بازگشت

استجارته بالحائر الحسيني


و ألم مرض بالامام الهادي عليه السلام فرأي أن خير دواء له الاستجارة بمرقد سيد شباب أهل الجنة و أحد سبطي الرحمة الامام الحسين عليه السلام الذي ما استجار أحد بضريحه الا فرج الله عنه ما هو فيه من آلام الدنيا و خطوبها، و قد روي أبوهاشم الجعفري استجارة الامام عليه السلام و ذلك بعدة روايات، نذكرها و هي:

1- روي أبوهاشم الجعفري قال: دخلت أنا و محمد بن حمزة علي أبي الحسن نعوده و هو عليل فقال لنا: وجهوا قوما الي الحائر من مالي، فلما خرجنا من عنده قال لي محمد بن حمزة:

«يوجهنا الي الحائر، و هو بمنزلة من في الحائر؟».

لقد كان الامام الهادي بمنزلة جده الامام الحسين عليه السلام فهو مثله امام معصوم قد أذهب الله عنه الرجس و طهره تطهيرا، و اطمأن أبوهاشم بمقالة محمد بن حمزة، فمضي الي الامام عليه السلام و أخبره بذلك فقال عليه السلام:

«ليس هو هكذا ان لله مواضع يجب أن يعبد فيها، و حائر الحسين عليه



[ صفحه 257]



السلام من تلك المواضع» [1] .

2- روي أبوهاشم قال: دخلت علي أبي الحسن علي بن محمد و هو محموم عليل، فقال لي:

«يا أباهاشم رجلا من موالينا الي الحائر يدعو الله لي...».

و خرج أبوهاشم فاستقبل في الطريق علي بن بلال فأخبره بأمر الامام، و طلب منه السفر الي كربلاء ليدعو له، فبهر علي و قال:

«السمع و الطاعة، ولكني أقول: انه أفضل من الحائر - أراد المكان المقدس الذي دفن فيه الحسين - اذ كان بمنزلة من في الحائر، و دعاؤه لنفسه أفضل من دعائي له...».

لقد كان علي بن بلال عالما بمقام الامام عليه السلام و منزلته، فكيف بمضي للدعاء له عند مرقد الامام الحسين عليه السلام مع أن الحسين عليه السلام و حفيده الهادي كل منهما امام معصوم و هلا يدعو الامام لنفسه، و هو أفضل خلق الله، كل هذه النقاط كانت مدار تساؤل عند علي بن بلال، و بادر أبوهاشم فنقل حديثه للامام عليه السلام فأجابه عليه السلام:

«كان رسول الله صلي الله عليه و آله أفضل من البيت و الحجر، و كان يطوف بالبيت و يستلم الحجر، و ان لله تعالي بقاعا يجب أن يدعي فيها فيستجيب لمن دعاه و الحائر منها...» [2] .

لقد كان منطق الامام عليه السلام حافلا بالدليل فرسول الله صلي الله عليه و آله الذي هو سيد الكائنات و علة الموجودات أفضل من البيت الحرام، و أفضل من الحجر الأسود، مع أنه صلي الله عليه و آله كان يطوف بالبيت



[ صفحه 258]



و يستلم الحجر، و كذلك الامام هو أفضل من الحائر و بمنزلة من دفن فيه الا انه لا مانع من الدعاء له في ذلك المكان المقدس لأن لله تعالي بقاعا كريمة أحب أن يدعي فيها، و الحائر منها، و قد أكد الامام عليه السلام ذلك في حديث آخر له، فقد قال:«ان الله عزوجل جعل من أرضه بقاعا تسمي المرحومات أحب أن يدعي فيها فيجيب» [3] .

3- روي أبوهاشم قال: بعث الي أبوالحسن عليه السلام في مرضه و الي محمد بن حمزة فسبقني اليه محمد بن حمزة، فأخبرني أنه ما زال يقول: ابعثوا الي الحائر، فقلت: لمحمد، ألا قلت: أنا أذهب الي الحائر؟ فقلت له: جعلت فداك أنا أذهب الي الحائر، فقال: انظروا في ذلك، ثم قال: ان محمدا ليس له سر من زيد بن علي - يعني ليس زيدي العقيدة - و أنا أكره أن يسمع ذلك، قال: فذكرت ذلك لعلي بن بلال، فقال: ما كان يصنع بالحائر و هو الحائر؟ فقدمت العسكر - يعني سامراء - فدخلت عليه، فقال لي: اجلس، حين أردت القيام، فلما رأيته أنس بي ذكرت قول علي بن بلال، فعرضته عليه فقال لي:

«ألا قلت له: ان رسول الله صلي الله عليه و آله كان يطوف بالبيت، و يقبل الحجر، و حرمة النبي صلي الله عليه و آله و المؤمن أعظم من حرمة البيت، و أمره الله أن يقف بعرفة و انما هي موطن يحب الله أن يذكر فيها.

فأنا أحب أن يدعي لي حيث يحب الله أن يدعي فيها، و الحائر من تلك المواضع...» [4] .

ان الامام الحسين عزيز الله و حبيبه الذي فدي دين الله بروحه و دمه، و قدم أبناءه و أهل بيته و أصحابه قرابين خالصة لوجه الله، و قد جرت عليه من



[ صفحه 259]



الخطوب و الكوارث ما لم تجر علي أي مصلح اجتماعي في الأرض.

و قد منحه الله من الكرامات في الدنيا و الآخرة ما لم يمنحها لأي أحد من أوليائه سوي جده و أبيه، ففي الدنيا قد منحه من العزة و الكرامة ما لم يظفر بها أي انسان، فقد جعل مرقده مرقده الشريف ملجأ لكل ملهوف، و ملاذا لكل مكروب، و خصه باستجابة الدعاء تحت قبته، و أما في الدار الآخرة فهو الشفيع المطاع، و سيمنحه من الكرامة ما لا عين رأت و لا أذن سمعت.


پاورقي

[1] كامل الزيارات (ص 273) مزار البحار (ص 141).

[2] كامل الزيارات (ص 274) مزار البحار (ص 41).

[3] وسائل الشيعة 3 / 570.

[4] كامل الزيارات، فروع الكافي 4 / 567 و ذكر في هامشه تعليقا و ايضاحا لكلام الامام (ع).