بازگشت

مضاعفات الانحراف بعد الرسول


لقد واجه الإسلام بعد وفاة النبي(صلي الله عليه وآله) انحرافاً خطيراً في صميم التجربة الإسلامية التي أنشأها هذا النبي العظيم(صلي الله عليه وآله) لاُمته. وهذا الانحراف في التجربة الاجتماعية والسياسية للأمّة والدولة الإسلامية كان بحسب طبيعة الاشياء من المفروض أن يتسع ليتعمق بالتدريج علي مرّ الزمن; اذ الانحراف يبدأ بذرة ثمّ تنمو هذه البذرة، وكلما تحققت مرحلة من الانحراف; مهّدت هذه المرحلة لمرحلة أوسع وأرحب.

فكان من المفروض أن يصل هذا الانحراف إلي خط منحن طوال عملية تاريخية زمنية طويلة المدي يصل به إلي الهاوية حين تستمر التجربة الإسلامية في طريق منحرف لتصبح مليئة بالتناقضات من كل جهة، وتصبح عاجزة عن تحقيق الحدّ الأدني من متطلبات الاُمّة ومصالحها الإسلاميّة.

وحينما يتسلسل الانحراف في خط تصاعدي فمن المنطقي أن تتعرض التجربة لانهيار كامل ولو بعد زمن طويل. إذن فالدولة الإسلامية والمجتمع الإسلامي والحضارة الإسلامية كان من المفروض أن تتعرض كلّها للانهيار الكامل; لأن هذه التجربة حين تصبح مليئة بالتناقضات وحين تصبح عاجزة عن مواجهة وظائفها الحقيقية; تصبح عاجزة عن حماية نفسها; لأن التجربة تكون قد استنفدت إمكانية البقاء والاستمرار علي مسرح التاريخ، كما أن الاُمّة ليست علي مستوي حمايتها; لأن الاُمّة لا تجني من هذه التجربة الخير الذي تفكّر فيه ولا تحقق عن طريق هذه التجربة الآمال التي تصبو اليها فلا ترتبط بأي ارتباط حياتي حقيقي معها، فالمفروض أن تنهار هذه التجربة في مدي من الزمن كنتيجة نهائية حتمية لبذرة الانحراف التي غرست فيها.



[ صفحه 69]