بازگشت

الامام الجواد والمأمون العباسي


لقد انتهج المأمون سياسة خاصة تجاه الأئمة من أهل البيت (عليهم السلام) تباين سياسة أسلافه من ملوك بني العباس. ويُعد هذا التحول في العلاقة بين السلطة والأئمة دليلاً علي اتّساع المساحة التي كان يشغلها تأثير الأئمة وسط الاُمة والمجتمع الاسلامي مع انشداد الغالبية المؤثرة بالأئمة(عليهم السلام) والقول



[ صفحه 52]



بمرجعيتهم الفكرية والروحية، وكانت ولاية العهد للإمام الرضا (عليه السلام) أحد أوجه هذا التحول في السياسة والذي يعبر عن ذكاء ودهاء المأمون في محاولته تلك للحد من تأثير الإمام (عليه السلام) ووضعه قريباً منه لتحديد تحركه وتحجيم دوره إضافة لرصد تحركه وتحرك القواعد الشعبية المؤمنة بقيادة أهل البيت (عليهم السلام) ودورهم الريادي في الاُمة، فبعد استشهاد الإمام الرضا(عليه السلام) عمد المأمون الي إشخاص الإمام الجواد من المدينة إلي بغداد وتزويجه بإبنته أم الفضل مع احتجاج الاسرة العباسية علي هذا التقريب والتزويج، فالمأمون كان بعيد النظر في تعامله هذا، وكان يرمي من ورائه إلي أهداف تخدمه وتضفي نوعاً من الشرعية علي سلطته، وقد خدع الأكثرية من أبناء الاُمة بإظهاره الحبّ والتقدير للإمام الجواد (عليه السلام) من أجل إزالة نقمتهم التي خلّفتها عهود الخلفاء قبله لاستبدادهم وبطشهم فضلاً عن إسرافهم في اللهو والترف وخروجهم عن مبادئ الاسلام الحنيف في كثير من مظاهر حياتهم الخاصة والعامة، ومما يؤكد لنا وجهة النظر هذه في سياسة المأمون أنه في عام (204 هـ) وفي شهر ربيع الأول قدم بغداد ولباسه ولباس قواده وجنده والناس كلهم الخضرة فأقام جمعة ـ اي سبعة أيام ـ ثم نزعها وأعاد لباس السواد [1] والذي كان قد أمر بنزعه بعد توليه الحكم والعهد بالولاية من بعده للإمام الرضا(عليه السلام) سنة (201هـ). [2] والتي انتهت باستشهاد الإمام الرضا(عليه السلام) بعد دس السم له سنة (203 هـ).



[ صفحه 53]




پاورقي

[1] تاريخ اليعقوبي: 2 / 193.

[2] تاريخ أبي الفداء: 1 / 328.