بازگشت

فساد الحكم


و كان من النتائج المباشرة في استيلاء الأتراك علي السلطة هو فساد الحكم، و فقدان المسؤولية و كان من أبرز ألوان ذلك الفساد انتشار الرشوة و اختلاس الموظفين لأموال الشعب فكان الوزراء و الكتاب يختلسون أموال الخرائج و الضرائب، و ما كان يصير الي الدولة من البلدان المختلفة،



[ صفحه 286]



و قد صار الواثق في سنة (229ه) كتاب الدواوين و أخذ منهم ما يقرب من مليوني دينار [1] و صادر المتوكل أموال ابن الزيات التي اختلسها، كما صادر أموال كاتبه عمر بن الفرج الرخجي و يقال: انه أخذ منه ما قيمته مائة و عشرون ألف دينار و من أخيه مائة و خمسين ألفا [2] كما أخذ من قاضي القضاة يحيي بن أكثم خمسة و سبعين ألف دينار [3] و علق شوقي ضيف علي ذلك بقوله: و معني ذلك أن الوزراء و مثلهم الكتاب و الولاة كانوا يختلسون أموال الدولة و الأمة، و يخيل الي الانسان أنه لم يعد هناك موظف كبير في الدولة لا يقترف هذه الجريمة النكراء،، و كان الولاة يرشون الوزراء ليظلوا في ولايتهم، و بلغت الرشوة أحيانا مائتي ألف دينار غير ما يرافقها من التحف و الهدايا [4] و حتي رجال الحسبة كانوا يرتشون، و يختلسون الأموال في أثناء مراقبتهم للتجار و حركة البيع و الشراء في الأسواق علي نحو ما يروي عن أحمد بن الطيب بن مروان الرخسي الفيلسوف اذ خان الأمانة في ولاية الحسبة ببغداد و كان من جملة ما أخذه مائة و خمسين ألف دينار [5] و لا نبالغ اذا قلنا أنه كان يتورط في هذا الاختلاس، و ما يطوي فيه من الرشوة أكثر موظفي الدولة [6] .

ان انتشار الرشوة علي هذا النحو الهائل دليل واضح علي فساد المسؤولين في جهاز الحكم العباسي، و ان أغلب الموظفين كانوا يختلسون أموال المسلمين بغير حق.



[ صفحه 287]




پاورقي

[1] تاريخ الطبري 9 / 125.

[2] مروج الذهب 4 / 19.

[3] الطبري 9 / 197.

[4] الفخري (ص 178).

[5] مروج الذهب 4 / 170.

[6] العصر العباسي الثاني (ص 121-120).