أنك أول مظلوم، و أول من غصب حقه فصبرت و احتسبت حتي آتاك اليقين، و أشهد أنك لقيت الله و أنت شهيد، عذب الله قاتليك بأنواع العذاب، و جدد عليهم العقاب، جئتك عارفا بحقك، مستبصرا بشأنك، معاديا لأعدائك، و من ظلمك ألقي علي ذلك ربي ان شاءالله... يا ولي الله ان لي ذنوبا كثيرة فاشفع لي الي ربك، يا مولاي، فان لك عندالله مقاما معلوما، وجاها عظيما، و شفاعة، و قد قال الله:(لا يشفعون الا لمن ارتضي) [1] .

لقد كان الامام أميرالمؤمنين عليه السلام أول مظلوم في الاسلام فقد غصب حقه، و اعتدي عليه، و تجرع صنوفا مرهقة من الكوارث و الخطوب محتسبا في ذلك الأجر عندالله.

2- و أثرت عن الامام أبي الحسن الهادي عليه السلام زيارة أخري لجده الامام أميرالمؤمنين عليه السلام، تعد من أروع زيارات الأئمة الطاهرين من ناحية علو مضامينها، و عرضها لبعض الأحداث التي جرت في العصر



[ صفحه 251]



الاسلامي الأول، و فيما يلي بعض فصولها:

«أشهد أن لا اله الا الله وحده لا شريك له، كما شهد الله لنفسه، و شهدت له ملائكته و أولوا العلم من خلقه لا اله الا هو العزيز الحكيم، و أشهد أن محمدا عبده و رسوله المرتضي، أرسله بالهدي و دين الحق ليظهره علي الدين كله و لو كره المشركون.

اللهم: اجعل أفضل صلواتك، و أكملها، و أنمي بركاتك، و أعمها، و أزكي تحياتك و أتمها علي سيدنا محمد عبدك و رسولك، و نجيك، و وليك و رضيك و صفيك، و خيرتك من خلقك، و خالصتك، و أمينك، الشاهد لك، و الدال عليك، و الصادع بأمرك، و الناصح لك، و المجاهد في سبيلك، و الذاب عن دينك، و الموضح لبراهينك، و المهدي الي طاعتك، و المرشد الي مرضاتك، و الواعي لوحيك، و الحافظ لعهدك، و الماضي علي انفاذ أمرك المؤيد بالنور المضي ء، و المسدد بالأمر المرضي، المعصوم من كل خطأ و زلل، المنزه من كل خطأ، و المبعوث بخير الأديان و الملل، و مقيم البنيان و الحجج، المخصوص بظهور الفلج، و ايضاح المنهج، المظهر من توحيدك ما استتر و المحيي من عبادتك ما دثر، و الخاتم لما سبق، و الفاتح لما انفلق، المجتبي من خلايقك، و المقام لكشف حقايقك، و الموضحة به أشراط الهدي، والمجلوة به غريب العمي، دافع جيشات الأباطيل، و دافع صولات الأضاليل، و المختار من طينة الكرم، و سلالة المجد الاقدم، و مغرس الفخار المعرق، و فرع العلاء المنشر، المورق المنتجب من شجرة الأصفياء و ذؤابة العلياء، و سرة البطحاء، بعثك له بالحق، و برهانك علي جميع الخلق، خاتم أنبيائك، و حجتك البالغة في أرضك و سمائك. اللهم: صل عليه صلاة ينغمر في جنب انتفاعه بها قدر الانتفاع، و يحوز من بركته التعلق بسببها ما يفوق قدر المتعلقين بسببه، وزده من بعد ذلك، من الاكرام و الاجلال ما يتقاصر عنه فسيح الأمال حتي يعلو من كرمك



[ صفحه 252]



أعلي مجال المراتب، و يرقي من نعمك أسمي منازل المواهب، وخذ له اللهم بحقه و واجبه من ظالمه و ظالم الصفوة من أقاربه...».

و أبدي الامام عليه السلام في هذه اللوحة الرائعة من صنوف التكريم و التعظيم لشخصية جده الرسول العظيم صلي الله عليه و آله بما يليق من سمو ذاته فقد أضفي عليه الألقاب الكريمة، و النعوت الحسنة، و وصفه بما هو أهله، مقرونا بجمال التعبير، و فصاحة الألفاظ و بلاغة الاداء، ثم شرع بعد هذا الي زيارة جده الامام أميرالمؤمنين عليه السلام قال:

«اللهم: و صل علي وليك، و ديان دينك، القائم بالقسط من بعد نبيك علي بن أبي طالب أميرالمؤمنين، و امام المتقين، و سيد الوصيين، و يعسوب الدين، و قائد الغر المحجلين، و قبلة العارفين، و علم المهتدين، و عروتك الوثقي، و حبلك المتين، و خليفة رسولك علي الناس أجمعين، و وصيه في الدنيا و الدين، الصديق الأكبر في الأنام، و الفاروق الأزهر بين الحلال و الحرام، ناصر الاسلام، و مكسر الأصنام، معز الدين و حاميه، و واقي الرسول و كافيه، المخصوص بمواخاته يوم الاخاء، و من هو منه بمنزلة هارون من موسي خامس أصحاب الكساء، و بعل سيدة النساء، المؤثر بالقوت بعد الطوي، و المشكور سعيه في هل أتي، مصباح الهدي، و مأوي التقي، و محل الحجي، و طود النهي، الداعي الي المحجة العظمي، و الظاعن الي الغاية القصوي، و السامي الي المجد و العلي، و العالم بالتأويل، و الذكري الذي اخدمته ملائكتك بالطاس و المنديل حين توضأ، و رددت عليه الشمس بعد دنو غروبها حتي أدي في أول الوقت لك فرضا، و أطعمته من طعام أهل الجنة حين منح المقداد قرضا، و باهيت به خواص ملائكتك اذ شري نفسه ابتغاء مرضاتك لترضي، و جعلت ولايته احدي فرائضك، فالشقي من أقر ببعض و أنكر بعضا... عنصر الأبرار، و معدن الفخار، و قسيم الجنة و النار، صاحب الاعراف، و أبي الائمة الأشراف



[ صفحه 253]



المظلوم، المغتصب، و الصابر المحتسب، و الموتور في نفسه و عترته، المقصود في رهطه، و أعزته، صل عليه صلاة لا انقطاع لمزيدها، و لا اتضاع لمشيدها.

اللهم: ألبسه حلل الأنعام، و توجه بتاج الاكرام، و ارفعه الي أعلي مرتبة و مقام حتي يلحق بنبيك عليه و علي آله السلام، واحكم له اللهم علي ظالميه انك العدل فيما تقضيه...».

و حفلت هذه الفقرات بالثناء العاطر علي الامام أميرالمؤمنين رائد الحكمة و العدالة الاجتماعية في الأرض، ثم خاطب الامام في زيارته سيدة نساء العالمين بضعة الرسول صلي الله عليه و آله فاطمة الزهراء عليهاالسلام قائلا:

«اللهم صل علي الطاهرة البتول الزهراء ابنة الرسول صلي الله عليه و آله أم الأئمة الهادين، سيدة نساء العالمين، وارثة خير الأنبياء، و قرينة خير الأوصياء القادمة عليك، متألمة من مصابها بأبيها، متظلمة مما حل بها من غاصبيها».

ثم عرض الامام الي الخطوب و الكوارث التي حلت ببضعة الرسول صلي الله عليه و آله و ريحانته، و وجه بعد ذلك زيارته الي أئمة أهل البيت عليهم السلام قائلا:«اللهم صلي علي الأئمة الراشدين، و القادة الهادين، و السادة المعصومين الأتقياء الأبرار، مأوي السكينة و الوقار، و خزان العلم، و منتهي الحلم و الفخار ساسة العباد، و أركان البلاد، و أدلة الرشاد، الأمجاد العلماء بشرعك، الزهاد، و مصابيح الظلم، و ينابيع الحكم، و أولياء النعم، و عصم الأمم، قرناء التنزيل و آياته، و امناء التأويل، و ولاته، و تراجمة الوحي و دلالاته، أئمة الهدي، و منار الدجي، و أعلام التقي، و كهف الوري،



[ صفحه 254]



و حفظة الاسلام، و حججك علي جميع الأنام الحسن، و الحسين سيدي شباب أهل الجنة، و سبطي نبي الرحمة، و علي بن الحسين السجاد زين العابدين، و محمد بن علي باقر علوم الدين، و جعفر بن محمد الصادق الأمين، و موسي بن جعفر الكاظم، الحليم، و علي بن موسي الرضا الوفي، و محمد بن علي البر التقي، و علي بن محمد المنتجب، الزكي و الحسن بن علي الهادي الرضي، و الحجة بن الحسن صاحب العصر و الزمان، وصي الأوصياء، و بقية الأنبياء المستتر عن خلقك، و المؤمل لاظهار حقك المهدي المنتظر، و القائم الذي به ينتصر.

اللهم: صل عليهم أجمعين صلاة باقية في العالمين تبلغهم بها أفضل محل المكرمين. اللهم الحقهم في الاكرام بجدهم و أبيهم، و خذلهم الحق من ظالميهم، اشهد يا مولاي، انكم المطيعون لله، القوامون بأمره، العاملون بارادته الفائزون بكرامته، اصطفاكم بعلمه، و اجتباكم لغيبه، و اختاركم لسره، و أعزكم بهداه، و خصكم ببرهانه، و أيدكم بروحه، و رضيكم خلفاء في أرضه، و دعاة الي حقة، و شهداء علي خلقه، و أنصارا لدينه، و حججا علي بريته، و تراجمة لوحيه، و خزنة لعلمه، و مستودعا لحكمته، عصمكم الله من الذنوب، و برأكم من العيوب، و ائتمنكم علي الغيوب، زرتكم يا مولاي عارفا بحقكم مستبصرا بشأنكم، مهتديا بهداكم، مقتفيا لأثركم، متبعا لسنتكم، متمسكا بولاتكم، معتصما بحبلكم، مطيعا لأمركم، مواليا لأوليائكم، معاديا لأعدائكم، عالما بأن الحق فيكم، و معكم متوسلا الي الله مستشفعا اليه بجاهكم، و حق عليه أن لا يخيب سائله، و الراجي ما عنده لزواركم.

اللهم: فكما وفقتني للايمان بنبيك، و التصديق لدعوته، و مننت علي بطاعته، و اتباع ملته، و هديتني الي معرفته، و معرفة الأئمة من ذريته، و أكملت بمعرفتهم الايمان، و قبلت بولايتهم و طاعتهم الأعمال و استعبدت



[ صفحه 255]



بالصلاة عليهم عبادك، و جعلتهم مفتاحا للدعاء، و سببا للاجابة، فصل عليهم أجمعين، و اجعلني بهم عندك وجيها في الدنيا و الآخرة و من المقربين.

اللهم اجعل ذنوبنا بهم مغفورة، و عيوبنا مستورة، و فرايضنا مشكورة، و نوافلنا مبرورة، و قلوبنا بذكرك معمورة، و أنفسنا بطاعتك مسرورة، و جوارحنا علي خدمتك مقهورة، و أسماءنا في خواصك مشهورة، و ارزقنا من لدنك مدرورة، و حوائجنا لديك ميسورة برحمتك يا أرحم الراحمين.

اللهم انجز لهم وعدك، و طهر بسيف قائمهم أرضك، و أقم به حدودك المعطلة، و أحكامك المهملة، و المبدلة، و أحيي به القلوب الميتة و اجمع به الأهواء المتفرقة، و اجل به اصداء الجور عن طريقتك حتي يظهر الحق علي يديه في أحسن صورته، و يهلك الباطل و أهله بنور دولته، و لا يستخفي بشي ء مخالفة أحد من الخلق.

اللهم عجل فرجهم، و أظهر فلجهم، واسلك بنا منهجهم، و امتنا علي ولايتهم،و احشرنا في زمرتهم، و تحت لوائهم، و أوردنا حوضهم، و اسقنا بكأسهم، و لا تفرق بيننا و بينهم، و لا تحرمنا شفاعتهم حتي نظفر بعفوك، و غفرانك، و نصير الي رحمتك و رضوانك اله الحق رب العالمين، يا قريب الرحمة من المؤمنين، و نحن أولئك حقا لا ارتيابا اذا أوحشنا التعرض لغضبه آنسنا حسن الظن به، فنحن واثقون بين رغبة و رهبة قد أقبلنا لعفوك و مغفرتك طلابا، و أذللنا لقدرتك و عزتك رقابا فصل علي محمد و آله الطاهرين، و اجعل دعاءنا بهم مستجابا و ولاءنا لهم من النار حجابا.

اللهم: بصرنا قصد السبيل لنتعمده، و مورد الرشد لنرده، و بدل خطايانا صوابا، و لا تزغ قلوبنا بعد اذ هديتنا، و هب لنا من لدنك رحمة، يا من تسمي من جوده و كرمه وهابا، و آتنا في الدنيا حسنة و في الآخرة حسنة و قنا



[ صفحه 256]



عذاب النار ان حقت علينا اكتسابا يا أرحم الراحمين...» [2] .

و ألقت هذه البنود من زيارة الامام عليه السلام الأضواء علي روحانية الامام التي هي امتداد لروحانية آبائه الذين هم مصابيح التقي، و أعلام الهدي، و الأدلاء علي مرضاة الله و طاعته.


پاورقي

[1] كامل الزيارات، مزار البحار.

[2] مزار البحار.