بازگشت

المسيرة الرسالية لأهل البيت منذ عصر الرسول حتي عصر الإمام الهادي


تعتبر الرسالة الإسلامية الكون مملكة لله سبحانه، والإنسان خليفة له وأميناً من قبله، ينبغي له أن يقوم بأعباء المسؤولية التي حمّله الله إيّاها.

ومادامت الحياة الدنيا تعتبر شوطاً قصيراً في مسيرة الإنسان الطويلة فالأهداف التي ينبغي للمشرِّع الحكيم وللإنسان المشرَّع إليه أن يستهدفها لا تتلخّص في تحقيق مآرب هذه الحياة الدنيا الفانية وإنّما تمتد بامتداد حياته الباقية في عالم الآخرة.

والإسلام يريد للإنسان أن يتربّي علي هذه الثقافة التي تصنع منه كائناً متكاملاً سويّاً دؤوباً في تحقيق الأهداف الرسالية الكبري.

وقد كان التخطيط الربّاني لتربية الإنسان في هذا الاتجاه حكيماً ومتقناً حين تزعّم الرسول الخاتم(صلي الله عليه وآله) المجتمع الإنساني وهيمن علي كل العلاقات الاجتماعية وغيرها ليصوغ من هذا الإنسان نموذجاً فريداً.

ولم يكن الطريق أمام عملية التغيير الجذري التي بدأها النبي(صلي الله عليه وآله) في



[ صفحه 66]



المجتمع الإنساني طريقاً قصيراً يمكن تحققه خلال عقد أو عقدين من الزمن بل كان طريقاً ممتداً بامتداد الفواصل المعنوية الضخمة بين الجاهلية والإسلام.

ولم يكن كل ما حقّقه الرسول(صلي الله عليه وآله) في هذه البرهة المحدودة كافياً لاجتثاث كل الجذور الجاهلية من عامة أبناء الجيل الأوّل وايصاله الي الدرجة اللازمة من الوعي والموضوعية والتحرز من كل رواسب الماضي الجاهلي بحيث يؤهله للقيمومة علي خط الرسالة.

وتكفي الأحداث المرّة التي أعقبت وفاة الرسول(صلي الله عليه وآله) وما جري بين صحابة الرسول من سجالات سجّلها المؤرخون في المصادر التي بأيدينا لتشهد علي أن جيل الصحابة لم يرتقِ الي درجة الكفاءة اللازمة ليخلف الرسول علي رسالته.

من هنا كان منطق العمل التغييري يفرض علي الرسول(صلي الله عليه وآله) أن يصون تجربته الرائدة ـ التي كان يريد لها الخلود والبقاء وهو الذي أعلن بأنه خاتم المرسلين وانّه لا نبي بعده.. كان يفرض عليه أن يصون تجربته ـ من كل ما يؤدي الي ضعفها أو إنهيارها، وذلك باعطاء القيمومة والوصاية علي تجربته لقيادة كفوءة معصومة قد أعدّها بنفسه كما يريد وكما ينبغي; لتقوم بالمهمة التغييرية الشاملة خلال فترة طبيعية من الزمن بحيث تحقق للرسالة أهدافها التي كانت تنشدها من ارسال الرسل وتقديم منهج رباني كامل للحياة.