بازگشت

انتفاضات العلويين


لقد تمادي المتوكل في ايذاء العلويين ومنعهم حقوقهم التي منحهم الله إيّاها حتي أشرفوا علي الهلاك من شدّة الفقر بل تمادي في الجور عليهم حتي قدّم دعوي غير العلوي علي دعوي العلوي إذا تحاكما عند القضاة.

ولم نجد من العباسيين عامة إلاّ العداء والبغض لأهل البيت(عليهم السلام) لأسباب شتي، منها: تفرّد أهل البيت(عليهم السلام) بالنصّ عليهم من قبل جدّهم الرسول(صلي الله عليه وآله) وتفرّدهم بالزعامة الروحية والعلمية، وتأثيرهم علي قلوب المسلمين ووجدانهم، والاهتمام بشؤونهم، وايثارهم للدين علي الدنيا، والموت في سبيل الله علي الحياة مع الذل والهوان في غير طاعة الله.

إن عواطف المسلمين وقلوبهم قد اتّجهت نحو أبناء الرسول(عليهم السلام)



[ صفحه 128]



وشيعتهم الذين يحذون حذوهم، وأخذت هذه الظاهرة تنمو و تظهر علي الساحة الإسلامية وهذا مما لا يرتاح له الحكّام العباسيون وعملاؤهم الذين جلسوا علي موائدهم التي جسّدت أفضع انواع التبذير في بيت مال المسلمين. وأهل البيت(عليهم السلام) بعد ثورة الحسين(عليه السلام) وإن لم يتصدّوا للثورة المسلحة ضد الطغاة لأسباب تعود الي سياستهم المبدئية لمعالجة أنواع الانحراف في المجتمع الإسلامي، لكنّهم قد فتحوا الطريق أمام الثوّار العلويين للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالسيف والسلاح حين لا يثمر الكلام والحجاج.

ومن هنا لم تخل الساحة الإسلامية من الثورات التي قام بها قادة علويون علي طول الخط بعد ثورة الحسين(عليه السلام).

وقد استمرت هذه الثورات حتي عصر الغيبة وانتهت فيما بعد الي تأسيس دويلات وإمارات يحكمها قادة علويون أو علماء يحملون ثقافة أهل البيت(عليهم السلام) ويحاولون تجسيد قيمهم وسيرتهم في الحياة الإسلامية.

ولم تكن اغتيالات الخلفاء للأئمة من أهل البيت(عليهم السلام) إلاّ باعتبار دعمهم لهذه الثورات المسلّحة وتأييدهم لها من قريب أو من بعيد.

وهذا الخط الثوري في هذه الظروف الحرجة يعد أحد الأسباب التي حتّمت علي الإمام الثاني ـ عشر باعتباره آخر القادة المعصومين ـ أن يتستّر بستار الغيبة لئلاّ تخلو الأرض من حجج الله وبيّناته.

وقد خرج علي حكّام هذا العصر من العلويين مجموعة تمثّل استمرار الخط الثوري ضد الظلم والظالمين وإليك قائمة بأسمائهم مع ذكر تاريخ ومنطقة تحرّكهم وخروجهم:

1 ـ محمد بن القاسم بن علي بن عمر بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب(عليهم السلام)، خرج في حكومة المعتصم واعتقل في سنة (219 هـ) وروي



[ صفحه 129]



أنه قتل بالسمّ.

2 ـ محمد بن صالح بن عبدالله بن موسي بن عبدالله بن حسن بن حسن ابن علي بن أبي طالب(عليهم السلام) خرج علي المتوكل في المدينة واُسر وسجن في سامراء.

3 ـ يحيي بن عمر بن يحيي بن حسين بن زيد بن علي بن حسين بن علي بن أبي طالب(عليهم السلام). خرج علي المستعين في الكوفة سنة (250 هـ)، ارتضاه أهل بغداد وليّاً للأمر كما بايعه جملة من أهل الحل والعقد في الكوفة. وضجّ الناس لقتله وحزنوا عليه حزناً لم ير مثله.

4 ـ الحسن بن زيد بن محمد بن اسماعيل بن حسن بن زيد بن حسن ابن حسن بن علي بن أبي طالب(عليهم السلام)، خرج في طبرستان سنة (250 هـ) واستولي علي الري وآمل وامتد نفوذه الي جرجان في سنة (257 هـ) واستمر في الحكم حتي سنة (270 هـ) ثم خلفه أخوه محمّد بن زيد وكان فقيهاً أديباً وجواداً.

5 ـ محمد بن جعفر بن حسن، خرج في الري سنة (250 هـ) ودعا أهل الري الي حكم الحسن بن زيد الذي كان قد سيطر علي طبرستان.

6 ـ الحسن بن اسماعيل بن محمد بن عبدالله بن علي بن حسين بن علي ابن أبي طالب(عليهم السلام) ثار في قزوين سنة (250 هـ).

7 ـ الحسين بن محمد بن حمزة بن عبدالله بن حسن بن علي بن أبي طالب(عليهم السلام) ثار في الكوفة سنة (251 هـ).

8 ـ اسماعيل بن يونس بن إبراهيم بن عبدالله بن حسن بن حسن بن علي بن أبي طالب(عليهم السلام) ثار في مكة سنة (251 هـ).

9 ـ أحمد بن محمد بن عبدالله بن إبراهيم بن طباطبا ثار في سنة (255هـ) بين برقة والاسكندرية.



[ صفحه 130]



10 و 11 ـ عيسي بن جعفر العلوي، ثار مع علي بن زيد في الكوفة

سنة (255 هـ).

12 ـ علي بن زيد بن حسين بن عيسي بن زيد بن علي بن حسين بن علي بن أبي طالب(عليهم السلام) ثار في الكوفة سنة (256 هـ) للمرة الثانية.

13 ـ إبراهيم بن محمد بن يحيي بن عبدالله بن محمد بن علي بن أبي طالب(عليهم السلام) المعروف بابن الصوفي ثار في مصر سنة (256 هـ) [1] .

هذه صورة موجزة عن الحركات المناهضة للحكّام الذين تربّعوا علي كرسيّ الخلافة وحكموا باسم الرسول (صلي الله عليه وآله) وهم بعيدون كل البعد عن هديه وسننه.

وفي مثل هذه الظروف السياسية العامة والفتن الدينية التي أجّجها الخلفاء وسقتها الثقافات المستوردة، ماذا كانت تتطلبه الساحة الإسلامية العامة من معالجات؟ وماذا كانت تتطلبه الساحة الخاصة باتباع أهل البيت(عليهم السلام) الذين أخذوا يقتربون من عصر الغيبة الذي أخبر عنه الرسول(صلي الله عليه وآله) والأئمة من أهل البيت(عليهم السلام) وبدأت تتكشف علائمه وتتهيّأ أسبابه؟

هذا ما سوف ندرسه خلال الفصول التالية إن شاء الله تعالي.



[ صفحه 133]




پاورقي

[1] راجع مقاتل الطالبيين: 478 ـ 536 ومروج الذهب: 4 / 50 ـ 180، والكامل في التاريخ، الجزء السابع.