بازگشت

انتشار الخمر


و شاع شرب الخمر في ذلك العصر، و تعاطاه المتوكل العباسي و سائر وزرائه و حاشيته، و كان عندهم شيئا مألوفا، و لم يعتنوا بتحريم الاسلام له و تشديده في عقابه.

و كان اهداء قناني الخمر عند العباسيين من اثمن الهدايا، فقد روي عبدالله بن احمد بن حمدون النديم عن أبيه قال: غزونا مع المأمون و المعتصم بلد الروم فاهدي الينا محمد بن عبدالملك الزيات شرابا عتيقا عراقيا، و كتب معه هذه الابيات:



ما ان تري مثلي فتي

اندي يدا و اعم جودا



اسقي الصديق ببلدة

لم يرو فيها الماء عودا



صفراء صافية كأن

علي جوانبها العقودا



فان استقل بشكوها

أوجهت بالشكو المزيدا



خذها اليك كأنما

كسيت رجاجتها فريدا



فاجعل عليك بأن تقوم

بشكرها ابدا عهودا [1]



و كان المتوكل من اكثر ملوك بني العباس شغفا بالخمر، و تعاطيا له، و قد وصف البحتري مجلسا من مجالس شرب المتوكل بهذه الأبيات:



قلوب شجتهن الخدود الملائح

و ساق بدا كالصبح و الليل جانح





[ صفحه 340]





يدير كؤوسا من عقار كأنها

من النور في ايدي السقاة مصابح



فللراح ما تجري عليه دماؤهم

و للشوق ما ضمت عليه الجوانح



وندمان صدق في جوار خليفة

عدا بين كفيه الندي و الصفائح [2] .



لقد قضي المتوكل معظم حياته بين كؤوس الخمر، و قد قتل و هو سكران ثمل لا يعي أي شي ء... و اذا كان الخليفة لا يتأثم من شرب الخمر الذي حرمه الله، فكيف بغيره من جهاز دولته و سائر الناس.


پاورقي

[1] التحف و الهدايا (25 - 24).

[2] الاغاني 5 / 106 - 105 طبع دار الكتب.