بازگشت

باب ما جري بينه و بين خلفاء زمانه و بعض احوالهم و تاريخ وفاته


1 - عم: ذكر الحسن بن محمد جمهور العمي [1] في كتاب الواحدة قال: حدثني أخي الحسين بن محمد قال: كان لي صديق مؤدب لولد بغا أو وصيف الشك مني فقال لي: قال لي الامير منصرفه من دار الخليفة: حبس أمير المؤمنين هذا الذي يقولون ابن الرضا اليوم، ودفعه إلي علي بن كركر، فسمعته يقول: أنا أكرم علي الله من ناقة صالح " تمتعوا في دار كم ثلاثة أيام ذلك وعد غير مكذوب " [2] وليس يفصح بالاية ولا بالكلام، أي شئ هذا؟ قال: قلت أعزك الله توعد انظر ما يكون بعد ثلاثة أيام.

فلما كان من الغد أطلقه واعتذر إليه فلما كان في اليوم الثالث وثب عليه ياغز، ويغلون، وتامش، وجماعة معهم فقتلوه وأقعدوا المنتصر ولده خليفة [3] .



[ صفحه 190]



قال: وحدثني سعيد بن سهل قال: رفع زيد بن موسي إلي عمر بن الفرج مرارا يسأله أن يقدمه علي ابن أخيه ويقول: إنه حدث، وأنا عم أبيه فقال عمر ذلك لابي الحسن عليه السلام فقال: افعل واحدة أقعدني غدا قبله، ثم انظر فلما كان من غد أحضر عمر أبا الحسن عليه السلام فجلس في صدر المجلس ثم أذن لزيد بن موسي فدخل فجلس بين يدي أبي الحسن عليه السلام.

فلما كان يوم الخميس أذن لزيد بن موسي قبله فجلس في صدر المجلس ثم أذن لابي الحسن عليه السلام فدخل، فلما رآه زيد قام من مجلسه وأقعده في مجلسه وجلس بين يديه [4] .

2 - قب: أبومحمد الفحام قال: سأل المتوكل ابن الجهم: من أشعر الناس؟ فذكر شعراء الجاهلية والاسلام ثم إنه سأل أبا الحسن عليه السلام فقال: الحماني [5] حيث يقول:

لقد فاخرتنا من قريش عصابة

بمط خدود وامتداد أصابع



فلما تنازعنا المقال قضي لنا

عليهم بما يهوي نداء الصوامع



ترانا سكوتا والشهيد بفضلنا

عليهم جهير الصوت في كل جامع



[ صفحه 191]



فان رسول الله أحمد جدنا

ونحن بنوه كالنجوم الطوالع [6] .

قال: وما نداء الصوامع؟ يا أبا الحسن! قال: أشهد أن لاإله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله صلي الله عليه وآله جدي أم جدك؟ فضحك المتوكل، ثم قال: هوجدك، لا ندفعك عنه [7] .

3 - كش: أحمد بن علي بن كلثوم، عن إسحاق بن محمد، عن محمد بن الحسن بن شمون وغيره قال: خرج أبومحمد عليه السلام في جنازة أبي الحسن عليه السلام وقميصه مشقوق فكتب إليه أبوعون الابرش قرابة نجاح بن سلمة من رأيت أو بلغك من الائمة شق ثوبه في مثل هذا؟ فكتب إليه أبومحمد عليه السلام: يا أحمق وما يدريك ما هذا قد شق موسي علي هارون [8] .

3 - كش: أحمد بن علي، عن إسحاق، عن ابراهيم بن الخضيب الانباري قال: كتب أبوعون الابرش قرابة نجاح بن سلمة إلي أبي محمد عليه السلام أن الناس قد استوهنوا [9] من شقك علي أبي الحسن عليه السلام فقال: يا أحمق ما أنت وذاك؟ قد شق موسي علي هارون عليه السلام إن من الناس من يولد مؤمنا، ويحيي مؤمنا ويموت مؤمنا، ومنهم من يولد كافرا ويحيي كافرا، ويموت كافرا، ومنهم من يولد مؤمنا ويحيي مؤمنا، ويموت كافرا، وإنك لاتموت حتي تكفر، ويتغير عقلك.

فما مات حتي حجبه ولده عن الناس، وحبسوه في منزله في ذهاب العقل والوسوسة، والكثرة التخليط، ويرد علي أهل الامامة وانكشف عما كان عليه [10] .



[ صفحه 192]



4 - مصبا: روي إبراهيم بن هاشم القمي قال: توفي أبوالحسن علي بن محمد صاحب العسكر عليه السلام يوم الاثنين لثلاث خلون من رجب سنة أربع وخمسين ومائتين وقال ابن عياش: في اليوم الثالث من رجب سنة أربع وخمسين ومائتين كانت وفات سيدنا أبي الحسن علي بن محمد صاحب العسكر عليه السلام وله يومئذ إحدي وأربعون سنة.

5 - مهج: من نسخة عتيقة حدثني محمد بن محمد بن محسن، عن أبيه، عن محمد بن إبراهيم بن صدقة، عن سلامة بن محمد الازدي عن أبي جعفر بن عبدالله العقيلي عن محمد بن بريك الرهاوي، عن عبدالواحد الموصلي، عن جعفر بن عقيل بن عبدالله العقيلي، عن أبي روح النسائي، عن أبي الحسن علي بن محمد عليه السلام أنه دعا علي المتوكل فقال بعد أن حمدالله وأثني عليه: اللهم إني وفلانا عبدان من عبيدك، إلي آخر الدعاء.

ووجدت هذا الدعاء مذكورا بطريق آخر هذا لفظه ذكر باسناده عن زرافة حاجب المتوكل [11] وكان شيعيا أنه قال: كان المتوكل لحظوة الفتح بن خاقان عنده وقربه منه دون الناس جميعا ودون ولده وأهله، وأراد أن يبين موضعه عندهم فأمر جميع مملكته من الاشراف من أهله وغيرهم، والوزراء والامراء والقواد وسائر العساكر ووجوه الناس، أن يزينوا بأحسن التزيين ويظهروا في أفخر عددهم وذخائرهم، ويخرجوا مشاة بين يديه وأن لاير كب أحد إلا هو والفتح بن خاقان خاصة بسر من رأي ومشي الناس بين أيديهما علي مراتبهم رجالة وكان يوما قائظا شديد الحروأخرجوا في جملة الا شراف أبا الحسن علي بن محمد عليه السلام وشق عليه ما لقيه من الحر والزحمة.

قال زرافة: فأقبلت إليه وقلت له: يا سيدي يعز والله علي ماتلقي من هذه الطغاة، وما قد تكلفته من المشقة وأخذت بيده فتوكأ علي وقال: يا زرافة.



[ صفحه 193]



ما ناقة صالح عندالله بأكرم مني أو قال بأعظم قدرا مني، ولم أزل اسائله وأستفيد منه واحادثه إلي أن نزل المتوكل من الركوب، وأمر الناس بالا نصراف.

فقدمت إليهم دوابهم فركبوا إلي منازلهم وقدمت بغلة له فركبها وركبت معه إلي داره فنزل ودعته وانصرفت إلي داري ولولدي مؤدب يتشيع من أهل العلم والفضل، وكانت لي عادة باحضاره عند الطعام فحضر عند ذلك، وتجارينا الحديث وما جري من ركوب المتوكل والفتح، ومشي الاشراف وذوي الاقدار بين أيديهما وذكرت له ما شاهدته من أبي الحسن علي بن محمد عليه السلام وما سمعته من قوله: " ما ناقة صالح عندالله بأعظم قدرا مني " وكان المؤدب يأكل معي فرفع يده، وقال: بالله إنك سمعت هذا اللفظ منه؟ فقلت له: والله إني سمعته يقوله فقال لي: اعلم أن المتوكل لايبقي في مملكته أكثر من ثلاثة أيام ويهلك فانظر في أمرك واحرزما تريد إحرازه وتأهب لامر ك كي لا يفجؤكم هلاك هذا الرجل فتهلك أموالكم بحادثة تحدث، أو سبب يجري فقلت له: من أين لك ذلك؟ فقال لي: أما قرأت القرآن في قصة الناقة وقوله تعالي " تمتعوا في داركم ثلاثة أيام ذلك وعد غير مكذوب " [12] ولا يجوز أن تبطل قول الامام.

قال زرافة: فوالله ماجاء اليوم الثالث حتي هجم المنتصر ومعه بغاء ووصيف والاتراك علي المتوكل، فقتلوه وقطعوه، والفتح بن خاقان جميعا قطعا حتي لم يعرف أحدهما من الاخر وأزال الله نعمته ومملكته فلقيت الامام أبا الحسن عليه السلام بعد ذلك وعرفته ماجري مع المؤدب، وما قاله، فقال: صدق إنه لما بلغ مني الجهد رجعت إلي كنوز نتوارثها من آبائنا هي أعز من الحصون والسلاح والجنن وهو دعاء المظلوم علي الظالم، فدعوت به عليه فأهلكه الله فقلت: يا سيدي إن



[ صفحه 194]



رأيت أن تعلمنيه فعلمنيه إلي آخرما أوردته في كتاب الدعاء [13] .

ق: باسناده عن زرافة مثله.

6 - ع، ل: ابن المتوكل، عن علي بن إبراهيم، عن عبدالله بن أحمد الموصلي، عن الصقربن أبي دلف الكرخي قال: لما حمل المتوكل سيدنا أبا الحسن العسكري عليه السلام جئت أسأل عن خبره، قال: فنظر إلي الزرافي وكان حاجبا للمتوكل فأمرأن ادخل إليه فادخلت إليه، فقال: ياصقر ما شأنك؟ فقلت: خير أيها الاستاذ، فقال: اقعد فأخذني ما تقدم وما تأخر، وقلت: أخطأت في المجئ.

قال: فوحي الناس عنه ثم قال لي: ما شأنك وفيم جئت؟ قلت لخير ما فقال لعلك تسأل عن خبر مولاك؟ فقلت له: ومن مولاي؟ مولاي أمير المؤمنين، فقال: اسكت! مولاك هو الحق فلا تحتشمني فاني علي مذهبك، فقلت: الحمد لله.

قال: أتحب أن تراه؟ قلت: نعم قال: اجلس حتي يخرج صاحب البريد من عنده.

قال: فجلست فلما خرج قال لغلام له: خذبيد الصقر وأدخله إلي الحجرة التي فيها العلوي المحبوس، وخل بينه وبينه، قال: فأدخلني إلي الحجرة وأو مأ إلي بيت فدخلت فاذا هو جالس علي صدر حصير وبحذاه قبر محفور قال: فسلمت عليه فرد علي ثم أمرني بالجلوس ثم قال لي: يا صقرما أتي بك؟ قلت: سيدي جئت أتعرف خبرك؟ قال: ثم نظرت إلي القبر فبكيت فنظر إلي فقال: يا صقر لا عليك لن يصلوا إلينا بسوء الان، فقلت: الحمد لله.

ثم قلت: يا سيدي حديث يروي عن النبي صلي الله عليه وآله لا أعرف معناه، قال: وما هو؟ فقلت: قوله صلي الله عليه وآله " لاتعادوا الايام فتعاديكم " ما معناه؟ فقال: نعم الايام نحن ما قامت السماوات والارض، فالسبت اسم رسول الله صلي الله عليه وآله والاحد كناية



[ صفحه 195]



عن أمير المؤمنين عليه السلام، والاثنين الحسن والحسين، والثلثا علي بن الحسين، ومحمد ابن علي وجعفر بن محمد، والاربعاء موسي بن جعفر، وعلي بن موسي، ومحمد بن علي وأنا، والخميس ابني الحسن بن علي، والجمعة ابن ابني، وإليه تجمع عصابة الحق وهو الذي يملاها قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا.

فهذا معني الايام، فلا تعادوهم في الدنيا فيعادوكم في الاخرة ثم قال عليه السلام ودع واخرج، فلا آمن عليك [14] ك: الهمداني عن علي بن إبراهيم مثله [15] بيان: قوله: " فأخذني ما تقدم وما تأخر " أي صرت متفكرا فيما تقدم من الامور، وما تأخر منها، فاهتممت لهاجميعا والحاصل أني تفكرت فيما يترتب علي مجيئي من المفاسد، فندمت علي المجئ.

ويحتمل أن يكون " فأخذبي " بالباء أي سأل عني سئوالات كثيرة عما نقدم وعما تأخر فظننت أنه تفطن بسبب مجيئي فندمت " فوحي الناس " أي أشار إليهم أن يبعدوا عنه، ويمكن أن يقرء الناس بالرفع أي أسرع الناس في الذهاب فان الوحي يكون بمعني الاشارة، وبمعني الاسراع، ويمكن أن يقرء علي بناء التفعيل أي عجل الناس في الانصراف عنه و " صاحب البريد " الرسول المستعجل إذ البريد يطلق علي الرسول وعلي بغلته.

7 - يج: روي أبوسليمان عن ابن أورمة قال: خرجت أيام المتوكل إلي سرمن رأي فدخلت علي سعيد الحاجب ودفع المتوكل أبا الحسن إليه ليقتله، فلما دخلت عليه قال: أتحب أن تنظر إلي إلهك؟ قلت: سبحان الله الذي لا تدركه الابصار، قال: هذا الذي تزعمون أنه إمامكم! قلت: ما أكره ذلك قال: قد امرت بقتله وأنا فاعله غدا، وعنده صاحب البريد، فاذا خرج فادخل



[ صفحه 196]



إليه ولم ألبث أن خرج، قال: ادخل.

فدخلت الدار التي كان فيها محبوسا فاذا بحياله قبر يحفر، فدخلت وسلمت وبكيت بكاءا شديدا فقال: ما يبكيك؟ قلت: لما أري، قال: لاتبك لذلك، لايتم لهم ذلك، فسكن ماكان بي فقال: إنه لا يلبث أكثر من يومين، حتي يسفك الله دمه ودم صاحبه الذي رأيته، قال: فوالله ما مضي غير يومين حتي قتل.

فقلت لابي الحسن عليه السلام: حديث رسول الله صلي الله عليه واله " لا نعادوا الايام فتعاديكم قال: نعم إن لحديث رسول الله صلي الله عليه وآله تأويلا.

أما السبت فرسول الله صلي الله عليه وآله والاحد أميرالمؤمنين عليه السلام، والاثنين الحسن والحسين عليهما السلام والثلثا علي بن الحسين ومحمد بن علي وجعفر بن محمد، والا ربعاء موسي بن جعفر وعلي بن موسي، ومحمد بن علي، وأنا علي بن محمد، والخميس ابني الحسن، والجمعة القائم منا أهل البيت [16] .

8 - يج: روي أبوسعيد سهل بن زياد قال: حدثنا أبوالعباس فضل بن أحمد بن إسرائيل الكاتب ونحن في داره بسامره فجري ذكر أبي الحسن فقال: يا أبا سعيد إني احدثك بشئ حدثني به أبي قال: كنا مع المعتز وكان أبي كاتبه فدخلنا الدار، وإذا المتوكل علي سريره قاعد، فسلم المعتز ووقف ووقفت خلفه، و كان عهدي به إذا دخل رحب به ويأمر بالقعود فأطال القيام، وجعل يرفع رجلا ويضع اخري وهو لايأذن له بالقعود.

ونظرت إلي وجهه يتغير ساعة بعد ساعة ويقبل عليه الفتح بن خاقان ويقول:

هذا الذي تقول فيه ما تقول، ويردد القول، والفتح مقبل عليه يسكنه، يقول: مكذوب عليه يا أمير المؤمنين وهو يتلظي ويقول: والله لا قتلن هذا المرائي الزنديق وهو يدعي الكذب، ويطعن في دولتي ثم قال: جئني بأربعة من الخزر فجئ بهم ودفع إليهم أربعة أسياف، وأمرهم أن يرطنوا بألسنتهم إذا دخل أبوالحسن ويقبلوا



[ صفحه 197]



عليه بأسيافهم فيخبطوه، وهو يقول: والله حرقنه بعد القتل، وأنا منتصب قائم خلف المعتز من وراء الستر.

فما علمت إلا بأبي الحسن قد دخل، وقد بادر الناس قدامه، وقالوا: قدجاء والتفت فاذا أنا به وشفتاه يتحر كان، وهو غير مكروب ولا جازع، فلما بصر به المتوكل رمي بنفسه عن السرير إليه، وهو سبقه وانكب عليه فقبل بين عينيه ويده، وسيفه بيده وهو يقول: ياسيدي يا ابن رسول الله يا خير خلق الله يا ابن عمي يا مولاي يا أبا الحسن! وأبوالحسن عليه السلام يقول: اعيذك يا أميرالمؤمنين بالله [اعفني] [17] من هذا، فقال: ما جآء بك يا سيدي في هذا الوقت قال: جاءني رسو لك فقال: المتوكل يدعوك؟ فقال: كذب ابن الفاعلة ارجع يا سيدي من حيث شئت يا فتح! يا عبيدالله! يا معتز شيعوا سيدكم وسيدي.

فلما بصربه الخزر خروا سجدا مذعنين فلما خرج دعاهم المتوكل ثم أمر الترجمان أن يخبره بمايقولون، ثم قال لهم: لم لم تفعلوا ما امرتم؟ قالوا: شدة هيبته رأينا حوله أكثر من مائة سيف لم نقدر أن نتأملهم، فمنعنا ذلك عما أمرت به، وامتلات قلوبنا من ذلك، فقال المتوكل: يا فتح هذا صاحبك، وضحك في وجه الفتح وضحك الفتح في وجهه، فقال: الحمد لله الذي بيض وجهه، وأنار حجته [18] .

9 - شا: كان مولد أبي الحسن الثالث عليه السلام بصريا من مدينة الرسول صلي الله عليه وآله للنصف من ذي الحجة سنة اثنتي عشر ومائتين وتوفي بسر من رأي في رجب من سنة أربع وخمسين ومائتين، وله يومئذ إحدي وأربعون سنة.

وكان المتوكل قد أشخصه مع يحيي بن هرثمة بن أعين من المدينة إلي سر من رأي، فأقام بها حتي مضي لسبيله وكان مدة إمامته ثلاثا وثلاثين سنة، وامه ام



[ صفحه 198]



ولد يقال لها سمانة [19] .

10 - عم، [20] شا: ابن قولويه عن الكليني [21] عن علي بن محمد، عن إبراهيم ابن محمد الطاهري قال: مرض المتوكل من خراج [22] خرج به، فأشرف منه علي التلف، فلم يجسر أحد أن يمسه بحديدة، فنذرت امه إن عوفي أن يحمل إلي أبي الحسن علي بن محمد عليه السلام ملا جليلا من مالها.

وقال له الفتح بن خاقان [23] : لو بعثت إلي هذا الرجل يعني أبا الحسن فسألته فانه ربما كان عنده صفة شئ يفرج الله به عنك، قال: ابعثوا إليه فمضي الرسول ورجع، فقال: خذوا كسب الغنم [24] فديفوه بمآء ورد، وضعوه علي الخراج فانه نافع باذن الله.

فجعل من بحضرة المتوكل يهزء من قوله، فقال لهم الفتح: وما يضر من تجربة ماقال، فوالله إني لا رجو الصلاح به فاحضر الكسب، وديف بماء الورد ووضع علي الخراج، فانفتح وخرج ماكان فيه، وبشرت ام المتوكل بعافيته فحملت إلي أبي الحسن عليه السلام عشرة آلاف دينار تحت ختمها فاستقل المتوكل من علته.



[ صفحه 199]



فلما كان بعد أيام سعي البطحائي [25] بأبي الحسن عليه السلام إلي المتوكل فقال: عنده سلاح وأموال، فتقدم المتوكل إلي سعيد الحاجب أن يهجم ليلا عليه، ويأخذ ما يجد عنده من الاموال والسلاح، ويحمل إليه فقال إبراهيم بن محمد: قال لي سعيد الحاجب: صرت إلي دار أبي الحسن عليه السلام بالليل، ومعي سلم، فصعدت منه إلي السطح، ونزلت من الدرجة إلي بعضها في الظلمة، فلم أدر كيف أصل إلي الدار فناداني أبوالحسن عليه السلام من الدار: ياسعيد مكانك حتي يأتوك بشمعة فلم ألبث أن أتوني بشمعة فنزلت فوجدت عليه جبة من صوف وقلنسوة منها وسجادته علي حصير بين يديه وهو مقبل علي القبلة فقال لي: دونك بالبيوت.

فدخلتها وفتشتها فلم أجد فيها شيئا، ووجدت البدرة مختومة بخاتم ام المتوكل وكيسا مختوما معها، فقال أبوالحسن عليه السلام: دونك المصلي فرفعت فوجدت سيفا في جفن غير ملبوس، فأخذت ذلك وصرت إليه فلما نظر إلي خاتم امه علي البدرة بعث إليها، فخرجت إليه، فسألهاعن البدرة، فأخبرني بعض خدم الخاصة أنها قالت له: كنت نذرت في علتك إن عوفيت أن أحمل إليه من مالي عشرة آلاف دينار فحملتها إليه وهذا خاتمك علي الكيس ما حركها.



[ صفحه 200]



وفتح الكيس الاخر وكان فيه أربع مائة دينار، فأمر أن يضم إلي البدرة بدرة اخري وقال لي: احمل ذلك إلي أبي الحسن واردد عليه السيف والكيس بما فيه، فحملت ذلك إليه واستحييت منه، وقلت: ياسيدي عز علي بدخول دارك بغير إذنك، ولكني مأموربه، فقال لي " سيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون " [26] .

يج: عن إبراهيم بن محمد مثله.

دعوات الراوندي: مرسلا مثله.

بيان: قوله " كسب الغنم " الكسب بالضم عصارة الدهن، ولعل المراد هنا ما يشبهها مما يتلبد من السرقين تحت أرجل الشاة " والدوف " الخلط والبل بماء ونحوه، قوله " واستقل " في ربيع الشيعة استبل أي حسنت حاله بعد الهزال قوله: عز علي أي اشتد علي.

11 - شا: كان سبب شخوص أبي الحسن عليه السلام من المدينة إلي سر من رأي أن عبدالله بن محمد كان يتولي الحرب والصلاة في مدينة الرسول صلي الله عليه وآله فسعي بأبي الحسن إلي المتوكل، وكان يقصده بالاذي، وبلغ أبا الحسن عليه السلام سعايته به فكتب إلي المتوكل يذكر تحامل عبدالله بن محمد عليه وكذبه فيما سعي به، فتقدم المتوكل بإ جابته عن كتابه ودعائه فيه إلي حضور العسكر علي جميل من الفعل والقول فخرجت نسخة الكتاب وهي: " بسم الله الرحمن الرحيم أما بعد، فان أمير المؤمنين عارف بقدرك راع لقرابتك، موجب لحقك، مؤثر من الامور فيك وفي أهل بيتك، ما يصلح الله به حالك وحالهم، يثبت به [من] عزك وعزهم ويدخل الامن عليك وعليهم يبتغي بذلك رضا ربه، وأداء ما فرض عليه فيك وفيهم.

فقد رأي أمير المؤمنين صرف عبدالله بن محمد عما كان يتولي من الحرب و الصلاة بمدينة الرسول، اذ كان علي ماذكرت من جهالته بحقك، واستخفافه بقدرك، وعند ماقرفك به ونسبك إليه من الامر الذي قد علم أمير المؤمنين براءتك



[ صفحه 201]



منه وصدق نيتك في برك وقولك [27] وأنك لم تؤهل نفسك لما قرفت بطلبه.

وقد ولي أمير المؤمنين ما كان يلي من ذلك محمد بن الفضل، وأمره بإكرامك وتبجيلك، والانتهاء إلي أمرك ورأيك، والتقرب إلي الله وإلي أمير المؤمنين بذلك، وأمير المؤمنين مشتاق إليك، يحب إحداث العهد بك، والنظر إلي وجهك.

فان نشطت لزيارته والمقام قبله، ما أحببت، شخصت ومن اخترت من أهل بيتك ومواليك وحشمك علي مهلة وطمأنينة، ترحل إذا شئت، وتنزل إذا شئت وتسير كيف شئت، فان أحببت أن يكون يحيي بن هرثمة مولي أمير المؤمنين و من معه من الجند يرحلون برحيلك، يسيرون بمسيرك، فالامر في ذلك إليك، و قد تقدمنا إليه بطاعتك.

فاستخر الله حتي توافي أمير المؤمنين فما أحد من إخوته وولده وأهل بيته وخاصته ألطف منه منزلة ولا أحمد له أثرة ولا هو لهم أنظر، وعليهم أشفق، وبهم أبر، وإليهم أسكن منه إليك، والسلام عليك ورحمة الله وبركاته.

وكتب إبراهيم بن العباس [28] في جمادي الاخري سنة ثلاث وأربعين ومائتين.

فلما وصل الكتاب إلي أبي الحسن عليه السلام تجهز للرحيل [29] وخرج معه



[ صفحه 202]



يحيي بن هرثمة حتي وصل سرمن رأي، فلما وصل إليها تقدم المتوكل بأن يحجب عنه في يومه، فنزل في خان يقال له خان الصعاليك، وأفام به يومه، ثم تقدم المتوكل بافراد دارله، فانتقل إليها [30] .

أخبرني أبوالقاسم جعفر بن محمد، عن محمد بن يعقوب، عن الحسين بن محمد عن معلي بن محمد، عن أحمد بن محمد بن عبدالله، عن محمد بن يحيي، عن صالح بن سعيد قال: دخلت علي أبي الحسن عليه السلام يوم وروده فقلت له: جعلت فداك في كل الامور أرادوا إطفاء نورك، والتقصير بك، حتي أنزلوك هذا المكان الاشنع



[ صفحه 203]



خان الصعاليك.

فقال: ههنا أنت يا ابن سعيد؟ ثم أومأ بيده فاذا أنا بروضات أنيقات، وأنهار جاريات وجنات فيها خيرات عطرات، وولدان كأنهن اللؤلؤ المكنون، فحار بصري، وكثر عجبي فقال عليه السلام لي: حيث كنا فهذا لنايا ابن سعيد، لسنا في خان الصعاليك.

وأقام أبوالحسن عليه السلام مدة مقامه بسر من رأي مكرما في ظاهر حاله يجتهد المتوكل في إيقاع حيلة به، فلا يتمكن من ذلك، وله معه أحاديث يطول بذكرها الكتاب، فيها آيات له وبينات، إن عمدنا لايراد ذلك خرجنا عن الغرض فيما نحوناه.

وتوفي أبوالحسن عليه السلام في رجب سنة أربع وخمسين ومائتين، ودفن في داره بسر من رأي، وخلف من الولد أبا محمد الحسن ابنه وهو الامام بعده والحسين ومحمد وجعفر، وابنته عائشة، وكان مقامه في سرمن رأي إلي أن قبض عشر سنين وأشهرا وتوفي وسنه يومئذ علي ما قدمناه إحدي وأربعين سنة [31] .

12 - قب: أبومحمد الفحام بالاسناد عن سلمة الكاتب قال: قال خطيب يلقب بالهريسة للمتوكل: ما يعمل أحدبك ما تعمله بنفسك في علي بن محمد، فلا في الدارإلا من يخدمه، ولا يتعبونه يشيل الستر لنفسه، فأمر المتوكل بذلك فرفع صاحب الخبر أن علي بن محمد دخل الدار، فلم يخدم ولم يشل أحد بين يديه الستر فهب هواء فرفع الستر حتي دخل وخرج، فقال: شيلوا له الستر بعد ذلك فلا نريد أن يشيل له الهواء [32] وفي تخريج أبي سعيد العامري رواية عن صالح بن الحكم بياع السابري قال: كنت واقفيا فلما أخبرني حاجب المتوكل بذلك أقبلت أستهزئ به إذ



[ صفحه 204]



خرج أبوالحسن فتبسم في وجهي من غير معرفة بيني وبينه، وقال: يا صالح إن الله تعالي قال في سليمان " وسخرنا له الريح تجري بأمره رخاء حيث أصاب " و نبيك وأوصياء نبيك أكرم علي الله تعالي من سليمان، قال: وكأنما انسل من قلبي الضلالة، فتركت الوقف.

الحسين بن محمد قال: لما حبس المتوكل أبا الحسن عليه السلام ودفعه إلي علي ابن كركر قال أبوالحسن: أنا أكرم علي الله من ناقة صالح " تمتعوا في داركم ثلثة أيام ذلك وعد غير مكذوب " [33] فلما كان من الغد أطلقه واعتذر إليه فلما كان في اليوم الثالث وثب عليه ياغز وتامش ومعطون، فقتلوه وأقعدوا المنتصر ولده خليفة.

وفي رواية أبي سالم أن المتوكل أمر الفتح بسبه فذكر الفتح له ذلك فقال: قل " تمتعوا في دار كم ثلاثة أيام " الاية وأنهي ذلك إلي المتوكل، فقال: أقتله بعد ثلاثة أيام، فلما كان اليوم الثالث قتل المتوكل والفتح [34] .

13 - قب: أبوالهلقام وعبدالله بن جعفر الحميري والصقر الجبلي وأبوشعيب الحناط وعلي بن مهزيار قالوا كانت زينب الكذابة تزعم أنها ابنة علي بن أبي طالب عليه السلام فأحضرها المتوكل وقال: اذكري نسبك، فقالت: أنا زينب ابنة علي عليه السلام وأنها كانت حملت إلي الشام، فوقعت إلي بادية من بني كلب فأقامت بين ظهر انيهم.

فقال لها المتوكل: إن زينب بنت علي قديمة، وأنت شابة؟ فقالت: لحقتني دعوة رسول الله صلي الله عليه وآله بأن يرد شبابي في كل خمسين سنة، فدعا المتوكل وجوه آل أبي طالب، فقال: كيف يعلم كذبها؟ فقال الفتح: لا يخبرك بهذا إلا ابن الرضا عليه السلام فأمر باحضاره وسأله فقال عليه السلام: إن في ولد علي عليه السلام علامة، قال:



[ صفحه 205]



وماهي؟ قال: لاتعرض لهم السباع، فألقها إلي السباع، فان لم تعرض لها فهي صادقة، فقالت: يا أمير المؤمنين الله الله في فانما أراد قتلي، وركبت الحمارو جعلت تنادي: ألا إنني زينب الكذابة.

وفي رواية أنه عرض عليها ذلك فامتنعت فطر حت للسباع فأكلتا.

قال علي بن مهزيار فقال علي بن الجهم: جرب هذا علي قائله فاجيعت السباع ثلاثة أيام ثم دعا بالامام عليه السلام وأخرجت السباع فلما رأته لاذت و تبصبصت بآذانها، فلم يلتفت الامام عليه السلام إليها، وصعد السقف وجلس عند المتوكل ثم نزل من عنده، والسباع تلوذبه، وتبصبص حتي خرج عليه السلام وقال: قال النبي صلي الله عليه وآله: حرم لحوم أو لادي علي السباع [35] .

14 - قب: قال أبوجنيد: أمرني أبوالحسن العسكري بقتل فارس بن حاتم القزويني فناولني دارهم وقال: اشتربها سلاحا واعرضه علي فذهبت فاشتريت سيفا فعرضته عليه، فقال: رد هذا وخذ غيره، قال: ورددته وأخذت مكانه ساطورا فعرضته عليه، فقال: هذانعم، فجئت إلي فارس، وقد خرج من المسجد بين الصلاتين المغرب والعشاء الاخرة فضربته علي رأسه فسقط ميتا ورميت الساطور، واجتمع الناس واخذت إذ لم يوجد هناك أحد غيري فلم يروا معي سلاحا ولا سكينا ولاأثر الساطور، ولم يروا بعد ذلك فخليت [36] .

15 - كا: مضي عليه السلام لاربع بقين من جمادي الاخرة سنة أربع وخمسين و مائتين وله إحدي وأربعون سنة، وستة أشهر أو أربعون سنة، علي المولد الاخر الذي روي، وكان المتوكل أشخصه مع يحيي بن هرثمة بن أعين من المدينة إلي سر من رأي فتوفي بها عليه السلام ودفن في داره [37] .

16 - ضه: توفي عليه السلام بسر من رأي لثلاث ليال خلون نصف النهار من



[ صفحه 206]



رجب، سنة أربع وخمسين ومائتين، وله يومئذ إحدي وأربعون سنة وسبعة أشهر وكانت مدة إمامته ثلاثا وثلاثين سنة، وكانت مده مقامه بسرمن رأي إلي أن قبض عليه السلام عشرين سنة وأشهرا.

17 - الدروس: امه سمانة، ولد بالمدينة منتصف ذي الحجة سنة اثنتي عشرة ومائتين وقبض بسرمن رأي في يوم الاثنين ثالث رجب سنة أربع وخمسين ومائتين ودفن في داره بها 18 - قب: في آخر ملك المعتمد استشهد مسموما وقال ابن بابويه: وسمه المعتمد [38] .

19 - قل: في أدعية شهر رمضان: وضاعف العذاب علي من شرك في دمه و هوالمتوكل.

20 - كشف: قال الحافظ عبدالعزيز: قال علي بن يحيي بن أبي منصور: كنت [يوما] بين يدي المتوكل، ودخل علي بن محمد بن علي بن موسي عليهم السلام فلما جلس قال له المتوكل: ما يقول ولد أبيك في العباس بن عبدالمطلب؟ قال: مايقول ولد أبي يا أمير المؤمنين في رجل فرض الله تعالي طاعة نبيه علي جميع خلقه، وفرض طاعته علي نبيه صلي الله عليه وآله [39] .

21 - عم: قبض عليه السلام بسر من رأي في رجب سنة أربع وخمسين ومائتين و له يومئذ إحدي وأربعون سنة وأشهر، وكان المتوكل قد أشخصه مع يحيي بن هرثمة بن أعين من المدينة إلي سرمن رأي فأقام بها حتي مضي لسيبله وكانت مدة إمامته ثلاثا وثلاثين سنة، وكان في أيام إمامته بقية ملك المعتصم، ثم ملك الواثق خمس سنين وسبعة أشهر، ثم ملك المتوكل أربع عشرة سنة، ثم ملك ابنه المنتصر أشهرا، ثم ملك المستعين وهو أحمد بن محمد بن المعتصم سنتين وتسعة أشهر ثم ملك المعتز وهو الزبير بن المتوكل ثماني سنين وستة أشهر، وفي آخر ملكه



[ صفحه 207]



اشتشهد ولي الله علي بن محمد عليهما السلام، ودفن في داره بسر من رأي، وكان مقامه عليه السلام بسرمن رأي إلي أن توفي عشرين سنة وأشهرا [40] .

22 - مروج الذهب للمسعودي: كانت وفاة أبي الحسن علي بن محمد عليهما السلام في خلافة المعتز بالله، وذلك يوم الاثنين لاربع بقين من جمادي الاخرة، سنة أربع وخمسين ومائتين وهو ابن أربعين سنة، وقيل ابن اثنتين وأربعين سنة، و قيل أقل من ذلك، وسمعت في جنازته جارية سوداء وهي تقول: ماذا لقينا من يوم الاثنين، وصلي عليه أحمد ابن المتوكل علي الله في شارع أبي أحمد، ودفن هناك في داره بسامراء [41] .

وحدثنا ابن أبي الازهر، عن القاسم بن أبي عباد، عن يحيي بن هرثمة قال: وجهني المتوكل إلي المدينة لاشخاص علي بن محمد بن علي بن موسي عليه السلام لشئ بلغه عنه، فلما صرت إليها ضج أهلها وعجوا ضجيجا وعجيجا ماسمعت مثله فجعلت اسكنهم وأحلف أني لم اؤمر فيه بمكروه، وفتشت منزله، فلم اصب فيه إلا مصاحف ودعاء وما أشبه ذلك، فأشخصته وتوليت خدمته، وأحسنت عشرته.

فبينا أنافي يوم من الايام والسماء صاحية والشمس طالعة، إذا ركب وعليه ممطر قد عقد ذنب دابته فتعجبت من فعله، فلم يكن من ذلك إلا هنيئة حتي جاءت سحابة فأرخت عزاليها، ونالنا من المطر أمر عظيم جدا فالتفت إلي فقال: أنا أعلم أنك أنكرت ما رأيت، وتوهمت أني أعلم من الامر مالم تعلم، وليس ذلك كما



[ صفحه 208]



ظننت ولكني نشأت بالبادية، فأنا أعرف الرياح التي تكون في عقبها المطرفتأ هبت لذلك.

فلما قدمت إلي مدينة السلام بدأت باسحاق بن إبراهيم الطاهري وكان علي بغداد، فقال: يا يحيي إن هذا الرجل قدولده رسول الله صلي الله عليه وآله والمتوكل من تعلم، وإن حرضته عليه قتله، وكان رسول الله صلي الله عليه وآله خصمك، فقلت: والله ما وقفت منه إلا علي أمر جميل.

فصرت إلي سامراء فبدأت بوصيف التركي وكنت من أصحابه، فقال لي: والله لئن سقط من رأس هذا الرجل شعرة لا يكون الطالب بها غيري، فتعجبت من قولهما وعرفت المتوكل ما وقفت عليه من أمره، وسمعته من الثناء فأحسن جائزته، وأظهر بره وتكرمته.

وحدثني محمد بن الفرج عن أبي دعامة، قال: أتيت علي بن محمد عليه السلام عائدا في علته التي كانت وفاته بها، فلما هممت بالانصراف قال لي: يا أبادعامة قد وجب علي بن حقك ألا احدثك بحديث تسر به؟ قال: فقلت له: ما أحوجني إلي ذلك يا ابن رسول الله قال: حدثني أبي محمد بن علي قال: حدثني أبي علي بن موسي قال: حدثني أبي موسي بن جعفر، قال: حدثني أبي جعفر بن محمد، قال: حدثني أبي محمد بن علي قال: حدثني أبي علي بن الحسين قال: حدثني أبي الحسين بن علي قال: حدثني أبي علي بن أبي طالب عليه السلام قال: قال لي رسول الله صلي الله عليه وآله: ياعلي اكتب فقلت: ما أكتب؟ فقال: كتب بسم الله الرحمن الرحيم الايمان ما وقر في القلوب وصد فنه الاعمال، والاسلام ماجري علي اللسان، وحلت به المناكحة.

قال أبودعامة: فقلت: يا ابن رسول الله والله ما أدري أيهما أحسن؟ الحديث أم الاسناد؟ فقال: إنها لصحيفة بخط علي بن أبي طالب عليه السلام وإملاء رسول الله صلي الله عليه وآله نتوارثهما صاغر عن كابر.



[ صفحه 209]



قال المسعودي: وقد ذكرنا خبر علي بن محمد مع زينب الكذابة بحضرة المتوكل ونزوله إلي بركة السباع، وتذللها له، ورجوع زينب عما ادعته من أنها ابنة للحسين، وأن الله أطال عمرها إلي ذلك الوقت: في كتابا أخبار الزمان وقيل: إنه عليه السلام مات مسموما.

23 - عيون المعجزات: روي أن بريحة العباسي كتب إلي المتوكل: إن كان لك في الحرمين حاجة فأخرج علي بن محمد منها فانه قد دعا الناس إلي نفسه واتبعه خلق كثير، ثم كتب إليه بهذا المعني زوجة [42] المتوكل فنفذ يحيي بن هرثمة وكتب معه إلي أبي الحسن عليه السلام كتابا جيدا يعرفه أنه قداشتاق إليه و سأله القدوم عليه وأمر يحيي بالمسير إليه وكتب إلي بريحة يعرفه ذلك.

فقدم يحيي المدينة، وبدأ ببريحة، وأصل الكتاب إليه ثم ركبا جميعا إلي أبي الحسن عليه السلام وأوصلا إليه كتاب المتوكل فاستأجلها ثلاثة أيام، فلما كان بعد ثلاثة عادا إلي داره فوجدا الدواب مسرجة والاثقال مشدودة، قد فرغ منها فخرج صلوات الله عليه متوجها إلي العراق ومعه يحيي بن هرثمة.

وروي أنه لما كان في يوم الفطر في السنة التي قتل فيها المتوكل أمر المتوكل بني هاشم بالنرجل والمشي بين يديه، وإنما أراد بذلك أن يترجل أبوالحسن عليه السلام.

فترجل بنوهاشم وترجل أبوالحسن عليه السلام واتكأ علي رجل من مواليد فأقبل عليه الها شميون وقالوا: يا سيدنا ما في هذاالعالم أحد يستجاب دعاؤه ويكفينا الله، به تعزز هذا، قال لهم أبوالحسن عليه السلام: في هذا العالم من قلامة ظفره أكرم علي الله من ناقة ثمود لماعقرت الناقة صالح الفصيل إلي الله تعالي فقال الله سبحانه: " تمتعوا في دار كم ثلاثة أيام ذلك وعد غير مكذوب " [43] فقتل المتوكل يوم الثالث.



[ صفحه 210]



وروي أن المتوكل قتل في الرابع من شوال سنة سبع وأربعين ومائتين [44] في سبع وعشرين سنة من إمامة أبي الحسن عليه السلام وبويع لابنه محمد بن جعفر المنتصر وملك سبعة أشهر ومات، وبويع لاحمد المستعين بن المعتصم وكان ملكه أربع سنين ثم خلع وبويع للمعتز بن المتوكل، وروي أن اسمه الزبير في سنة اثنتين وخمسين ومائتين وذلك في اثنتين وثلاثين سنة من إمامة أبي الحسن عليه السلام في سنة أربع وخمسين ومائتين وأحضر ابنه أبا محمد الحسن عليه السلام وأعطاه النور والحكمة ومواريث الانبياء والسلاح، ونص عليه وأوصي إليه بمشهد ثقات من أصحابه ومضي عليه السلام وله أربعون سنة ودفن بسر من رأي.



[ صفحه 211]



24 - البرسي في مشارق الانوار: عن محمد بن الحسن الجهني قال: حضر مجلس المتوكل مشعبذ هندي فلعب عنده بالحق فأعجبه فقال له المتوكل: يا هندي الساعة يحضر مجلسنا رجل شريف فاذا حضر فالعب عنده بما يخجله.

قال: فلما حضر أبوالحسن عليه السلام المجلس لعب الهندي فلم يلتقت إليه فقال له: يا شريف ما يعجبك لعبي؟ كأنك جائع، ثم أشار إلي صورة مدورة البساط علي شكل الرغيف، وقال: يا رغيف مر إلي هذا الشريف، فارتفعت الصورة فوضع أبوالحسن عليه السلام يده علي صورة سبع في البساط وقال: قم فخذ هذا فصارت الصورة سبع وابتلع الهندي وعاد إلي مكانه في البساط فسقط المتوكل لوجهه وهرب من كان قائما.

اقول: قال المسعودي في مروج الذهب: سعي إلي المتوكل بعلي بن محمد الجواد عليهما السلام أن في منزله كتبا وسلاحا من شيعته من أهل قم، وأنه عازم علي الوثوب بالدولة، فبعث إليه جماعة من الاتراك، فهجموا داره ليلا فلم يجدوا فيها شيئا ووجدوه في بيت مغلق عليه، وعليه مدرعة من صوف، وهو جالس علي الرمل والحصا وهو متوجه إلي الله تعالي يتلو آيات من القرآن.

فحمل علي حاله تلك إلي المتوكل وقالواله: لم نجد في بيته شيئا ووجدناه يقرء القرآن مستقبل القبلة، وكان المتوكل جالسا في مجلس الشرب فدخل عليه والكاس في يد المتوكل.

فلما رآه هابه وعظمه وأجلسه إلي جانبه، وناوله الكاس التي كانت في يده فقال: والله ما يخامر لحمي ودمي قط، فاعفني فأعفاه، فقال: أنشدني شعرا فقال عليه السلام: إني قليل الرواية للشعر فقال: لابد فأنشده عليه السلام وهو جالس عنده:



باتوا علي قلل الاجبال تحرسهم

غلب الرجال فلم تنفعهم القلل



واستنزلوا بعد عز من معاقلهم

وأسكنوا حفرا يابئسما نزلوا



ناداهم صارخ من بعد دفنهم

أين الاساور والتيجان والحلل



[ صفحه 212]



أين الوجوه التي كانت منعمة

من دونها تضرب ا لاستار والكلل



فأفصح القبر عنهم حين ساءلهم

تلك الوجوه عليها الدود تقتتل



قد طال ما أكلوا دهرا وقد شربوا

وأصبحوا اليوم بعد الاكل قد اكلوا



قال: فبكي المتوكل حتي بلت لحيته دموع عينيه، وبكي الحاضرون، و دفع إلي علي عليه السلام أربعة آلاف دينار، ثم رده إلي منزله مكرما [45] .

اقول: روي الكراجكي في كنز الفوائد وقال: فضرب المتوكل بالكأس



[ صفحه 213]



الارض وتنغص عيشه في ذلك اليوم [46] .

25 - كتاب الاستدراك: عن ابن قولويه باسناده إلي محمد بن العلا السراج قال: أخبرني البختري قال: كنت بمنبج [47] بحضرة المتوكل إذ دخل عليه رجل من أولاد محمد ابن الحنفية حلو العينين، حسن الثياب، قد قرف عنده بشئ فوقف بين يديه والمتوكل مقبل علي الفتح يحدثه.

فلماطال وقوف الفتي بين يديه وهو لا ينظر إليه قال له: يا أميرالمؤمنين إن كنت أحضرتني لتأديبي فقد أسأت الادب، وإن كنت قد أحضرتني ليعرف من بحضرتك من أو باش الناس استهانتك بأهلي فقد عرفوا.

فقال له المتوكل: والله يا حنفي لولا ما يثنيني عليك من أوصال الرحم ويعطفني عليك من مواقع الحلم لانتزعت لسانك بيدي، ولفرقت بين رأسك وجسدك ولوكان بمكانك محمد أبوك قال: ثم التفت إلي الفتح فقال: أماتري مانلقاه من آل أبي طالب؟ إما حسني يجذب إلي نفسه تاج عز نقله الله إلينا قبله، أو حسيني يسعي في نقض ما أنزل الله إلينا قبله أو حنفي يدل بجهله أسيافنا علي سفك دمه.

فقال له الفتي: وأي حلم تركته لك الخمور وإدمانها؟ أم العيدان وفتيانها ومتي عطفك الرحم علي أهلي وقد ابتززتهم فدكا إرثهم من رسول الله صلي الله عليه وآله فورثها أبوحرملة، وأما ذكرك محمدا أبي فقد طفقت تضع عن عز رفعه الله ورسوله، وتطاول شرفا تقصر عنه ولا تطوله، فأنت كما قال الشاعر:



فغض الطرف إنك من نمير

فلا كعبا بلغت ولا كلابا



ثم ها أنت تشكو لي علجك هذا ما تلقاه من الحسني والحسيني والحنفي فلبئس المولي ولبئس العشير.

ثم مدرجليه ثم قال: هاتان رجلاي لقيدك، وهذه عنقي لسيفك، فبوء باثمي



[ صفحه 214]



وتحمل ظلمي فليس هذا أول مكروه أوقعته أنت وسلفك بهم، يقول الله تعالي " قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربي " [48] فوالله ما أجبت رسول الله صلي الله عليه وآله عن مسألته ولقد عطفت بالمودة علي غير قرابته، فعما قليل ترد الحوض، فيذودك أبي ويمنعك جدي صلوات الله عليهما.

قال: فبكي المتوكل ثم قام فدخل إلي قصر جواريه، فلما كان من الغد أحضره وأحسن جائزته وخلي سبيله.

26 - ومن الكتاب المذكور بإسناده أن المتوكل قيل له: إن أبا الحسن يعني علي بن محمد بن علي الرضا عليه السلام يفسر قول الله عزوجل " يوم يعض الظالم علي يديه " [49] الايتين في الاول والثاني، قال: فكيف الوجه في أمره؟ قالوا: تجمع له الناس وتسأله بحضرتهم فان فسرها بهذا كفاك الحاضرون أمره وإن فسرها بخلاف ذلك افتضح عند أصحابه، قال: فوجه إلي القضاة وبني هاشم والاولياء وسئل عليه السلام فقال: هذان رجلان كني عنهما، ومن بالستر عليهما أفيحب أمير المؤمنين أن يكشف ما ستره الله؟ فقال: لا احب.

كتاب المقتضب لابن عياش - رحمه الله - قال: لمحمد بن إسماعيل بن صالح الصيمري رحمه الله قصيدة يرثي بها مولانا أبا الحسن الثالث عليه السلام ويعزي ابنه أبا محمد عليه السلام أو لها:



الارض خوفا زلزلت زلزالها

وأخرجت من جزع أثقالها



إلي أن قال:



عشر نجوم أفلت في فلكها

ويطلع الله لنا أمثالها



بالحسن الهادي أبي محمد

تدرك أشياع الهدي آمالها



وبعده من يرتجي طلوعه

يظل جواب الفلا أجزالها



ذوالغيبتين الطول الحق التي

لا يقبل الله من استطالها



يا حجج الرحمان إحدي عشرة

آلت بثاني عشرها مآلها



[ صفحه 215]




پاورقي

[1] هو أبومحمد الحسن بن محمد بن جمهور العمي بصري ثقة في نفسه، ينسب إلي بني العم من تميم، روي عن الضعفاء، ويعتمد علي المراسيل، ذكره أصحابنا بذلك وقالوا: كان أوثق من أبيه وأصلح قال النجاشي: له كتاب الواحدة أخبرنا أحمد بن عبدالواحد وغيره عن أبي طالب الانباري عن الحسن بالواحدة.

[2] هود: 65.

[3] اعلام الوري ص 346.

[4] اعلام الوري ص 347.

[5] الحماني - بكسر الحاء وشد الميم نسبة إلي حمان بن عبدالعزي بطن من تميم من العد نانية - أبوزكريا يحيي بن عبدالحميد بن عبدالرحمان بن ميمون الكوفي قدم بغداد وحدت بها عن جماعة كثيرة منهم سفيان بن عيينة وأبوبكر بن عياش ووكيع ذكره الخطيب في تاريخ بغداد، وأورد روايات عن يحيي بن معين أنه قال يحيي بن عبدالحميد الحماني صدوق ثقة.

مات سنة 288 بسرمن رأي في شهر رمضان وكان أول من مات بسامراء من المحدثين الذين اقدموا، له كتاب في المناقب يروي عنه أحمد بن ميثم، وقال النجاشي: له كتاب أخبرناه جماعة عن محمد بن علي بن الحسين، عن محمد بن موسي المتوكل، عن موسي ابن أبي موسي الكوفي، عن محمد بن أيوب عنه به.

[6] ظاهر الاشعار أن قائلها رجل من العلويين، والحماني ليس بعلوي فانه من تميم كماعرفت، فالصحيح مامر في نسخة أمالي الشيخ الطوسي - قدس سره - ص 129 من هذا لمجلد، وفيه: " فلما سأل الامام عليه السلام، قال: فلان بن فلان العلوي - قال: ابن الفحام - وأخوه الحماني، حيث يقول " الخ.

[7] مناقب آل أبي طالب ج 4 ص 406.

[8] رجال الكشي ص 479.

[9] في المصدرالمطبوع: قد استوحشوا.

[10] رجال الكشي ص 480.

[11] مرنظير ذلك عن الخرائج في ص 147، فراجع.

[12] هود الاية: 65.

[13] مهج الدعوات ص 330 - 332.

[14] ورواه في معاني الاخبار ص 123 وهكذا رواه الطبرسي في اعلام الوري ص 411.

[15] كمال الدين ج 2 ص 54.

[16] مختار الخرائج ص 212.

[17] الزيادة من المصدر.

[18] مختار الخرائج ص 212 و 213.

[19] الارشادص 307.

[20] اعلام الوري ص 344 ورواه ابن شهر آشوب ملخصا في ج 4 ص 415.

[21] الكافي ج 1 ص 499.

[22] الخراج - كغراب - القروح والدما ميل العظيمة.

[23] قال المسعودي: كان الفتح بن خاقان التركي مولي المتوكل اغلب الناس عليه، وأكثرهم تقدما عنده، ولم يكن الفتح مع هذه المنزلة ممن يرحي خيره، أو يخاف شره، وكان له نصيب من العلم، منزلة من الادب وألف كتابا في أنواع من الاداب و ترجمه بكتاب البستان.

[24] في المصباح: الكسب - وزان قفل: ثفل الدهن، وهو معرب وأصله الكشب بالشين المعجمة.

[25] هو أبوعبدالله محمد بن القاسم بن الحسن بن زيد بن الحسن بن أميرالمؤمنين عليهما السلام.

وهو وأبوه وجده كانوا مظاهرين لبني العباس علي سائر أولاد أبي طالب.

قال في عمدة الطالب: كان الحسن بن زيد أمير المدينة من قبل المنصور الدوا نيقي وكان مظاهرا لبني العباس علي بني عمه الحسن المثني، وهو أول من لبس السواد من العلويين.

وقال في القاسم بن الحسن: أنه كان زاهدا عابدا ورعا، الا أنه كان مظاهرا لبني العباس علي بني عمه الحسن، وقال في محمد بن القاسم: أنه يلقب بالبطحاني - منسوبا إلي بطحاء - أو إلي البطحان - واد بالمدينة، قال العمري: وأحسب أنهم نسبوه إلي أحد هذين الموضعين لادمانه الجلوس فيه وكان محمد البطحاني فقيها.

[26] الارشاد ص 309 و 310.

[27] في الكافي: " في ترك محاولته ".

[28] رواه الكليني في الكافي ج 1 ص 501، وهنا ينتهي لفظه، والسند فيه هكذا: محمد بن يحيي، عن بعض أصحابنا، قال: أخذت نسخة كتاب المتوكل إلي أبي الحسن الثالث " ع " من يحيي بن هرثمة في سنة ثلاث وأربعين ومائتين، وهذه نسخته! الخ.

[29] قال سبط ابن الجوزي في التذكرة ص 202: قال علماء السير: وانما اشخصه المتوكل من مدينة رسول الله إلي بغداد، لان المتوكل كان يبغض عليا ودريته، فبلغه مقام علي بالمدينة، وميل الناس اليه، فخاف منه، فدعا يحيي بن هرثمة وقال: اذهب إلي المدينة وانظرفي حاله وأشخصه الينا.

قال يحيي: فذهبت إلي المدينة، فلما دخلتها ضج أهلها ضجيجا عظيما ماسمع الناس بمثله خوفا علي علي - عليه السلام - وقامت الدنيا عليه ساق، لانه كان محسنا اليهم ملازما للمسجد، لم يكن عنده ميل إلي الدنيا.

قال يحيي: فجعلت أسكنهم وأحلف لهم: أني لم أؤمر فيه بمكروه، وأنه لابأس عليه ثم فتشت منزله، فلم اجد فيه الامصاحف وادعية وكتب العلم، فعظم في عيني وتوليت.

خدمته بنفسي، وأحسنت عشرته.

فلما قدمت به بغداد بدأت باسحاق بن ابراهيم الطاهري - وكان واليا علي بغداد - فقال لي: يا يحيي! ان هذا لرجل قدولده رسول الله، والمتوكل من تعلم، فان حرضته عليه قتله.

وكان رسول الله خصمك يوم القيامة، فقلت له: والله ما وقفت منه الاعلي كل أمر جميل ثم صرت به إلي سرمن رأي فبدأت بوصيف التركي فأخبرته بوصوله، فقال: والله لئن سقط منه شعرة لا يطالب بها الاسواك، فتعجبت كيف وافق قوله قول اسحاق.

فلما دخلت علي المتوكل سألني عنه فأخبرته بحسن سيرته وسلامة طريقه وورعه و زهادته واني فنشت داره فلم أجد فيها غير المصاحف وكتب العلم، وان أهل المدينة خافوا عليه.

فأكرمه المتوكل، وأحسن جائزته، وأجزل بره، وأنزله معه سرمن رأي.

[30] تراه في اعلام الوري ص 347 و 348، فراجع.

[31] الارشاد ص 313 و 314.

[32] مناقب آل أبي طالب ج 4 ص 406.

[33] هود: 65.

[34] مناقب آل أبي طالب ج 4 ص 407.

[35] مناقب آل أبي طالب ج 4 ص 416.

[36] مناقب آل أبي طالب ج 4 ص 417.

[37] الكافي ج 1 ص 497.

[38] مناقب آل أبي طالب ج 4 ص 401.

[39] كشف الغمة ج 3 ص 232.

[40] اعلام الوري ص 339.

[41] سامرا بلدة شرقي دجلة من ساحلها، وقد يقال سامرة، واصلها لغة اعجمية ونظيرها " تامرا " اسم طسوج من سواد بغداد واسم لاعالي نهر ديالي، نهر واسع كان يحمل السفن في أيام المدود، وهذا وزن ليس في أوزان العرب له مثال.

لكنه قد لعبت بها يد أدباء العرب، وصرفوها، فقالوا: سرمن رأي: إلي سرور لمن رأي: وسرمن رأي، علي انه فعل ماض وسرمن راي، علي انه مصدر مجرد، وقيل: أصله: ساء من رأي.

[42] فوجه خ ل.

[43] هود: 65.

[44] قال ابن جوزي في التلقيح: قتل المتوكل ليلة الاربعاء، لاربع خلون، من شوال سنة تسع وأربعين ومائتين، وولي بعده المنتصر ابنه وكان خلافته ستة أشهر، وولي بعده المستعين وكانت خلافته ثلاث سنين وتسعة أشهر، وولي بعده المعتز وكانت خلافته ثلاث سنين وستة أشهر وثلاثة وعشرين يوما وكيف كان فقد كان في قتل المتوكل - وهو بدعاء الهادي عليه السلام - فرجا ومخرجا لال أبي طالب كلهم، حيث عطف المنتصر عليهم، وأحسن اليهم ووجه بمال فرقه فيهم، وكان يؤثر - كما ذكره في المقاتل - مخالفة أبيه في جميع أحواله ومضادة مذهبه طعنا عليه ونصرة لفعله.

وكان يظهر الميل إلي أهل هذا البيت ويخالف أباه في افعاله، فلم يجرمنه علي احد منهم قتل او حبس ولا مكروه فيما بلغنا والله اعلم وقال الطبري: ان المنتصر لماولي الخلافة كان اول شئ احدث من الامور عزل صالح بن علي، عن المدينة، وتولية علي بن الحسين بن اسماعيل بن العباس بن محمد اياها فذكر عن علي بن الحسين انه قال: دخلت عليه اودعه فقال لي: يا علي اني اوجهك إلي لحمي ودمي، ومد جلد ساعده وقال: إلي هذا وجهتك، فانظر كيف تكون للقوم.

وكيف تعاملهم - يعني آل ابي طالب - فقلت: ارجوان امتثل راي اميرالمؤمنين فيهم انشاء الله، فقال: اذا تسعد بذلك عندي.

[45] روي المسعودي عن المبرد قال: وردت سرمن رأي فادخلت علي المتوكل وقد عمل فيه الشراب، وبين يديه المتوكل البحتري الشاعر فابتدا ينشده قصيدة يمدح بها المتوكل أولها:



عن أي ثغر تبتسم

وبأي طرف تحتكم



حسن يضبئ بحسنه

والحسن أشبه بالكرم



قل للخليفة جعفر

المتوكل ابن المعتصم



المرتضي ابن المجتبي

والمنعم بن المنتقم



إلي أن قال:



نلنا الهدي بعد العمي

بك والغني بعد العدم



فلما انتهي، مشي القهقري للانصراف، فوثب أبوالعنبس فقال: يا أمير المؤمنين تأمر برده، فقد والله عارضته في قصيدته هذه، فأمر برده فأخذ أبوالعنبس ينشد:



من اي سلح تلتقم

وبأي كف تلتطم



أدخلت رأس البحتري

أبي عبادة في الرحم



ووصل ذلك بما اشبهه من الشتم، فضحك المتوكل حتي استلقي علي قفاه، وفحص برجله اليسري وقال يدفع إلي ابي العنبس عشرة آلاف درهم، فقال الفتح: ياسيدي البحتري الذي هجي واسمع المكروه ينصرف خائيا؟ قال: ويدفع إلي البحتري عشرة آلاف درهم.

[46] ورواه سبط ابن الجوزي في التذكره ص 203 نقلا عن المسعودي في مروج الذهب.

[47] منبج - كمجلس - اسم موضع من أعمال الشام.

[48] الشوري: 23.

[49] الفرقان: 27.