بازگشت

الجعفري


أما الجعفري فهو من أهم قصور المتوكل، و قد أنفق علي بنائه ألفي ألف دينار [1] و بعدما تم بناؤه استدعي أرباب الملاهي فقدموا له بعض الملاهي المضحكة فأعطاهم مليوني درهم [2] و وصف البحتري هذا القصر بقوله:



قد تم حسن الجعفري و لم يكن

ليتم الا بالخليفة جعفر



ملك تبوأ خير دار انشئت

في خير مبدي للأنام و محضر



في رأس مشرفة حصاها لؤلؤ

و ترابها مسك يشاب بعنبر



مخضرة و الغيث ليس بساكب

و مضيئة و الليل ليس بمقمر



ظهرت لمخترق الشمال و جاورت

ظلل الغمام الصائب المستغزر



و أضاف بعد هذا الوصف الرائع للقصر و ترابه و حدائقه قائلا:



[ صفحه 311]





فرفعت بنيانا كأن مناره

اعلام رضوي أو شواهق صئبر



ازري علي همم الملوك و غض من

بنيان كسري في الزمان و قيصر



عال علي لحظ العيون كأنما

ينظرن منه الي بياض المشتري



بانيه باني المكرمات و ربه

رب الأخاشب و الصفا و المشعر



ملأت جوانبه الفضاء و عانقت

شرفاته قطع السحاب الممطر



و تسير دجلة تحته ففناؤه

من لجة غمر و روض اخضر [3] .



و حكي هذا الشعر ضخامة بناء (الجعفري) و روعة هندسته و تصميمه، فقد كان في علوه و ارتفاعه يضارع اعلام رضوي، و كان في سعته قد ملأ الفضاء، و عانق في شرفاته قطع السحاب... و وصف البحتري روعة (الجعفري) و جميل بنائه بقوله:



أصبحت بهجة النعيم و أمست

بين قصر الصبيح و الجعفري



في البناء العجيب و المنزل الا

نس، و المنظر الجميل البهي



و رياض تصبو النفوس اليها

و تحيا بنو رهن الجني [4] .



لقد هام البحتري اعجابا بالجعفري، و ذكره في روائع شعره، و مما قاله فيه:



واري قصرك استبد مع الحسن

بفضل ما اعطيته القصور



رق فيه الهواء، و اطرد السماء

فساحت في ضفتيه البحور



طالعتك السعود فيه و تمت

لك فينا النعمي و دام السرور [5] .



و انتقل المتوكل الي الجعفري كما انتقل معه عامة أهل سامراء حتي



[ صفحه 312]



كادت تخلوا من السكان [6] و في ذلك يقول أبوعلي البصير:



أصبحت قفارا سر من رأي ما بها

الا لمنقطع به مثلوم



تبكي بظاهر وحشة و كأنها

ان لم تكن تبكي بعين تسحم



كانت مطلم كل أرض مرة

منهم فصارت بعدهن تظلم



رحل الامام فأصبحت و كأنها

عرصات مكة حين يمضي الموسم



و كأنما تلك الشوارع بعض ما

أجلت أياد في البلاد وجوهم



كانت معادا للعيون فأصبحت

عظة و معتبرا لمن يتوسم



و كأن مسجدها المشيد بناؤه

ربع أحال و منزل مترسم



و اذا مررت بسوقها لم تثن عن

سنن الطريق و لم تجد من يزحم



و تري الذراري و النساء كأنهم

خلق أقام و غاب عنه القيم [7] .



و قد اخني الزمان علي (الجعفري) فصيره من الخرائب و الأنقاض التي نبذتها حتي الوحوش، و هو يحكي ظلم المتوكل و جوره، يقول الجواهري:



و الجعفري و لم يقصر رسمه

الباقي برغم الدهر عن تمثيله



بادي الشحوب تكاد تقرأ لوعه

لنعيمه المسلوب فوق طلوله



و كأنما هو لم يجد عن جعفر

بدلا يسر به و لا عن جيله



فضت مجالسه به و خلون من

شعر الوليد بها و من ترتيله [8] .




پاورقي

[1] معجم البلدان 2 / 143.

[2] تاريخ الطبري 9 / 212.

[3] ديوان البحتري 1 / 41 - 40.

[4] ديوان البحتري 2 / 68.

[5] ديوان البحتري.

[6] معجم البلدان 2 / 143.

[7] اشعار أبي علي البصير (ص 168 -167) تحقيق يونس السامرائي.

[8] ديوان الجواهري.