بازگشت

الخلاعة و المجون


و انتشرت الخلاعة و المجون في اكثر ايام ملوك بني العباس، و كانت ظاهرة بارزة ليست عند الملوك فحسب، و انما هي عند غيرهم من سائر الناس، و لنستمع الي الشاعر ابي علي البصير الذي مضي الي بيت الله الحرام، و لما ادي فريضته الحج عاد الي خلاعته و مجونه قال:



اتينا بعدكم مكة

حجاجا و زوارا



و مسحنا من الكعبة

اركانا و استارا



و جئنا القبر قبر المصطفي

أحمد زوارا



و قال الناس هل أحدث

هذا لك اقصارا



و هل أحسنت للتوبة

من قلبك اضمارا



فلما شارف الحيرة

حادي ابلي حارا



و قد كان يغور النحم

للاصباح أوغارا



فقلت: احطط بها رحلي

و لا تعبأ بمن سارا



فجددنا عهودا اسلفت

و آثارا



و قضينا لبانات

لنا كانت و اوطارا



و صاحبنا بها ديرا

و قسيسا و خمارا





[ صفحه 341]





و ضبيا عاقدا بين النقا

و الخصر زنارا



اذا حكمته جار

و ان حاربته جارا



فما ظنك بالحلفاء

ادنيت لها النارا [1] .



أرأيتم خلاعة هذا الشاعر و استهتاره، و تمرده علي القيم الاسلامية و الآداب الاجتماعية، و لنستمع الي شاعر ماجن آخر من شعراء ذلك العصر يقول:



سقيا لشهر الصوم من شهر

عندي له ما شاء من شكر



كم من عزيز فيه فزنا به

انهضه الليل من الوكر



و من امام كان لي وصله

الي كحيل العين بالسحر



لو كان يدري بالذي خلفه

اعجله ذاك عن الوتر



و خلة زارتك مشتاقة

في ليلة القدر علي قدر



فانصرف الناس بما أملوا

و بؤت بالآثام و الوزر [2] .



ان السلوك العام للمواطنين في ذلك العصر كان متجها نحو الطرب و المجون، و قد شجعهم علي ذلك تهالك ملوك بني العباس علي اللذة و الفجور، و اللهو و لم تكن للحياة الروحية أي أثر في قصورهم، و لا في سلوكهم... و بهذا ننهي الحديث عن عصر الامام عليه السلام.



[ صفحه 345]




پاورقي

[1] الشعراء و الكتاب في العراق (ص 203) نقلا عن البصائر و الذخائر.

[2] ديون المعاني (ص 234).