بازگشت

معرفة الامام في اقوال الهادي


ان كل واحد من أئمتنا الاثني عشر - صلوات الله علي انوارهم المقدسة - لا يقتصر علي كونه قائدا للأمة و مبينا لأحكام الاسلام و القرآن، و انما الامام المعصوم في الثقافة الشيعية هو نور الله في



[ صفحه 32]



الأرض، و الحجة التامة للحق علي جميع العالمين، و محور كائنات الوجود، و واسطة الفيض بين الخالق و المخلوقين، و المرآة النورانية لكمالات العوالم العليا، و أرفع قمة للفضائل الانسانية، و الجامع لكل الخيرات و المحاسن، و محل تجلي علم الله تعالي و قدرته، و النموذج الكامل للانسان الواصل الي الله، و المعصوم من السهو و النسيان و الخطأ، و المرتبط بملكوت الوجود و عالم الغيب و الملائكة، و العالم بما كان و ما يكون في الدنيا و الآخرة، و كنز الأسرار الالهية و وارث جميع كمالات الأنبياء. أجل ان الوجود المبارك محمد (صلي الله عليه و آله و سلم) و آل محمد (عليهم السلام) هو مركز فرجال الوجود، و هيمنة ولايتهم الكريمة فوق ولاية الأنبياء و المرسلين، و هي رفيعة الي الحد الذي لا تكون فيه قابلة للادراك بغيرهم، و هي بجعل من الله سبحانه مختصة بالنبي (صلي الله عليه و آله و سلم) و اهل بيته المعصومين، و لا يمكن ان يطمع فيها اي طامع...

و ما ذكرناه من منزلة الأئمة المعصومين و مقامهم الواقعي - بل و اكثر من ذلك - يمكننا اثباته بنصوص من كتاب الله و الروايات الصحيحة الواردة عن النبي (صلي الله عليه و آله و سلم) و الأئمة (عليهم الصلاة و السلام)، و هي مذكورة و مدروسة في الكتب المتنوعة لعلماء الشيعة و شخصياتها، و هذه الدراسة المختصرة ليست مجالا للتطويل و لا لذكر الدليل.

و مولانا المكرم - و هو عاشر كوكب من كواكب سماء الامامة - الامام ابوالحسن الهادي عليه السلام قد من علينا - نحن الشيعة -



[ صفحه 33]



و اكرمنا بكلامه العميق الثري الوارد في زيارة يطلق عليها اسم «الزيارة الجامعة» تضم كلاما فريدا ثريا بالمعارف الالهية الراقية و بحرا من العلوم الغزيرة التي تنهمر أمطارا من الدر و الجواهر علي مفارق المحبين الحقيقيين للأئمة عليهم السلام، و هي علي مستوي عقولنا و لا تتناسب مع حقيقة الامامة، يحكي فيها بعض الطرائف من بستان الله، و يعرفنا - ارواحنا فداه - نحن الأرضيين بسماء العظمة الالهية و الجلال الالهي بواسطة الأشعة النافذه لكلامه، و يسقينا - نحن المتعطشين الي ولاء هؤلاء الكرام - من كوثر جنة الله.

اجل ان الامام الهادي عليه السلام يعلم احد شيعته و محبيه - بطلب منه - كلمات لزيارة الأئمة المعصومين عليهم السلام، و نجد من الخسارة ان لا نذكرها في هذا المقال المخصص لحياة هذا الامام الكريم، لانها تشتمل علي فهرست لمعرفة الامام. و بعض العلماء الكبار اعتبر هذه الزيارة افضل الزيارات الجامعة، و قد نقلها كثير من الشخصيات العلمية المرموقة، كالمرحوم الشيخ الصدوق المتوفي سنة (381) هجرية في كتاب «من لا يحضره الفقيه» [1] و كتاب «عيون أخبار الرضا»، [2] و الشيخ الطوسي



[ صفحه 34]



المتوفي سنة (460) هجرية في كتاب «تهذيب الاحكام» [3] [4] .

و نفس جذابية الكلام و ثراء المضمون و ما يحفل به من علم و معرفة هو شاهد صادق علي أصالة هذه الزيارة و دال علي تمتع قائله بالعلم الالهي الرفيع، و نحن ننقل هنا هذا الكلام الشريف آملين ان لا يغفل التابعون للأئمة عليهم السلام عن هذه الجوهرة الثمينة من كنز المعارف الشيعية، و ان يواظبوا علي زيارة الأئمة الطاهرين بهذه الكلمات المضيئة، سواء أكانت زيارتهم من بعد ام في حرم كل واحد من الأئمة المعصومين صلوات الله عليهم أجمعين.


پاورقي

[1] - ج 2، ص 609، طبع مكتبة الصدوق، طهران(يقول الشيخ الصدوق في اوائل كتاب من لا يحضره الفقيه: انني اذكر في هذا الكتاب ما افتي به واراه حجة شرعية بيني و بين ربي، ج 1، ص 3).

[2] - ج 2، ص 277، طبع منشورات الأعلمي، طهران.

[3] ج 6، ص 95، طبعة طهران.

[4] يقول العلامة المجلسي في هذه الزيارة: ان الزيارة الجامعة هي اصح الزيارات من حيث السند و افضل الزيارات من حيث المتن و الفصاحة و البلاغة. (البحار، ج 102، ص 144).

و يقول المجلسي الاول (والد العلامة المجلسي): جرت لي مكاشفة في حرم الامام اميرالمؤمنين، حيث حظيت بلقاء امام العصر و الزمان ارواحنا فداه فقرأت الزيارة الجامعة بصوت عال، و بعد ان انهيت الزيارة قال لي (ع) انها زيارة حسنة، ثم يعقب المجلسي الاول علي ذلك: بانني ادمنت علي هذه الزيارة في اغلب الأوقات، و لا شك في ان هذه الزيارة هي من الامام الهادي (عليه السلام) و امضاء من صاحب الزمان، و يعتبر متنها أكمل و افضل الزيارات (روضة المتقين، ج 5، ص 451). و يقول المرحوم الحاج النوري: ان السيد احمد الرشتي قد لقي امام العصر (عج) خلال سفره الي الحج، فأوصاه عليه السلام بالحرص علي قراءة زيارة عاشوراء و الزيارة الجامعة و اداء صلاة النافلة، و قال: لماذا لا تصلون النافلة؟ النافلة النافلة النافلة، لماذا لا تقرأون زيارة عاشوراء؟ عاشوراء، عاشوراء، عاشوراء، لماذا لا تقرأون الزيارة الجامعة؟ الجامعة، الجامعة، الجامعة. (النجم الثاقب، ص 343 - 342).