بازگشت

عقبات و أخطار أمام عملية التغيير الشاملة


لم يكن الإسلام نظرية بشرية لكي تتحدَّد فكرياً من خلال ممارسة تجارب الخطأ والصواب في التطبيق، وإنما هو رسالة الله التي حُدّدت فيها الأحكام والمفاهيم وزوّدت ربّانياً بكلّ التشريعات العامّة، فلا بدّ لزعامة هذه



[ صفحه 67]



التجربة من استيعاب الرسالة بحدودها وتفاصيلها ووعي كامل لأحكامها ومفاهيمها، وإلاّ كانت مضطرة إلي استلهام مسبقاتها الذهنية ومرتكزاتها القَبْلية وذلك يؤدّي إلي نكسة في مسيرة التجربة وبخاصة إذا لاحظنا أن الإسلام كان هو الرسالة الخاتمة لرسالات السماء التي تمتد مع الزمن وتتعدي كل الحدود الاقليمية والقومية، الأمر الذي لا يسمح بأن تمارس زعامته تجارب الخطأ والصواب التي تتراكم فيها الأخطاء عبر فترة من الزمن حتي تشكل ثغرة تهدد التجربة بالسقوط والانهيار [1] .

وقد برهنت الأحداث التي جرت علي آل الرسول(عليهم السلام) بعد وفاته(صلي الله عليه وآله) استئثاراً بالخلافة دونهم علي هذه الحقيقة المرّة وتجلّت آثارها السلبيّة بوضوح بعد نصف قرن أو أقلّ من ممارسة الحكم من قبل جيل المهاجرين الذين لم يُرشّحوا من قبل الرسول(صلي الله عليه وآله) للإمامة ولم يكونوا مؤهلين للقيمومة علي الرسالة.

فلم يمض ربع قرن حتي بدأت الخلافة الراشدة تنهار تحت وقع الضربات الشديدة التي وجّهها أعداء الإسلام القدامي; إذ استطاعوا أن يتسلّلوا إلي مراكز النفوذ في قيادة التجربة بالتدريج حتّي صادروا بكل وقاحة وعنف تلك القيادة وأجبروا الاُمّة وجيلها الطليعي الرائد علي التنازل عن شخصيّته وقيادته وتحوّلت الزعامة إلي ملك موروث يستهتر بالكرامات ويقتل الأبرياء ويبعثر الأموال ويعطّل الحدود ويجمّد الأحكام ويتلاعب بمقدّرات الناس وأصبح الفيء والسواد بستاناً لقريش، والخلافة كرة يتلاعب بها صبيان بني اُمية [2] .



[ صفحه 68]




پاورقي

[1] بحث حول الولاية: 57 ـ 58.

[2] بحث حول الولاية: 60 ـ 61.