بازگشت

تعريف بأحد سادة العارفين


ولد البدر الزاهر، الامام العاشر، ذو العز الباذخ و المجد الشامخ، أبوالحسن علي الهادي، بن الامام محمد الجواد عليه السلام، بصريا من ضاحية مدينة الرسول صلي الله عليه وآله و سلم، للنصف من ذي الحجة سنة اثنتي عشرة و مئتين للهجرة النبوية الشريفة - في عهد المأمون...

و توفي في سر من رأي - سامراء - بالعراق، يوم الاثنين في الثالث من رجب، سنة أربع و خمسين و مئتين - في عهد المعتز - ابن المتوكل -. و قيل انه توفي في عهد أبيه خطأ، ولكن المتوكل هو الذي أشخصه من المدينة الي سامراء تحت حراسة يحيي بن هرثمة بن أعين، فأقام فيها حتي مضي لسبيله مسموما، و دفن في داره، و كان له يؤمئذ احدي و أربعين سنة و ستة أشهر و اثنا عشر يوما [1] .



[ صفحه 38]



و كانت مدة امامته ثلاثا و ثلاثين سنة و أشهرا، لأن أباه سلام الله عليه مضي سنة مئتين و عشرين للهجرة الكريمة، فيكون قد أقام في حياته ثماني سنوات و أشهرا، ثم تولي الأمر غلاما كأبيه عليهماالسلام، و أداه قسطه من الحيطة بقية عمره الشريف الذي قضي منه في سر من رأي عشرين سنة كان فيها مكرما من السلطة في ظاهر حاله، و مهابا من الجميع في واقع الأمر و ان كان المتوكل - خاصة - قد اجتهد في ايقاع حيلة به ليقتله فلم يتمكن من ايجاد مغمز يخوله الفتك به؛ و ستقرأ آيات بينات له عليه السلام معه تشهد علي ذلك» [2] .

و كانت في أيام امامته بقية ملك المعتصم، ثم ملك الواثق خمس سنين و سبعة أشهر، و ملك المتوكل أربع عشرة سنة، ثم ملك ابنه المنتصر ستة أشهر، ثم ملك المستعين سنتين و تسعة أشهر، ثم ملك المعتز ثماني سنين و ستة أشهر، و في آخر ملكه استشهد هذا الولي الزكي عليه السلام [3] .



[ صفحه 39]



فلم يعش امامنا سلام الله عليه عمرا طويلا، ولكنه قضاه حافلا بجلائل الأعمال و الأقوال، و بما أتي من الحق في مجالس أهل الباطل، و بما كرس من العدل في مواطن الظلم، و بما أرسي من الايمان، و رسخ من العقيدة التي ينبغي أن يدان الله تعالي بها، فزاد أتباعه زيادة ملموسة حتي أنهم كان يعج بهم قصر الخلافة سرا و ظاهرا، و كانوا ينتشرون في الجيش بين قواده و أفراده، مضافا الي كثيرين كثرين من أفراد الرعية و الولاة كما ستري.

و قد كان عليه السلام اذا تكلم نطق بالصواب فأسكت أهل النأفأة من مشايخ الفقهاء و قضاة البلاط، و أهل التأتأة من الوزراء و الأمراء و سائر الملتفين حول معتلف السلطان، و اذا ظهر للناس في الشارع أو في ردهات القصر و صالاته توقع المتعالون و انكفأوا علي ذواتهم، و ذاب أعداؤه و مناوئوه في لظي حقدهم و حسراتهم، و اذا حضر مجالسهم أحلوه الصدر و انتهي اليه الأمر، و كان فيما بينهم السيد «المفدي» بالنفوس و الأهل، و اذا غاب عنهم صروا بأنيابهم حنقا و عضوا الأنامل من الغيظ!.

«و كانت صفته - كما جاء في الفصول المهمة - أسمر اللون، و نقش خاتمه: الله ربي و هو عصمتي من خلقه، و له خاتم نقشه: حفظ العهودت من أخلاق المعبود» [4] .

و ألقابه: الناصح، و المتوكل، و النجيب، و الفتاح، و المؤتمن، و النقي، و المرتضي، و العالم، و الفقيه، و الأمين، و الطيب، و العسكري، و أبوالحسن الثالث، ثم الهادي الذي هو أشهر ألقابه... [5] و لقب



[ صفحه 40]



بالعسكري لأنه لما أشخص من المدينة الي سر من رأي و أسكنه الخليفة فيها و كانت تسمي العسكر، عرف بالعسكري. فهو علي، و كنيته أبوالحسن، لا غيرها [6] .

أما أمه المعظمة فأم ولد اسمها سمانة المغربية، و تلقب بأم الفضل، و كانت تدعي في زمانها بالسيدة اطلاقا [7] تقديرا لكرامتها و سمو منزلتها.

قال محمد بن الفرج بن ابراهيم بن عبدالله بن جعفر: «دعاني أبوجعفر، الجواد عليه السلام، فأعلمني أن قافلة قد قدمت، فيها نخاس معه جواري. و دفع الي بستين دينارا، و أمرني بابتياع جارية و صفها.

فمضيت فعلمت ما أمرت به، فكانت تلك الجارية أم أبي الحسن عليه السلام» [8] .

و لامامنا شهادة كريمة بحق أمه عليه السلام - رواها عنه محمد بن الفرج المذكور، و علي بن مهزيار - قالا فيها:

أمي عارفة بحقي، و هي من أهل الجنة، لا يقربها شيطان مارد، و لا ينالها جبار عنيد؛ و هي مكلوءة بعين الله التي لا تنام، و لا تختلف عن أمهات الصديقين و الصالحين» [9] .

و كلمة «أم ولد» فيها ما فيها عند ضعفاء النفوس الذين يجهلون أن أكثر أمهات الأولاد عريقات الأصل و من كرائم الأسر، لأنهن يتحدرن من أشرف



[ صفحه 41]



العائلات اللواتي يأسر الغزاة و الفاتحون المنتصرون نساءهن و يبيعونهن في سوق النخاسة انتقاما من أهلهن، اذ من المعلوم أنه لا يؤسر بنات السوقة و عامة البشر... و كم و كم بين العلماء و الفقهاء و الملوك و السلاطين و الأمراء و العظماء و الفلاسفة و الكبراء من أمهاتهم أمهات أولاد اذا ما رجعنا الي التاريخ!.

هذا، و أمهات الأولاد أعف بكثير من البنات اللواتي ربين في القصور المليئة بالمفاسد و الموبقات، و أكثر حدبا علي راحة الأزواج، و أشد حصانة من بنات الحضر اللائي بنغمسن في حياة اللهوم و الطيش و نعومة العيش...

و قد عقدنا فصلا حول هذا الموضوع في كتابنا «الامام الجواد» عليه السلام و ذكرنا كثيرا من الأحاديث النبوية الشريفة و أخبار الأئمة الحاثة علي التزوج من الاماء، و لن نكرر هنا لعلمنا بأن أكثر القراء يعرفون عظماء و علماء و أصحاب مذاهب و لدوا من أمهات أولاد كن مملوكات... و كم و كم بين أمهات الأولاد من كاملات!. و كم و كم بين «سيدات المجتمع» المتحضر من ساقات!.

و امامنا الهادي عليه السلام غني عن التعريف لاشتهار علمه و فضله و مآثره الفاخرة و معاجزه الباهرة التي ظهرت لمعاصريه رغم أن السلطات الزمينة حاولت اطفاء نوره فأبي الله الا اظهاره و لو كره الظالمون و عبدة السلطان المتخومون، و كتبة التاريخ المزور المأجورون!.

لقد كان علي جانب كبير من العظمة التي لم تخف علي أهل زمانه أصحابا و أعداء، و برهن علي أنه فرع زكي من الشجرة المباركة التي خلد ذكرها القرآن الكريم.

قال فيه أعدي أعداء الشيعة الامامية، ابن حجر الهيثمي في «صواعقه



[ صفحه 42]



المحرقة»: كان وارث أبيه علما و سخاء» [10] .

و وصفه العلامة المجلسي قدس الله سره في «بحاره» الزاخرة بقوله: «كان أطيب الناس مهجة، و أصدقهم لهجة، و أصلحهم من قريب، و أكملهم من بعيد. اذا صمت علته هيبة الوقار، و اذا تكلم علاه سيماء البهاء!. و هو من بيت الامامة و مقر الوصية و الخلافة، شعبة من دوحة النبوة منتضاة مرتضاة، و ثمرة من شجرة الرسالة مجتناة مجتباة» [11] .

و قال فيه الشيخ المفيد رضوان الله عليه: «و كان الامام - بعد أبي جعفر عليه السلام - ابنه أبا الحسن، علي بن محمد عليه السلام، لاجتماع خصال الامامة فيه، و تكامل فضله، و أنه لا وارث لمقام أبيه سواه، و ثبوت النص عليه بالامامة، و الاشارة اليه من أبيه بالخلافة» [12] .

و قال القطب الراوندي: «و أما علي بن محمد، الهادي عليه السلام، فقد اجتمعت فيه خصال الامامة، و تكامل فضله و علمه و خصال الخير. و كانت أخلاقه كلها خارقة للعادة كأخلاق آبائه. و كان بالليل مقبلا علي القبلة - للعبادة - لا يفتر ساعة، و عليه جبة صوف، و سجادته علي حصير. و لو ذكرنا محاسن شمائله لطال بها الكتاب» [13] .

فهو سلام الله عليه من دوحة العلي في أعلاها، و من سدرة المنتهي في منتهاها، و قد أجمع معاصره علي علمه الوافر، و فضله الظاهر، و حكمته البالغة، و سكينته و وقاره، و حلمه و هيبته، فأجلوه مختارين و مرغمين، و انتهوا الي حكمه في كل مسألة عوصاء، و عملوا بفتواه في كل قضية عجز



[ صفحه 43]



عن الافتاء فيها الفقهاء، و كانوا كلما استبهم عليهم أمر دعوة اليه، صلوات الله و سلامه عليه...

ذكر في اثبات الوصية أن الخضر بن محمد البزار، الشيخ المستور الثقة عند القضاة و سائر الناس، حكي القصة التالية قبيل اشخاص الامام الي سر من رأي، فقال:

«رأيت في المنام كأني علي شاطي ء دجلة بمدينة السلام، في رحبة الجسر - أي الساحة العامة ببغداد - و الناس مجتمعون، خلق كثير يزحم بعضهم بعضا، و هم يقولون: قد أقبل البيت الحرام!.

فبينا نحن كذلك اذ رأيت البيت - الكعبة أعزها الله - بما عليه من ستائر الديباج و القباطي - و هو كتان من صنع القبط - قد أقبل مارا علي الأرض يسير - حتي - عبر الجسر، من الجانب الغربي الي الجانب الشرقي، و الناس يطوفون به و بين يديه حتي دخل دار خزيمة... الي أن قال:

فلما كان بعد أيام خرجت في حاجة حتي انتهيت الي الجسر، فرأيت الناس مجتمعين و هم يقولون: قد قدم ابن الرضا عليه السلام من المدينة. فرأيته قد عبر من الجسر علي شهري تحته كبير يسير سيرا رفيقا، و الناس بين يديه و خلفه!. و جاء حتي دخل دار خزيمة بن حازم - فعلمت أنه تأويل الرؤيا التي رأيتها -. ثم خرج الي سر من رأي [14] .

و قد صدق حلمك، و صدقت يا ابن البزاز في تأويله، ففي الخبر المروي أن «الرؤيا الصادقة جزء من سبعين جزءا من النبوة». أي أن ماينبأ به



[ صفحه 44]



المرء في منامه، قد يبلغ من الصدق - أحيانا - حدا يشبه ما ينبأ به النبي من وحي أثناء غيبوبته في شبه المنام.

و كأني برؤياك لم تعد الحق - عين الحق - لأن البيت الحرام هو بيت الله عزوجل، و الامام هو من خير سدنة ذلك البيت الكريم، فلا جرم أن يرمز البيت الكريم الي سادنه العظيم، و أن يلقي الله عزوعلا علي قلبك... و أنت الشيخ الثقة - «علما» ليس من أضغاث الأحلام و لا من تخاليط المنام، لينبه عباده الغافلين الي أن هذا الامام العزيز علي الله تعالي، قد أشخصه الحاكم الظالم الي دار سلطنته. فجاء في موكبه الجليل يحمل بين جنبيه أمر الله جل و عز، كما يحمل بيته الكريم عنوان التعبد له سبحانه بأوامره و نواهيه، فيطاف من حول البيت الحرام امتثالا لما فرض، و يطاف بسادن ذلك البيت انتجاعا لمن حلل الله تعالي و حرم، فان لهذا الامام عليه السلام آيات نتلوها في هذا الكتاب تدع الانسان مبهورا، اذ كانت لا تتوافر لأحد في الخلق - اذا استثنينا آله عليهم السلام - ظهر أمرها منذ طفولته الرشيدة، و دام حتي منتهي عمره الشريف.

فمن ظواهر العجب في عهد صباوته ما حدث به الحسن بن علي الوشاء الذي قال: «حدثتني أم محمد - مولاة أبي الحسن الرضا بالحير - أي بكربلاء - و هي مع الحسن بن موسي، قالت:

جاء أبوالحسن (عليه السلام) قد رعب حتي جلس في حجر أم أبيها بنت موسي فقالت له: مالك؟.

فقال لها: مات أبي و الله الساعة!.

فقالت له: لا تقل هكذا.

قال: هو و الله كما أقول لك.



[ صفحه 45]



قال: فكتبنا ذلك اليوم، فجاءت وفاة أبي جعفر في ذلك اليوم» [15] .

و كذلك حدث هارون بن الفضل قائلا: «رأيت أباالحسن عليه السلام في اليوم الذي توفي فيه أبوجعفر، فقال عليه السلام: أنا لله، و انا اليه راجعون... مضي أبوجعفر!.

فقيل له: و كيف عرفت ذلك؟!.

قال: تداخلني ذلة لله لم أكن أعرفها» [16] .

ثم روي محمد بن عياض، عن هارون، عن رحيل - و كان رضيع أبي جعفر الثاني عليه السلام - قال: «بينا الحسن عليه السلام جالس مع مؤدبه اذ بكي بكاء شديدا، فسأله المؤدب: مم بكاؤك؟.

فلم يجبه. فقال: ائذن لي بالدخول.

فأذن له، فارتفع الصياح من داره بالبكاء!. ثم خرج الينا، فسألوه عن السبب في بكائه، فقال: ان أباجعفر عليه السلام توفي الساعة.

قال: قلنا له: فما علمك؟!.

قال: دخلني من اجلال الله عزوجل شي ء لم أكن أعرفه قبل، فعلمت أن أبي قد مضي.

قال: فعرفنا ذلك اليوم و الشهر، الي أن ورد خبره، فاذا هو في ذلك الوقت بعينه» [17] .



[ صفحه 46]



و في كتابنا «الامام الجواد» عليه السلام، تكلمنا حول هذه الذلة لله سبحانه، و كيف تتداخل الامام - خاصة و دون غيره - حين يموت أبوه و يفضي الأمر اليه، فيخلع الله تعالي عليه سربال ولايته، و يلبسه جلباب اصطفائه لخلافته في أرضه، و يلقي اليه بمرسوم اختياره حجة من بين خليقته، و يهبه من علمه ما لا يهب لغيره، فيحس بما لا نحس به من عظمة الألوهية، و يشعر بأن «الأمر» قد صار اليه... فيتواضع تواضع العبد الذليل بين يدي الرب الجليل، و يعلم جينئذ أن أباه قد اختاره الله الي جواره و كريم ثوابه، فيخشع قلبه لهذا الخالق الذي أجزل له العطاء، و اختصه بما يشاء من نور يقذفه في قلوب الأولياء و خلفاء الأنبياء... و من شاء فليراجع بحثنا هناك... و نلفت نظر القاري ء الي أن علم الأئمة عليهم السلام موهوب لا مكسوب، و أن تكليف المؤدب بتعليم كل امام في طفولته، كان أمرا لابد منه لمصلحة حفظ الامام عليه السلام و تغطية «أمره» و لئلا تمتد اليه يد الغدر منذ نعومة أظفاره و قبل أن يؤدي واجبه... فالامام عالم من عند ربه، و مؤدب بأدبه الرفيع.

أما أيام امامنا مع أبيه عليه السلام، فلم يذكر عنها التاريخ سوي نهلات يسيرة لا تعطي الصورة الواضحة المرجوة... و قد كانت تلك الأيام قصيرة و كان اجتماعه به أقصر، لأن السنوات الثمان الأخيرة من عمر الأب كانت مشحونة بالسموم و الهموم، اذ كان الظلمة يطلبون رأسه في كل لحظة و يتآمرون علي قتله مرة بعد مرة، و هو بعيد عن ابنه بعد الحجاز عن العراق و لا يجتمعان الا لماما في موسم الحج.

فمن ذلك ما أورده أحمد بن محمد بن عيسي، عن أبيه الذي قال: «ان أباجعفر عليه السلام، لما أراد الخروج من المدينة الي العراق، أجلس أباالحسن في حجره بعد النص عليه، و قال:



[ صفحه 47]



ما الذي تحب أن أهدي اليك من طرائف العراق؟.

فقال: سيفا كأنه شعلة نار!.

ثم التفت الي موسي ابنه و قال له: ما تحب أنت؟.

فقال: فرسا.

فقال: أشبهني أبوالحسن، و أشبه هذا أمه» [18] .

و من يقعد في حجر أبيه لا يكون شابا، و لا فتي، و لا غلاما... بل هو صبي حدث لم يتخط عهد صباوته و حداثته... و لم نقف - عدا ذلك - علي خلوات له مع أبيه، و لا علي اجتماعات له به، الأمر الذي يدل علي أنه لم يتيسر له شرف الاقامة في وارف ظله. اذ فرق بينهما «أمراء المسلمين» الذين كادوا لمحمد صلي الله عليه و آله و سلم في أهل بيته، و سموا أنفسهم «خلفاء» له من بعده!!!

أما نصوص أبيه علي امامته عليهماالسلام فهذا بعضها:

قال اسماعيل بن مهران: لما أخرج أبوجعفر - الامام محمد الجواد عليه السلام - من المدينة الي بغداد في الدفعة الأولي من خرجتيه قلت عند خروجه: جعلت فداك، اني أخاف عليك في هذا الوجه، فالي من الأمر بعدك؟.

فكر الي بوجهه ضاحكا - أي عطفه نحوه - و قال لي: ليس الغيبة حيث ظننت في هذه السنة.

فلما استدعي به الي المعتصم صرت اليه فقلت له: جعلت فداك، أنت خارج، فالي من هذا الأمر من بعدك؟.

فبكي حتي اخضلت لحيته - ابتلت - ثم التفت الي فقال: عنه هذه



[ صفحه 48]



يخاف علي، الأمر من بعدي الي ابني علي» [19] .

فالامام الجواد عليه السلام يعلم الخرجة التي يعود منها سالما، و الخرجة التي يجي ء فيها أمر الله تعالي و تقع مشيئته، من عهد معهود اليه عن آبائه عن جده النبي الأكرم صلي الله عليه وآله و سلم... و لذلك يوصي في هذه المرة و ينص علي الولي من بعده.

و قال الصقر بن دلف: «سمعت أباجعفر، محمد بن علي الرضا عليهماالسلام يقول:

ان الامام من بعدي ابني علي، أمره أمري، و قوله قولي، و طاعته طاعتي. و الامامة بعده في ابنه الحسن» [20] .

و هذا نص صريح من الأب علي امامة ابنه و امامة حفيده من بعده عليهم السلام جميعا... صرح به حين لزم الأمر طباقا لمن في يده العهد الألهي القدسي المرسوم بموجب قضاء الله سبحانه و تعالي الذي نشير الي شطر منه يناسب موضوعنا، آخذين ذلك من لوح فاطمة عليهاالسلام أو صحيفتها.

قال أبونضرة: «لما احتضر أبوجعفر، محمد بن علي، الباقر عليه السلام، عند الوفاة دعا بابنه الصادق عليه السلام ليعهد اليه عهدا، فقال له أخوه زيد بن علي بن الحسين عليه السلام: لو تمثلت في مثال الحسن و الحسين عليهماالسلام، لرجوت أن لا تكون أتيت منكرا. - أي لو أوصي بالامامة له، و هو أخوه، كما أوصي الحسن لأخيه الحسين عليهماالسلام.



[ صفحه 49]



فقال: يا أباالحسن، ان الأمانات ليست بالمثال، و لا العهود بالرسوم. و انما هي أمور سابقة عن حجج الله عزوجل.

ثم دعا بجابر بن عبدالله الأنصاري - صاحب رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم - فقال له: يا جابر، حدثنا بما عاينت من الصحيفة.

فقال جابر: نعم، يا أباجعفر، دخلت علي مولاتي فاطمة بنت رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم لأهنئها بولادة الحسين عليه السلام، فاذا بيدها صحيفة بيضاء من درة. فقلت لها: يا سيدة النساء، ما هذه الصحيفة التي أراها معك؟...

قالت: فيها أسماء الأئمة من ولدي.

قلت لها: ناوليني لأنظر فيها.

قالت: يا جابر، لو لا النهي لكنت أفعل. لكنه قد نهي أن يمسها الا نبي، أو وصي نبي، أو أهل بيت نبي، ولكنك مأذون لك أن تنظر الي باطنها من ظاهرها.

قال جابر: فاذا فيها: أبوالقاسم محمد بن عبدالله، المصطفي، أمه آمنة، أبوالحسن علي بن أبي طالب، المرتضي، أمه فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف، أبو محمد الحسن بن علي، البر، أبوعبدالله الحسين بن التقي، أمهما فاطمة بنت محمد، أبومحمد، علي بن الحسين، العدل، أمه شهر بانويه بنت يزدجرد، أبوجعفر، محمد بن علي، الباقر، أمه أم عبدالله، بنت الحسن بن علي بن أبي طالب عليه السلام، أبو عبدالله، جعفر بن محمد، الصادق، أمه أم فروة، بنت القاسم بن محمد بن أبي بكر، أبوابراهيم، موسي بن جعفر، أمه جارية اسمها حميدة المصفاة، أبوالحسن، علي بن موسي، الرضا، أمه جارية اسمها نجمة، أبوجعفر، محمد بن علي، الزكي، أمه جارية اسمها خيزران، أبوالحسن، علي بن



[ صفحه 50]



محمد، الأمين، أمه جارية اسمها سوسن، أبومحمد، الحسن بن علي، الرفيق، أمه جارية اسمها سمانة و تكني أم الحسن. أبوالقاسم، محمد بن الحسن هو حجة الله، القائم، أمه جارية اسمها نرجس، صلوات الله عليهم أجمعين» [21] .

فهو الامام الأمين العاشر بمقتضي هذا العهد - المرسوم الرباني المقدس الذي سبق جميع النصوص و الدلالات، و رسم بيد القدرة قبل أن تكون المخلوقات.

ثم ورد عن محمد بن الحسن الواسطي «أنه سمع أحمد بن أبي خالد، مولي أبي جعفر عليه السلام، يحكي أنه أشهده علي هذه الوصية المنسوخة - أي المكتوبة -.

شهد أحمد بن أبي خالد، مولي أبي جعفر، محمد بن علي، بن موسي، بن جعفر، بن محمد، بن علي، بن الحسين، بن علي بن أبي طالب عليهم السلام، أشهده أنه أوصي الي علي ابنه، بنفسه و اخوانه، و جعل أمر موسي [22] اذا بلغ اليه، و جعل عبدالله بن المساور قائما علي تركته من الضياع و الأموال و النفقات و الرقيق و غير ذلك الي أن يبلغ علي بن محمد صير عبدالله بن المساور ذلك اليه يقوم بأمر نفسه و اخوانه، و يصير أمر موسي اليه يقوم بنفسه بعدهما، علي شرط أبيهما في صدقاته التي تصدق بها. و ذلك يوم الأحد لثلاث ليال خلون من ذي الحجة سنة عشرين



[ صفحه 51]



و مئتين... و كتب أحمد بن أبي خالد شهادته بخطه... و شهد الحسن بن محمد، بن عبدالله، بن الحسن، بن علي، بن الحسين، بن علي بن أبي طالب، و هو الجواني، علي مثل شهادة أحمد بن أبي خالد في صدر هذا الكتاب، و كتب شهادته بيده... و شهد نصر الخادم، و كتب شهادته بيده» [23] .

و لا يخفي أن اقامة عبدالله بن المساور علي التركة - في هذه الوصية- كانت لأحد أمرين:

فاما أن الامام عليه السلام قد نصبه وكيلا علي الضياع و الأموال و النفقات و الرقيق، و هو الواقع.

و اما أنه قد أقامه وصيا للتقية، لأن ابنه الامام عليا الهادي عليه السلام كان لا يزال صبيا و العامة لا يعتبرون سنه سن رشد شرعي، جاهلين أن هذا الأمر لا ينسحب علي من كان اماما.

ثم لا يخفي - أيضا - علي من يقرأ هذه الوصية أنها صريحة النص للامام عليه السلام بولايته علي نفسه و علي اخوانه صغارا و كبارا.

و روي الحسين بن محمد، عن الخيراني، عن أبيه الذي كان يلزم باب أبي جعفر عليه السلام للخدمة التي و كل بها، قال:

«كان أحمد بن محمد، بن عيسي الأشعري - الذي هو شيخ القميين و فقيههم الذي يلقي السلطان - يجي ء في السحر من آخر كل ليلة ليعرف خبر علة أبي جعفر عليه السلام.

و كان الرسول الذي يختلف بين أبي جعفر عليه السلام، و بين أبي، اذا حضر قام أحمد بن محمد بن عيسي، و خلا به أبي.



[ صفحه 52]



فخرج ذات ليلة و قام أحمد عن المجلس، و خلا أبي بالرسول. و استدار أحمد بن محمد، و وقف حيث يسمع الكلام.

فقال الرسول لأبي: ان مولاك يقرأ عليك السلام و يقول: «اني ماض، و الأمر صائر الي ابني علي، و له عليكم بعدي، ما كان لي عليكم بعد أبي.

ثم مضي الرسول، فرجع أحمد بن محمد بن عيسي الي موضعه و قال لأبي: ما الذي قد قال لك؟.

قال: خيرا.

قال: فاني قد سمعت ما قال لك، فلم تكتمه؟. و أعاد عليه ما سمع.

فقال أبي: قد حرم الله عليك ما فعلت، لأن الله تعالي يقول: (و لا تجسسوا)!. [24] فأما اذا سمعت فاحفظ هذه الشهادة لعلنا نحتاج اليها يوما... و اياك أن تظهرها لأحد الي وقتها.

فلما أصبح أبي كتب نسخة الرسالة في عشر رقاع بلفظها، و ختمها و دفعها الي عشرة من وجوه العصابة - أي الأصحاب - و قال لهم: ان حدث بي حدث الموت قبل أن أطالبكم بها، فافتحوها و اعملوا بما فيها.

قال: فلما مضي أبو جعفر عليه السلام، لبث أبي في منزله فلم يخرج حتي قطع علي يديه نحو من أربعمئة انسان - أي اعترفوا بامامة الهادي - الفتي عليه السلام و اقتنعوا بنص أبيه عليه -.

و اجتمع رؤساء الامامية عند محمد بن الفرج الرخجي - الثقة الذي هو من أصحاب الرضا، و الجواد، و الهادي عليهم السلام، اجتمعوا - يفاوضون في القائم بعد أبي جعفر و يخوضون في ذلك. فكتب محمد بن الفرج الي أبي



[ صفحه 53]



يعلمه باجتماع القوم عنده، و أنه لو لا مخافة الشهرة لصار معهم اليه، و سأله أن يأتيه.

فركب أبي و صار اليه، فوجد القوم مجتمعين عنده. فتجاروا في الباب - أي تناقشوا في الأمر - فوجد أبي أن أكثرهم قد شكوا. فقال لأبي: ما تقول في هذا الأمر؟.

فقال أبي لمن عنده الرقاع: أحضروا الرقاع؛ فأحضروها. و فضها و قال: هذا ما أمرت به.

فقال بعض القوم: قد كنا نحب أن يكون معك في هذا الأمر شاهد آخر ليتأكد هذا القول.

فقال لهم أبي: قد آتاكم الله ما تحبون. هذا أبوجعفر الأشعري يشهد لي بسماع هذه الرسالة.

و سأله أن يشهد بما عنده، فتوقف أبوجعفر، و أنكر أن يكون قد سمع من هذا شيئا.

فدعاه أبي الي المباهلة، و خوفه الله!.

فلما حقق عليه القول، قال: قد سمعت ذلك، ولكنني كنت أحب أن تكون هذه المكرمة لرجل من العرب، لا لرجل من العجم. - ذلك أن الخيراني من الأعاجم، و كان الأشعري يحب أن يقوم عربي بما قام به الخيراني من كونه المؤتمن و الواسطة بين الامام عليه السلام و بين أصحابه.

فلم يبرح القوم حتي اعترفوا بامامة أبي الحسن عليه السلام، و زال عنهم الريب في ذلك، و قالوا بالحق جميعا» [25] .



[ صفحه 54]



هذا، و من رواة النص علي امامته عليه السلام أيضا اسماعيل بن مهران، و الدليل عليها اجماع الامامية علي ذلك، و طريق النصوص، و العصمة؛ الي جانب الطريفين المختلفين من الخاصة و العامة - الشيعة و السنة - من نص النبي صلي الله عليه و آله و سلم علي امامة الاثني عشر الذي حفلت به بطون الكتب المعتبرة عند سائر الفرق الاسلامية... و طريق الشيعة - خاصة هو النصوص علي امامته عن آبائه عليهم السلام واحدا بعد واحد [26] .

و قال شاهويه بن عبدالله بن سليمان الخلال:

«كنت رويت عن أبي الحسن - علي - الرضا عليه السلام في أبي جعفر روايات تدل عليه.

فلما مضي أبوجعفر عليه السلام قلقت لذلك و بقيت متحيرا لا أتقدم و لا أتأخر... و خفت و كتبت اليه - أي الي الهادي عليه السلام - في ذلك و لا أدري ما يكون... و كتبت اليه أسأله الدعاء أن يفرج الله عنا في أسباب من قبل السلطان كنا نغتم بها من غلماننا. - أي من وكلاء الخليفة و جلاوزته -.

فرجع الجواب بالدعاء، و كتب في آخر الكتاب: كنت أردت أن تسأل عن الخلف بعدما مضي أبوجعفر عليه السلام، و قلقت لذلك (و ما كان الله ليضل قوما بعد اذ هداهم حتي يبين لهم ما يتقون) [27] يقدم الله ما يشاء



[ صفحه 55]



و يوخر...(ما ننسخ من ءاية أو ننسها نأت بخير منهآ أو مثلها)... [28] كتبت بما فيه بيان و اقناع لذي عقل يقظان» [29] .

و روي عن أبي علي بن راشد رضوان الله عليه، قوله:

«قال أبوالحسن عليه السلام: أن الأرض لا تخلو من حجة. و أنا و الله ذلك الحجة» [30] .

أما ما كان في شأن تمرض الامام عليه السلام، و وفاته - بالسم الذي ديف له في طعام أعدائه أو شرابهم علي يد المعتز العباسي و قضاة قصره و المشيرين عليه - فسنتناوله بالصورة الخاطفة التالية لأن التاريخ خرس عن النطق بالتفصيل أو الاجمال، كما أن المؤرخين صموا عن سماع تلك الحادثة النكراء:

فقد روي سهل بن زياد أن أباهاشم الجعفري قال:

«بعث الي أبو الحسن عليه السلام في مرضه، و الي محمد بن حمزة. فسبقني اليه محمد بن حمزة فأخبرني محمد: ما زال - أي الامام عليه السلام - يقول: ابعثوا الي الحير. أي أرسلوا رجلا يدعو لي في الحائر الحسيني في كربلاء -.

و قلت لمحمد: ألا قلت: أنا أذهب الي الحير؟. ثم دخلت عليه، و قلت له: جعلت فداك، أنا أذهب الي الحير.

فقال: انظروا في ذلك. - أي تدبروا الأمر، و لا تبادروا فورا، لأن في



[ صفحه 56]



الذهاب الي كربلاء مظنة ضرر و أذي علي من يري هناك، فقد منع الناس من زيارة الحسين عليه السلام في ذلك العهد الظالم أشد منع -. ثم قال عليه السلام: ان محمدا ليس له سر من زيد بن علي، و أنا أكره أن يسمع ذلك - فهو عليه السلام يقصد محمد بن حمزة، و أنه لا يكتم سرا، و يقول بامامة زيد. و في بعض النسخ: ليس له شر، أي أنه مأمون و لا يأتي الشر من قبله. و هو قبل نفسه لم يجب امامه في الذهاب الي الحائر الحسيني -.

قال: فذكرت ذلك لعلي بن بلال، فقال: ما كان يصنع بالحير؟. هو الحير. أي أن دعاءه لنفسه كاف، لأنه في الشرف و الكرامة كساكن الحائر عليه السلام -.

فقدمت العسكر - سر من رأي - فدخلت عليه فقال لي: اجلس، حين أردت القيام. فلما وجدته قد أنس بي، ذكرت له قول علي بن بلال، فقال لي: ألا قلت له: ان رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم، كان يطوف بالبيت و يقبل الحجر. و حرمة النبي صلي الله عليه و آله و سلم، و حرمة المؤمن، أعظم من حرمة البيت؛ و أمره الله عزوجل يقف بعرفة؛ و انما هي مواطن يحب الله أن يذكر فيها. فأنا أحب أن يدعي لي حيث يحب الله أن يدعي فيها» [31] .

فالامام عليه السلام أراحنا حين فلسف قوله لأصحابه: ابعثوا الي الحير، حين حدث بما كان يفعله جده رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم في الحرم، من الطواف، و تقبيل الحجر، و الوقوف بعرفات و غير ذلك من الأماكن المقدسة، و بغيته الحقيقية هي ربط شيعته بتوقير الأماكن المشرفة، و شدهم الي الحائر الحسيني و غيره من مقدساتهم، و زيارة كربلاء مهما قست عليهم الظروف و مهما بلغ منع الحكام الظلام... و هو يعلم - ساعتئذ - يقينا أن حياته الشريفة



[ صفحه 57]



قد انتهت بحسب العهد الذي بيده، و بمجرد أن سقوه السم، و أن الدعاء له لا يجدي نفعا. ولكنه يأبي أن يفارق الحياة قبل أن يبلغهم أن الدعاء مستجاب في تلك الأماكن الكريمة، و أن زيارة الحسين عليه السلام تعادل عند الله سبعين حجة، فلا ينبغي لهم التفريط في دنياهم بما يكسبون به الأجر الجزيل في أخراهم حين يكرمون أهل الكرامة من أولياء ربهم عزوعلا... و لم يقل ذلك، الا من أجل ذلك.

و روي عبدالله بن عياش باسناده عن أبي هاشم الجعفري أنه قال فيه عليه السلام حين اعتل و مرض:



مادت الأرض بي، و آدت فؤادي

و اعترتني موارد العرواء [32] .



حين قيل الامام نضو، عليل

قلت: نفسي فدته كل الفداء [33] .



مرض الدين لاعتلالك، و اعتل،

و غارت له نجوم السماء [34] .



عجبا أن منيت بالداء و السقم،

و أنت الامام حسم الداء [35] .



أنت آسي الأدواء في الدين و الدنيا،

و محيي الأموات و الأحياء [36] .



في قصيدة عامرة ان دلت علي شي ء فانما تدل علي العاطفة الصادقة تصدر عن هذا السيد الجليل، قد فاضت علي لسانه شعرا رقيقا متينا رصينا، يظهر فيه اضطرابه للحال التي نزلت بامامه عليه السلام، لأنه يعلم أنه بين أيدي ظلام لئام عمرت صدورهم بالحقد و الكيد لأهل بيت الوحي و التنزيل،



[ صفحه 58]



فلا حقوهم تحت كل سماء، و ضيقوا عليهم الآفاق و الأجواء... و ليس بيده أن يدفع عنه غائلة، و لا أن يرد نازلة...

أما كيفية سمه فقد ضرب عليها التاريخ المأجور أقفالا فوق أقفال، و لم يذكر عنها شيئا و لا تسرب لها تفصيل و لا اجمال لشدة ظلم الحاكم و عسفه، بالرغم من أن سمه كان جريمة نكراء تهتز لها الأرض و السماء!. ولكن ذلك تم علي يد المعتز و أعوانه من الوزراء و المشيرين بلا أدني ريب، لا رجما بالغيب، و هذه هي سيرة العباسيين مع أئمة الهدي عليهم السلام.

قال أبو دعامة: أتيت علي بن محمد عليهماالسلام عائدا في علته التي كانت وفاته فيها.

فلما هممت بالانصراف قال لي: يا أبا دعامة، قد وجب علي حقك. ألا أحدثك بحديث تسر به؟.

فقلت له: ما أحوجني الي ذلك يا ابن رسول الله!.

قال: حدثني أبي، محمد بن علي، قال: حدثني أبي، علي بن موسي، قال: حدثني أبي، موسي بن جعفر، قال: حدثني أبي، جعفر بن محمد، قال: حدثني أبي، محمد بن علي، قال: حدثني أبي، علي بن الحسين، قال: حدثني أبي، الحسين بن علي، قال: حدثني أبي، علي بن أبي طالب عليه السلام، قال:

قال رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم: يا علي اكتب.

فقلت: ما أكتب؟.

فقال اكتب: بسم الله الرحمن الرحيم: الايمان ما وقر في القلوب



[ صفحه 59]



و صدقه الأعمال، و الاسلام ما جري علي اللسان و حلت به المناكحة.

قال أبو دعامة: فقلت: يا ابن رسول الله، و الله ما أدري أيهما أحسن، الحديث، أم الاسناد.

فقال: أنها لصحيفة بخط علي بن أبي طالب عليه السلام، و املاء رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم، نتوارثها صاغرا عن كابر» [37] .

فهو عليه السلام - قبل أن يفارق دنيا أصحابه و مواليه - يلقي بهذا الحديث ذي السند الذهبي الفخم الي صاحب عاده في مرضه فلم يرض أن يخرج من عنده الا بهذه التحفة السنية التي تلخص موضوع الفرق بين الاسلام و الايمان بأوجز عبارة و أجلي بيان، راميا ا لي تثبيت شيعته الذين لا يتم «ايمانهم» الا «بالولاية» من جهة، و الي اذاعة ذلك بين الناس ليعرفوا أي طريق يختارون من جهة ثانية؛ فان الاعتراف - باللسان - لله عزوجل بالواحدانية، و لنبيه صلي الله عليه و آله و سلم بالرسالة، شهادتان تعلنان السلام المعترف بهما، فيصير له ما للمسلمين، و عليه ما عليهم، فيحرم دمه و ماله و عرضه علي غيره، و تحل مناكحته و المعاطاة معه أكي كان منهم... أما الايمان فهو ما استقر في القلب، و انعقدت عليه النية، و صدقه العمل بجميع ما شرع الله تعالي و سنه رسوله صلي الله عليه و آله و سلم للناس، مع موالاة أولياء الله، و معاداة أعدائه، و ليس بين الأمرين حد وسط لأن الدين جزء لا يتجرأ، و لا يصح أن يؤمن الانسان ببعض و يكفر ببعض كأولئك الذين آمنوا بالله تبارك و تعالي و لم يعملوا بما أنزل علي رسوله، و كهؤلاء الذين صدقا برساله محمد صلي الله عليه و آله و سلم و لم يعملوا بأقواله و وصاياه، و لا رعوا لربهم حرمة و لا لنبيهم كرامة... و قد عقدنا فصلا مسهبا حول موضوع «الاسلام و الايمان» جاء في غاية الدقة و التفصيل و البيان



[ صفحه 60]



في كتابنا «صك الخلاص»، و من شاء فليراجعه هناك فانه لا يخلو من الفوائد الجمة.

و علي كل حال، ما الامام الهادي عليه السلام مسموما [38] - كما قدمنا - و كان يوم وفاته يوما مشهودا اهتزت له سر من رأي بسلطتها الحاكمة و شعبها المختلف الأهواء و عسكرها و قادته و أمرائه، و تدافع هؤلاء و هؤلاء الي داره بالألوف، و اجمين و ذاهلين من وقع النبأ العظيم الذي كان لا يمكن أن يعلق عليه أحد بكلمة، و لا أن ينبس ببنت شفة لأن سيوف الظلم المشرعة فوق الرؤوس لا ترحم الغريب و لا ترأف بالقريب اذ في مفهوم العباسيين أن الملك عقيم قد يستدعي قتل الأب، أو الأخ أو الابن و سائر الأقرباء، كما يستدعي قتل أي واحد من الأباعد حين تسول له نفسه أن يقول: مه مه!.

و في كتاب اثبات الوصية: «أن جماعة دخلوا الي دار أبي الحسين عليه السلام يوم وفاته، و اذا بها قد اجتمع فيها بنو هاشم من الطالبيين و العباسيين، و اجتمع خلق كثير من الشيعة و لم يكن قد ظهر عندهم أمر أبي محمد، الامام الحسن العسكري عليه السلام، و لا عرف خبر الوصية اليه الا الثقات الذين نص أبوالحسن عليه السلام علي ابنه بحضورهم. فحكي الناس أنهم في حيرة من الأمر و مصيبة، اذ خرج من الدار الداخلية خادم صاح بخادم آخر: يا وياش، خذ هذه الرقعة و امض بها الي دار أميرالمؤمنين و ادفعها الي فلان و قل له: هذه رقعة الحسن بن علي... فاستشرف الناس لذلك!.

ثم فتح من صدر الرواق باب و خرج خادم أسود، ثم خرج بعده أبو



[ صفحه 61]



محمد عليه السلام مشكوف الرأس مشقوق الثياب، و عليه مبطنة بيضاء - أي ثوب مبطن - و كان وجهه وجه أبيه عليه السلام لا يخطي ء شيئا.

و كان في الدار أولاد المتوكل، و بعضهم ولاة العهد، فلم يبق أحد الا قام علي رجليه. و وثب اليه أبوأحمد، فقصده أبومحمد عليه السلام فعانقه ثم قال له: مرحبا بابن العلم؛ و جلس بين بابي الرواق و الناس كلهم بين يديه...

و كانت الدار كالسوق بالأحاديث، فلما خرج و جلس أمسك الناس فما كنا نسمع شيئا الا العطسة و السعلة... و خرجت جارية تندب أباالحسن عليه السلام، فقال أبو محمد عليه السلام: ما هاهنا يكفي مؤنة هذه الجارية... ثم خرج خادم فوقف بحذاء أبي محمد، فنهض صلي الله عليه و آله و سلم، و خرجت الجنازة، و خرج يمشي حتي أخرج بها الي الشارع الذي بازاء دار موسي بن بغا. و قد كان أبومحمد صلي عليه قبل أن يخرج الي الناس، و صلي عليه لما أخرج «المعتمد» و دفن في بيت من دوره» [39] .

و تعجب بعض الأعداء الجهلة من شق الامام لثوبه يوم وفاة أبيه عليهماالسلام، و رأوا في ذلك أمرا مستهجنا، وسها عن بالهم سمهم للامام و اغتيالهم له لأنه يأمرهم بالمعروف و ينهاهم عن المنكر، و يقف في وجه باطلهم و ظلمهم. فقد قال محمد بن الحسن بن شمون - و غيره -: خرج أبو محمد عليه السلام - أي الامام الحسن العسكري - في جنازة أبي الحسن عليه السلام، و قميصه مشقوق، فكتب اليه أبو عون الأبرش، قرابة نجاح بن سلمة: من رأيت أو بلغك من الأئمة شق ثوبه في مثل هذا؟!.

فكتب اليه أبو محمد عليه السلام: يا أحمق، و ما يدريك ما هذا؟!. قد شق موسي علي هارون» [40] .



[ صفحه 62]



و في رجال الكشي نقل هذا الخبر عن ابراهيم بن الخضيب الأنباري الذي أورده قائلا: «كتب أبوعون الأبرش، قرابة نجاح بن سلمة، الي أبي محمد عليه السلام: ان الناس قد استوهنوا- و قيل: استوحشوا - من شقك علي أبي الحسن عليه السلام.

فقال: يا أحمق، ما أنت و ذاك؟!. قد شق موسي علي هارون عليهماالسلام. ان من الناس من يولد مؤمنا، و يحيا مؤمنا، و يموت مؤمنا. و منهم من يولد كافرا، و يحيا كافرا، و يموت كافرا. و انك لا تموت حتي تكفر و يتغير عقلك!. فما مات حتي حجبه ولده عن الناس و حبسوه في منزله في ذهاب العقل و الوسوسة، و لكثرة التخليط. و كان يرد علي أهل الامامة، و انكشف عما كان عليه» [41] .

فمن طرق الباب تلقي الجواب يا أبرش الاسم و الهيئة و أغبرهما!. أفما سألت نفسك حين قرأت رسالة الامام عليه السلام اليك: من أين جاءه العلم بموتك كافرا بعد أن يختلط عقلك و تجن، و تصبح سخرية بين الناس فيضطر ألادك الي حبسك في منزلك قبل أن تحبس تحت أطباق الثري رهين كفرك و ارتدادك؟!! كان ينبغي لك أن تسأل نفسك. و أن تفكر و تقدر... و أن تتوب و تستغفر، لو كان الله تعالي يعلم فيك خيرا...

فتوقوا خزان علم الله أيها المغترون بزخرف الدنيا و زبرجها... و اياكم و الاعتراض علي أبواب الايمان، و أمناء الرحمان!. فانهم قد اصطفاهم ربهم بعلمه، و ارتضاهم لغيبه، و اختارهم لسره، و اجتباهم بقدرته، و أيدهم بروح القدس من عنده، و خصصهم ببرهانه، و جعلهم تراجمة وحيه و شهداء خلقه و أعلام عباده و منار بلاده... فلا تتعدوهم بفتوي، و لا تسبقوهم بحكم لأنهم



[ صفحه 63]



عيبة علم الله، و الأدلاء علي الحق - وحدهم، دون غيرهم - و من ناصبهم العداء نازع الله تعالي في مشيئته!.

و عن أحمد بن داود القمي، و محمد بن عبدالله الطلحي، أنهما قالا: «حملنا مالا اجتمع من خمس و نذر، و عين و ورق و جوهر و حلي و ثياب و ما يليها؛ فخرجنا نريد سيدنا أباالحسن، علي بن محمد عليهماالسلام.

فلما صرنا الي دسكرة الملك تلقانا رجل راكب علي جمل و نحن في قافلة عظيمة. فقصدنا و نحن سائرون في جملة الناس و هو يعارضنا بجمله حتي وصل الينا و قال: يا أحمد بن داود، و محمد بن عبدالله الطلحي: معي رسالة اليكما.

فقلنا له: ممن يرحمك الله؟!.

قال: من سيدكما أبي الحسن علي بن محمد عليه السلام، يقول لكما: اني راحل الي الله في هذه الليلة، فأقيما مكانكما حتي يأتيكما أمر ابني أبي محمد... فخشعت قلوبنا، و بكت عيوننا، و أخفينا ذلك و لم نظهره، و نزلنا بدسكرة الملك و استأجرنا منزلا و أحرزنا ما حملناه فيه. و أصبحنا و الخبر شائع في الدسكرة بوفاة مولانا أبي الحسن عليه السلام، فقلنا: لا اله اله الله، أتري الرسول الذي جاء برسالته أشاع الخبر في الناس؟!. فلما أن تعالي النهار رأينا قوما من الشيعة علي أشد قلق مما نحن فيه، فأخفينا ذلك و لم نظهره» - [42] .

فسبحان الخالق العظيم الذي علم أولياءه، و أصفياءه ما لا يعلمه الآخرون، و أطلعهم علي علم ما كان و ما يكون - في أنفسهم و في كافة أقطار



[ صفحه 64]



أرضه - دون سائر العالمين... و أري نفسي تخاتلني أن أتجاوز هذا الخبر دون تعليق، ولكن راكب الجمل يستوقفني قسرا بدافع سؤال أوجهه اليه: من هو أولا، و هل طلع من الأرض أم نزل من السماء حتي وافي الرجلين في دسكرة الملك، و ليلة وفاة الامام عليه السلام بالذات، و هل كان علي موعد معهما عينه سابقا و قرر فيه ساعة اللقاء و موعد حلول القضاء بهذه الدقة العجيبة؟!! لا، لا... فانها دقة كومبيوترية - الكترونية بلغت الغاية في التقدير و الحساب، و لا يتسني له أن يتسعملها في حال انطلاقه من العراق، لملاقاة قادمين من ايران لم يتصل بهما و لا اتصلا به، و لا بيده و لا بيديهما توقيت جميع تلك المفارقات... بل هي من علم الامام الذي علمه اياه علام الغيوب، يظهره لنا لنقف عنده مفكرين لا يرتد الينا طرفنا قبل أن نقر بسفارة هذا المخلوق الكريم، و بكونه ينطق عن غيب محتوم قدره الله تعالي و أمضاه، ثم أطلعه عليه ليبرهن علي أنه الحجة القائمة علي العباد، فلا ينكرها الا الكافرون من أهل العناد.

قال المسعودي: «و كانت وفاة أبي الحسن في خلافة المعتز بالله، و ذلك يوم الاثنين... و سمع في جنازته جارية تقول: ماذا لقينا من يوم الاثنين قديما و حديثا» [43] فأشارت بقولها الي يوم وفاة النبي صلي الله عليه و آله و سلم - يوم الاثنين - و جفاء بعض أصحابه الذين تركوه جنازة في بيته دون تجهيز و اشتغلوا في غير ماأوصاهم به مرارا و تكرارا....

و قال ابن عياش - في كتابه «المقتضب»: «لمحمد بن اسماعيل بن صالح القميري رحمه الله، قصيدة يرثي بها مولانا أبا الحسن الثالث عليه السلام، و يعزي ابنه أبامحمد عليه السلام، أولها:



[ صفحه 65]





الأرض خوفا زلزلت زلزالها

و أخرجت من جزع أثقالها



الي أن قال:



عشر نجوم أفلت في فلكها

و يطلع الله لنا أمثالها



بالحسن الهادي، أبي محمد

تدرك أشياع الهدي آمالها



و بعده من يرتجي طلوعه

يظل جواب الفلا أجزالها



ذوالغيبتين الطول الحق التي

لا يقبل الله من استطالها



يا حجج الرحمان، احدي عشرة

آلت بثاني عشرها آمالها [44] .



و بها يشير الي الحجة المنتظر، الامام الثاني عشر، عجل الله تعالي فرجه، و الي غيبتيه الصغري و الكبري اللتين يستطيل مدتهما الناس فينكرون وجوده عليه السلام.

و قد خلف امامنا من الولد: أبامحمد - الحسن الذي هو الامام من بعده - و الحسين، و محمدا، و جعفرا - الملقب بالكذاب - و ابنة واحدة تدعي عائشة - و قيل غالية، أو علية [45] -. أي أنه «قضي عن أربعة ذكور و أنثي، أجلهم أبومحمد الخالص» [46] - كما قال ابن حجر الهيثمي في صواعقه المحرقة».

و «في سنة أربع و خمسين و مائتين أحضر ابنه أبا محمد، الحسن العسكري عليه السلام، و أعطاه النور و الحكمة و مواريث الأنبياء و السلاح، و نص عليه، و أوصي اليه بمشهد ثقات من أصحابه» [47] فهو الامام الحادي عشر



[ صفحه 66]



الذي سنتناول دراسة سيرته الكريمة في كتاب مستقل نحن بصدد اعداده بعد هذا الكتاب ان شاء الله تعالي.

أما ابنه جعفر فانه ادعي أن أخاه الحسن العسكري عليه السلام جعل الامامة فيه، فسمي بالكذاب، و ورد بشأنه ذم كثير [48] ، و نحن نذكر من شأنه ما يلي:

روي صالح بن محمد، بن عبدالله، بن محمد، بن زياد، عن أمه فاطمة بنت محمد بن الهيثم، المعروف بابن سبالة، التي قالت: «كنت في دار أبي الحسن، علي بن محمد العسكري في الوقت الذي ولد فيه جعفر، فرأيت أهل الدار قد سروا به، فصرت الي أبي الحسن عليه السلام فلم أر به سرورا، فقلت: يا سيدي، مالي أراك غير مسرور بهذا المولود؟!.

فقال عليه السلام: هوني عليك، فانه سيضل به خلق كثير» [49] .

و ابنه هذا هو أصغر أولاده، و قد آذي أخاه الامام العسكري عليه السلام في حياته بسوء سلوكه و عدم استقامته علي طريقة آبائه، ثم اغتصب ارثه بعد موته و تعدي علي حق ابن أخيه الامام المنتظر عجل الله تعالي فرجه.

و أنت تري أن الله تبارك و تعالي عرف أباه ما يكون عليه حال مولوده الذي ولد الساعة فامتقع لونه و لم يظهر عليه السرور، اذ أطلعه سبحانه علي أنه سيضل به خلق كثير، و هو بعد لم يفتح ناظريه علي نور الشمس!.

فلا تسأل عن علم الأئمة عليهم السلام كيف يكون و لا كيف يحصل، فانك ان فعلت ذلك تدور في فراغ عظيم تضيع فيه اذا انتقصتهم أي شي ء من قدرهم،



[ صفحه 67]



أو أنكرت عليهم أي عطاء من مواهب ربهم الذي انتدبهم لسياسة العباد، و جعلهم أوتاد البلاد، و علمهم علم الأولين و الآخرين، فكانوا حملة شرع الاسلام في الأنام.



[ صفحه 68]




پاورقي

[1] و قيل انه ولد في ثاني رجب أو خامسة في تلك السنة، كما قيل انه ولد سنة أربع عشرة و مئتين خطا. ولكننا اعتمدنا أصدق الأقوال، مستأنسين بصحة الرواية من جهة، و بمواكبة الأحداث و الوقائع التاريخية الصحيحة من جهة ثانية. و يعارض ذلك ما رواه ابن عياش الذي قال: خرج الي أهلي علي يد الشيخ الكبير أبي القاسم - بن روح - نائب الامام الحجة عجل الله تعالي فرجه هذا الدعاء: اللهم اني أسألك بالمولودين في رجب: محمد بن علي الثاني، و ابنه علي بن محمد المنتجب... الخ... و انظر الأنوار البهية: ص 245 - 244 و ص 270 و الارشاد: ص 308 - 307 و ص 314 و مناقب آل أبي طالب: ج 4 ص 401 و في كشف الغمة: ج 3 ص 164 و ص 165 ذكر أنه توفي في جمادي الآخرة، فيكون عمره أربعين سنة غير أيام، و أنظر الصفحات: 166 و 184 و 188 و كذلك في الكافي: م 1 ص 498 - 497 و الصواعق المحرقة: ص 207 و اعلام الوري: ص 339 و تذكرة الخواص: ص 373 و ص 375 و بحارالأنوار: ج 50 من ص 114 الي ص 117 و في الكامل لابن الأثير: ج 5 ص 339 ذكر سنة وفاته عليه السلام و ولادته، و أنظر تاريخ الأمم و الملوك: ج 7 ص 519 و ينابيع المودة: ج 2 ص 463.

[2] أنظر المصادر السابقة.

[3] و قيل انه استشهد في آخر ملك المعتمد خطأ لأنه لم يدرك عهد المعتمد. و قد جاء الاشتباه عن طريق أن المعتمد هو الذي انتدبه المعتز للصلاة عليه. و أنظر في كل ما سبق الأنوار البهية: ص 270 و كشف الغمة: ج 3 ص 164 الي ص 189 و اعلام الوري: ص 339 و ص 349 و الارشاد: ص 314 و بحارالأنوار: ج 50 من ص 113 الي ص 116 و ص 192 و ص 198 و من ص 203 الي ص 232 و مناقب آل أبي طالب: ج 4 ص 401 و قيل في مروج الذهب: ج 4 ص 20 - 19 و بحارالأنوار: ج 50 ص 210 - 209: قتل المتوكل في سبع و عشرين سنة من امامة أبي الحسن عليه السلام، و بويع المنتصر... الخ.

[4] الأنوار البهية: ص 145 و بعض المصادر السابقة.

[5] أنظر اكثر المصادر السابقة.

[6] الصواعق المحرقة: ص 207 و بعض المصادر السابقة.

[7] و قيل انها تدعي سوسن، فانظر بعض المصادر السابقة و مدينة المعاجز: ص 539.

[8] أنظر بعض المصادر السابقة و الأنوار البهية: ص 345 و مدينة المعاجز: ص 539 بصورة خاصة.

[9] أنظر الرقم السابق.

[10] الصواعق المحرقة: ص 207.

[11] بحارالأنوار: ج 50 ص 114 و مناقب آل أبي طالب: ج 4 ص 410.

[12] الارشاد: ص 307.

[13] الأنوار البهية: ص 269.

[14] الأنوار البهية: ص 261 - 250.

[15] كشف الغمة: ج 3 ص 174 و بحار الأنوار: ج 50 ص 176 - 175 و مدينة المعاجز: ص 544 - 543.

[16] بحارالأنوار: ج 50 ص 136 - 135 نقلا عن بصائر الدرجات، و هو في مدينة المعاجز: ص 541 و الكافي: م 1 ص 381.

[17] مدينة المعاجز: ص 544.

[18] بحارالأنوار: ج 50 ص 123 نقلا عن عيون المعجزات.

[19] الارشاد: ص 308 و كشف الغمة: ج 3 ص 167 - 166 و اعلام الوري: ص 340 - 339 و الكافي: م 1 ص 324 - 323 و بحارالأنوار: ج 50 ص 118 و مناقب آل أبي طالب: ج 4 ص 408 و حلية الأبرار: ج 2 ص 476.

[20] بحار الأنوار: ج 50 ص 118 نقلا عن كمال الدين: ج 2 ص 50 في حديث. و حلية الأبرار: ج 2 ص 478 - 477 و هو في عدة مصادر ذكرناها في كتابنا «يوم الخلاص».

[21] عيون أخبار الرضا: ج 1 ص 33 - 32 و ص 36 - و ص 206 و أنظر بحارالأنوار: ج 51 ص 77 و ج 52 ص 277 و ص 312 و اعلام الوري: ص 372 و ينابيع المودة: ج 3 ص 160 و النص موجود في مصادر كثيرة باختلاف في اللفظ، و قد ذكرنا ذلك في كتابنا «يوم الخلاص».

[22] موسي هو ابنه عليه السلام الأصغر، الملقب بالمبرقع، المدفون في قم.

[23] بحارالأنوار: ج 50 ص 122 و الكافي: م 1 ص 325.

[24] الحجرات: 12.

[25] الكافي: م 1 ص 324 و اعلام الوري: ص 341 - 340 و الارشاد: ص 309 - 308 و كشف الغمة: ج 3 ص 168 - 167 و بحار الأنوار: ج 50 ص 121 و حلية الأبرار: ج 2 ص 477 - 476.

[26] أنظر بحارالأنوار: ج 50 ص 216 و مناقب آل أبي طالب: ج 4 ص 402 و غيرهما من مصادر المسلمين المعتبرة.

[27] التوبة: 115.

[28] البقرة: 106.

[29] مدينة المعاجز: ص 554 و ص 558.

[30] الكافي: م 1 ص 379.

[31] بحارالأنوار: ج 50 ص 225 - 224 و الكافي: م 1 ص 568 - 567.

[32] مادت: اضطربت، و آدت: ثقلت، و العرواء: قرة الحمي و مسها أول ما تأخذ بالرعدة.

[33] نضو: مهزول من الضعف.

[34] غارت: غابت.

[35] منيت: أصبت. و حسم الداء: برؤه و الشفاء منه.

[36] آسي: طبيب. و الأبيات في اعلام الوري: ص 348. و بحارالأنوار: ج 50 ص 222 و الأنوار البهية: ص 249 - 248.

[37] بحارالأنوار: ج 50 ص 208 و مروج الذهب: ج 4 ص 86 - 85.

[38] أنظر مروج الذهب: ج 4 ص 86 و تذكرة الخواص: ص 375 و الأنوار البهية: ص 269 و مناقب آل أبي طالب: ج 4 ص 401 و أكثر مصادر بحثنا هذا.

[39] الأنوار البهية: ص 272 - 270.

[40] بحارالأنوار: ج 50 ص 191 و رجال الكشي: ص 479 و ص 480.

[41] المصدر السابق نفسه.

[42] مدينة المعاجز: ص 559.

[43] مروج الذهب: ج 4 ص 84 و الأنوار البهية: ص 270.

[44] بحارالأنوار: ج 50 ص 214.

[45] الارشاد: ص 314 و كشف الغمة: ج 3 من ص 165 الي ص 189 و اعلام الوري: ص 349 و ينابيع المودة: ج 2 ص 263 و أكثر المصادر السابقة.

[46] الصواعق المحرقة: ص 207.

[47] مروج الذهب: ج 4 ص 20 - 19 و بحارالأنوار: ج 50 ص 210 - 209.

[48] ينابيع المودة: ج 2 ص 264 - 263 و من شاء زيادة المعلومات في ذمه فليراجع بحار الأنوار: ج 47 فما فوق، و قد ذكرنا عنه شيئا في كتابنا «يوم الخلاص».

[49] بحارالانوار: ج 50 ص 321 و كشف الغمة: ج 3 ص 175 و مدينة المعاجز: ص 546.