بازگشت

تسلط الأتراك علي الحكم


و تسلط الأتراك علي زمان الحكم، و استولوا علي جميع أجهزة الدولة بحيث لم يعد للخليفة العباسي أي نفوذ أو سلطان، و انما كان الأمر بأيدي



[ صفحه 284]



الأتراك، فهم الذين يولون من شاءوا و يعزلون من شاءوا من الخلفاء فضلا عن الوزراء و العمال، و قد صور بعض الشعراء حالة المستعين العباسي بقوله:



خليفة في قفص

بين وصيف و بغا



يقول: ما قالا له

كما يقول الببغا [1] .



لقد عاد الخليفة سجينا كالببغا لا يملك من أمره شيئا تتلاعب الأتراك في سلطانه لا ارادة و لا اختيار، و انما كان خليفة بالاسم، و قد صور ذلك المعتمد نفسه بقوله:



أليس من العجائب أن مثلي

يري ما قل ممتنعا عليه



و تؤخذ باسمه الدنيا جميعا

و ما من ذاك شي ء في يديه [2] .



لقد تدهورت الخلافة، و فقدت هيبتها و هيمنتها، و لم يعد للخليفة أي أهمية و من طريف ما ينقل أنه لما ولي المعتز بالله استدعي بعض أصحابه جماعة من المنجمين فسألوه كم يبقي الخليفة علي كرسي الحكم؟ و كم المدة التي يعيش فيها؟ فانبري بعض الظرفاء فقال: أنا أعرف ذلك، فقالوا له: أخبرنا عن ذلك، فقال: ان الأمر بيد الأتراك فهم الذين يقررون مدة حكمه و حياته، فلم يبق أحد الا غلبه الضحك [3] .

و لما ولي المعتصم (اشناس) و جعل له الحق في أن يولي عليها ولاة من قبله و كان يدعي له علي المنابر [4] و كان الدعاء قبل ذلك مختصا بالخلفاء، و في أيام الواثق ولي (اشناس) علي بغداد و أمد في سلطانه الي آخر أعمال المغرب، و اسند اليه شؤون هذه الأقاليم يولي عليها من شاء من دون



[ صفحه 285]



مراجعته، و استخلفه علي جميع أمور الملك، و ألبسه و شاحين من جوهر [5] .


پاورقي

[1] مروج الذهب 4 / 61.

[2] الدريات للشابشي (ص 101).

[3] الفخري (ص 181).

[4] النجوم الزاهرة 2 / 229.

[5] تاريخ اليعقوبي 3 / 205.