بازگشت

باب معجزاته، و بعض مكارم أخلاقه، و معالي اموره


1 - عم: السيد أبوطالب محمد بن الحسين الحسيني الجرجاني، عن والده الحسين بن الحسن، عن أبي الحسين طاهر بن محمد الجعفري، عن أحمد بن محمد ابن عياش، عن عبدالله بن أحمد بن يعقوب، عن الحسين بن أحمد المالكي، عن أبي هاشم الجعفري قال: كنت بالمدينة حتي مربها بغا [1] أيام الواثق في طلب الاعراب فقال أبوالحسن: اخرجوا بنا حتي ننظر إلي تعبية هذا التركي.

فخرجنا فوقفنا فمرت بنا تعبيته فمر بناتركي فكلمه أبوالحسن عليه السلام بالتركية فنزل عن فرسه فقبل حافردابته قال: فحلفت التركي وقلت له: ماقال لك الرجل؟ قال: هذانبي؟ قلت: ليس هذا بنبي قال: دعاني باسم سميت به في صغري في بلاد الترك ما علمه أحد إلا الساعة [2] .

قب: أبوهاشم مثله [3] .

2 - ما: الفحام، عن المنصوري، عن عم أبيه قال: دخلت يوما علي المتوكل وهو يشرب فدعاني إلي الشرب فقلت: يا سيدي ما شربته قط قال: أنت تشرب مع علي بن محمد قال: فقلت له: ليس تعرف من في يدك إنما يضرك ولا يضره ولم أعد ذلك عليه [4] .



[ صفحه 125]



قال: فلما كان يومامن الايام قال لي الفتح بن خاقان: قد ذكر الرجل يعني المتوكل - خبر مال يجئ من قم، وقد أمرني أن أرصده لاخبره له فقل لي من أي طريق يجئ حتي أجتنبه فجئت إلي الامام علي بن محمد فصادفت عنده من أحتشمه فتبسم وقال لي: لا يكون إلا خيرا يا أبا موسي لم لم تعد الرسالة الاولة؟ فقلت: أجللتك يا سيدي فقال لي: المال يجئ الليلة وليس يصلون إليه فبت عندي.

فلما كان من الليل وقام إلي ورده قطع الركوع بالسلام وقال لي: قدجاء الرجل ومعه المال وقد منعه الخادم الوصول إلي فاخرج خذ مامعه فخرجت فاذا معه زنفيلجة [5] فيها المال فأخذته دخلت به إليه فقال: قال له: هات الجبة التي قالت لك القمية إنها ذخيرة جدتها، فخرجت إليه فأعطانيها فدخلت بها إليه فقال لي: قل له: الجبة التي أبدلتها منها ردها إلينا فخرجت إليه فقلت له ذلك فقال: نعم كانت ابنتي استحسنتها فأبدلتها بهذه الجبة وأنا أمضي فأجيئ بها فقال: اخرج فقل له: إن الله تعالي يحفظ لنا وعلينا هاتها من كتفك فخرجت إلي الرجل فأخرجتها من كتفه فغشي عليه فخرج إليه فقال له: قد كنت شاكا فتيقنت.

قب: الفتح مثله [6] .

بيان: " ولم اعد ذلك عليه " أي علي أبي الحسن عليه السلام وهو المراد بالرسالة الاولة لان الملعون لما ذكر ذلك ليبلغه عليه السلام سماه رسالة.

2 - ما: الفحام قال: حدثني المنصوري، عن عم أبيه وحدثني عمي، عن كافور الخادم بهذا الحديث قال: كان في الموضع مجاور الامام من أهل الصنايع صنوف من الناس، وكان الموضع كالقرية وكان يونس النقاش يغشي سيدنا الامام عليه السلام ويخدمه.



[ صفحه 126]



فجاءه يوما يرعد فقال: ياسيدي اوصيك بأهلي خيرا، قال: وماالخبر؟ قال: عزمت علي الرحيل قال: ولم يا يونس؟ وهو عليه السلام متبسم قال: قال: موسي ابن بغاوجه إلي بفص ليس له قيمة أقبلت أن انقشه فكسرته باثنين وموعده غدا وهو موسي بن بغا إما ألف سوط أو القتل، قال: امض إلي منزلك إلي غد فما يكون إلا خيرا.

فلما كان من الغد وافي بكرة يرعد فقال: قد جاء الرسول يلتمس الفص قال: امض إليه فما تري إلا خيرا قال: وما أقول يا سيدي؟ قال: فتبسم وقال: امض إليه واسمع ما يخبرك به، فلن يكون إلا خيرا.

قال: فمضي وعاد يضحك قال قال لي يا سيدي: الجواري اختصمن فيمكنك أن تجعله فصين حتي نغنيك؟ فقال سيدنا الامام عليه السلام: اللهم لك الحمد إذ جعلتنا ممن يحمد ك حقا فأيش [7] قلت له؟ قال: قلت له: أمهلني حتي أتأمل أمره كيف أعمله؟ فقال: أصبت.

4 - ما: الفحام، عن عمه عمر بن يحيي، عن كافور الخادم قال: قال لي الامام علي بن محمد عليهما السلام: اترك لي السطل الفلاني في الموضع الفلاني لاتطهر منه للصلاة، أنفذني في حاجة وقال: إذا عدت فافعل ذلك ليكون معدا إذا تأهبت للصلاة واستلقي عليه السلام لينام وانسيت ما قال لي وكانت ليلة باردة فحسست به وقد قام إلي الصلاة وذكرت أنني لم أترك السطل، فبعدت عن الموضع خوفا من لومه وتألمت له حيث يشقي بطلب الاناء فناداني نداء مغضب فقلت: إنا لله أيش عذري أن أقول نسيت مثل هذا ولم أجد بدا من إجابته.

فجئت مرعوبا فقال: يا ويلك أما عرفت رسمي أنني لا أتطهر إلا بماء بارد فسخنت لي ماء فتر كته في السطل؟ فقلت: والله يا سيدي ما تركت السطل ولا الماء، قال: الحمد لله والله لا تركنا رخصة ولارددنا منحة الحمد الله الذي جعلنا من أهل طاعته، ووفقناه للعون علي عبادته إن النبي صلي الله عليه وآله يقول: إن الله يغضب علي



[ صفحه 127]



من لا يقبل رخصه [8] .

5 - ما: الفحام عن المنصوري، عن عم أبيه قال: قصدت الامام عليه السلام يوما فقلت: ياسيدي إن هذا الرجل قد أطرحني وقطع رزقي ومللني وما أتهم في ذلك إلا علمه بملا زمتي لك، وإذا سألته شيئا منه يلزمه القبول منك فينبغي أن تتفضل علي بمسألته، فقال: تكفي إنشاءالله.

فلما كان في الليل طرقني رسل المتوكل رسول يتلو رسولا فجئت والفتح علي الباب قائم فقال: يا رجل ما تأوي في منزلك بالليل كدني هذا الرجل مما يطلبك، فدخلت وإذا المتوكل جالس علي فراشه فقال: يا أبا موسي نشغل عنك و تنسينا نفسك أي شئ لك عندي؟ فقلت: الصلة الفلانية والرزق الفلاني وذكرت أشياء فأمر لي بها وبضعفها.

فقلت للفتح: وافي علي بن محمد إلي ههنا؟ فقال: لا، فقلت: كتب رقعة؟ فقال: لا فوليت منصرفا فتبعني فقال لي: لست أشك أنك سألته دعاء لك فالتمس لي منه دعاء.

فلما دخلت إليه عليه السلام فقال لي: يا أبا موسي! هذا وجه الرضا، فقلت: ببركتك يا سيدي، ولكن قالوا لي: إنك ما مضيت إليه ولا سألته، فقال: إن الله تعالي علم منا أنا لا نلجأ في المهمات إلا إليه ولا نتوكل في الملمات إلا عليه و عودنا إذا سألناه الاجابة، ونخاف أن نعدل فيعدل بنا.

قلت: إن الفتح قال لي كيت وكيت، قال: إنه يوالينا بظاهره، ويجانبنا بباطنه، الدعاء لمن يدعوبه: إذا أخلصت في طاعة الله، واعترفت برسول الله صلي الله عليه وآله وبحقنا أهل البيت وسألت الله تبارك وتعالي شيئا لم يحرمك قلت: ياسيدي فتعلمني دعاء أختص به من الادعية قال: هذا الدعاء كثيرا أدعو الله به وقد سألت الله أن لا يخيب من دعا به في مشهدي بعدي وهو: " يا عدتي عند العدد ويا رجائي والمعتمد ويا كهفي والسند، ويا واحد يا



[ صفحه 128]



أحد، يا قل هوالله أحد، وأسألك اللهم بحق من خلقته من خلقك، ولم تجعل في خلقك مثلهم أحدا، أن تصلي عليهم وتفعل بي كيت وكيت [9] .

بيان: " الدعاء لمن يدعو به " أي كل من يدعو به يستجاب له أو الدعاء تابع لحال الداعي فاذا لم يكن في الدعاء شرائط الدعاء لم يستجب له فيكون قوله " إذا أخلصت " مفسرا لذلك وهو أظهر.

6 - ما: الفحام، عن أحمد بن محمد بن بطة عن خير الكاتب قال: حدثني سميلة الكاتب وكان قد عمل أخبار سرمن رأي قال: كان المتوكل يركب إلي الجامع ومعه عدد ممن يصلح للخطابة، وكان فيهم رجل من ولد العباس بن محمد يلقب بهريسة وكان المتوكل يحقره فتقدم إليه أن يخطب يوما فخطب فأحسن فتقدم المتوكل يصلي فسابقه من قبل أن ينزل من المنبر فجآء فجذب منطقته من ورائه و قال: يا أمير المؤمنين من خطب يصلي فقال المتوكل: أردنا أن نخجله فأخجلنا وكان أحد الاشرار فقال يوما للمتوكل: ما يعمل أحد بك أكثر مما تعمله بنفسك في علي بن محمد فلا يبقي في الدار إلا من يخدمه ولا يتعبونه بشيل ستر، ولا فتح باب، ولاشئ، وهذا إذا علمه الناس قالوا: لولم يعلم استحقاقه للامر ما فعل به هذا، دعه إذا دخل يشيل الستر لنفسه ويمشي كما يمشي غيره، فتمسه بعض الجفوة فتقدم أن لا يخدم ولايشال بين يديه ستر، وكان المتوكل مارئي أحد ممن يهتم بالخبر مثله.

قال: فكتب صاحب الخبر إليه: أن علي بن محمد دخل الدار فلم يخدم ولم يشل أحد بين يديه سترا فهب هواء رفع السترله، فدخل فقال: اعرفوا خبر خروجه، فذكر صاحب الخبر هواء خالف ذلك الهواء شال الستر له حتي خرج فقال: ليس نريد هواء يشيل الستر، شيلوا الستر بين يديه [10] قال: ودخل يوما علي المتوكل فقال: يا أبا الحسن من أشعر الناس؟ و



[ صفحه 129]



كان قد سأل قبله لابن الجهم فذكر شعراء الجاهلية وشعراء الاسلام فلما سأل الامام عليه السلام قال: فلان بن فلان العلوي - قال ابن الفحام: وأخوه الحماني قال: حيث يقول:



لقد فاخرتنا من قريش عصابة

بمط خدود وامتداد أصابع



فلما تنازعنا القضاء قضي لنا

عليهم بما فاهوا نداء الصوامع [11] .



قال: ومانداء الصوامع يا أبا الحسن؟ قال: أشهد أن لا إله إلا الله، و أشهد أن محمدا.

جدي أم جدكم؟ فضحك المتوكل كثيرا ثم قال: هو جدك لا ندفعك عنه.

بيان: " ما رئي أحد " علي بناء المجهول أي كان المتوكل كثيرا ما يهتم باستعلام الاخبار، وكان قد وكل لذلك رجلا يعلمه، يكتب إليه، ولعل مط الخدود وامتداد الاصابع كناية عن التكبر والاستيلاء وبسط اليد.

7 - لي: ابن إدريس، عن أبيه، عن محمد بن أحمد العلوي، عن أحمد بن القاسم، عن أبي هاشم الجعفري قال: أصابتني ضيقة شديدة فصرت إلي أبي الحسن علي بن محمد عليه السلام فأذن لي فلما جلست قال: يا أبا هاشم أي نعم الله عزوجل عليك تريد أن تؤدي شكرها؟ قال أبوهاشم: فوجمت فلم أدرما أقول له.

فابتدا عليه السلام فقال: رزقك الايمان فحرم بدنك علي النار، ورزقك العافية فأعانتك علي الطاعة، ورزقك القنوع فصانك عن التبذل، يا أباهاشم إنما ابتدأتك بهذا لاني ظننت أنك تريد أن تشكو لي من فعل بك هذا، وقد أمرت لك بمائة دينار فخذها [12] .

8 - ما: الفحام عن المنصوري، عن عم أبيه قال: قال يوما الامام علي ابن محمد عليهما السلام يا أبا موسي اخرجت إلي سرمن رأي كرها ولو اخرجت عنها.



[ صفحه 130]



اخرجت كرها قال: قلت: ولم يا سيدي؟ قال: لطيب هوائها، وعذوبة مائها، وقلة دائها [13] .

ثم قال: تخرب سر من رأي حتي يكون فيها خان وبقال للمارة و علامة تدارك خرابها تدارك العمارة في مشهدي من بعدي.

9 - ير: محمد بن عيسي، عن أبي علي بن راشد قال: قدمت علي أحمال فأتاني رسوله قبل أن أنظر في الكتب أن اوجهه بها إليه: " سرح إلي بدفتر كذا " ولم يكن عندي في منزلي دفتر أصلا قال: فقمت أطلب ما لا أعرف بالتصديق له فلم أقع علي شئ فلما ولي الرسول قلت: مكانك فحللت بعض الاحمال فتلقاني دفتر لم أكن علمت به إلا أني علمت أنه لم يطلب إلا حقا فوجهت به إليه [14] .

10 - ير: محمدبن الحسين، عن علي بن مهزيار، عن الطيب الهادي عليه السلام قال: دخلت عليه فابتدأني فكلمني بالفارسية [15] .

11 - ير: محمد بن عيسي عن علي بن مهزيار قال: أرسلت إلي أبي الحسن عليه السلام غلامي وكان سقلابيا فرجع الغلام إلي متعجبا فقلت: ما لك يا بني؟ قال: كيف لا أتعجب؟ ما زال يكلمني بالسقلابية كأنه واحد منا! فظننت أنه إنما دار بينهم [16] .

12 - قب: علي بن مهزيار إلي قوله كأنه واحد منا وإنما أراد بهذا الكتمان عن القوم [17] .

كشف: من كتاب الدلائل عن علي بن مهزيارمثله [18] .



[ صفحه 131]



13 - ير: الحسن بن علي السرسوني، عن إبراهيم بن مهزيار قال: كان أبوالحسن عليه السلام كتب إلي علي بن مهزيار، يأمره أن يعمل له مقدار الساعات فحملناه إليه في سنة ثمان وعشرين فلما صرنا بسيالة كتب يعلمه قدومه ويستأذنه في المصير إليه وعن الوقت الذي نسير إليه فيه، واستأذن لا براهيم فورد الجواب بالاذن أنا نصير إليه بعد الظهر، فخرجنا جميعا إلي أن صرنا في يوم صائف شديد الحر ومعنا مسرور غلام علي بن مهزيار.

فلما أن دنوا قصره إذا بلال قائم ينتظرنا وكان بلال غلام أبي الحسن عليه السلام قال: ادخلوا فدخلنا حجرة وقد نالنا من العطش أمرعظيم فما قعدنا حينا حتي خرج إلينا بعض الخدم ومعه قلال من ماء أبرد ما يكون فشربنا ثم دعا بعلي بن مهزيار فلبث عنده إلي بعد العصر ثم دعاني فسملت عليه واستأذنته أن يناولني يده فاقبلها، فمديده فقبلتها ودعاني وقعدت ثم قمت فودعته.

فلما خرجت من باب البيت ناداني عليه السلام فقال: يا إبراهيم فقلت: لبيك يا سيدي فقال: لاتبرح فلم نزل جالسا ومسرور علامنا معنا، فأمرأن ينصب المقدار ثم خرج عليه السلام فالقي له كرسي فجلس عليه والقي لعلي بن مهزيار كرسي عن يساره فجلس، وقمت أنا بجنب المقدار فسقطت حصاة [19] فقال مسرور: " هشت " فقال عليه السلام: " هشت " ثمانية، فقلنا: نعم يا سيدنا.

فلبثنا عنده إلي المساء ثم خرجنا فقال لعلي: رد إلي مسرورا بالغداة فوجهه إليه فلما أن دخل قال له بالفارسية " بار خدا جون؟ " فقلت له " ينك " يا سيدي فمر نصر فقال: " درببند درببند " فأغلق الباب ثم ألقي رداءه علي يخفيني من نصر حتي سألني عما أراد فلقيه علي بن مهزيار فقال له: كل هذا خوفا من نصر؟ فقال: يا أبا الحسن يكاد خوفي منه خوفي من عمرو بن قرح [20] .



[ صفحه 132]



14 - كا [21] ير: الحسين محمد، عن المعلي، عن أحمد بن محمد بن عبدالله، عن علي بن محمد، عن إسحاق الجلاب [22] .

قال: اشتريت لابي الحسن عليه السلام غنما كثيرة فدعاني فأدخلني من إصطبل داره [23] إلي موضع واسع لا أعرفه، فجعلت افرق تلك الغنم فيمن أمرني به.

فبعثت إلي أبي جعفر [24] وإلي والدته، وغيرهما ممن أمرني ثم استأذنته في الانصراف إلي بغداد إلي والدي، وكان ذلك يوم التروية، فكتب إلي: تقيم غدا عندنا ثم تنصرف قال: فأقمت فلما كان يوم عرفة أقمت عنده وبت ليلة الاضحي في رواق له، فلماكان في السحر أتاني فقال لي: يا إسحاق قم، فقمت ففتحت عيني فاذا أنا علي بابي ببغداد فدخلت علي والدي وأتاني أصحابي فقلت.

لهم: عرفت بالعسكر، وخرجت إلي العيد ببغداد [25] .

15 - ير: الحسين بن محمد، عن المعلي، عن أحمد بن محمد بن عبدالله، عن محمد ابن بحر [26] عن صالح بن سعيد قال: دخلت علي أبي الحسن عليه السلام فقلت: جعلت فداك في كل الامور أرادوا إطفاء نورك والتقصيربك، حتي أنزلوك هذا الخان



[ صفحه 133]



الاشنع خان الصعاليك، فقال: ههنا أنت يا ابن سعيد؟ ثم أومأ بيده فقال: انظر فنظرت فاذا بروضات آنقات، وروضات ناضرات، فيهن خيرات عطرات، وولدان كأنهن اللؤلؤ المكنون، وأطيار، وظباء، وأنهار تفور، فحار بصري والتمع وحسرت عيني، فقال: حيث كنا فهذا لنا عتيد، ولسنا في خان الصعاليك [27] .

عم: [28] الكليني، عن الحسين، مثله [29] .

ير: الحسين بن محمد، عن علي بن النعمان بن محمد، عن أحمد بن محمد ابن عبدالله، عن محمد بن يحيي، عن صالح بن سعيد مثله [30] .

بيان: " الصعلوك " الفقير أو اللص قوله " ههنا أنت " أي أنت في هذا المقام من معرفتنا " خيرات " مخفف خيرات لان خير الذي بمعني أخير لا يجمع " كأنهن اللؤلؤ المكنون " أي المصون عما يضر به في الصفاء والنقاء " عتيد ": أي حاضر مهيأ.

أقول: لما قصر علم السائل وفهمه عن إدراك اللذات الروحانية ودرجاتهم المعنوية، وتوهم أن هذه الامور مما يحط من منزلتهم، ولم يعلم أن تلك الاحوال مما يضاعف منازلهم ودرجاتهم الحقيقية، ولذاتهم الروحانية، وأنهم اجتووا لذات الدنيا ونعيمها [31] وكان نظره مقصورا علي اللذات الدنية الفانية فلذا أراه عليه السلام ذلك لانه كان مبلغه من العلم وأما كيفية رؤيته لها فهي محجوبة عنا والخوض فيها لا يهمنا لكن خطر لنا بقدر فهمنا وجوه: الاول أنه تعالي أو جد في هذا الوقت لاظهار إعجازه عليه السلام هذه الاشياء.



[ صفحه 134]



في الهواء ليراه أن فيعلم أن عروض تلك الاحوال لهم لتسلبمهم ورضاهم بقضاء الله تعالي وإلا فهم قادرون علي إحداث هذه الغرائب، وأن إمامتهم الواقعية وقدرتهم العلية، ونفاذ حكمهم في العالم الادني والاعلي وخلافتهم الكبري، لم تنقص بما يري فيهم من الذلة والمغلوبية والمقهورية.

الثاني أن تلك الاشكال أو جدها الله سبحانه في حسه المشترك إيذانا بأن اللذات الدنيوية عندهم بمثل تلك الخيالات الوهميه كما يري النائم في طيفه ما يلتذ به كالتذاذه في اليقظة، ولذا قال النبي صلي الله عليه وآله: الناس نيام فاذا ماتوا انتبهوا.

الثالث أنه عليه السلام أراه صور اللذات الروحانية التي معهم دائما بما يوافق فهمه، فانه كان في منام طويل وغفلة عظيمة عن درجات العارفين ولذاتهم، كما يري النائم العلم بصورة الماء الصافي أو اللبن اليقق والمال بصورة الحية وأمثالها وهذا قريب من السابق وهذا علي مذاق الحكماء والمتألهين الرابع ما حققته في بعض المواضع وملخصه أن النشآت مختلفة والحواس في إدراكها متفاوتة، كما أن النبي صلي الله عليه وآله كان يري جبرئيل عليه السلام وسائر الملائكة والصحابة لم يكونوا يرونهم، وأميرالمؤمنين كان يري الارواح في وادي السلام وحبة [32] وغيره لا يرونهم فيمكن أن يكون جميع هذه الامور في جميع الاوقات



[ صفحه 135]



حاضرة عندهم عليهم السلام، يرونها ويلتذون بها لكن لما كانت أجساما لطيفة روحانية ملكوتية لم يكن سائر الخلق يرونها فقوي الله بصر السائل با عجازه عليه السلام حتي رآها.

فعلي هذا لا يبعد أن يكون في وادي السلام جنات، وأنهار، ورياض، وحياض تتمتع بها أرواح المؤمنين بأجسادهم المثالية اللطيفة، ونحن لانراها.

وبهذا الوجه تنحل كثير من الشبه عن المعجزات، وأخبار البرزخ والمعاد وهذا قريب من عالم المثال الذي أثبته الاشراقيون من الحكماء والصوفية لكن بينهما فرق بين.

هذه هي التي خطرت ببالي وأرجو من الله أن يسددني في مقالي وفعالي.

16 - ير: محمد بن أحمد، عن بعض أصحابنا، عن معاوية بن حكيم، عن أبي المفضل الشيباني [33] عن هارون بن الفضل قال: رأيت أبا الحسن عليه السلام في اليوم.



[ صفحه 136]



الذي توفي فيه أبوجعفر عليه السلام فقال: إنا لله وإنا إليه راجعون مضي أبوجعفر فقيل له: وكيف عرفت ذلك؟ قال تداخلني ذلة لله لم أكن أعرفها [34] ير: محمد بن عيسي، عن أبي الفضل، عن هارون بن الفضل مثله [35] .

17 - قب [36] يج: جعفر الفزاري، عن أبي هاشم الجعفري قال: دخلت علي أبي الحسن عليه السلام فكلمني بالهندية فلم احسن أن أرد عليه، وكان بين يديه ركوة ملاحصا فتناول حصاة واحدة وضعها في فيه ومصها مليا ثم رمي بها الي فوضعتها في فمي فوالله ما برحت من عنده حتي تكلمت بثلاثة وسبعين لسانا أو لها الهندية [37] عم: قال أبوعبدالله بن عياش: حدثني علي بن حبشي بن قوني، عن جعفر مثله [38] .

18 - يج: روي عن أبي هاشم قال كنت عند أبي الحسن عليه السلام وهومجدر فقلت للمتطبب: " آب كرفت " ثم التفت إلي وتبسم وقال: تظن أن لا يحسن



[ صفحه 137]



الفارسية غيرك؟ فقال له المتطبب: جعلت فداك تحسنها؟ فقال: أما فارسية هذا فنعم، قال لك: احتمل الجدري ماء.

19 - يج: روي عن أبي هاشم قال: قال لي أبوالحسن عليه السلام وعلي رأسه غلام: كلم الغلام بالفارسية وأعرب له فيها، فقلت للغلام، " نام توجيست " فسكت الغلام فقال له أبوالحسن عليه السلام: يسألك ما اسمك [39] .

20 - يج: روي عن محمد بن الحسن بن الاشتر العلوي قال: كنت مع أبي بباب المتوكل، وأنا صبي في جمع الناس ما بين طالبي إلي عباسي إلي جندي إلي غير ذلك، وكان إذا جآء أبوالحسن عليه السلام ترجل الناس كلهم حتي يدخل.

فقال بعضهم لبعض: لم نترجل لهذا الغلام؟ وما بأشر فنا ولا بأكبرنا ولا بأسننا ولا بأعلمنا؟ فقالوا: والله لا ترجلنا له فقال لهم أبوهاشم: والله لترجلن له صغارا وذلة إذا رأيتموه، فما هو إلا أن أقبل وبصروا به فترجل له الناس كلهم فقال لهم أبوهاشم: أليس زعمتم أنكم لا تترجلون له؟ فقالوا: والله ماملكنا أنفسنا حتي ترجلنا [40] عم: محمد بن الحسين الحسيني، عن أبيه عن طاهر بن محمد الجعفري، عن أحمد بن محمد بن عياش في كتابه عن الحسن بن عبد القاهر الطاهري، عن محمد بن الحسن مثله [41] .

21 - يج: روي أن أبا هاشم الجعفري [42] كان منقطعا إلي أبي الحسن بعد أبيه



[ صفحه 138]



أبي جعفر وجده الرضا عليهم السلام فشكي إلي أبي الحسن عليه السلام ما يلقي من الشوق إليه إذا انحدر من عنده إلي بغداد ثم قال: يا سيدي ادع الله لي فربما لم أستطع ركوب الماء فسرت إليك علي الظهرو مالي مركوب سوي برذوني هذا علي ضعفه فادع الله أن يقويني علي زيارتك، فقال: قواك الله يا أبا هاشم وقوي برذونك.

قال الراوي: وكان أبوهاشم يصلي الفجر ببغداد ويسير علي ذلك البرذون فيدرك الزوال من يومه ذلك في عسكر سرمن رأي، يعود من يومه إلي بغداد إذا شاء علي ذلك البرذون، فكان هذا من أعجب الدلائل التي شوهدت [43] .

عم: بالاسناد عن ابن عياش، عن عبدالله بن عبدالرحمان الصالحي، عن أبي هاشم مثله [44] .

قب: عن عبدالله الصالحي مثله [45] .

22 - يج: روي عن يحيي بن زكريا الخزاعي، عن أبي هاشم الجعفري قال: خرجت مع أبي الحسن عليه السلام إلي ظاهر سرمن رأي يتلقي بعض القادمين فأبطأوا فطرح لابي الحسن عليه السلام غاشية السرج فجلس عليها، ونزلت عن دابتي وجلست بين يديه وهو يحدثني، فشكوت إليه قصريدي وضيق حالي فأهوي بيده إلي رمل كان عليه جالسا فناولني منه كفا وقال: اتسع بهذايا أبا هاشم واكتم ما رأيت فخبأته معي ورجعنا فأبصرته فاذا هو يتقد كالنيران ذهبا أحمر [46] فدعوت صائغا إلي منزلي وقلت له: اسبك لي هذه السبيكة فسبكها وقال لي: ما رأيت ذهبا أجود من هذا، وهو كهيئة الرمل فمن أين لك هذا؟ فما رأيت أعجب منه؟ قلت: كان عندي قديما [47] .



[ صفحه 139]



عم: قال ابن عياش: وحدثني علي بن محمد المقعد، عن يحيي بن زكريا مثله وزاد في آخره: تدخره لنا عجا ئزنا علي طول الايام [48] .

23 - يج: روي عن أبي يعقوب، قال: رأيت أبا الحسن مع أحمد بن الخصيب يتسايران، وقد قصرعنها أبوالحسن عليه السلام فقال له ابن الخصيب: سر! فقال أبوالحسن أنت المقدم، فما لبثنا إلا أربعة أيام حتي وضع الوهق علي ساق ابن الخصيب وقتل [49] .

وقد ألح قبل هذا ابن الخصيب علي أبي الحسن في الدار التي نزلها وطالبه بالا نتقال منها، وتسليمها إليه.

فقال أبوالحسن: لاقعدن لك من الله مقعدا لا تبقي لك معه باقية، فأخذه الله في تلك الايام وقتل [50] .

عم [51] .

شا: أحمد بن محمد بن عيسي، عن أبي يعقوب مثله [52] .



[ صفحه 140]



بيان: " الوهق " بالتحريك وقد يسكن حبل [53] وفي بعض النسخ الدهق بالدال وهو خشبتان يغمزبهما الساق فارسيته اشكنجه [54] .

24 - قب: أبويعقوب قال: رأيت محمد بن الفرج ينظر إليه أبوالحسن عليه السلام نظرا شافيا فاعتل من الغد، فدخلت عليه فقال: أن أباالحسن عليه السلام قد أنفذ إليه بثوب فأرانيه مدرجا تحت ثيابه، قال: فكفن فيه والله [55] .

عم: أحمد بن محمد، عن أبي يعقوب مثله [56] .

25 - يج: روي عن محمد بن الفرج أنه قال: إن قال: إن أباالحسن كتب إلي: أجمع أمرك، وخذ حذرك، قال: فأنا في جمع أمري لست ما الذي أراد فيما كتب به إلي حتي ورد علي رسول حملني من مصر مقيدا مصفدا بالحديد، وضرب علي كل ما أملك.

فمكثت في السجن ثماني سنين ثم ورد علي كتاب من أبي الحسن عليه السلام وأنا في الحبس " لا تنزل في ناحية الجانب الغربي " فقرأت الكتاب فقلت في نفسي: يكتب إلي أبوالحسن عليه السلام بهذا وأنا في الحبس إن هذا العجيب! فما مكثت إلا أياما يسيرة حتي افرج عني، وحلت قيودي، وخلي سبيلي.

ولما رجع إلي العراق لم يقف ببغداد لما أمره أبوالحسن عليه السلام وخرج إلي سر من رأي.

قال: فكتبت إليه بعد خروجي أسأله أن يسأل الله ليرد علي ضياعي فكتب إلي سوف يرد عليك، وما يضرك أن لا ترد عليك.

قال علي بن محمد النوفلي: فلما شخص محمد بن الفرج إلي العسكر كتب له



[ صفحه 141]



برد ضياعه، فلم يصل الكتاب إليه حتي مات [57] .

عم [58] .

شا: ابن قولويه، عن الكليني [59] ، عن الحسين بن محمد، عن المعلي، عن أحمد بن محمد بن عبد الله، عن علي بن محمد النوفلي، عن محمد بن الفرج مثله [60] .

ثم قال: قال علي بن محمد النوفلي: كتب أحمد [61] بن الخصيب إلي محمد بن الفرج [62] بالخروج إلي العسكر فكتب إلي أبي الحسن عليه السلام يشاوره فكتب إليه أبو الحسن عليه السلام: أخرج فان فيه فرجك إنشاء الله.

فخرج فلم يلبث إلا يسيرا حتي مات [63] .

26 - يج/: حدث جماعة من أهل إصفهان منهم أبو العباس أحمد بن النضر و أبو جعفر محمد بن علوية قالوا: كان بإصفهان رجل يقال له: عبد الرحمن و كان شيعيا قيل له: ما السبب الذي أو جب عليك بإمامة علي النقي دون غيره من أهل الزمان؟ قال: شاهدت ما أوجب علي و ذلك أني كنت رجلا فقيرا و كان لي لسان و جرأة، فأخرجني أهل إصفهان سنة من السنين مع آخرين إلي باب المتوكل متظلمين.



[ صفحه 142]



فكنا بباب المتوكل يوما إذا خرج الامر بإحضار علي بن محمد بن الرضا عليهم السلام فقلت لبعض من حضره: من هذا الرجل الذي قد أمر بإحضاره؟ فقيل: هذا رجل علوي تقول الرافضة بإمامته، ثم قال: و يقد رأن المتوكل يحضره للقتل فقلت: لا أبرح من ههنا حتي أنظر إلي هذا الرجل أي رجل هو؟ قال: فأقبل راكبا علي فرس، و قد قام الناس يمنة الطريق و يسرتها صفين ينظرون إليه، فلما رأيته وقع حبه في قلبي فجعلت أدعو في نفسي بأن يدفع الله عنه شر المتوكل، فأقبل يسير بين الناس و هو ينظر إلي عرف دابته لا ينظر يمنة و لا يسرة، و أنا دائم الدعاء.

فلما صار إلي أقبل بوجهه إلي و قال: استجاب الله دعاءك، و طول عمرك، و كثر مالك و ولدك قال: فار تعدت و وقعت بين أصحابي فسألوني و هم يقولون: ما شأنك؟ فقلت: خير و لم أخبر بذلك.

فانصرفنا بعد ذلك إلي إصفهان، ففتح الله علي وجوها من المال، حتي أنا اليوم أغلق بأبي علي ما قيمته ألف ألف درهم، سوي مالي خارج داري، و رزقت عشرة من الاولاد، و قد بلغت ألان من عمري نيفا و سبعين سنة و أنا أقول بامامة الرجل علي الذي علم ما في قلبي، و استجاب الله دعآءه في ولي [64] .

27 - يج/: روي يحيي بن هرثمة، قال: دعاني المتوكل قال: اختر ثلاث مائة رجل ممن تريد و أخرجوا إلي الكوفة، فخلفوا أثقالكم فيها، و أخرجوا إلي طريق البادية إلي المدينة، فأحضروا علي بن محمد بن الرضا إلي عندي مكرما معظما مبجلا.

قال: ففعلت و خرجنا و كان في أصحابي قائد من الشراة [65] و كان لي تكاتب يتشيع و أنا علي مذهب الحشوية و كان ذلك الشاري يناظر ذلك الكاتب و كنت أستريح إلي مناظر تهما لقطع الطريق.



[ صفحه 143]



فلما صرنا إلي وسط الطريق قال الشاري للكاتب: أ ليس من قول صاحبكم علي بن أبي طالب أنه ليس من الارض بقعة إلا و هي قبر أو سيكون قبرا؟ فانظر إلي هذه التربة [66] أين من يموت فيها حتي يملا ها الله قبورا كما يزعمون؟ قال: فقلت للكاتب: هذا من قولكم؟ قال: نعم: قلت: صدق أين يموت في هذه التربة العظيمة حتي يمتلئ قبورا و تضاحكنا ساعة إذ انخذل الكاتب في أيدينا.

قال: و سرنا حتي دخلنا المدينة، فقصدت باب أبي الحسن علي بن محمد بن الرضا عليهم السلام فدخلت عليه فقرأ كتاب المتوكل فقال: أنزلوا و ليس من جهتي خلاف قال: فلما صرت إليه من الغد و كنا في تموز أشد ما يكون من الحر فإذا بين يديه، خياط و هو يقطع من ثياب غلاظ خفاتين له [67] و لغلمانه، ثم قال للخياط: أجمع عليها جماعة من الخياطين، و اعمد علي الفراغ منها يومك هذا و بكر بها إلي في هذا الوقت ثم نظر إلي و قال: يا يحيي أقضوا وطركم من المدينة في هذا اليوم و اعمد علي الرحيل غدا في هذا الوقت.

قال: فخرجت من عنده و أنا أتعجب من الخفاتين و أقول في نفسي: نحن في تموز و حر الحجاز و إنما بيننا و بين العراق مسيرة عشرة أيام فما يصنع بهذه الثياب؟ ثم قلت في نفسي: هذا رجل لم يسافر، و هو يقدر أن كل سفر يحتاج فيه إلي مثل هذه الثياب و العجب من الرافضة حيث يقولون بامامة هذا مع فهمه هذا.

فعدت إليه في الغد في ذلك الوقت، فإذا الثياب قد أحضرت، فقال لغلمانه: أدخلوا و خذوا لنا معكم لبابيد و برانس ثم قال: ارحل يا يحيي فقلت: في نفسي هذا أعجب من الاول أ يخاف أن يلحقنا الشتاء في الطريق حتي أخذ معه اللبابيد و البرانس؟.



[ صفحه 144]



فخرجت و أنا أستصغر فهمه، فعبرنا حتي إذا وصلنا ذلك الموضع الذي وقعت المناظرة في القبور ارتفعت سحابة و اسودت و أرعدت و أبرقت حتي إذا صارت علي رؤوسنا أرسلت علينا بردا مثل الصخور [68] و قد شد علي نفسه و علي غلمانه الخفاتين و لبسوا اللبابيد و البرانس، قال لغلمانه ادفعوا إلي يحيي لبادة و إلي الكاتب برنسا و تجمعنا و البرد يأخذنا حتي قتل من أصحابي ثمانين رجلا و زالت و رجع الحر كما كان فقال لي: يا يحيي أنزل من بقي من أصحابك ليدفن من قد مات من أصحابك فهكذا يملا الله البرية قبورا قال: فرميت نفسي عن دابتي و عدوت إليه و قبلت ركابه و رجله و قلت: أنا أشهد أن لا إله إلا الله و أن محمدا عبده و رسوله، و أنكم خلفاء الله في أرضه، و قد كنت كافرا و إنني ألان قد أسلمت علي يديك يا مولاي قال يحيي: و تشيعت و لزمت خدمته إلي أن مضي [69] .

28 - يج/: روي هبة الله بن أبي منصور الموصلي أنه كان بديار ربيعة كاتب نصراني و كان من أهل كفر توثا [70] يسمي يوسف بن يعقوب و كان بينه و بين والدي صداقة، قال: فوافي فنزل عند والدي فقال له: ما شأنك قدمت في هذا الوقت؟ قال: دعيت إلي حضرة المتوكل و لا أدري ما يراد مني إلا أني اشتريت نفسي من الله بمائة دينار، و قد حملتها لعلي بن محمد بن الرضا عليهم السلام معي فقال له والدي: قد وفقت في هذا.

قال: و خرج إلي حضرة المتوكل و انصرفت إلينا بعد أيام قلائل فرحا مستبشرا فقال له والدي: حدثني حديثك، قال: صرت إلي سر من رأي و ما دخلتها قط فنزلت في دار و قلت احب أن أوصل المائة إلي ابن الرضا عليه السلام قبل



[ صفحه 145]



مصيري إلي باب المتوكل و قبل أن يعرف أحد قدومي قال: فعرفت أن المتوكل قد منعه من الركوب و أنه ملازم لداره فقلت: كيف أصنع؟ رجل نصراني يسأل عن دار ابن الرضا؟ لا آمن أن يبدر بي فيكون ذلك زيادة فيما احاذره.

قال: ففكرت ساعة في ذلك فوقع في قلبي أن أركب حماري و أخرج في البلد و لا أمنعه من حيث يذهب لعلي أقف علي معرفة داره من أن أسأل أحدا قال: فجعلت الدنانير في كاغذة و جعلتها في كمي و ركبت فكان الحمار يتخرق الشوارع و الاسواق يمر حيث يشاء إلي أن صرت إلي باب دار، فوقف الحمار فجهدت أن يزول فلم يزل، فقلت للغلام: سل لمن هذه الدار، فقيل: هذه دار ابن الرضا! فقلت: الله أكبر دلالة و الله مقنعة.

قال: و إذا خادم أسود قد خرج فقال: أنت يوسف بن يعقوب؟ قلت: نعم قال: أنزل فنزلت فأقعدني في الدهليز فدخل فقلت في نفسي: هذه دلالة اخري من أين عرف هذا الغلام اسمي و ليس في هذا البلد من يعرفني و لادخلته قط.

قال: فخرج الخادم فقال: مائة دينار التي في كمك في الكاغذ هاتها! فناولته إياها قلت: و هذه ثالثة ثم رجع إلي و قال: ادخل فدخلت إليه و هو في مجلسه وحده فقال: يا يوسف ما آن لك؟ فقلت: يا مولاي قد بان لي من البرهان ما فيه كفاية لمن اكتفي، فقال: هيهات إنك لا تسلم و لكن سيسلم ولدك فلان، و هو من شيعتنا، يا يوسف إن أقواما يزعمون أن ولايتنا لا تنفع أمثالكم، كذبوا و الله إنها لتنفع أمثالك أمض فيما وافيت له فانك ستري ما تحب قال: فمضيت إلي باب المتوكل فقلت كل ما أردت فانصرفت.

قال: هبة الله: فلقيت ابنه بعد هذا - يعني بعد موت والده - و الله و هو مسلم حسن التشيع فأخبرني أن أباه مات علي النصرانية، و أنه أسلم بعد موت أبيه، و كان يقول: أنا بشارة مولاي عليه السلام [71] .

29 - يج/: روي أبو هاشم الجعفري أنه ظهر برجل من أهل سر من رأي



[ صفحه 146]



برص فتنغص عليه عيشه، فجلس يوما إلي أبي علي الفهري فشكا إليه حاله فقال له: لو تعرضت يوما لابي الحسن علي بن محمد بن الرضا عليهم السلام فسألته أن يدعو لك لرجوت أن يزول عنك.

فجلس له يوما في الطريق وقت منصرفه من دار المتوكل فلما رآه قام ليدنو منه فيسأله ذلك فقال: تنح عافاك الله و أشار إليه بيده تنح عافاك الله تنح عافاك الله ثلاث مرات فأبعد الرجل و لم يجسر أن يدنو منه و انصرف، فلقي الفهري فعرفه الحال و ما قال، فقال: قد دعا لك قبل أن تسأل فامض فانك ستعافي فانصرف الرجل إلي بيته فبات تلك الليلة فلما أصبح لم ير علي بدنه شيئا من ذلك.

30 - يج/: روي أبو القاسم بن أبي القاسم البغدادي، عن زرارة [72] حاحب المتوكل أنه قال: وقع رجل مشعبذ من ناحية الهند إلي المتوكل يلعب بلعب الحق [73] لم ير مثله، و كان المتوكل لعابا فأراد أن يخجل علي بن محمد بن الرضا فقال لذلك الرجل: إن أنت أخجلته أعطيتك ألف دينار زكية [74] .

قال: تقدم بأن يخبز رقاق خفاف و اجعلها علي المائدة و أقعدني إلي جنبه ففعل و أحضر علي بن محمد عليهما السلام و كانت له مسورة [75] عن يساره كان عليها صورة أسد و جلس اللاعب إلي جانب المسورة فمد علي بن محمد عليه السلام يده إلي رقاقة فطيرها ذلك الرجل و مد يده إلي اخري فطيرها فتضاحك الناس.



[ صفحه 147]



فضرب علي بن محمد عليهما السلام يده علي تلك الصورة التي في المسورة، و قال: خذه فوثبت تلك الصورة من المسورة فابتلعت الرجل، و عادت في المسورة كما كانت.

فتحير الجميع و نهض علي بن محمد عليهما السلام فقال له المتوكل: سألتك إلا جلست و رددته فقال: و الله لا تري بعدها أ تسلط أعداء الله علي أوليآء الله، و خرج من عنده فلم ير الرجل بعد [ذلك] [76] .

31 - يج/: روي أنه أتاه رجل من أهل بيته يقال له معروف، و قال: أتيتك فلم تأذن لي، فقال: ما علمت بمكانك و أخبرت بعد انصرافك و ذكر تني بما لا ينبغي فحلف ما فعلت، فقال أبو الحسن عليه السلام: فعلمت أنه حلف كاذبا فدعوت الله عليه: أللهم إنه حلف كاذبا فانتقم منه، فمات الرجل من الغد.

32 - يج/: روي أبو القاسم البغدادي عن زرارة [77] قال: أراد المتوكل: أن يمشي علي بن محمد بن الرضا عليهم السلام يوم السلام فقال له وزيره: إن في هذا شناعة عليك و سوء قالة فلا تفعل، قال: لابد من هذا، قال: فان لم يكن بد من هذا فتقدم بأن يمشي القواد و الاشراف كلهم، حتي لا يظن الناس أنك قصدته بهذا دون غيره، ففعل و مشي عليه السلام و كان الصيف و فوافي الدهليز و قد عرق.

قال: فلقيته فأجلسته في الدهليز و مسحت وجهه بمنديل و قلت: ابن عمك لم يقصدك بهذا دون غيرك، فلا تجد عليه في قلبك فقال: أيها عنك " تمتعوا في داركم ثلاثة أيام، ذلك وعد غير مكذوب " [78] قال زرارة: و كان عندي معلم بتشيع و كنت كثيرا امازحه بالرافضي فانصرفت إلي منزلي وقت العشاء و قلت: تعال يا رافضي حتي أحدثك بشيء سمعته اليوم



[ صفحه 148]



من إمامكم، قال لي و ما سمعت؟ فأخبرته بما قال، فقال: أقول لك فاقبل نصيحتي قلت: هاتها قال: إن كان علي بن محمد قال بما قلت فاحترز و اخزن كل ما تملكه فان المتوكل يموت أو يقتل بعد ثلاثة أيام، فغضبت عليه و شتمته و طردته من بين يدي فخرج.

فلما خلوت بنفسي، تفكرت و قلت: ما يضرني أن آخذ بالحزم، فان كان من هذا شيء كنت قد أخذت بالحزم، و إن لم يكن لم يضرني ذلك قال: فركبت إلي دار المتوكل فأخرجت كل ما كان لي فيها و فرفت كل ما كان في داري إلي عند أقوام أثق بهم، و لم أترك في داري إلا حصيرا أقعد عليه.

فلما كانت الليلة الرابعة قتل المتوكل و سلمت أنا و مالي و تشيعت عند ذلك، فصرت إليه، و لزمت خدمته، و سألته أن يدعو لي و تواليته حق الولاية.

بيان: " أيها عنك " بكسر الهمزة أي أسكت وكف و إذا أردت التبعيد قلت: " أيها " بفتح الهمزة بمعني هيهات.

33 - يج/: روي عن أبي القاسم بن القاسم عن خادم علي بن محمد عليهما السلام قال: كان المتوكل يمنع الناس من الدخول إلي علي بن محمد فخرجت يوما و هو في دار المتوكل فإذا جماعة من الشيعة جلوس خلف الدار فقلت: ما شأنكم جلستم ههنا قالوا: ننتظر انصراف مولانا لننظر إليه و نسلم عليه و ننصرف قلت لهم: إذا رأيتموه تعرفونه؟ قالوا: كلنا نعرفه.

فلما وافي أقاموا إليه فسلموا عليه، و نزل فدخل داره، و أراد أولئك الانصراف فقلت: يا فتيان اصبروا حتي أسالكم أ ليس قد رأيتم مولاكم؟ قالوا: نعم، قلت: فصفوه، فقال واحد: هو شيخ أبيض الرأس أبيض مشرب بحمرة، و قال آخر: لا تكذب ما هو إلا أسمر أسود اللحية، و قال الاخر: لا لعمري ما هو كذلك هو كهل ما بين البياض و السمرة، فقلت: أ ليس زعمتم أنكم تعرفونه انصرفوا في حفظ الله.

34 - يج/: روي أبو هاشم الجعفري: أنه كان للمتوكل مجلس بشبابيك كيما تدور الشمس في حيطانه، قد جعل فيها الطيور التي تصوت، فإذا كان يوم السلام



[ صفحه 149]



جلس في ذلك المجلس فلا يسمع ما يقال له و لا يسمع ما يقول لاختلاف أصوات تلك الطيور، فإذا وافاه علي بن محمد بن الرضا عليهم السلام سكتت الطيور فلا يسمع منها صوت واحد إلي أن يخرج، فإذا خرج من باب المجلس عادت الطيور في أصواتها.

قال: و كان عنده عدة من القوابج [79] في الحيطان [فكان يجلس في مجلس له عال، و يرسل تلك القوابج تقتتل، و هو ينظر إليها و يضحك منها، فإذا وافي علي بن محمد عليه السلام ذلك المجلس لصقت القوابج بالحيطان] [80] فلا تتحرك من مواضعها حتي ينصرف فإذا انصرف عادت في القتال [81] .

35 - يج/: روي أن أبا هاشم الجعفري قال: ظهرت في أيام المتوكل إمرأة تدعي أنها زينب بنت فاطمة بنت رسول الله صلي الله عليه و آله فقال المتوكل: أنت إمرأة شابة و قد مضي من وقت رسول الله صلي الله عليه و آله ما مضي من السنين، فقالت: إن رسول - الله صلي الله عليه و آله مسح علي و سأل الله أن يرد علي شبابي في كل أربعين سنة، و لم أظهر للناس إلي هذه الغاية فلحقتني الحاجة فصرت إليهم.

فدعا المتوكل مشايخ آل أبي طالب و ولد العباس و قريش و عرفهم حالها فروي جماعة وفاة زينب في سنة كذا، فقال لها: ما تقولين في هذه الرواية؟ فقالت: كذب و زور، فان أمري ماشية عن الناس فلم يعرف لي حياة و لا موت، فقال لهم المتوكل: هل عندكم حجة علي هذه المرأة هذه الرواية؟ فقالوا: لا، فقال: هو بري من العباس إن لا أنزلها عما ادعت إلا بحجة.

قالوا: فأحضر ابن الرضا عليه السلام فلعل عنده شيئا من الحجة غير ما عندنا فبعث إليه فحضر فأخبره بخبر المرأة فقال: كذبت فان زينب توفيت في سنة كذا في شهر كذا في يوم كذا قال: فان هؤلاء قد رووا مثل هذه و قد حلفت أن لا أنزلها إلا



[ صفحه 150]



بحجة تلزمها.

قال: و لا عليك فههنا حجة تلزمها و تلزم غيرها، قال: و ما هي؟ قال: لحوم بني فاطمة محرمة علي السباع فأنزلها إلي السباع فان كانت من ولد فاطمة فلا تضرها فقال لها: ما تقولين؟ قالت: إنه يريد قتلي قال: فههنا جماعة من ولد الحسن و الحسين عليهما السلام فأنزل من شئت منهم، قال: فو الله لقد تغيرت وجوه الجميع فقال بعض المبغضين: هو يحيل علي غيره لم لا يكون هو؟ فمال المتوكل إلي ذلك رجاء أن يذهب من أن يكون له في أمره صنع فقال: يا أبا الحسن لم لا تكون أنت ذلك؟ قال: ذاك إليك قال: فافعل! قال: أفعل فاتي بسلم و فتح عن السباع و كانت ستة من الاسد فنزل أبو الحسن إليها فلما دخل و جلس صارت الاسود إليه فرمت بأنفسها بين يديه، و مدت بأيديها، و وضعت رؤوسها بين يديه فجعل يمسح علي رأس كل واحد منها، ثم يشير إليه بيده إلي الاعتزال فتعتزل ناحية حتي اعتزلت كلها و أقامت بإزائه.

فقال له الوزير: ما هذا صوابا فبادر بإخراجه من هناك، قبل أن ينتشر خبره فقال له: يا أبا الحسن ما أردنا بك سوءا و إنما أردنا أن نكون علي يقين مما قلت فأحب أن تصعد، فقام و صار إلي السلم و هي حوله تتمسح بثيابه.

فلما وضع رجله علي أول درجة التفت إليها و أشار بيده أن ترجع، فرجعت و صعد فقال: كل من زعم أنه من ولد فاطمة فليجلس في ذلك المجلس، فقال لها المتوكل: انزلي، قالت: الله الله ادعيت الباطل، و أنا بنت فلان حملني الضر علي ما قلت، قال المتوكل: ألقوها إلي السباع فاستوهبتها والدته [82] .

36 - شا، يج/: روي عن محمد بن علي قال: أخبرني زيد بن علي بن الحسين بن زيد قال: مرضت فدخل علي الطبيب ليلا و وصف لي دواء آخذه في السحر كذا و كذا يوما، فلم يمكني تحصيله من الليل، و خرج الطبيب من الباب، فورد صاحب



[ صفحه 151]



أبي الحسن عليه السلام في الحال و معه صرة فيها ذلك الدواء بعينه فقال لي: أبو الحسن يقرئك السلام و يقول خذ هذا الدواء كذا يوما، فشربت فبرأت.

قال محمد: قال زيد: أين الغلاة عن هذا الحديث.

[83] ؟ قب: زيد مثله [84] .

37 - يج/: [85] روي عن خيران الا سباطي قال: قدمت المدينة علي أبي الحسن عليه السلام فقال لي: ما فعل الواثق؟ قلت: هو في عافية، قال: و ما يفعل جعفر؟ قلت تركته أسوء الناس حالا في السجن قال: و ما يفعل ابن الزيات؟ قلت: الامر أمره و أنا منذ عشرة أيام خرجت من هناك قال: مات الواثق، و قد قعد المتوكل جعفر، و قتل ابن الزيات [86] قلت: متي؟ قال: بعد خروجك بستة



[ صفحه 152]



أيا أو كان كذلك [87] .

38 - يج/: روي عن علي بن جعفر قال: قلت لابي الحسن عليه السلام: أينا أشد حبا لدينه؟ قال: أشدكم حبا لصاحبه في حديث طويل ثم قال: يا علي إن هذا



[ صفحه 153]



المتوكل يبني بين المدينة بناء لا يتم، و يكون هلاكه قبل تمامه علي يد فرعون من فراعنة الترك.

39 - يج/: روي عن أحمد بن عيسي الكاتب قال: رأيت رسول الله صلي الله عليه و آله فيما يري النائم كأنه نائم في حجري، و كأنه دفع إلي كفا من تمر عدده خمس و عشرون تمرة، قال: فما لبثت إلا و أنا بأبي الحسن علي بن محمد عليه السلام و معه قائد فأنزله في حجرتي و كان القائد يبعث و يأخذ من العلف من عندي فسألني يوما: كم لك علينا؟ قلت: لست آخذ منك شيئا فقال لي: أ تحب أن تدخل إلي هذا العلوي فتسلم عليه؟ قلت: لست أكره ذلك.

فدخلت فسلمت عليه، و قلت له: إن في هذه القرية كذا و كذا من مواليك فان أمرتنا بحضور هم فعلنا، قال: لا تفعلوا قلت: فان عندنا تمورا جيادا فتأذن لي أن أحمل لك بعضها فقال: إن حملت شيئا يصل إلي و لكن احمله إلي القائد فانه سيبعث إلي منه فحملت إلي القائد أنواعا من التمر و أخذت نوعا جيدا في كمي و سكرجة من زبد فحملته إليه، ثم جئت فقال القائد: أ تحب أن تدخل علي صاحبك؟ قلت: نعم فدخلت فإذا قدامه من ذلك التمر الذي بعثت به إلي القائد فأخرجت التمر الذي كان معي و الزبد فوضعته بين يديه، فأخذ كفا من تمر فدفعه إلي و قال: لو زادك رسول الله صلي الله عليه و آله لزدناك، فعددته فإذا هي كما رأيت في النوم لم يزد و لم ينقص.

40 - يج/: روي عن أحمد بن هارون قال: كنت جالسا أعلم غلاما من غلمانه في فازة داره، إذ دخل علينا أبو الحسن عليه السلام راكبا علي فرس له، فقمنا إليه فسبقنا فنزل قبل أن ندنو منه فأخذ عنان فرسه بيده فعلقه في طنب من أطناب الفازة ثم دخل فجلس معنا فأقبل علي و قال: متي رأيك أن تنصرف إلي المدينة؟ فقلت: الليلة قال: فأكتب إذا كتابا معك توصله إلي فلان التاجر، قلت: نعم قال: يا غلام هات الدوات و القر طاس، فخرج الغلام ليأتي بهما من دار اخري.

فلما غاب الغلام صهل الفرس و ضرب بذنبه فقال له بالفارسية ما هذا الغلق؟



[ صفحه 154]



فصهل الثانية فضرب بيده، فقال له بالفارسية: اقلع فامض إلي ناحية البستان وبل هناك ورث و أرجع فقف هناك مكانك، فرفع الفرس رأسه و أخرج العنان من موضعه ثم مضي إلي ناحية البستان حتي لا نراه في ظهر الفازة فبال وراث و عاد إلي مكانه.

فدخلني من ذلك ما الله به عليم، فوسوس الشيطان في قلبي فقال: يا أحمد لا يعظم عليك ما رأيت إن ما أعطي الله محمدا و آل محمد أكثر مما أعطي داود، و آل داود، قلت: صدق ابن رسول الله صلي الله عليه و آله فما قال لك؟ و ما قلت له فقد فهمته فقال قال لي الفرس: قم فاركب إلي البيت حتي تفرغ عني قلت: ما هذا الغلق؟ قال: قد تعبت قلت: لي حاجة أريد أن أكتب كتابا إلي المدينة فإذا فرغت ركبتك قال: إني أريد أن أروث و أبول و أكره أن أفعل ذلك بين يديك، فقلت: اذهب إلي ناحية البستان فافعل ما أردت ثم عد إلي مكانك ففعل الذي رأيت.

ثم أقبل الغلام بالدوات و القرطاس، و قد غابت الشمس، فوضعها بين يديه فأخذ في الكتابة حتي أظلم الليل فيما بيني و بينه، فلم أر الكتاب، و ظننت أنه أصابه الذي أصابني فقلت للغلام: قم فهات شمعة من الدار حتي يبصر مولاك كيف يكتب، فمضي، فقال للغلام: ليس إلي ذلك حاجة.

ثم كتب كتابا طويلا إلي أن غاب الشفق، ثم قطعه فقال للغلام: أصلح و أخذ الغلام الكتاب، و خرج إلي الفازة ليصلحه ثم عاد إليه و ناوله ليختمه فختمه من أن ينظر الخاتم مقلوبا أو مقلوب، فناولني، فقمت لا ذهب فعرض في قلبي قبل أن أخرج من الفازة أصلي قبل أن آتي المدينة قال: يا أحمد صل المغرب و العشاء الاخرة في مسجد الرسول صلي الله عليه و آله و اطلب الرجل في الروضة فانك توافقه إنشاء الله.

قال: فخرجت مبادرا فأتيت المسجد و قد نودي العشاء الاخرة، فصليت المغرب، ثم صليت معهم العتمة و طلبت الرجل حيث أمرني فوجدته فأعطيته ا لكتاب و أخذه و فضه ليقرأه، فلم يستبن قراءته في ذلك الوقت، فدعا بسراج



[ صفحه 155]



فأخذته و قرأته عليه في السراج في المسجد، فإذا خط مستوليس حرف ملتصقا بحرف و إذا الخادتم مستوليس بمقلوب فقال لي الرجل: عد إلي غدا حتي أكتب جواب الكتاب، فغدوت فكتب الجواب فجئت به إليه، فقال: أليس قد وجدت الرجل حيث قلت لك؟ فقلت: نعم، قال: أحسنت [88] .

41 - يج/: روي عن محمد بن الفرج قال: قال لي علي بن محمد عليهما السلام إذا أردت أن تسأل مسالة فاكتبها، وضع الكتاب تحت مصلاك، ودعه ساعة، ثم أخرجه و انظر قال: ففعلت فوجدت جواب ما سألت عنه موقعا فيه.

42 - أقول: روي السيد بن طاووس في كشف المحجة باسناده من كتاب الرسائل للكليني عمن سماه قال: كتبت إلي أبي الحسن عليه السلام أن الرجل يحب أن يفضي إلي إمامه ما يحب أن يفضي إلي ربه، قال: فكتب، إن كان لك حاجة فحرك شفتيك فان الجواب يأتيك.

43 - يج/: روي عن أبي محمد الطبري قال: تمنيت أن يكون لي خاتم من عنده عليه السلام فجآءني نصر الخادم بدر همين، فصغت خاتما فدخلت علي قوم يشربون الخمرفتعلقوا بي حتي شربت قدحا أو قدحين، فكان الخاتم ضيقا في أصبعي لا يمكنني إدارته للوضوء، فأصبحت و قد افتقدته، فتبت إلي الله 44 - يج/: روي أن المتوكل أو الواثق أو غيرهما أمر العسكر [89] و هم تسعون ألف فارس من الاتراك الساكنين بسر من رأي أن يملا كل واحد مخلاة فرسه من الطين الاحمر، و يجعلوا بعضه علي بعض في وسط تربة واسعة هناك، ففعلوا.

فلما صار مثل جبل عظيم و اسمه تل المخالي [90] صعد فوقه، و استدعي أبا الحسن و استصعده، و قال: استحضرتك لنظارة خيولي و قد كان أمرهم أن يلبسوا التجافيف و يحملوا الاسلحة و قد عرضوا بأحسن زينة، و أتم عدة، و أعظم هيبة



[ صفحه 156]



و كان غرضه أن يكسر قلب كل من يخرج عليه و كان خوفه من أبي الحسن عليه السلام أن يأمر أحدا من أهل بيته أن يخرج علي الخليفة.

فقال له أبو الحسن عليه السلام: و هل أعرض عليك عسكري؟ قال: نعم، فدعا الله سبحانه فإذا بين السماء و الارض من المشرق و المغرب ملائكة مدججون فغشي علي الخليفة، فلما أفاق قال أبو الحسن عليه السلام: نحن لا نناقشكم في الدنيا نحن مشتغلون بأمر الاخرة فلا عليك شيء مما تظن بيان: " التجافيف " جمع التجفاف بالكسر و هو آلة للحرب يلبسه الفرس و الانسان ليقيه في الحرب و مدججون بتشديد الجيم المفتوحة يقال فلان مدجج أي شاك في السلاح.

45 - يج/: روي أبو محمد البصري عن أبي العباس خال شبل كاتب إبراهيم ابن محمد قال: كنا أجرينا ذكر أبي الحسن عليه السلام فقال لي: يا أبا محمد لم أكن في شيء من هذا الامر و كنت أعيب علي أخي، و علي أهل هذا القول عيبا شديدا بالذم و الشتم إلي أن كنت في الوفد الذين أو فد المتوكل إلي المدينة في إحضار أبي الحسن عليه السلام فخرجنا إلي المدينة.

فلما خرج و صرنا في بعض الطريق و طوينا المنزل و كان منزلا صائفا شديد الحر فسألناه أن ينزل فقال: لا، فخرجنا و لم نطعم و لم نشرب فلما اشتد الحر و الجوع و العطش فبينما و نحن إذ ذلك في أرض ملساء لا نري شيئا و لا ظل و لا ماء نستريح فجعلنا نشخص بأبصارنا نحوه قال: و ما لكم أحسبكم جياعا و قد عطشتم فقلنا: إي و الله يا سيدنا قد عيينا قال: عرسوا! وكلوا و اشربوا.

فتعجب من قوله و نحن في صحراء ملساء لا نري فيها شيئا نستريح إليه، و لا نري ماءا و لا ظلا، فقال: مالكم عرسوا فابتدرت إلي القطار لانيخ ثم التفت و إذا أنا بشجرتين عظيمتين تستظل تحتهما عالم من الناس و إني لا عرف موضعهما أنه أرض براح قفراء، و إذا بعين تسيح علي وجه الارض أعذب ماء و أبرده.

فنزلنا و أكلنا و شربنا و استرحنا، و إن فينا من سلك ذلك الطريق مرارا



[ صفحه 157]



فوقع في قلبي ذلك الوقت أعاجيب، و جعلت أحد النظر إليه و أتأمله طويلا و إذا نظرت إليه تبسم و زوري وجهه عني.

فقلت في نفسي: و الله لا عرفن هذا كيف هو؟ فأتيت من وراء الشجرة فدفنت سيفي و وضعت عليه حجرين و تغوطت في ذلك الموضع و تهيأت للصلاة، فقال أبو الحسن عليه السلام: استرحتم؟ قلنا: نعم، قال: فارتحلوا علي اسم الله، فارتحلنا.

فلما أن سرنا ساعة رجعت علي الاثر فأتيت الموضع فوجدت الاثر و السيف كما وضعت و العلامة وكأن الله لم يخلق ثم شجرة و لا ماءا و لا ظلالا و لا بللا فتعجبت من ذلك، و رفعت يدي إلي السماء فسألت الله الثبات علي المحبة و الايمان به، و المعرفة منه، و أخذت الاثر فلحقت القوم فالتفت إلي أبو الحسن عليه السلام و قال: يا أبا العباس فعلتها؟ قلت: نعم يا سيدي، لقد كنت شاكا و أصبحت أنا عند نفسي من أغني الناس في الدنيا و الاخرة فقال: هو كذلك هم معدو دون معلومون لا يزيد رجل و لا ينقص [91] بيان: " هم معدو دون " أي الشيعة و أنت كنت منهم.

46 - يج/: روي عن داود بن أبي القاسم قال: دخلت علي أبي الحسن صاحب العسكر عليه السلام فقال لي: كلم هذا الغلام بالفارسية فانه زعم أنه يحسنها فقلت للخادم " زانوي تو شيست " فلم يجب، فقال له: يسألك و يقول: ركبتك ما هي؟ [92] .

47 - مصبا، قب، يج/: روي إسحاق بن عبد الله العلوي العريضي [93] قال: ركب أبي و عمومتي إلي أبي الحسن علي بن محمد و قد اختلفوا في الاربعة أيام التي تصام في السنة، و هو مقيم بصريا قبل مصيره إلي سر من رأي، فقال: جئتم تسألوني عن الايام التي تصام في السنة؟ فقالوا: ما جئنا إلا لهذا، فقال: اليوم



[ صفحه 158]



السابع عشر من ربيع الاول، و هو اليوم الذي ولد فيه رسول الله صلي الله عليه و آله، و اليوم السابع و العشرون من رجب، و هو اليوم الذي بعث فيه رسول الله صلي الله عليه و آله، و اليوم الخامس و العشرون من ذي القعدة، و هو اليوم الذي دحيت فيه الارض، و اليوم الثامن عشر من ذي الحجة و هو[يوم] الغدير [94] .

48 - عم [95] .

شا: ابن قولويه عن الكليني [96] ، عن الحسين بن محمد، عن المعلي، عن الوشاء، عن خيران الا سباطي قال: قدمت علي أبي الحسن علي بن محمد عليهما السلام المدينة، فقال لي: ما خبر الواثق عندك؟ قلت: جعلت فداك خلفته في عافية أنا من أقرب الناس عهدا به عهدي به منذ عشرة أيام، فقال لي: إن أهل المدينة يقولون إنه مات فلما قال إن الناس يقولون إنه مات علمت أنه يعني نفسه، ثم قال لي: ما فعل جعفر؟ قلت: تركته أسوء الناس حالا في السجن، قال: فقال لي: إنه صاحب الامر ثم قال: ما فعل ابن الزيات؟ قلت: الناس معه و الامر أمره فقال: أما إنه شؤم عليه.

قال: ثم إنه سكت و قال: لا بد أن يجري مقادير الله و أحكامه، يا خير ان مات الواثق و قد قعد المتوكل جعفر، و قد قتل ابن الزيات، قلت: متي جعلت فداك؟ قال: بعد خروجك بستة أيام [97] .

49 - كا: الحسين بن الحسن الحسيني عن يعقوب بن ياسر قال: كان المتوكل يقول: ويحكم قد أعياني أمر ابن الرضا و جهدت أن يشرب معي و ينادمني فامتنع فامتنع، و جهدت أن آخذ فرصة في هذا المعني، فلم أجدها، فقالوا له: فان لم تجد من ابن الرضا ما تريده في هذه الحالة فهذا أخوه موسي قصاف عزاف [98] يأكل



[ صفحه 159]



و يشرب و يتعشق قال: ابعثوا إليه و جيئوا به حتي نموه به علي الناس، و نقول: ابن الرضا.

فكتب إليه و اشخص مكرما و تلقاه جميع بني هاشم و القواد و الناس علي أنه إذا وافي أقطعه قطيعة، و بني له فيها و حول الخمارين و القيان إليه، و وصله وبره و جعل له منزلا سريا حتي يزوره هو فيه.

فلما وافي موسي تلقاه أبو الحسن في قنطرة وصيف، و هو موضع يتلقي فيه القادمون فسلم عليه و وفاه حقه ثم قال له: إن هذا الرجل قد أحضرك ليهتكك و يضع منك، فلا تقر له أنك شربت نبيذا قط فقال له موسي: فإذا كان دعاني لهذا فما حيلتي؟ قال: فلا تضع من قدرك و لا تفعل، فانما أراد هتكك فأبي عليه فكرر عليه القول و الوعظ و هو مقيم علي خلافه، فلما رأي أنه لا يجيب قال: أما إن هذا مجلس لا تجتمع أنت و هو عليه أبدا.

فأقام موسي ثلاث سنين يبكر كل يوم فيقال: فد تشاغل اليوم فرح [99] فيروح فيقال: قد سكر فبكر! فيبكر فيقال: قد شرب دواء [100] فما زال علي هذا



[ صفحه 160]



ثلاث سنين حتي قتل المتوكل و لم يجتمع معه عليه [101] .

بيان: قوله " أعياني " أي أعجزني و حيرني، و المراد بالشرب شرب الخمر و النبيذ و " المنادمة " المجالسة علي الشراب، وكأن المراد هنا الحضور في مجلس الشرب و إن لم يشرب، و موسي هو المشهور بالمبرقع و قبره بقم معروف.

قال في عمدة الطالب: و أما موسي المبرقع ابن محمد الجواد و هو لام ولد مات بقم، و قبره بها و يقال لولده الرضويون، و هم بقم إلا من شذ منهم إلي غيرها.

قال الحسن بن علي القمي في ترجمة تأريخ قم نقلا عن الرضائية للحسين ابن محمد بن نصر: أول من انتقل من الكوفة إلي قم من السادات الرضوية كان أبا جعفر موسي بن محمد بن علي الرضا عليهم السلام في سنة ست و خمسين و مائتين و كان يسدل علي وجهه برقعا دائما فأرسلت إليه العرب أن أخرج من مدينتنا و جوارنا، فرفع البرقع عن وجهه فلم يعرفوه فانتقل عنهم إلي كاشان فأكرمه أحمد ابن عبد العزيز بن دلف العجلي فرحب به، و ألبسه خلاعا فاخرة، و أفراسا جيادا و وظفه في كل سنة ألف مثقال من الذهب و فرسا مسرجا.

فدخل قم بعد خروج موسي منه أبو الصديم الحسين بن علي بن آدم و رجل آخر من رؤساء العرب و أنبآهم علي إخراجه فأرسلوا رؤساء العرب لطلب موسي و ردوه إلي قم و اعتذروا منه و أكرموه و اشتروا من مالهم له دارا و وهبوا له



[ صفحه 161]



سهاما من قري هنبرد و اندريقان و كارشة و أعطوه عشرين ألف درهم و اشتري ضياعا كثيرة فأتته أخواته زينب، وام محمد، و ميمونة بنات الجواد عليه السلام و نزلن عنده فلما متن دفن عند فاطمة بنت موسي عليهما السلام و أقام موسي بقم حتي مات ليلة الاربعاء لثمان ليال بقين من ربيع الاخر سنة ست و تسعين و مائتين، و دفن في داره و هو المشهد المعروف اليوم.

50 - نجم: روينا بإسنادنا إلي محمد بن جرير الطبري باسناده قال: حدثني أبو الحسن محمد بن إسماعيل بن أحمد القهقلي الكاتب بسر من رأي سنة ثمان و ثلاثين و ثلاثمأة قال: حدثني أبي قال: كنت بسر من رأي أسير في درب الحصا فرأيت يزداد الطبيب النصراني تلميذ بختيشوع و هو منصرف من دار موسي بن بغا فسايرني و أفضي الحديث إلي أن قال لي: أ تري هذا الجدار؟ تدري من صاحبه؟ قلت: و من صاحبه؟ قال: هذا الفتي العلوي الحجازي - يعني علي بن محمد بن الرضا عليهم السلام - و كنا نسير في فناء داره.

قلت ليزداد: نعم فما شأنه؟ قال: إن كان مخلوق يعلم الغيب فهو، قلت: فكيف ذلك؟ قال أخبرك عنه باعجوبة لن تسمع [102] بمثلها أبدا و لا غيرك من الناس و لكن لي الله عليك كفيل و راع أن لا تحدث به أحدا فاني رجل طبيب، ولي معيشة أرعاها عند السلطان، و بلغني أن الخليفة استقدمه من الحجاز فرقا منه لئلا ينصرف إليه وجوه الناس فيخرج هذا الامر عنهم، يعني بني العباس، قلت: لك علي ذلك فحدثني به، و ليس عليك بأس إنما أنت رجل نصراني لا يتهمك أحد فيما تحدث به عن هؤلاء القوم قال: نعم اعلمك.

إني لقيته منذ أيام و هو علي فرس أدم، و عليه ثياب سود، و عمامة سوداء و هو أسود اللون، فلما بصرت به وقفت إعظاما له و قلت في نفسي - لا و حق المسيح ما خرجت من فمي إلي أحد من الناس - قلت في نفسي ثياب سوداء و دابة سوداء



[ صفحه 162]



و رجل أسود،[سواد في] سواد في سواد، فلما بلغ إلي نظر إلي واحد النظر و قال: قلبك أسود مما تري عيناك من سواد في سواد في سواد.

قال أبي رحمه الله: فقلت له: أجل فلا تحدث به أحدا، فما صنعت و ما قلت له؟ قال أسقطت في يدي فلم احر جوابا، قلت له: فما ابيض قلبك لما شاهدت؟ قال: الله أعلم.

قال أبي: فلما اعتل يزداد بعث إلي فحضرت عنده فقال: إن قلبي قد ابيض بعد سواد فأنا أشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، و أن محمدا رسول الله صلي الله عليه و آله و أن علي بن محمد حجة الله علي خلقه، و ناموسه الاعظم، ثم مات في مرضه ذلك، و حضرت الصلاة عليه رحمه الله.

41 - قب: قال أبو عبد الله الزيادي: لما سم المتوكل، نذر الله إن رزقه الله العافية أن يتصدق بمال كثير، فلما عوفي اختلف الفقهاء في المال الكثير فقال له الحسن حاجبه: إن أتيتك يا أمير المؤمنين بالصواب فما لي عندك؟ قال: عشرة آلاف درهم و إلا ضربتك مائة مقرعة قال: قد رضيت فأتي أبا الحسن عليه السلام فسأله عن ذلك فقال: قال له: يتصدق بثمانين درهما [103] فأخبر المتوكل فسأله ما العلة؟ فأتاه



[ صفحه 163]



فسأله قال: إن الله تعالي قال لنبيه صلي الله عليه و آله: " لقد نصر كم الله في مواطن كثيرة " [104] فعددنا مواطن رسول الله صلي الله عليه و آله فبلغت ثمانين موطنا، فرجع إليه فأخبر ففرح و أعطاه عشرة آلاف درهم [105] .



[ صفحه 164]



و قال المتوكل لا بن السكيت [106] : سل ابن الرضا مسألة عوصاء بحضرتي فسأله فقال: لم بعث الله موسي بالعصا و بعث عيسي عليه السلام بإبراء الاكمه و الابرص و إحياء الموتي، و بعث محمدا بالقرآن و السيف؟.

فقال أبو الحسن عليه السلام: بعث الله موسي عليه السلام بالعصا و اليد البيضاء في زمان الغالب علي أهله السحر، فأتاهم من ذلك ما قهر سحرهم و بهرهم، أثبت الحجة عليهم، و بعث عيسي عليه السلام بإبراء الاكمه و الابرص و إحياء الموتي باذن الله في زمان الغالب علي أهله الطب فأتاهم من إبراء الاكمه و الابرص و إحياء الموتي باذن الله فقهر هم و بهرهم، و بعث محمدا بالقرآن و السيف في زمان الغالب علي



[ صفحه 165]



أهله السيف و الشعر فأتاهم من القرآن الزهر و السيف القاهر ما بهر به شعرهم و بهر سيفهم و أثبت الحجة به عليهم.

فقال بان السكيت: فما الحجة ألان؟ قال: العقل يعرف به الكاذب علي الله فيكذب.

فقال يحيي بن أكثم: ما لا بن السكيت و مناظرته؟ و إنما هو صاحب نحو و شعر و لغة، و رفع قرطاسا فيه مسائل فأملا علي بن محمد عليه السلام علي ابن السكيت جوابها و أمره أن يكتب.

سألت عن قول الله تعالي " قال الذي عنده علم من الكتاب " [107] فهو آصف بن برخيا و لم يعجز سليمان عن معرفة ما عرف آصف، و لكنه أحب أن يعرف أمته من الجن و الانس أنه الحجة من بعده، و ذلك من علم سليمان أودعه آصف بأمر الله ففهمه ذلك، لئلا يختلف في إمامته و ولايته من بعده، و لتأ كيد الحجة علي الخلق و أما سجود يعقوب لولده فان السجود لم يكن ليوسف و إنما كان ذلك من يعقوب و ولده طاعة لله تعالي و تحية ليوسف عليهما السلام كما أن السجود من الملائكة لم يكن لادم عليه السلام فسجود يعقوب و ولده و يوسف معهم شكرا لله تعالي باجتماع الشمل ألم تر أنه يقول في شكره في ذلك الوقت: " رب قد آتيتني من الملك " [108] الاية.

و أما قوله " فان كنت في شك مما أنزلنا إليك فاسأل الذين يقرؤن الكتاب [109] فان المخاطب بذلك رسول الله صلي الله عليه و آله و لم يكن في شك مما أنزل الله إليه، و لكن قالت الجهلة: كيف لم يبعث الله نبيا من الملائكة و لم لم يفرق بينه و بين الناس في الاستغناء عن المأ كل و المشرب، و المشي في الاسواق، فأوحي الله إلي نبيه صلي الله عليه و آله



[ صفحه 166]



فاسأل الذين يقرؤن الكتاب بمحضر من الجهلة هل بعث الله نبيا قبلك إلا و هو يأكل الطعام، و يشرب الشراب، و لك بهم اسوة يا محمد.

و إنما قال: " فان كنت في شك " و لم يكن [110] للنصفة كما قال: " قل تعالوا ندع أبناءنا و أبناءكم " [111] و لو قال: " تعالوا نبتهل فنجعل لعنة الله عليكم لم يكونوا يجيبوا إلي المباهلة، و قد علم الله أن نبيه مؤدعنه رسالته و ما هو من الكاذبين و كذلك عرف النبي صلي الله عليه و آله بأنه صادق فيما يقول و لكن أحب أن ينصف من نفسه.

و أما قوله: " و لو أن ما في الارض من شجرة أقلام " [112] الاية فهو كذلك لو أن أشجار الدنيا أقلام و البحر مداد يمده سبعة أبحر حتي انفجرت الارض عيونا كما انفجرت في الطوفان، ما نفدت كلمات الله و هي عين الكبريت، و عين اليمن، و عين و برهوت، و عين طبرية، و حمة ما سيدان، تدعي لسان، و حمة إفر يقية تدعي بسيلان، و عين باحوران و نحن الكلمات التي لا تدرك فضائلنا و لا تستقصي.

و أما الجنة ففيها من المآكل و المشارب و الملاهي، و ما تشتهيه الا نفس و تلد الاعين و أباح الله ذلك لادم، و الشجرة التي نهي الله آدم عنها و زوجته أن لا يأكلا منها شجرة الحسد، عهد الله إليهما أن لا ينظر ا إلي من فضل الله عليهما، و علي خلائقه بعين الحسد " فنسي و لم نجد له عزما " [113] و أما قوله: " أويزو جهم ذكرانا و أناثا " [114] فان الله تعالي زوج الذكران المطيعين، و معاذ الله أن يكون الجليل العظيم عني ما لبست علي نفسك بطلب



[ صفحه 167]



الرخص، لا رتكاب المحارم " و من يفعل ذلك يلق أثاما يضاعف له العذاب يوم القيامة و يخلد فيه مهانا " [115] إن لم يتب.

فأما شهادة إمرأة وحدها التي جازت فهي القابلة التي جازت شهادتها مع الرضا فان لم يكن رضا فلا أقل من إمرأتين تقوم المرأتان بدل الرجل للضرورة، لان الرجل لا يمكنه أن يقوم مقامها، فان كان وحدها قبل قولها مع يمينها.

و أما قول علي عليه السلام في الخنثي فهو كما قال: يرث من المبال، و ينظر إليه قوم عدول يأخذ كل واحد منهم مرءاتا و تقوم الخنثي خلفهم عريانة، و ينظرون إلي المرأة فيرون الشيء و يحكمون عليه.

و أما الرجل الناظر إلي الراعي و قد نزا علي شاة، فان عرفها ذبحها و أحرقها، و إن لم يعرفها قسمها الامام نصفين و ساهم بينهما، فان وقع السهم علي أحد القسمين فقد انقسم النصف الاخر ثم يفرق الذي وقع عليه السهم نصفين فيقرع بينهما فلا يزال كذلك حتي يبقي اثنان فيقرع بينهما فأيهما وقع السهم عليها ذبحت و أحرقت و قد نجي سائرها و سهم الامام سهم الله لا يخيب.

و أما صلاة الفجر و الجهر فيها بالقراءة لان النبي صلي الله عليه و آله كان يغلس بها فقراءتها من الليل.

و أما قول أمير المؤمنين: بشر قاتل ابن صفية بالنار [116] لقول رسول الله صلي الله عليه و آله



[ صفحه 168]



و كان ممن خرج يوم النهروان، فلم يقتله أمير المؤمنين عليه السلام بالبصرة لانه علم



[ صفحه 169]



أنه يقتل في فتنة النهروان [117] .



[ صفحه 170]



و أما قولك إن عليا عليه السلام قاتل أهل صفين مقبلين و مدبرين، و أجهز علي جريحهم و أنه يوم الجمل ألم يتبع موليا و لم يجهز علي جريحهم، و كل من ألقي سيفه و سلاحه آمنه، فان أهل الجمل قتل إمامهم و لم يكن لهم فئة يرجعون إليها، و إنما رجع القوم إلي منازلهم محاربين، و لا محتالين، و لا متجسسين و لا مبارزين، فقد رضوا بالكف عنهم، فكان الحكم فيه رفع السيف و الكف عنهم إذ لم يطلبوا عليه أعوانا.

و أهل صفين يرجعون إلي فئة مستعدة و إمام منتصب، يجمع لهم السلاح من الرماح، و الدروع، و السيوف، و يستعد لهم، و يسني لهم العطاء و يهيئ لهم الاموال، و يعقب مريضهم، يجبر كسيرهم، و يداوي جريحهم، و يحمل راجلهم و يكسو حاسرهم، و يردهم فيرجعون إلي محاربتهم و قتالهم.

فان الحكم في أهل البصرة الكف عنهم لما ألقوا أسلحتم إذ لم تكن لهم فئة يرجعون إليها، و الحكم في أهل صفين أن يتبع مدبرهم، و يجهز علي جريحهم فلا يساوي بين الفريقين في الحكم، و لو لا أمير المؤمنين عليه السلام و حكمه في أهل صفين و الجمل، لما عرف الحكم في عصاة أهل التوحيد فمن أبي ذلك عرض علي السيف.

و أما الرجل الذي أقر باللواط [118] فانه أقر بذلك متبرعا من نفسه، و



[ صفحه 171]



لم تقم عليه بينة ولا أخذه سلطان وإذا كان للامام الذي من الله أن يعاقب في الله فله أن يعفو في الله، أما سمعت الله يقول لسليمان " هذا عطاؤنا فامنن أو أمسك بغير حساب " [119] فبدأ بالمن قبل المنع [120] .



[ صفحه 172]



فلما قرأه ابن أكثم قال للمتوكل: ما نحب أن تسأل هذا الرجل عن شئ بعد مسائلي، فانه لا يرد عليه شئ بعدها إلا دونها، وفي ظهور علمه تقوية للرافضة [121] .

جعفربن رزق الله قال: قدم إلي المتوكل رجل نصراني فجر بامرأة مسلمة فأراد أن يقيم عليه الحد فأسلم فقال يحيي بن أكثم: الايمان يمحو ما قبله، وقال بعضهم: يضرب ثلاثة حدود، فكتب المتوكل إلي علي بن محمد النقي يسأله فلما قرأ الكتاب كتب: يضرب حتي يموت، فأنكر الفقهاء ذلك، فكتب إليه يسأله عن العلة فقال: " بسم الله الرحمن الرحيم فلما رأوا بأسنا قالوا آمنا بالله وحده وكفرنا بما كنا به مشركين [122] " السورة قال: فأمر المتوكل فضرب حتي مات [123] .

أبوالحسن بن سهلويه [124] البصري المعروف بالملاح قال: دلني أبوالحسن وكنت واقفيا فقال: إلي كم هذه النومة؟ أما آن لك أن تنتبه منها، فقدح في قلبي شيئا وغشي علي وتبعت الحق [125] .

52 - قب: داود بن القاسم الجعفري قال: دخلت عليه بسر من رأي وأنا اريد الحج لاودعه، فخرج معي، فلما انتهي إلي آخر الحاجز نزل، فنزلت معه، فخط بيده الارض خطة شبيهة بالدائرة، ثم قال لي: يا عم خذ ما في هذه يكون في نفقتك، وتستعين به علي حجك، فضربت بيدي فاذا سبيكة ذهب فكان فيها مائتا مثقال.



[ صفحه 173]



دخل أبوعمرو عثمان بن سعيد وأحمد بن إسحاق الاشعري وعلي بن جعفر الهمداني علي أبي الحسن العسكري، فشكي إليه أحمد بن إسحاق دينا عليه فقال يا [أبا] عمرو - وكان كيله - ادفع إليه ثلاثين ألف دينار، وإلي علي بن جعفر ثلاثين ألف دينار، وخذ أنت ثلاثين ألف دينار، فهذه معجزة لا يقدر عليها إلا الملوك، وماسمعنا بمثل هذا العطاء [126] .

53 - قب: وجه المتوكل عتاب بن أبي عتاب إلي المدينة يحمل علي بن محمد عليهما السلام إلي سر من رأي، وكانت الشيعة يتحدثون أنه يعلم الغيب وكان في نفس عتاب من هذاشئ فلمافصل من المدينة رآه وقد لبس لبادة، والسماء صاحية، فماكان بأسرع من أن تغيمت وأمطرت فقال عتاب: هذا واحد.

ثم لما وافي شط القاطول، [127] رآه مقلق القلب، فقال له: مالك يا أبا أحمد؟ فقال: قلبي مقلق بحوائج التمستها من أميرالمؤمنين، قال له: فان حوائجك قد قضيت، فما كان بأسرع من أن جاءته البشارات بقضاء حوائجه، فقال: الناس يقولون: إنك تعلم الغيب وقد تبينت من ذلك خلتين [128] .

المعتمد في الاصول قال علي بن مهزيار: وردت العسكر وأنا شاك في الامامة فرأيت السلطان قد خرج إلي الصيد في يوم من الربيع إلا أنه صائف، والناس عليهم ثياب الصيف، وعلي أبي الحسن عليه السلام لبادة وعلي فرسه تجفاف لبود، وقد عقد ذنب الفرسة والناس يتعجبون منه، ويقولون: ألا ترون إلي هذا المدني وما قد فعل بنفسه؟ فقلت في نفسي: لو كان هذا إماما ما فعل هذا.

فلما خرج الناس إلي الصحراء لم يلبثوا إلاأن ارتفعت سحابة عظيمة هطلت



[ صفحه 174]



فلم يبق أحد إلا ابتل حتي غرق بالمطر، وعاد عليه السلام وهو سالم من جميعه فقلت في نفسي: يوشك أن يكون هو الامام، ثم قلت: اريد أن أسأله عن الجنب إذا عرق في الثوب، فقلت في نفسي إن كشف وجهه فهو الامام، فلما قرب مني كشف وجهه ثم قال: إن كان عرق الجنب في الثوب وجنابته من حرام لايجوز الصلاة فيه، و إن كان جنابته من حلال فلا بأس فلم يبق في نفسي بعد ذلك شبهة [129] .

54 - قب: في كتاب البرهان عن الدهني أنه لما ورد به عليه السلام سرمن رأي كان المتوكل برا به ووجه إليه يوما بسلة فيهاتين، فأصاب الرسول المطر فدخل إلي المسجد ثم شرهت نفسه إلي التين، ففتح السلة وأكل منها، فدخل وهو قائم يصلي فقال له بعض خدمه: ما قصتك فعرفه القصة قال له: أو ما علمت أنه قد عرف خبرك وما أكلت من هذا التين فقامت علي الرسول القيامة، ومضي مبادرا إلي منزله حتي إذا سمع صوت البريد ارتاع هو ومن في منزله بذلك، الخبر [130] .

الحسين بن علي: أنه أتي النقي عليه السلام رجل خائف وهو يرتعد ويقول: إن ابني اخذ بمحبتكم والليلة يرمونه من موضع كذا ويدفنونه تحته، قال: فما تريد؟ قال: ما يريد الابوان، فقال: لابأس عليه اذهب فان ابنك يأتيك غدا.

فلما أصبح أتاه، ابنه فقال: يا بني ما شأنك؟ قال: لما حفروا القبرو شدو الي الا يدي أتاني عشرة أنفس مطهرة معطرة، وسألوا عن بكائي فذكرت لهم، فقالوا: لوجعل الطالب مطلوبا تجرد نفسك وتخرج وتلزم تربة النبي عليه السلام؟ قلت: نعم فأخذوا الحاجب فرموه من شاهق الجبل ولم يسمع أحد جزعه ولا رأوا الرجال وأوردوني إليك وهم ينتظرون خروجي إليهم، وودع أباه وذهب.

فجاء أبوه إلي الامام وأخبره بحاله فكان الغوغاء تذهب وتقول: وقع كذا وكذا والامام عليه السلام يتبسم ويقول: إنهم لا يعلمون ما نعلم [131] .



[ صفحه 175]



بيان: " الغوغاء " السفلة من الناس، والمتسر عين إلي الشر.

55 - كشف: قال محمد بن طلحة: خرج عليه السلام يوما من سرمن رأي إلي قرية لمهم عرض له، فجآء رجل من الاعراب يطلبه فقيل له قد ذهب إلي الموضع الفلاني فقصده فلما وصل إليه قال له ما حاجتك؟ فقال: أنا رجل من أعراب الكوفة المتمسكين بولاية جدك علي بن أبيطالب عليه السلام وقد ركبني دين فادح أثقلني حمله، ولم أر من أقصده لقضائه سواك.

فقال له أبوالحسن: طب نفسا وقر عينا ثم أنزله فلما أصبح ذلك اليوم قال له أبوالحسن عليه السلام: اريد منك حاجة الله الله أن تخالفني فيها، فقال الاعرابي لا اخالفك فكتب أبوالحسن عليه السلام ورقة بخطه معترفا فيها أن عليه للاعرابي مالا عينه فيها يرجح علي دينه، وقال: خذ هذا الخط فاذا وصلت إلي سرمن رأي احضر إلي وعندي جماعة، فطالبني به وأغلظ القول علي في ترك إبقائك إياه الله الله في مخالفتي فقال: أفعل، وأخذ الخط.

فلما وصل أبوالحسن إلي سرمن رأي، وحضر عنده جماعة كثيرون من أصحاب الخليفة وغيرهم، حضر ذلك الرجل وأخرج الخط وطالبه وقال كما أوصاه فألان أبوالحسن عليه السلام له القول ورفقه، وجعل يعتذر، ووعده بوفائه و طيبة نفسه، فنقل ذلك إلي الخليفة المتوكل فأمر أن يحمل إلي أبي الحسن عليه السلام ثلاثون ألف درهم.

فلما حملت إليه تركها إلي أن جاء الرجل فقال: خذ هذا المال واقض منه دينك، وأنفق الباقي علي عيالك وأهلك، واعذرنا، فقال له الاعرابي: يا ابن رسول الله والله إن أملي كان يقصر عن ثلث هذا، ولكن الله اعلم حيث يجعل رسالته، وأخذ المال وانصرف [132] .

ومن كتاب الدلائل للحميري عن الحسن بن علي الوشاء قال: حدثتني ام محمد مولاة أبي الحسن الرضا بالحير وهي مع الحسن بن موسي قالت: جاء أبوالحسن



[ صفحه 176]



عليه السلام قدرعب حتي جلس في حجر ام أبيها بنت موسي، فقالت له: مالك؟ فقال لها: مات أبي والله الساعة، فقالت له: لاتقل هذا، قال: هووالله كما أقول لك، فكتبنا ذلك اليوم فجآءت وفاة أبي جعفر عليه السلام في ذلك اليوم وكتب إليه محمد بن الحسين بن مصعب المدائني يسأله عن السجود علي الزجاج، قال: فلما نفذ الكتاب حدثت نفسي أنه مما أنبتت الارض، وأنهم قالوا لابأس بالسجود علي ما أنبتت الارض قال: فجآء الجواب: لاتسجد عليه وإن حدثت نفسك أنه مما تنبت الارض، فانه من الرمل والملح، والملح سبخ [133] .

وعن علي بن محمد النوفلي قال: سمعته يقول: اسم الله الاعظم ثلاثة وسبعون حرفا وإنما كان عند آصف منه حرف واحد، فتكلم به فانخرقت له الارض فيما بينه وبين سبا، فتناول عرش بلقيس حتي صيرة إلي سليمان ثم بسطت له الارض في أقل من طرفة عين، وعندنا منه اثنان وسبعون حرفا، وحرف واحد عندالله عز وجل استأثر به في علم الغيب [134] .

وعن فاطمة ابنة الهيثم قالت: كنت في دار أبي الحسن عليه السلام في الوقت الذي ولد فيه جعفر فرأيت أهل الدار قد سروا به، فقلت: يا سيدي مالي أراك غير مسرور؟ فقال: هوني عليك فسيضل به خلق كثير [135] حدث محمد بن شرف قال: كنت مع أبي الحسن عليه السلام أمشي بالمدينة فقال لي: ألست ابن شرف؟ قلت: بلي، فأردت أن أسأله عن مسألة فابتدأني من غير أن أسأله فقال: نحن علي قارعة الطريق وليس هذا موضع مسألة.

محمد بن الفضل البغدادي قال: كتبت إلي أبي الحسن عليه السلام أن لنا حانوتين.



[ صفحه 177]



خلفهما لنا والدنا رضي الله عنه، وأردنا بيعهما وقد عسر ذلك علينا، فادع الله يا سيدنا أن ييسرالله لنا بيعهما باصلاح الثمن، ويجعل لنافي ذلك الخيرة، فلم يجب عنهما بشئ، وانصرفنا إلي بغداد والحانوتان قد احترقا.

أيوب بن نوح قال: كتبت إلي أبي الحسن عليه السلام أن لي حملا فادع الله أن يرزقني ابنا فكتب إلي: إذا ولد فسمه محمدا، قال: فولد ابن فسميته محمدا [136] .

قال: وكان ليحيي بن زكريا حمل فكتب إليه: أن لي حملا فادع الله أن يرزقني ابنا فكتب إليه: رب ابنة خير من ابن، فولدت له ابنة.

أيوب بن نوح قال: كتبت إلي أبي الحسن عليه السلام: قد تعرض لي جعفر بن عبدالواحد القاضي وكان يؤذيني بالكوفة أشكو إليه ماينالني منه من الاذي، فكتب إلي: تكفي أمره إلي شهرين، فعزل عن الكوفة في شهرين واسترحت منه [137] .

يج: عن أيوب مثل الخبرين [138] .

56 - كشف: من كتاب الدلائل [عن أيوب، قال] [139] قال فتح بن يزيد الجرجاني: ضمني وأبا الحسن عليه السلام الطريق منصر في من مكة إلي خراسان، وهو صائر إلي العراق فسمعته وهو يقول: من اتقي الله يتقي، ومن أطاع الله يطاع.

قال: فتلطفت في الوصول إليه فسلمت عليه فرد علي السلام وأمرني بالجلوس وأول ما ابتدأني به أن قال: يافتح من أطاع الخالق لم يبال بسخط المخلوق، ومن أسخط الخالق فأيقن أن يحل به الخالق سخط المخلوق، وإن الخالق لايوصف إلا بما وصف ونفسه، وأني يوصف الخالق الذي يعجز الحواس أن تدركه، والاوهام أن تناله، والخطرات أن تحده، والابصار عن الاحاطة به.



[ صفحه 178]



جل عما يصفه الواصفون، وتعالي عما ينعته الناعتون، نأي في قربه، و قرب في نأيه، فهو في نأيه قريب، وفي قربه بعيد، كيف الكيف فلا يقال كيف و أين الاين فلا يقال أين، إذ هو منقطع الكيفية والاينية.

هوالواحد الصمد، لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفوا أحد، فجل جلاله.

بل كيف يوصف بكنهه محمد صلي الله عليه وآله وقد قرنه الجليل باسمه، وشركه في عطائه وأوجب لمن أطاعه جزاء طاعته، إذ يقول " وما نقموا إلا أن أغناهم الله ورسوله من فضله " [140] وقال: يحكي قول من ترك طاعته، وهو يعذ به بين أطباق نيرانها وسرابيل قطرانها " ياليتنا أطعنا الله وأطعنا الرسولا " [141] أم كيف يوصف بكنهه من قرن الجليل طاعتهم بطاعة رسوله حيث قال: " أطيعوا الله وأطيعوا الرسول واولي الامر منكم " [142] وقال: " ولورده إلي الرسول وإلي اولي الامر منهم " [143] وقال: " إن الله يأمر كم أن تؤدوا الامانات إلي أهلها " [144] وقال: " فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون " [145] يافتح كمالا يوصف الجليل جل جلاله.

والرسول، الخليل، وولد البتول فكذلك لايوصف المؤمن المسلم لامرنا، فنبينا أفضل الانبياء وخليلنا أفضل الاخلاءو [وصينا] أكرم الاوصياء، واسمهما [146] أفضل الاسماء وكنيتهما أفضل الكني وأحلاها، لولم يجالسنا إلا كفو لم يجالسنا أحد، ولولم يزوجنا إلا كفولم يزوجنا أحد.



[ صفحه 179]



أشد الناس تواضعا، أعظمهم حلما وأنداهم كفا وأمنعهم كنفا، ورث عنهما أوصياؤهما علمهما، فاردد إليهما الامر، وسلم إليهم، أماتك الله مماتهم، وأحياك حياتهم.

إذا شئت [147] رحمك الله.

قال فتح: فخرجت فلما كان الغد تلطفت في الوصول إليه فسلمت عليه فرد السلام فقلت: يا ابن رسول الله أتأذن في مسألة اختلج في صدري أمرها ليلتي؟ قال: سل! وإن شرحتها فلي وإن أمسكتها فلي، فصحح نظرك، وتثبت في مسألتك واصغ إلي جوابها سمعك، ولاتسأل مسألة تعنيت واعتن بما تعتني به، فان العالم والمتعلم شريكان في الرشد، مأموران بالنصيحة، منهيان عن الغش.

وأما الذي اختلج في صدرك، فان شاء العالم أنبأك، إن الله لم يظهر علي غيبه أحدا إلا من ارتضي من رسول، فكل ما كان عندالرسول كان عند العالم وكل ما اطلع عليه الرسول فقد اطلع أوصياءه عليه، كيلا تخلو أرضه من حجة يكون معه علم يدل علي صدق مقالته، وجواز عدالته.

يافتح عسي الشيطان أراد اللبس عليك، فأوهمك في بعض ما أودعتك، وشكك في بعض ما أنبأتك، حتي أراد إزالتك عن طريق الله، وصراطه المستقيم؟ فقلت: " متي أيقنت أنهم كذا فهم أرباب، " معاذ الله إنهم مخلوقون مربوبون، مطيعون لله داخرون راغبون، فإذا جاءك الشيطان من قبل ما جاءك فاقمعه بما أنبأتك به.

فقلت له: جعلت فداك! فرجت عني، وكشفت مالبس الملعون علي بشرحك فقد كان أوقع في خلدي أنكم أرباب قال: فسجد أبوالحسن عليه السلام وهو يقول في سجوده: راغما لك يا خالقي داخرا خاضعا، قال: فلم يزل كذلك حتي ذهب ليلي.

ثم قال: يا فتح كدت أن تهلك وتهلك، وماضر عيسي عليه السلام إذا هلك من هلك [148] انصرف إذا شئت رحمك الله قال: فخرجت وأنا فرح بما كشف الله



[ صفحه 180]



عني من اللبس بأنهم هم، وحمدت الله علي ما قدرت عليه.

فلماكان في المنزل الاخر، دخلت عليه وهو متكئ، وبين يديه حنطة مقلوة يعبث بها، وقد كان أوقع الشيطان في خلدي أنه لاينبغي أن يأكلوا ويشربوا إذ كان ذلك آفة، والامام غير ذي آفة، فقال: اجلس يافتح فان لنا بالرسل اسوة كانوا يأكلون ويشربون، ويمشون في الاسواق، وكل جسم مغذو بهذا إلا الخالق الرازق، لانه جسم الاجسام، وهو لم يجسم، ولم يجزء بتناه، ولم يتزايد ولم يتناقص، مبرء من ذاته ماركب في ذات من جسمه.

الواحد الاحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد، منشئ الاشياء، مجسم الاجسام، وهوالسميع العليم، اللطيف الخبير، الرؤف الرحيم تبارك وتعالي عما يقول الظالمون علوا كبيرا.

لوكان كما يوصف لم يعرف الرب من المربوب ولا الخالق من المخلوق ولا المنشئ من المنشأ، لكنه فرق بينه وبين من جسمه، وشيأ الاشياء إذ كان لا يشبهه شئ يري، ولا يشبه شيئا [149] .

محمد بن الريان بن الصلت قال: كتبت إلي أبي الحسن عليه السلام أستأذنه في كيد عدو، ولم يمكن كيده، فنهاني عن ذلك وقال كلاما معناه: تكفاه، فكفيته والله أحسن كفاية: ذل وافتقر ومات أسوء الناس حالا في دنياه ودينه [150] .

علي بن محمد الحجال قال: كتبت إلي أبي الحسن: أنا في خدمتك وأصابني علة في رجلي لا أقدر علي النهوض والقيام بما يجب، فان رأيت أن تدعو الله أن يكشف علتي ويعينني علي القيام بما يجب علي وأداء الامانة في ذلك، ويجعلني من تقصيري من غير تعمد مني، وتضييع مالا أتعمده من نسيان يصيبني في حل ويوسع علي وتدعولي بالثبات علي دينه الذي ارتضاه لنبيه عليه السلام فوقع: كشف الله عنك وعن



[ صفحه 181]



أبيك، قال: وكان بأبي علة ولم أكتب فيها فدعاله ابتداء [151] وعن داود الضرير قال: أردت الخروج إلي مكة، فودعت أباالحسن بالعشي وخرجت فامتنع الجمال تلك الليلة، وأصبحت فجئت اودع القبر فاذا رسوله يدعوني فأتيته واستحييت وقلت: جعلت فداك إن الجمال تخلف أمس فضحك وأمرني بأشياء وحوائج كثيرة، فقال: كيف تقول؟ فلم أحفظ مثلها قال لي [152] فمد الدواة وكتب بسم الله الرحمن الرحيم أذكر إن شاء الله والامر بيدك كله فتبسمت، فقال لي: مالك؟ فقلت له: خير، فقال: أخبرني فقلت له: ذكرت حديثا حدثني رجل من أصحابنا أن جدك الرضا عليه السلام كان إذا أمر بحاجته كتب بسم الله الرحمن الرحيم اذكر إن شاء الله، فتبسم فقال: يا داود لو قلت لك إن تارك التقية كتارك الصلاة لكنت صادقا [153] .

بيان: قوله عليه السلام " كيف تقول " أي سأله عليه السلام عماأوصي إليه هل حفظه؟ ولعله كان " ولم أحفظ مثل ما قال لي " فصحف فكتب عليه السلام ذلك ليقرأه لئلا ينسي أو كتب ليحفظ بمحض تلك الكتابة باعجازه عليه السلام وعلي ما في الكتاب يحتمل أن يكون المعني أنه لم يكن قال لي سابقا شيئا أقوله في مثل هذا المقام، ويحتمل أن يكون كيف تتولي كما كان المأخوذ منه يحتمل ذلك، أي كيف تتولي تلك الاعمال وكيف تحفظها؟ وأما التعرض لذكر التقية فهو إما لكون عدم كتابة الحوائج والتعويل علي حفظ داود للتقية، أو لامر آخر لم يذكر في الخبر.

57 - عم: في كتاب الواحدة، عن الحسن بن جمهور العمي [154] قال: حدثني



[ صفحه 182]



أبوالحسين سعيد بن سهل البصري وكان يلقب بالملاح قال: وكان يقول بالوقف جعفر بن القاسم الهاشمي البصري وكنت معه بسرمن رأي إذ رآه أبوالحسن عليه السلام في بعض الطرق، فقال له: إلي كم هذه النومة؟ أماآن لك أن تنتبه منها؟ فقال لي جعفر: سمعت ما قال لي علي بن محمد؟ قد والله قدح في قلبي شيئا.

فلما كان بعد أيام حدث لبعض أولاد الخليفة وليمة فدعانا فيها، ودعا أبا الحسن معنا، فدخلنا فلما رأوه أنصتوا إجلالا له، وجعل شاب في المجلس لايوقره، وجعل يلغط [155] ويضحك، فأقبل عليه وقال له: يا هذا تضحك ملء فيك وتذهل عن ذكرالله وأنت بعد ثلاثة من أهل القبور؟ قال: فقلنا هذا دليل حتي ننظر مايكون [156] .

قال: فأمسك الفتي وكف عما هو عليه، وطعمنا وخرجنا، فلما كان بعد يوم اعتل الفتي ومات في اليوم الثالث من أول النهار، ودفن في آخره.

وحدثني سعيد أيضا قال: اجتمعنا أيضا في وليمة لبعض أهل سرمن رأي و أبوالحسن عليه السلام معنا، فجعل رجل يعبث ويمزح، ولايري له جلالة فأقبل علي جعفر فقال: أما إنه لا يأكل من هذا الطعام، وسوف يرد عليه من خبر أهله ما ينغص عليه



[ صفحه 183]



عيشه، قال: فقدمت المائدة قال جعفر: ليس بعد هذا خبر، قد بطل قوله، فوالله لقد غسل الرجل يده وأهوي إلي الطعام فاذا غلامه قد دخل من باب البيت يبكي وقال له: الحق امك فقد وقعت من فوق البيت، وهي بالموت، قال جعفر: فقلت والله لا وقفت بعد هذا وقطعت عليه [157] .

قب: عن سعيد بن سهل مثل الخبرين [158] .

58 - كش: محمد بن مسعود قال: قال يوسف بن السخت كان علي بن جعفر وكيلا لابي الحسن صلوات الله عليهما وكان رجلا من أهل همينيا [159] قرية من قري سواد بغداد فسعي به إلي المتوكل فحبسه فطال حبسه واحتال [160] من قبل عبدالرحمن بن خاقان بمال ضمنه عنه ثلاثة ألف دينار، وكلمه عبيدالله [161] فعرض حاله علي المتوكل فقال: يا عبيدالله لو شككت فيك لقلت إنك رافضي هذا وكيل فلان وأنا علي قتله.

قال: فتأدي الخبر إلي علي بن جعفر فكتب إلي أبي الحسن عليه السلام يا سيدي الله الله في، فقد والله خفت أن أرتاب، فوقع في رقعته أما إذا بلغ بك الامر ما أري فسأقصد الله فيك، وكان هذا في ليلة الجمعة.

فأصبح المتوكل محموما فازدادت عليه حتي صرخ عليه يوم الاثنين فأمر بتخلية كل محبوس عرض عليه اسمه حتي ذكر هو علي بن جعفر وقال لعبيد الله لم لم تعرض علي أمره؟ فقال: لا أعود إلي ذكره أبدا قال: خل سبيله الساعة وسله أن يجعلني في حل فخلي سبيله، وصار إلي مكة بأمر أبي الحسن عليه السلام مجاورا



[ صفحه 184]



بها وبرأ المتوكل من علته [162] .

59 - كش: محمد بن مسعود، عن علي بن محمد القمي، عن محمد بن أحمد، عن أبي يعقوب يوسف بن السخت، عن العباس، عن علي بن جعفرقال: عرضت أمري علي المتوكل فأقبل علي عبيدالله بن يحيي بن خاقان فقال: لاتتعبن نفسك بعرض قصة هذا وأشباهه، فان عمك أخبرني أنه رافضي وأنه وكيل علي بن محمد وحلف أن لايخرج من الحبس إلا بعد موته.

فكتبت إلي مولانا أن نفسي قد ضاقت، وأني أخاف الزيغ فكتب إلي: أما إذا بلغ الامرمنك ما أري فسأقصد الله فيك، فما عادت الجمعة حتي اخرجت من السجن [163] .

60 - كا: محمد بن يحيي عن محمدبن أحمد، عن محمد بن عيسي، عن أبي علي بن راشد، عن صاحب العسكر قال: قلت له: جعلت فداك نؤتي بالشئ فيقال هذاكان لابي جعفر عندنا فكيف نصنع؟ فقال: ماكان لابي جعفر عليه السلام بسبب الامامة فهو لي، وما كان غير ذلك فهو ميراث علي كتاب الله وسنة نبيه [164] .

61 - كا: الحسين بن محمد، عن معلي بن محمد، عن أحمد بن محمد بن عبدالله قال: كان عبدالله بن هليل [165] يقول بعبدالله [166] فصار إلي العسكر، فرجع عن ذلك، فسألته عن سبب رجوعه، فقال: إني عرضت لابي الحسن عليه السلام أن أسأله عن ذلك فوافقني في طريق ضيق، فمال نحوي حتي إذا حاذاني أقبل نحوي بشئ من فيه فوقع علي صدري فأخذته فاذا هو رق فيه مكتوب: " ما كان هنالك



[ صفحه 185]



ولاكذلك " [167] .

62 - مشارق الانوار: عن محمد بن داود القمي ومحمد الطلحي قالا: حملنا مالا من خمس ونذر وهدايا وجواهر اجتمعت في قم وبلادها، وخرجنا نريد بها سيدنا أبا الحسن الهادي عليه السلام فجاءنا رسوله في الطريق أن ارجعوا فليس هذاوقت الوصول فرجعنا إلي قم وأحرزنا ما كان عندنا، فجاءناأمره بعد أيام ان قد أنفذنا إليكم إبلا عيرا فاحملوا عليها ماعندكم، وخلوا سبيلها.

قال: فحملناها وأودعناها الله فلما كان من قابل، قدمنا عليه فقال: انظروا إلي ماحملتم إلينا فنظرنا فاذا المنايح [168] كماهي.

63 - عيوم المعجزات، عن أبي جعفر بن حرير الطبري، عن عبدالله بن محمد البلوي، عن هاشم بن زيد قال: رأيت علي بن محمد صاحب العسكر وقد اتي بأكمه فأبرأه، ورأيته تهيئ من الطين كهيئة الطير وينفخ فيه فيطير فقلت له: لا فرق بينك وبين عيسي عليه السلام فقال: أنا منه وهو مني.

حدثني أبوالتحف المصري يرفع الحديث برجاله إلي محمد بن سنان الرامزي رفع الله درجته قال: كان أبوالحسن علي بن محمد عليهما السلام حاجاولما كان في انصرافه إلي المدينة، وجد رجلا خراسانيا واقفا علي حمارله ميت يبكي ويقول: علي ماذا أحمل رحلي، فاجتاز عليه السلام به فقيل له: هذا الرجل الخراساني ممن يتولاكم أهل البيت فدنا من الحمار الميت فقال: لم تكن بقرة بني إسرائيل بأكرم علي الله تعالي مني وقد ضرب ببعضها الميت فعاش ثم وكزه برجله اليمني وقال: قم باذن الله فتحرك الحمار ثم قام ووضع الخراساني رحله عليه، وأتي به المدينة، وكلما مر عليه السلام أشاروا عليه بأصبعهم، وقالوا: هذا الذي أحيي حمار الخراساني.

عن الحسن بن إسماعيل شيخ من أهل النهرين قال: خرجت أنا ورجل من



[ صفحه 186]



أهل قريتي إلي أبي الحسن بشئ كان معنا وكان بعض أهل القرية قد حملنا رسالة ودفع إلينا ماأوصلناه، وقال: تقرؤنه مني السلام وتسألونه عن بيض الطائر الفلاني من طيور الاجام، هل يجوز أكلها أم لا؟ فسلمنا ماكان معنا إلي جارية، وأتاه رسول السلطان فنهض ليركب وخرجنا من عنده ولم نسأله عن شئ فلما صرنا في الشارع لحقنا عليه السلام وقال لرفيقي بالنبطية أقرئه مني السلام وقل له: بيض الطائر الفلاني لاتأكله فانه من المسوخ.

وروي أن رجلا من أهل المداين كتب إليه يسأله عما بقي من ملك المتوكل فكتب عليه السلام: بسم الله الرحمن الرحيم قال: " تزرعون سبع سنين دأبا فما حصدتم فذروه في سنبله إلا قليلا مما تأكلون - ثم يأتي من بعد ذلك سبع شداد يأكلن من قدمتم لهن إلا قليلا مما تحصنون ثم يأتي من بعد ذلك عام فيه يغاث الناس وفيه يعصرون " فقتل في أول الخامس عشر.

64 - جش: جعفر بن محمد المؤدب، عن أحمد بن محمد، عن أحمد بن يحيي الاودي قال: دخلت مسجد الجامع لا صلي الظهر.

فلما صليته رأيت حرب بن الحسن الطحان، وجماعة من أصحابنا جلوسا فملت إليهم فسلمت عليهم وجلست، وكان فيهم الحسن بن سماعة [169] فذكروا أمر الحسن بن علي عليهما السلام وما جري عليه ثم من بعد زيد بن علي وماجري عليه ومعنا رجل غريب لانعرفه فقال: ياقوم عندنا رجل علوي بسر من رأي من أهل المدينة ما هو إلا ساحر أو كاهن فقال له ابن سماعة: بمن يعرف؟ قال علي بن محمد بن الرضا.

فقال له الجماعة: فكيف تبينت ذلك منه؟ قال: كنا جلوسا معه علي باب داره وهو جارنا بسر من رأي نجلس إليه في كل عشية نتحدث معه، إذ



[ صفحه 187]



مربنا قائد من دار السلطان، ومعه خلع ومعه جمع كثير من القواد والرجالة والشاكرية [170] وغيرهم.

فلما رآه علي بن محمد وثب إليه وسلم عليه وأكرمه فلما أن مضي قال لنا: هو فرح بما هو فيه وغدا يدفن قبل الصلاة.

فعجبنامن ذلك فقمنا من عنده فقلنا هذا علم الغيب فتعاهدنا ثلاثة إن لم يكن ما قال أن نقتله ونستريح منه، فاني في منزلي وقد صليت الفجرإذ سمعت غلبة فقمت إلي الباب فاذا خلق كثير من الجند وغيرهم، وهم يقولون مات فلان القائد البارحة سكر وعبر من موضع إلي موضع فوقع واندقت عنقه فقلت: أشهد أن لاإله إلا الله وخرجت أحضره وإذا الرجل كان كما قال أبوالحسن ميت فما برحت حتي دفنته ورجعت، فتعجبنا جميعا من هذه الحال وذكر الحديث بطوله [171] .

65 - ق: أبوالفتح غازي بن محمد الطرائفي، عن علي بن عبدالله الميموني عن محمد بن علي بن معمر، عن علي بن يقطين بن موسي الاهوازي قال: كنت رجلا أذهب مذاهب المعتزلة، وكان يبلغني من أمر أبي الحسن علي بن محمد ما أستهزئ به ولا أقبله، فدعتني الحال إلي دخولي بسر من رأي للقاء السلطان فدخلتها، فلما كان يوم وعد السلطان الناس أن يركبوا إلي الميدان.

فلما كان من غد ركب الناس في غلائل القصب، بأيديهم المراوح [172] وركب أبوالحسن عليه السلام في زي الشتاء وعليه لباد وبرنس، وعلي سرجه تجفاف طويل وقد عقد ذنب دابته، والناس يهزؤن به وهو يقول: " ألا إن موعدهم الصبح أليس



[ صفحه 188]



الصبح بقريب " [173] فلما توسطوا الصحراء وجازوا بين الحائطين، ارتفعت سحابة وأرخت السماء عزاليها، وخاضت الدواب إلي ركبها في الطين، ولو ثتهم أذنا بها، فرجعوا في أقبح زي، ورجع أبوالحسن عليه السلام في أحسن زي، ولم يصبه شئ مما أصابهم فقلت: إن كان الله عزوجل اطلعه علي هذا السر فهو حجة.

ثم إنه لجأ إلي بعض السقايف، فلما قرب نحي البرنس، وجعله علي قربوس سرجه ثلاث مرات [174] ثم التفت إلي وقال: إن كان من حلال فالصلاة في الثوب حلال، وإن كان من حرام فالصلاة في الثوب حرام، فصد قته وقلت بفضله ولزمته.

بيان: " الغلالة " بالكسر شعار تحت الثوب " والقصب " محركة ثياب ناعمة من كتان و " التجفاف " بالكسر آلة للحرب يلبسه الفرس والانسان ليقيه في الحرب والمراد هناما يلقي علي السرج وقاية من المطر، والظاهر أن المراد بالسر ما أضمر من حكم عرق الجنب كمامر في الاخبار السابقة، ويحتمل أن يكون المراد به نزول المطر وسيأتي الخبر بتمامه في كتاب الدعاء إن شاء الله.



[ صفحه 189]




پاورقي

[1] بغا من الاسماء التركية، كان اسم رجل من قواد المتوكل.

[2] اعلام الوري ص 343.

[3] مناقب آل أبي طالب ج 4 ص 408.

[4] وتراه في مناقب آل أبي طالب ج 4 ص 417.

[5] الزنفيلجة - بكسر الزاي وفتح اللام - وهكذا الزنفليجة - كقسطبيلة - وعاء أدوات الراعي فارسي معرب زنبيله.

[6] مناقب آل أبي طالب ج 4 ص 413.

[7] لغة عامية وكأنه مخفف " أي شئ ".

[8] ورواه ابن شهر آشوب في المناقب ج 4 ص 414 مرسلا.

[9] اخرجه ابن شهر آشوب في المناقب ج 4 ص 411 إلي قوله فيعدل بنا.

[10] أخرجه ابن شهرآشوب ملخصا في المناقب ج 4 ص 406.

[11] عليهم بمايهوي نداء الصوامع خ ل.

[12] امالي الصدوق ص 412.

[13] وأخرجه في المناقب ج 4 ص 417 وزاد بعده شعرا في ذلك.



دخلنا كارهين لها فلما

الفناها خرجنا مكرهينا.

[14] بصائر الدرجات ص 249.

[15] المصدر ص 333.

[16] نفس المصدرص 333.

[17] مناقب آل أبي طالب ج 4 ص 408.

[18] كشف الغمة ج 3 ص 252.

[19] اي حصاة من حصيات المقدار فقد كان تلقي تلك الالة في كل ساعة حصاة فيعلم مقدار مضي الساعات باعتداد الحصيات.

[20] بصائر الدرجات ص 337.

[21] الكافي ج 1 ص 489.

[22] الجلاب - بالفتح والتشديد - من يشتري الغنم ونحوهافي موضع، يسوقها إلي موضع آخر ليبيعها، وفي القاموس: الغنم - محركة - الشاء لاواحد لها من لفظها الواحدة شاة وهواسم مؤنث للجنس يقع علي الذكور والاناث وعليهما جميعا، والجمع أغنام وغنوم واغانم منه رحمه الله في المرآت.

[23] الاصطبل كجرد حل: موقف الدواب، شامية قاله الفيروز آبادي.

[24] أبوجعفر ابنه الكبير، واسمه محمد، مات قبل أبيه عليهما السلام، وقيل ان المراد به محمد بن علي بن ابراهيم بن موسي بن جعفر.

[25] بصائر الدرجات ص 406.

وأخرجه ابن شهرآشوب في مناقب آل أبي طالب ج 4 ص 411 مرسلا.

[26] في المصدر: محمد بن يحيي.

[27] بصائر الدرجات ص 406.

[28] اعلام الوري ص 348.

[29] الكافي ج 1 ص 498.

[30] بصائر الدرجات ص 407.

[31] يقال: اجتوي البلد اجتواء: كره المقام به وان كان في نعمة.

[32] حبة بن جوين العرني - منسوب إلي عرينة بن عرين بن بدر بن قسر من خواص أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام وحديثه في وادي السلام مروي في الكافي ج 4 ص 243 وهذا نصه: قال: خرجت مع أميرالمؤمنين عليه السلام إلي الظهر - يعني ظهر الكوفة - فوقف بوادي السلام كانه مخاطب لاقوام، فقمت بقيامه حتي أعييت ثم جلست حتي مللت، ثم قمت حتي نالني مثل ما نالني أولا، ثم جلست حتي مللت.

ثم قمت وجمعت ردائي فقلت: يا أميرالمؤمنين! اني قد أشفقت عليك من طول القيام فراحة ساعة، ثم طرحت الرداء ليجلس عليه، فقال لي يا حبة! ان هو الا محادثة مؤمن أو مؤانسته.

قال: قلت: يا أمير المؤمنين وانهم لكذلك؟ قال: نعم ولو كشف لك لرأيتهم حلقا حلقا محتبين يتحادثون، فقلت: أجسام أم أرواح؟ فقال: أرواح، وما من مؤمن يموت في بقعة من بقاع الارض الاقيل لروحه: الحقي بوادي السلام، وانها لبقعة من جنة عدن.

[33] الشيباني نسبة إلي شيبان بن ثعلبة، بطن من بكربن وائل، من العدنانية، وهم بنوشيبان بن ثعلبة بن عكابة بن صعب بن علي بن بكر بن وائل.

والرجل أبوالمفضل محمد بن عبدالله بن محمد بن عبيدالله بن البهلول بن همام بن المطلب بن همام بن بحر بن مطر بن مرة - الصغري - بن همام بن مرة - وكان سيدهم في الجاهلية - بن ذهل بن شيبان.

قال النجاشي: سافر في طلب الحديث عمره، أصله كوفي، وكان في أول أمره ثبتا ثم خلط ورأيت جل أصحابنا يغمزونه ويضعفونه، رأيت هذا النسخ وسمعت منه كثيراثم توقفت عن الرواية عنه الا بواسطة بيني وبينه.

وقال صاحب الذريعة: ولما كانت ولادة النجاشي سنة 372، وكان عمره يوم وفاة أبي المفضل خمس عشرة سنة، احتاط أن يروي عنه بلا واسطة بل كان يروي عنه بالواسطة كما صرح به فلا وجه حينئذ لد عوي أن توقف النجاشي كان لغمز فيه.

وقال ابن الغضائري: وضاع كثير المناكير، رأيت كتبه وفيه الاسانيد من دون المتون والمتون من دون الاسانيد، وأري ترك ما ينفرد به.

وقال الخطيب البغدادي: نزل بغداد وحدث بها عن محمد بن جرير الطبري ومحمد ابن العباس اليزيدي وامثالهم وعن خلق كثير من المصريين والشاميين.

وكان يضع الحديث للرافضة ويملي في مسجد الشرقية حدثني القاضي أبوالعلاء الواسطي قال: كان أبوالمفضل حسن الهيئة جميل الظاهر، نظيف اللبسة، كان مولده سنة 297 ووفاته سنة 387.

[34] بصائر الدرجات ص 467.

[35] المصدر ص 467 نفسها.

[36] مناقب آل أبي طالب ج 4 ص 408.

[37] مختار الخرائج والجرائح ص 237.

[38] اعلام الوري ص 343.

[39] لم نجده في مختار الخرائج، وقد أخرج الاخير في البصائرص 338 فراجع.

[40] لم نجده في مختار الخرائج، وأخرجه ابن شهر آشوب في المناقب ج 4 ص 407 ملخصا.

[41] اعلام الوري ص 343.

[42] هو داود بن القاسم بن اسحاق بن عبدالله بن جعفر بن أبي طالب أبوهاشم الجعفري - كان عظيم المنزلة عند الائمة عليهم السلام شريف القدر ثقة، من أصحاب الرضا والجواد والهادي والعسكري وصاحب الامر عليهم السلام وله اخبار ومسائل، وله شعر جيد فيهم سكن بغداد وكان مقدما عند السلطان، وله كتاب روي عنه أحمد بن أبي عبدالله.

[43] مختار الخرائج والجرائح ص 237.

[44] اعلام الوري ص 344.

[45] مناقب آل أبي طالب ج 4 ص 409.

[46] وأخرجه في المناقب ملخصا إلي هنا في ج 4 ص 409.

[47] مختار الخرائج ص 238.

[48] اعلام الوري ص 343.

[49] أحمد بن الخصيب كان من قواد المتوكل، ولما قتل المتوكل وقعد المنتصر مكانه استوزره ونفي عبدالله بن يحيي بن خاقان، وكانت مدة خلافة المنتصر ستة أشهر ويومين، وقيل ستة أشهر سواء فلما توفي دبر أحمد بن الخصيب حتي اتفق الاتراك والموالي علي أن لا يتولي الخلافة أحد من ولد المتوكل لئلا يطلب منهم دم أبيه فاجتمعوا علي أحمد ابن محمد بن المعتصم وهو المستعين فبايعوه في أواخر ربيع الاول من سنة ثمان وأربعين ومائتين.

وقال صاحب الكامل: في هذه السنة غضب الموالي علي أحمد بن الخصيب في جمادي الاخرة واستصفي ماله ومال ولده ونفي إلي قريطش.

فالظاهر علي ما ذكرنا أن هذا كان في زمان المستعين قاله المؤلف قدس سره في مرآت العقول: ج 1 ص 418 والرواية في الكافي ج 1 ص 501.

[50] مختار الخرائج ص 238.

[51] اعلام الوري ص 342.

[52] الارشاد ص 311.

[53] حبل في طرفيه انشوطة يطرح في عنق الدابة والانسان حتي تؤخذ قيل هومعرب وهك بالفارسية.

[54] هذا نص القاموس ج 3 ص 233.

[55] مناقب آل أبي طالب ج 4 ص 414.

[56] اعلام الوري ص 342.

[57] لم نجده في مختار الخرائج.

[58] إعلام الوري ص 342.

[59] الكافي ج 1 ص 500.

[60] الإِرشاد ص 311.

[61] علي بن الخصيب خ ل.

[62] الطاهر أنه محمد بن الفرج الرخجي كما وصفه في الارشاد، فهو أخو عمربن الفرج الذي مر ذكره في ص 100 عن مقاتل الطالبيين، لكنه كان من أعاظم أصحابنا كما مر في ص 120 في حديث الخيراني، سكن بغداد الجانب الغربي، ثم خرج إلي سر من رأي و قبض بها.

[63] رواه الكليني في الكافي ج 1 ص 500 و فيه أحمد بن الخضيب، و ابن شهر آشوب في المناقب ج 4 ص 409، راجع الارشاد ص 311.

[64] مختار الخرائج و الجرائح ص 209.

[65] هم الخوارج، الواحد شار، سموا بذلك لقولهم شرينا أنفسنا في طاعة الله.

[66] في المصدر " البرية " بدل التربة، و هو الظاهر.

[67] الخفاتين جمع خفتان و هو الدرع من اللبد.

[68] البرد - بالتحريك - حب الغمام فقد يكون كبيرا مثل الصخور.

[69] مختار الخرائج و الجرائح ص 209.

[70] كفر توثا - قرية كبيرة من اعمال الجزيرة، بينها و بين دارا خمسة فراسخ، و كفر توثا ايضا من قري فلسطين.

[71] مختار الخرائج و الجرائح ص 210.

[72] في المصدر زراقه ".

[73] الحق و ألحقه - بالضم - الوعاء من خشب، وكأن المشعبذين كانوا يلعبون بالحقة نحوا من اللعب: يجعلون فيها شيئا بعيان الناس ثم يفتحونها و ليس فيها شيء، أو كان آلات لعبهم في حقة مخصوصة، فسموا بذلك، و لذلك يعرفون عند الاعاجم به " حقه باز " أي اللاعب بالحقة.

هذا ان كان لفظ الحق بالضم.

كما في نسخة المصنف قدس سره، و ان كان لفظ الحق بالفتح فهو بمعني ضد الباطل كانه يريد أنه كان يلعب و يكون لافعاله حقيقة لا تخييلا.

[74] في المصدر: ركنية.

[75] المسورة و المسور - كمكنسة و منبر - متكأ من جلد يتكئون عليه.

[76] مختار الخرائج ص 210.

[77] الظاهر أنه مصحف زرافة كما مر.

و هكذا فيما يأتي.

[78] هود 65.

[79] القوابج جمع القبج معرب كبك، و هو الحجل أو الكروان.

[80] ما بين العلامتين ساقط من النسخ، أضفناه من المصدر.

[81] مختار الخرائج ص 210.

[82] مختار الخرائج ص 210 و 211.

[83] الارشاد ص 312. و رواه الكليني في الكافي ج 1 ص 502.

[84] مناقب آل أبي طالب ج 4 ص 408.

[85] مختار الخرائج ص 211.

[86] الواثق هو هارون بن المعتصم بن هارون الرشيد بن المهدي بن المنصور بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس: التاسع من الخلفاء العباسية.

قال في الكامل: بويع في اليوم الذي توفي فيه أبوه، و ذلك يوم الخميس لثمان عشرة مضت من ربيع الاول سنة سبع و عشرين و مائتين كان يكني أبا جعفر، و امه أم ولد رومية تسمي قراطيس، و توفي لست بقين من ذي الحجة سنة اثنتين و ثلاثين و مائتين، فكانت خلافته خمس سنين و تسعة أشهر و خمسة أيام، و كان عمره اثنتين و ثلاثين سنة، و قيل كان ستا و ثلاثين.

و قال: قبض المتوكل علي محمد بن عبد الملك الزيات و حبسه لتسع خلون من صفر و كان سببه أن الواثق استوزر محمد بن عبد الملك و فوض الامور كلها اليه، و كان الواثق قد غضب علي أخيه جعفر المتوكل و و كل عليه من يحفظه و يأتيه بالاخبار، فأتي المتوكل إلي محمد بن عبد الملك يسأله أن يكلم الواثق ليرضي عنه فوقف بين يديه لا يكلمه ثم أشار عليه بالقعود فقعد.

فلما فرغ من الكتب الذي بين يديه، التفت اليه كالمتهدد، و قال: ما جاء بك؟ قال: جئت تسأل أمير المؤمنين في الرضا عني، قال لمن حوله: أنظروا يغضب أخاه ثم يسألني أن استرضيه، اذهب فانك إذا صلحت رضي عنك.

فقام عنه حزينا فأتي احمد بن أبي دواد، فقام اليه أحمد و استقبله إلي باب البيت و قبله، و قال: ما حاجتك جعلت فداك؟ قال: جئت لتسترضي بأمير المؤمنين، قال.

أفعل و نعمة عين و كرامة فكلم أحمد الواثق فوجده لم يرض عنه، ثم كلمه فيه ثانية فرضي عنه، و كساه.

و لما خرج المتوكل من عند ابن الزيات كتب إلي الواثق ان جعفرا اتاني في زي المخنثين، له شعر فقام يسألني أن أسأل أمير المؤمنين الرضا عنه، فكتب اليه الواثق: ابعث اليه فأحضره و مر من يجز شعره فيضرب به وجهه، و قال المتوكل: لما أتاني رسوله لبست سوادا جديدا و أتيته رجاء أن يكون قد أتاه الرضا عني، فاستدعا حجاما فأخذ شعري علي السواد الجديد، ثم ضرب به وجهي.

فلما ولي المتوكل الخلافة أجهل ذلك حتي كان صفر، فأمر أيتاخ بأخذ ابن الزيات و تعذيبه، فاستحضره فركب يظن أن الخليفة يطلبه، فلما حاذي دار أيتاخ عدل به اليه فخاف فأدخله حجرة و و كل عليه، و أرسل إلي منازله من أصحابه من هجم عليهم و أخذ كل ما فيها، و استصفي أمواله و أملاكه في جميع البلاد، و كان شديد الجزع كثير البكاء.

ثم سوهر ينخس بمسلة لئلا ينام، ثم ترك فنام يوما و ليلة.

ثم سوهر ثم جعل في تنور كان عمله هو، عذب به ابن أسباط المصري، و أخذ ماله، و كان من خشب فيه مسامير.

من حديد أطرافها إلي داخل التنور، تمنع من يكون فيه من الحركة و كان ضيقا بحيث ان الانسان كان يمد يديه إلي فوق رأسه، ليقدر علي دخوله لضيقه، و لا يقدر أن يجلس فيه، فبقي أياما و مات، و كان حبسه لتسع خلون من صفر و موته لاحدي عشرة ليلة بقيت من ربيع الاول، و قيل أنه لما دفن نبشته الكلاب و أخذت لحمه.

[87] رواه ابن شهر آشوب في المناقب ج 4 ص 410، و الكليني في الكافي ج 1 ص 498.

[88] مختار الخرائج ص 211.

[89] في المصدر المطبوع: أن المتوكل قتل الوارثق و أمر العسكر الخ.

[90] المخالي جمع المخلاة و هي ما يجعل فيه العلف و يعلق في عنق الدابة لتعتلفه.

[91] مختار الخرائج ص 212.

[92] لم نجده في مختار الخرائج و رواه الصغار في البصائر ص 338.

[93] العريضي - نسبة إلي عريض و هو قرية علي أربعة أميال من المدينة.

[94] راجع مناقب آل أبي طالب ج 4 ص 417.

[95] إعلام الوري ص 341.

[96] الكافي ج 1 ص 498.

[97] الإِرشاد ص 309.

[98] أي مقيم في الاكل و الشرب لعاب بالملاهي كالعود و الطنبور، و قد كان رحمه الله كذلك كان يكني بأبي جعفر و يلقب بالمبرقع لانه كان أرخي علي وجهه برقعا و هو أول من جاء إلي قم من السادات الرضوية، خرج من الكوفة في سنة 256 و جاء إلي قم و استقر بها و لم ينتقل منها حتي مات بها ليلة الاربعاء آخر ربيع الاخر في اليوم الثاني و العشرين سنة 296 و دفن بالدار المعروفة بدار محمد بن الحسن بن أبي خالد الاشعري الملقب بشنبولة بعد أن صلي عليه أمير قم العباس بن عمرو الغنوي، و من بعده ماتت بريهة زوجته فدفنت بجنب قبر زوجها.

و قد مر في ص 3 و 4 من هذا المجلد ما ينفع في هذا المقام.

[99] أمر من راح يروح: أي جاء بالعشي، و المعني أنه كان يجئ الصبح فيقال له انه مشغول فيجئ بالعصر مرة اخري، و هكذا في كل يوم مرتين.

[100] قال الشيخ أبو نصر البخاري في سر السلسلة: (المطبوع بالنجف الاشرف ص 41) و كان موسي المبرقع يلبس السواد، و اختص بخدمة المتوكل و منادمته، مع تحامل المتوكل علي أمير المؤمنين علي بن أبي طالب و أولاده عليهم السلام.

و قال أبو الفرج في مقاتل الطالبيين: كان المتوكل شديد الوطأة علي آل أبي طالب غليظا علي جماعتهم، مهتما بأمورهم، شديد الغيظة و الحقد عليهم، و سوء الظن و التهمة لهم و اتفق له أن عبيد الله بن يحيي بن خاقان وزيره يسيئ الرأي فيهم، فحسن له القبيح في معاملتهم، فبلغ فيهم ما لم يبلغه أحد من خلفاء بني العباس قبله، و كان من ذلك ان كرب قبر الحسين - عليه السلام - و عفي آثاره، و وضع علي سائر الطرق مسالح له لا يجدون احدا زاره الا اتوه به، فقتله أو انهكه عقوبة.

[101] الكافي ج 1 ص 502، و تراه في المناقب ج 4 ص 409 الارشاد ص 312 إعلام الوري ص 345.

[102] في نسخة الكمباني: لم أستمع، و هو تصحيف.

[103] قال سبط ابن الجوزي في تذكرة خواص الامة ص 202: قال يحيي بن هرثمة: فاتفق مرض المتوكل بعد ذلك - يعني بعد أشخاص الامام أبي الحسن الهادي عليه السلام إلي سامراء - بمدة فنذر ان عوفي ليصدقن بدراهم كثيرة.

فعوفي، فسأل الفقهاء عن ذلك، فلم يجد عندهم فرجا فبعث إلي علي عليه السلام فسأله فقال: يتصدق بثلاثة و ثمانين دينارا، فقال المتوكل من أين لك هذا؟ فقال: من قوله تعالي: " لقد نصركم الله في مواطن كثيرة و يوم حنين " و المواطن الكثيرة هي هذه الجملة.

و ذلك لان النبي " ص " غزي سبعا و عشرين غزاة و بعث خمسا و خمسين سرية، و آخر غزواته يوم حنين فعجب المتوكل و الفقهاء من هذا الجواب، و بعث اليه بمال كثير، فقال علي: هذا الواجب فتصدق أنت بما أحببت.

أقول: و الصحيح من الجواب، هو الثمانون، كما في روايات الخاصة و ذلك لان الملاك عدد المواطن التي نصر الله المسلمين إلي يوم نزول هذه الاية، لاتمام غزوات الرسول و سراياه.

[104] براءة: 25.

[105] مناقب آل ابي طالب ج 4 ص 402، و قد رواه الكليني في الكافي ج 7 ص 463 و هذا انصه: علي بن إبراهيم، عن ابيه، عن بعض اصحابه ذكره قال: لما سم المتوكل نذر ان عوفي ان يتصدق بمال كثير، فلما عوفي سأل الفقهاء عن حد المال الكثير فاختلفوا عليه فقال بعضهم: مائة ألف، و قال بعضهم: عشرة آلاف، فقالوا فيه اقاويل مختلفة، فاشتبه عليه الامر فقال رجل من ندمائه يقال له: صفعان الا تبعث إلي هذا الاسود فتسأل عنه.

فقال له المتوكل: من تعني ويحك؟ فقال له: ابن الرضا، فقال له: و هو يحسن من هذا شيئا؟ فقال: ان أخرجك من هذا فلي عليك كذا و كذا، و الا فاضر بني مائة مقرعة فقال المتوكل: قد رضيت، يا جعفر بن محمود! صر اليه و سله عن حد المال الكثير.

فصار جعفر بن محمود إلي ابي الحسن علي بن محمد عليه السلام فسأله عن حد المال الكثير فقال: الكثير ثمانون، فقال له جعفر: يا سيدي: انه يسألني عن العلة فيه، فقال له أبو الحسن عليه السلام: ان الله عز و جل يقول: لقد نصركم الله في مواطن كثيرة، فعددنا تلك المواطن فكانت ثمانين.

أقول: و قد أفتي بذلك اصحابنا رضوان الله عليهم: قال الشهيد في محكي الدروس: و لو نذر الصدقة من ماله بشيء كثير فثمانون درهما، لرواية ابي بكر الحضرمي عن ابي الحسن عليه السلام، و لو قال: بمال كثير ففي قضية الهادي " ع " مع المتوكل ثمانون، وردها ابن إدريس إلي ما يعامل به ان كان درهما او دينارا، و قال الفاضل: المال المطلق ثمانون درهما و المقيد بنوع ثمانون من ذلك.

أقول: لو أوصي أو نذر لله بالكثير فأقل شيء يجب في ماله: الثمانون لا انه ان زاد عليه فليس به، و انما قال " ع " بالثمانين فان المرجع الوحيد الذي يرفع الاختلاف من العرف هو القرآن المجيد و قد أطلق الكثير.

[106] أبو يوسف يعقوب بن إسحاق الدور قي الاهوازي الامامي النحوي اللغوي الاديب كان ثقة جليلا من العظماء، و كان حامل لواء الادب و الشعر، و له تصانيف مفيدة منها تهذيب الالفاظ و اصلاح المنطق.

قال ابن خلكان: قال بعض العلماء: ما عبر علي جسر بغداد كتاب من اللغة مثل إصلاح المنطق، و قال أبو العباس المبرد: ما رأيت للبغداديين كتابا أحسن من كتاب ابن السكيت في المنطق.

ألزمه المتوكل تأديب ولده المعتز بالله، فقال له يوما: أيما أحب إليك؟ ابناي هذان - يعني المعتز و المؤيد - ام الحسن و الحسين؟ فقال ابن السكيت: و الله ان قنبرا خادم علي بن أبي طالب خير منك و من ابنيك، فقال المتوكل للاتراك: سلوا لسانه من قفاه! ففعلوا فمات.

و قيل: بل أثني علي الحسن و الحسين عليهما السلام و لم يذكر ابنيه فأمر المتوكل الاتراك فداسوا بطنه، فحمل إلي داره فمات بعد غد ذلك.

[107] النمل: 40.

[108] يوسف: 101.

[109] يونس: 94.

[110] أي و الحال أنه صلي الله عليه و آله لم يكن في شك.

[111] آل عمران: 61.

[112] لقمان: 27.

[113] طه: 115.

[114] الشوري: 50.

[115] الفرقان: 69.

[116] هو الزبير بن العوام بن خويلد بن أسد بن عبد العزي الاسدي يكني أبا عبد الله و كان امه صفية بنت عبد المطلب عمة رسول الله " ص " فهو ا بن عمة رسول الله و ابن اخي خديجة بنت خويلد زوج الرسول " ص " شهدا الجمل مقاتلا لعلي عليه السلام فناداه علي و دعاه فانفرد به و قال له: أتذكر إذا كنت أنا و أنت مع رسول الله " ص " فنظر إلي وضحك و ضحكت، فقلت أنت: لا يدع ابن أبي طالب زهوه، فقال: ليس بمزه، و لتقاتلنه و أنت له ظالم؟ فذكر الزبير ذلك فانصرف عن القتال فنزل بوادي السباع، و قام يصلي فأتاه ابن جرموز فقتله، و جاء بسيفه و رأسه إلي علي عليه السلام فقال عليه السلام: ان هذا سيف طالما فرج الكرب عن رسول الله " ص " ثم قال: بشر قاتل ابن صفية بالنار، و كان قتله يوم الخميس لعشر خلون من جمادي الاولي من سنة ست و ثلاثين.

و قيل: ان ابن جرموز استأذن علي علي عليه السلام فلم يأذن له و قال للاذن: بشره بالنار فقال:



أتيت عليا برأس الزبير

أرجو لديه به الزلفه



فبشر بالنار اذ جئته

فبئس البشارة و التحفه



و سيان عندي: قتل الزبير

و ضرطة عنز بذي الجحفه



و قيل ان الزبير لما فارق الحرب و بلغ سفوان أتي إنسان إلي الاحنف بن قيس فقال: هذا الزبير قد لقي بسفوان، فقال الاحنف: ما شاء الله كان، قد جمع بين المسلمين حتي ضرب بعضهم حواجب بعض بالسيوف ثم يلحق ببيته و أهله؟!

فسمعه ابن جرموز و فضالة بن حابس و نفيع بن غواة من تميم فركبوا، فأتاه ابن جرموز من خلفه فطعنه طعنة خفيفة، و حمل عليه الزبير و هو علي فرس له يقال له: ذو الخمار حتي إذا ظن أنه قاتله، ناد صاحبيه فحملوا عليه فقتلوه، بل الظاهر من بعض الاخبار ان ابن جرموز قتله في النوم، و قد روي المسعودي في مروج الذهب أن عاتكة بنت زيد بن عمرو بن نفيل و كانت تحت عبد الله بن أبي بكر فخلف عليها عمر ثم الزبير قالت في ذلك:



غدر ابن جرموز بفارس بهمة

يوم اللقاء و كان غير مسدد



يا عمرو! لو نبهته لو جدته

لا طائشا رعش الجنان و لا اليد



هبلنك امك ان قتلت لمسلما

حلت عليك عقوبة المتعمد



ما ان رأيت و لا سمعت بمثله

فيمن مضي ممن يروح و يغتدي



أقول: انما قال عليه السلام: بشر قاتل ابن صفية بالنار، لان القاتل و هو عمرو بن جرموز - مع أعوانه - قتله غدرا و غيلة و مغافصة، بعد ما ترك الزبير القتال فهو من أهل النار من جهتين:

الاول لقول رسول الله " ص ": الايمان قيد الفتك، فمن فتك مسلما و قتله غيلة كان بمنزلة من قتل مسلما متعمدا لاسلامه، فهو من أهل النار، و لو كان المقتول ظالما مهدور الدم.

و الثاني لما سيجئ في كلام الهادي " ع " من أن ولي الامر، و هو أمير المؤمنين أقضي هذه الامة حكم بأن من ألقي سلاحه فهو آمن، و من دخل داره فهو آمن، و قد كان الزبير بعد تركه القتال و انعزاله عن المعركة كالتائب من ذنبه و بمنزلة من ألقي سلاحه و دخل داره.

فالذي قتله انما قتله غدرا و بغيا و عدوانا فهو من أهل النار و انما لم يقتله أمير المؤمنين عليه السلام به و لم يقد منه، لانه كان جاهلا بذلك كله، متأولا يعتقد أن قتله واجب و هو مهدور الدم.

لاجل أنه أجلب عليه امامه أمير المؤمنين و خرج عليه بالسيف، و لم يظهر توبة و لم يستغفر عند وليه أمير المؤمنين.

لكنه كان مقصرا في جهالته ذلك، حيث ان عتزاله كان بمسمع و مرأي من أمير المؤمنين و لم يحكم فيه بشيء و لا هو استأمره عليه السلام في قتله، مع وجوده بين ظهرانيهم و الله أعلم و أما الزبير فالظاهر من الاحاديث أنه ندم عن فعله ندامة قطعية بحيث التزم العار فرارا من النار، لكنه لم يظهر منه توبة و لا استغفار، و لو كان أراد التوبة و الاستغفار، كان عليه أن يفئ أولاد إلي أمير المؤمنين " ع " و يستغفره مما فعله، و يجدد بيعته، فلم يفعل و قد روي المفيد قدس سره في جمله أنه لما رأي أمير المؤمنين رأس الزبير و سيفه قال للاحنف: ناولني السيف فناوله، فهزه و قال، سيف طالما قاتل بين يدي النبي " ص و لكن الحين و مصارع السوء، ثم تفرس في وجه الزبير و قال: لقد كان لك بالنبي صحبة و منه قرابة، و لكن دخل الشيطان منخرك فأوردك هذا المورد.

[117] قال ابن الجزري في اسد الغابة: و كثير من الناس يقولون: ان ابن جرموز قتل نفسه، لما قال له علي " بشر قاتل ابن صفية بالنار " و ليس كذلك، و انما عاش بعد ذلك حتي ولي مصعب بن الزبير البصرة فاختفي ابن جرموز فقال مصعب: ليخرج فهو آمن أ يظن أني أقيده بأبي عبد الله - يعني أباه الزبير - ليسا سواء.

[118] روي الكليني في الكافي ج 7 ص 201 عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن ابن رئاب عن مالك بن عطية، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: بينا أمير المؤمنين " ع " في ملاء من أصحابه إذا أتاه رجل فقال: يا أمير المؤمنين اني قد أوقبت علي غلام فطهرني! فقال له: يا هذا أمض إلي منزلك لعل مرارا هاج بك.

فلما كان من غد عاد اليه فقال له: يا أمير المؤمنين اني أو قبت علي غلام فطهرني! فقال له: يا هذا أمض إلي منزلك لعل مرارا هاج بك حتي فعل ذلك ثلاثا بعد مرته الاولي.

فلما كان في الرابعة قال: يا هذا ان رسول الله صلي الله عليه وآله حكم في مثلك بثلاثة أحكام فاختر أيهن شئت، قال: وماهن يا أمير المؤمنين؟ قال: ضربة بالسيف في عنقك بالغة ما بلغت، أودهداه من جبل مشدود اليدين والرجلين، أو احراق بالنار فقال: يا أمير المؤمنين أيهن أشد علي؟ قال: الاحراق بالنار، قال: فاني قد اخترتها يا أمير المؤمنين قال: فخذ أهبتك فقال: نعم.

فقام فصلي ركعتين ثم جلس في تشهده فقال: اللهم اني قد أتيت من الذنب ما قد علمته واني تخوفت من ذلك فجئت إلي وصي رسولك وابن عم نبيك فسألته أن يطهرني فخيرني بين ثلاثة أصناف من العذاب، اللهم فاني قد اخترت أشدها اللهم فاني أسألك أن تجعل ذلك كفارة لذنوبي، وأن لا تحرقني بنارك في آخرتي.

ثم قام وهو باك حتي جلس في الحفرة التي حفرها له أمير المؤمنين " ع " وهو يري النار يتأجج حوله.

قال: فبكي أميرالمؤمنين عليه السلام وبكي أصحابه جميعا، فقال له أمير المؤمنين عليه السلام: قم يا هذا فقد أبكيت ملائكة السماء وملائكة الارض، فان الله قد تاب عليك فقم ولا تعادون شيئا مما قد فعلت.

[119] ص: 39.

[120] قال سبط ابن الجوزي في التذكرة ص 203: قال يحيي بن هبيرة [هرثمة]: تذاكر الفقهاء بحضرة المتوكل: من خلق رأس آدم عليه السلام؟ فلم يعرفوا من حلقه فقال المتوكل: أرسلوا إلي علي بن محمد بن علي الرضا، فأحضروه فحضر فقالوه، فقال حدثني أبي، عن جدي، عن أبيه، عن جده، عن أبيه قال: ان الله امر جبرئيل أن ينزل بياقوتة من يواقيت الجنة، فنزل بها فمسح بها رأس آدم، فتناثر الشعر منه، فحيث بلغ نورها صار حرما، وقدروي هذا المعني مرفوعا إلي رسول الله " ص ".

[121] مناقب آل أبي طالب ج 4 ص 403 - 405.

[122] غافر: 84.

[123] مناقب آل أبي طالب ج 4 ص 405 و 406.

[124] في المصدر. سعيد بن سهل البصري.

[125] مناقب آل أبي طالب ج 4 ص 407.

[126] المصدرج 4 ص 407.

[127] في النسخ: قاطون، وهو سهو والصحيح قاطول كما في الصلب، وهو موضع علي دجلة، أو هو اسم لتمام النهر المشقوق الفرعي من دجلة إلي النهر وانات.

[128] مناقب آل أبي طالب ج 4 ص 413.

[129] المصدر نفسه ص 414.

[130] مناقب آل أبي طالب ج 4 ص 415.

[131] المناقب ج 4 ص 416.

[132] كشف الغمة ج 3 ص 230 و 231.

[133] كشف الغمة ص 245.

[134] وتراه في المناقب ج 4 ص 406.

[135] هو جعفر الكذاب الذي ادعي الامامة بعد أخيه الحسن بن علي، وأحرزميراثه مع علمه ورؤيته بوجود القائم المهدي عليه السلام وكانت وفاته سنة 281.

[136] كشف الغمه ج 3 ص 246.

[137] المصدرنفسه ص 247.

[138] لم نجده في مختار الخرائج.

[139] مابين العلامتين لا يوجد في المصدر.

[140] براءة: 74.

[141] الاحزاب: 66.

[142] النساء: 59.

[143] النساء: 83.

[144] النساء: 58.

[145] النحل: 43.

[146] في المصدر: واسمها افضل الاسماء، وكنيتها الخ.

[147] اي اذا شئت أن تخرج فاخرج.

[148] اذا هلك النصاري.خ ل.

[149] كشف الغمة ج 3 ص 247 - 251.

[150] كشف الغمة ج 3 ص 251.

[151] المصدرنفسه ص 251.

[152] في المصدر: " مثلما قال لي ".

[153] كشف الغمة ج 3 ص 252.

[154] قال في معجم قبائل العرب: العم: بطن اختلف في نسبهم، فقيل: انهم نزلوا بني تميم بالبصرة في أيام عمر بن الخطاب، فأسلموا، وغزوا مع المسلمين، وحسن

بلاؤهم، فقال الناس: أنتم، وان لم تكونوا من العرب واخواننا وأهلنا، أنتم الانصار والاخوان وبنو العم.

فلقبوا بذلك، وصاروا في جملة العرب.

وقالوا: العم لقب مالك بن حنظلة، وقالوا: لقب مرة بن مالك، وهم العميون في تميم، وقال أبوعبيدة: مرة بن وائل بن عمرو بن مالك بن حنظلة بن فهم، من الازد وهم: بنوالعم في تميم، ثم قالوا: مرة بن حنظلة بن مالك بن زيد مناة بن تميم.

[155] في بعض النسخ " يلفظ " وهو تصحيف، واللغط: الصوت والجلبة، أوهو اصوات مبهمة لاتفهم، والكلام الذي لا يبين.

[156] اعلام الوري ص 346.

[157] المصدرنفسه ص 347.

[158] مناقب آل أبي طالب ج 4 ص 414 و 415.

[159] همينيا - بضم الهاء وفتح الميم وسكون الياء - قرية كبيرة في ضفة دجلة فوق النعمانية.

[160] اي قبل الحوالة.

[161] يعني عبيدالله بن يحيي بن خاقان وزير المتوكل.

[162] رجال الكشي ص 505.

[163] رجال الكشي ص 506.

[164] الكافي ج 7 ص 59.

[165] ضبطه بعضهم بضم الهاء وشد اللام، ولعله علي وزن التصغير.

[166] يعني بامامة عبدالله الا فطح.

[167] الكافي ج 1 ص 355.

[168] المنابح: جمع المنيحة، الهدايا والمطايا.

[169] هوأبومحمد الحسن بن محمد بن سماعة الكندي الصير في من شيوخ الواقفة كثير الحديث فقيه ثقة، كان يعاند في الوقف ويتعصب قال النجاشي بعد ذكر الحديث فأنكر الحسن بن سماعة ذلك لعناده.

[170] الشاكري - بفتح الكاف - معرب جاكر بالفارسية ومعناه الاجير والمستخدم والجمع شاكرية.

[171] رجال النجاشي ص 32 - الطبعة الحروفية بالمطبعة المصطفوية.

[172] المراوح جمع مروح: آلة يحرك بها المريح ليتبرد به عند اشتداد الحر.

[173] هود: 81.

[174] كانه يريد بالبرنس قلنسوته فقط، وكان قدنوي في ضميره أنه عليه السلام ان أخذ قلنسوة برنسه من رأسه، وجعله علي قربوس سرجه ثلاث مرات! فهو الحجة، ثم انه يسأله عن عرق الجنب أيصلي فيه أم لا؟ وقد مر نظير ذلك فيما مضي ص 174.