بازگشت

كراهة الحكم العباسي


و كره المسلمون بجميع اتجاهاتهم و ميولهم الحكم العباسي، و تمنوا زواله لحظة بعد أخري، و ذلك لسوء سياستهم الملتوية التي لم تتفق في



[ صفحه 289]



أغلب بنودها مع أحكام الشريعة الاسلامية، و التي ذل فيها الأحرار، و ساد فيها الأشرار، و قد أعلن ابن بسام الشاعر الجري ء احساس الجماهير، و رغباتهم الملحة في الخلاص من الحكم العباسي بقوله:



ألا يا دولة السفل

اطلت المكث فانتقلي



و يا ريب الزمان افق

نقضت الشرط في الدول [1] .



و أعرب محمد بن داود الجراح عن كراهته و بغضه للحكم العباسي بقوله:



قد ذهب الناس فلا ناس

و جاء بعد الطمع اليأس



و صارت السفلة ساداتنا

و صار تحت الذنب الرأس [2] .



ان فساد الحكم العباسي قد جر للمسلمين الويلات و الكوارث، و ألقاهم في شر عظيم... و صور القاضي التنوخي علي بن محمد قاضي البصرة بأبيات مثل فيها ظلم العباسيين و جورهم قال:



هو السلب المغصوب لا تملكونه

و هل سالب للغصب الا كغاصب



بنا نلتم ما تلم من امارة

فلا تظلموا فالظلم مر العواقب



و لما ملكتم صرتم بعد ذلة

أسودا علينا داميات المخالب



و كم مثل زيد قد أبادت سيوفكم

بلا سبب غير المظنون الكواذب



و نعي التنوخي بهذه الأبيات علي العباسيين ظلمهم و اضطهادهم للرعية، و ذكرهم بما كانوا فيه من الذلة و الهوان في المجتمع الاسلامي قبل أن يتقلدوا السلطة و الحكم الا انهم لما استولوا علي مقاليد الحكم عادوا أسودا جارحة علي الرعية ينهشون بها، و ينهبون ثرواتها، فقد بنيت سياستهم



[ صفحه 290]



علي قتل العظماء و المصلحين، فكم قتلوا أمثال الشهيد العظيم زيد بن الامام علي بن الحسين الذي استشهد في سبيل العدالة الاجتماعية في أيام الأمويين فقد أبادوا كوكبة من العلويين أمثال يحيي بن عمرو بن الحسين و غيره ممن قاوموا الظلم و الاستبداد.

و علي أي حال فقد كره المسلمون الحكم العباسي، و نقموا عليهم ظلمهم للرعية و استبدادهم بشؤونها.


پاورقي

[1] محاضرات الأدباء 1 / 176.

[2] الوافي بالوفيات 3 / 62.