بازگشت

تجنب إثارة الحكام وعمالهم


اتّسم سلوك الإمام الهادي(عليه السلام) طوال فترة إمامته بالتجنّب من أيّة إثارة للسلطة بدءً بما فرض عليه من مُؤدّب يتولي أمره ثم الاستجابة لدعوة المتوكل واستقدامه الي سامراء وفسح المجال للتفتيش الذي قد تكرر في المدينة وسامراء بل تعدي ذلك الي تطمين المتوكل بأنّ الإمام(عليه السلام) لا يقصد الثورة عليه حين استعرض المتوكل قواته وقدرته العسكرية وأحضر الإمام في هذا الاستعراض ليطلعه علي ما يملكه من قوّة لئلاّ يفكر واحد من أهل بيته(عليهم السلام) بالخروج علي الخليفة. وإذا بالإمام الهادي(عليه السلام) يجيبه بأنا لا نناقشكم في الدنيا نحن مشتغلون بأمر الآخرة فلا عليك شيء ممّا تظن [1] .

ولم يحصل المتوكل علي أي مستمسك ضد الإمام بالرغم من التفتيش المفاجئ والمتكرر.

وقد لاحظنا كيف يتجنّب الإمام(عليه السلام) مثل هذه الإثارات الي جانب تقديمه للنصح والارشاد والموعظة للمتوكل.



[ صفحه 145]



روي ابن شهرآشوب باسناده عن أبي محمد الفحام أ نّه قال: سأل المتوكل ابن الجهم من أشعر الناس؟ فذكر الجاهلية والإسلام. ثم انّه سأل أبا الحسن(عليه السلام)، فقال(عليه السلام) الحمّاني حيث يقول:



لقد فاخرتنا من قريش عصابة

بمدّ خدود وامتداد أصابع



فلما تنازعنا المقال قضي لنا

عليهم بما نهوي نداء الصوامع



ترانا سكوتاً والشّهيد بفضلنا

عليهم جهير الصوت في كل جامع



فإن رسول الله احمد جدّنا

ونحن بنوه كالنجوم الطوالع



قال: وما نداء الصوامع يا أبا الحسن؟

قال: أشهد ان لا إله إلاّ الله، واشهد ان محمداً رسول الله جدّي أم جدّك؟

فضحك المتوكل ثم قال: هو جدّك لا ندفعك عنه [2] .

ولم يبخل الإمام الهادي(عليه السلام) بالإجابة العلمية فيما كان يشكل عليهم أمره كما لاحظنا، بل تعدّي ذلك الي وصف دواء ناجع لداء عدوّه المتوكل حين أيس من معالجات أطبّائه بالرغم من تظاهره بالعداء للعلويين [3] .


پاورقي

[1] بحار الأنوار: 50 / 155.

[2] أمالي الطوسي: 287 ح 557 ومناقب آل أبي طالب: 4 / 438.

[3] راجع الكافي: 1 / 499.