بازگشت

الزيارة الجامعة


هذه الزيارة من المرويات عن امامنا علي الهادي عليه السلام، و هي من الفصاحة و البلاغة علي جانب عظيم يكاد لا يبلغ شأوه، و من الاحاطة و الشمول بمكان قل نظيره، لأن فيها من المعاني الكريمة ما يجعل الانسان يتعجب من هذا البحر، و ذلك النحت من الصخر، اذ يحار و و يقرأها من القريحة الفياضة التي ابتدعتها، و من القلب الكبير الذي احتوي معانيها، و من الفكر الحصيف الذي أنشأها لمجرد اقتراحها عليه!. بل انه ليقف دهشا أمام اللفظ الذي يزري بالجواهر، و المعاني الأبكار التي يقف الفكر أمامها مبهورا يسبح الله تعالي و يقدسه حين يري ما وهب الله تبارك و تعالي أئمة أهل هذا البيت صلوات الله عليهم من سني العطاء، و سخي الفضل، و جزيل العلم و المعرفة... و هي - كما طلبها راويها - تحتوي «قولا بليغا كاملا» يتجلي فيه التوحيد بأصدق معاني التوحيد، و الشهادة للرسول بأحق الشهادة و أرسخها ايمانا... و قد صرح العلامة المجلسي أعلي الله مقامه بأن «هذه الزيارة هي أرقي الزيارات الجامعة متنا و سندا».

فقد روي الصدوق في «الفقيه» و «العيون» عن موسي بن عبدالله النخعي، أنه قال للامام علي النقي عليه السلام: علمني يا ابن رسول الله (صلي الله عليه و آله و سلم) قولا أقوله، بليغا كاملا، اذا زرت واحدا منكم.



[ صفحه 328]



فقال: اذا صرت الي الباب فقف و اشهد الشهادتين، أي قل:

أشهد ألا اله الا الله وحده لا شريك له، و أشهد أن محمد صلي الله عليه و آله عبده و رسوله، و أنت علي غسل.

فاذا دخلت و رأيت القبر، فقف و قل:

الله أكبر ثلاثين مرة. - ثم امش قليلا، و عليك السكينة و الوقار، و قارب بين خطاب، ثم قف و كبر الله عزوجل ثلاثين مرة. - ثم ادن من القبر و كبر الله أربعين مرة، تمام مئة تكبيرة. - ثم قل:

ألسلام عليكم يا أهل بيت النبوة، و موضع الرسالة، و مختلف الملائكة، و مهبط الوحي، و معدن الرحمة، و خزان العلم، و منتهي الحلم، و أصول الكرم، و قادة الأمم، و أولياء النعم، و عناصر الأبرار، و دعائم الأخيار، و ساسة العباد، و أركان البلاد، و أبواب الايمان، و أمناء الرحمان، و سلالة النبيين، و صفوة المرسلين، و عترة خيرة رب العالمين، و رحمة الله و بركاته.

السلام علي محال معرفة الله، و مساكن بركة الله، و معادن حكمة الله، و حفظة سر الله، و حملة كتاب الله، و أوصياء نبي الله، و ذرية رسول الله صلي الله عليه و آله، و رحمة الله و بركاته.

ألسلام علي الدعاة الي الله، و الأدلاء علي مرضاة الله، و المستقرين - و المستوفرين - في أمر الله، و التامين في محبة الله، و المخلصين في توحيد الله، و المظهرين لأمر الله و نهيه، و عباده المكرمين الذين لا يسبقونه بالقول، و هم بأمره يعملون، و رحمة الله و بركاته.

السلام علي الأئمة الدعاة، و القادة الهداة، و السادة الولاة، و الذادة الحماة، و أهل الذكر، و أولي الأمر، و بقية الله و خيرته و حزبه، و عيبة علمه و حجته و صراطه و نوره و برهانه، و رحمة الله و بركاته



[ صفحه 329]



أشهد ألا اله الا الله وحده لا شريك له، كما شهد الله لنفسه، و شهدت له ملائكته، و أولو العلم من خلقه، لا اله الا هو العزيز الحكيم. و أشهد أن محمدا عبده المنتجب، و رسوله المرتضي، أرسله بالهدي و دين الحق، ليظهر علي الدين كله و لو كره المشركون. و أشهد أنكم لأئمة الراشدون، المهديون المعصومون، المكرمون المقربون، المتقون الصادقون، المصطفون المطيعون لله، القوامون بأمره، العاملون بارادته، الفائزون بكرامته، اصطفاكم بعلمه، و ارتضاكم لغيبه، و اختاركم لسره، و اجتباكم بقدرته، و أعزكم بهداه، و خصكم ببرهانه، و انتجبكم لنوره، - بنوره - و أيدك بروحه، و رضيكم خلفاء في أرضه، و حججا علي بريته، و أنصارا لدينه، و حفظة لسره، و خزنة لعلمه، و مستودعا لحكمته، و تراجمة لوحيه، و أركانا لتوحيده، و شهداء علي خلقه، و أعلاما لعباده، و منارا في بلاده، و أدلاء علي صراطه. عصمكم الله من الزلل، و آمنكم من الفتن، و طهركم من الدنس، و أذهب عنكم الرجس و طهركم تطهيرا، فعظمتم جلاله، و أكبرتم شأنه، و مجدتم كرمه، و أدمتم - و أدمنتم - ذكره، و وكدتم - و ذكرتم - ميثاقه، و أحكمتم عقد طاعته، نصحتم له في السر و العلانية، و دعوتم الي سبيله بالحكمة و الموعظة الحسنة، و بذلتم أنفسكم في مرضاته، و صبرتم علي ما أصابكم في جنبه - حبه - و أقمتم الصلاة و آتيتم الزكاة، و أمرتم بالمعروف و نهييتم عن المنكر، و جاهدتم في الله حق جهاده، حتي أعلنتم دعوته، و بينتم فرائضه، و أقمتم حدوده، و نشرتم - و فسرتم - شرائع أحكامه، و سننتم سنته، و صبرتم في ذلك منه الي الرضا، و سلمتم له القضاء، و صدقتم من رسله من مضي؛ فالراغب عنكم مارق، و اللازم لكم لاحق، و المقصر في حقكم زاهق، و الحق معكم و فيكم، و منكم و اليكم، و أنتم أهله و معدنه، و ميراث النبوة عندكم، و اياب الخلق اليكم، و حسابهم



[ صفحه 330]



عليكم، و فصل الخطاب عندكم، و آيات الله لديكم، و عزائمه فيكم، و نوره و برهانه عندكم، و أمره اليكم؛ من والاكم فقد والي الله، و من عاداكم فقد عادي الله، و من أحبكم فقد أحب الله - و من أبغضكم فقد أبغض الله - و من اعتصم بكم فقد اعتصم بالله، أنتم الصراط الأقوم، و شهداء دار الفناء، و شفعاء دار البقاء، و الرحمة الموصولة، و الآية المخزونة، و الأمانة المحفوظة، و الباب المبتلي به الناس، من أتاكم نجا، و من لم يأتكم هلك. الي الله تدعون، و عليه تدلون، و به تؤمنون، و له تسلمون، و بأمره تعملون، و الي سبيله ترشدون، و بقوله تحكمون.

سعد من والاكم، و هلك من عاداكم، و خاب من جحدكم، و ضل من فارقكم، و فاز من تمسك بكم، و أمن من لجأ اليكم، و سلم من صدقكم، و هدي من اعتصم بكم.

من اتبعكم فالجنة مأواه، و من خالفكم فالنار مثواه، و من جحدكم كافر، و من حاربكم مشرك، و من رد عليكم في أسفل درك من الجحيم.

أشهد أن هذا سابق بكم فيما مضي، و جار لكم فيما بقي، و أن أرواحكم و نوركم وطنتكم واحدة، طابت و طهرت بعضها من بعض. خلقكم الله أنوارا، فجعلكم بعرشه محدقين حتي من علينا بكم، فجعلكم في بيوت أذن الله أن ترفع و يذكر فيها اسمه، و جعل صلاتنا - صلواتنا - عليكم و ما خصنا به من ولايتكم طيبا لخلقنا، و طهارة لأنفسنا - و تزكية - و بركة - لنا، و كفارة لذنوبنا، فكنا عنده مسلمين بفضلكم، و معروفين بتصديقنا اياكم؛ فبلغ الله بكم اشرف محل المكرمين، و أعلي منازل المقربين، و أرفع درجات المرسلين، حيث لا يلحقه لا حق، و لا يفوته فائت، و لا يسبقه سابق، و لا يطمع في ادركه طامع، حتي لا يبقي ملك مقرب، و لا نبي مرسل، و لا صديق و لا شهيد، و لا عالم، و لا جاهل، و لا دني، و لا فاضل،



[ صفحه 331]



و لا مؤمن صالح، و لا فاجر طالح، و لا جبار عنيد، و لا شيطان مريد، و لا خلق فيما بين ذلك شهيد، الا عرفهم جلالة أمركم، و عظم خطركم و كبر شأنكم، و تمام نوركم، و صدق مقاعدكم، و ثبات مقامكم، و شرف محلكم و منزلتكم عنده.

بأبي أنتم و أمي، و أهلي و ما لي و أسرتي، أشهد الله و أشهدكم أني مؤمن بكم و بما آمنتم به، كافر بعدوكم و بما كفرتم به، مستبصر بشأنكم و بضلالة من خالفكم، موال لكم و لأوليائكم، مبغض لأعدائكم و معاد لهم، سلم لمن سالمكم، و حرب لمن حاربكم، محقق لما حققتم، مبطل لما أبطلتم، مطيع لكم، عارف بحقكم، مقر بفضلكم، - محتمل لعلمكم - محتجب بذمتكم، معترف بكم، مؤمن بأيابكم، مصدق برجعتكم، منتظر لأمركم، مرتقب لدولتكم، آخذ بقولكم، عامل بأمركم، مستجير بكم، زائر لكم، لائذ عائذ بقبوركم، مستشفع الي الله عزوجل بكم، و متقرب بكم اليه، و مقدمكم أمام طلبتي و حوائجي و ارادتي في كل أحوالي و أموري، مؤمن بسركم و علانيتكم، و شاهدكم و غائبكم، و أولكم و آخركم، و مفوض في ذلك كله اليكم، و مسلم فيه معكم، و قلبي لكم مسلم - سلم - ورايي لكم تبع، و نصرتي لكم معدة، حتي يحيي الله تعالي دينه بكم، و يردكم في أيامه، و يظهركم لعدله، و يمكنكم في أرضه.

فمعكم معكم، لا مع غيركم، - لا مع عدوكم - آمنت بكم، و توليت آخركم بما توليت به أولكم، و برئت الي الله عزوجل من أعدائكم، و من الجبت و الطاغوت، و من الشياطين و حزبهم الظالمين لكم - و - الجاحدين لحقكم، و المارقين من ولايتكم، و الغاصبين لارثكم - و - الشاكين فيكم - و - المنحرفين عنكم، و من كل وليجة دونكم، و كل مطاع سواكم، و من الأئمة الذين يدعون الي النار.



[ صفحه 332]



فثبتني الله أبدا ما حييت علي موالاتكم و محبتكم و دينكم، و وفقني لطاعتكم، و رزقني شفاعتكم، و جعلني من خيار مواليكم التابعين لما دعوتم اليه، و جعلني ممن يقتص آثاركم، و يسلك سبيلكم، و يهتدي بهداكم، و يحشر في زمرتكم، و يكر في رجعتكم، و يملك في دولتكم، و يشرف في عافيتكم، و يمكن في أيامكم، و تقر عينه غدا برؤيتكم.

بأبي أنتم و أمي، و نفسي و أهلي و مالي؛ من أراد الله بدأ بكم، و من وحده قبل عنكم، و من قصده توجه بكم.

موالي: لا أحصي ثناءكم، و لا أبلغ من المدح كنهكم، و من الوصف قدركم، و أنتم نور الأخيار، و هداة الأبرار، و حجج الجبار.

بكم فتح الله، و بكم يختم - الله - و بكم ينزل الغيث، و بكم يمسك السماء أن تقع علي الأرض الا باذنه، و بكم ينفس الهم و يكشف الضر، و عندكم ما نزلت به رسله، و هبطت به ملائكته، و الي جدكم [1] بعث الروح الأمين. آتاكم الله ما لم يؤت أحدا من العالمين. طأطأ كل شريف لشرفكم، و بخع [2] كل متكبر لطاعتكم، و خضع كل جبار لفضلكم، و ذل كل شي ء لكم، و أشرقت الأرض بنوركم، و فاز الفائزون بولايتكم؛ بكم يسلك الي الرضوان، و علي من جحد ولايتكم غضب الرحمان.

بأبي أنتم و أمي، و نفسي و أهلي و مالي: ذكركم في الذاكرين، و أسماؤكم في الأسماء، و أجسادكم في الأجساد، و أرواحكم في الأرواح، و أنفسكم في النفوس، و آثاركم في الآثار، و قبوركم في القبور!.



[ صفحه 333]



كلامكم نور، و أمركم رشد، و وصيتكم التقوي، و فعلكم الخير، و عادتكم الاحسان، و سجيتكم الكرم، و شأنكم الحق و الصدق و الرفق، و قولكم حكم و حتم، و رأيكم علم و حلم و حزم!. ان ذكر الخير كنتم أوله و أصله و فرعه، و معدنه و مأواه و منتهاه!.

بأبي أنتم و أمي و نفسي، بموالاتكم علمنا الله معالم ديننا، و أصلح ما كان فسد من دنيانا. و بموالاتكم تمت الكلمة، و عظمت النعمة، و ائتلفت الفرقة، و بموالاتكم تقبل الطاعة المفترضة، و لكم المودة الواجبة، و الدرجات الرفيعة، و المقام المحمود، و المكان - و المقام - المعلوم عند الله عزوجل، و الجاه العظيم، و الشأن الكبير، و الشفاعة المقبولة.

ربنا آمنا بما أنزلت و اتبعنا الرسول، فاكتبنا مع الشاهدين. ربنا لا تزغ قلوبنا بعد اذ هديتنا، و هب لنا من لدنك رحمة، انك أنت الوهاب. سبحان ربنا، ان كان وعد ربنا لمفعولا.

يا ولي الله: [3] ان بيني و بين الله عزوجل ذنوبا لا يأتي [4] عليها الا رضاكم. فبحق من ائتمنكم علي سره، و استرعاكم أمر خلقه، و قرن طاعتكم بطاعته، لما استوهبتم ذنوبي و كنتم شفعائي، فاني لكم مطيع.

من أطاعكم فقد أطاع الله، و من عصاكم فقد عصي الله، و من أحبكم فقد أحب الله، و من أبغضكم فقد أبغض الله!.

أللهم اني لو وجدت شفعاء أقرب اليك من محمد و أهل بيته الأخيار، الأئمة الأبرار، لجعلتهم شفعائي، فبحقهم الذي أوجبت لهم عليك، أسألك



[ صفحه 334]



أن تدخلني في جملة العارفين بهم و بحقهم، و في زمرة المرحومين بشفاعتهم، انك أرحم الراحمين.

و صلي الله علي محمد و آله - الطاهرين - و سلم - تسليما - كثيرا. و حسبنا الله، و نعم الوكيل.



[ صفحه 335]




پاورقي

[1] و ان كانت الزيارة لأميرالمؤمنين عليه السلام، فعوض: و الي جدكم، قل: و الي أخيك بعث الروح الأمين.

[2] بخع: أذعن و أقر، خضع.

[3] يخاطب بقوله: يا ولي الله، الامام الذي يزوره ان كان مفردا. و يمكن أن ينوي بهم الأئمة عليهم السلام كلهم علي سبيل البدلية، أو علي ارادة الجنس من الكلمة. و الأحسن اذا كانت الزيارة للجميع أن يقول: يا أولياء الله، كما نقل عن شرح المجلسي رحمه الله.

[4] لا يأتي عليها: لا يمحوها و يزيلها.