بازگشت

لماذا دفن الإمام في بيته؟


لقد جرت العادة عند العامة والخاصة أنّه إذا توفي أحدٌ أن يدفن في المكان المعدّ للموتي المسمّي ـ بالمقبرة أو الجبّانة ـ كما هو المتعارف في هذا العصر أيضاً، ولا يختلف هذا الأمر بالنسبة لأي شخص مهما كان له من المكانة



[ صفحه 197]



والمنزلة، فقد كان ولا يزال في المدينة المحل المُعدّ للدّفن ـ البقيع ـ حيث أنّه مثوي لأئمة أهل البيت(عليهم السلام)، وزوجات النبي(صلي الله عليه وآله)، وأولاده، وكبار الصحابة والتابعين وغيرهم، كما وأن مدفن الإمامين الجوادين(عليهما السلام) في مقابر قريش.

وأما السبب في دفن الإمام الهادي(عليه السلام) داخل بيته، يعود الي حصول ردود الفعل من الشيعة يوم استشهاده(عليه السلام) وذلك عندما اجتمعوا لتشييعه مظهرين البكاء والسخط علي السلطة والذي كان بمثابة توجيه أصابع الاتهام الي الخليفة لتضلّعه في قتله.

وللشارع الذي اُخرجت جنازة الإمام(عليه السلام) إليه الأثر الكبير، حيث كان محلاً لتواجد معظم الموالين لآل البيت(عليهم السلام) إذ ورد في وصفه:

الشارع الثّاني يعرف بأبي أحمد.. أول هذا الشارع من المشرق داربختيشوع المتطبّب التي بناها المتوكل، ثم قطائع قواد خراسان وأسبابهم من العرب، ومن أهل قم، وإصبهان، وقزوين، والجبل، وآذربيجان، يمنة في الجنوب ممّا يلي القبلة [1] .

ويشير الي تواجد أتباع مدرسة أهل البيت في سامراء المظفري في تاريخه إذ يقول: فكم كان بين الجند، والقواد، والاُمراء، والكتّاب، من يحمل بين حنايا ضلوعه ولاء أهل البيت(عليهم السلام) [2] .

كلّ هذا أدّي الي اتّخاذ السلطة القرار بدفنه(عليه السلام) في بيته، وإن لم تظهر تلك الصورة في التاريخ بوضوح، إلا أنه يفهم ممّا تطرق إليه اليعقوبي في تاريخه عند ذكره حوادث عام (254 هـ) ووفاة الإمام الهادي(عليه السلام) حيث يقول:

وبعث المعتز بأخيه أحمد بن المتوكّل فصلّي عليه في الشارع المعروف



[ صفحه 198]



بشارع أبي أحمد، فلمّا كثر الناس واجتمعوا كثر بكاؤهم وضجّتهم، فردّ النعش الي داره، فدفن فيها... [3]

وتمكّنوا بذلك من إخماد لهيب الانتفاضة والقضاء علي نقمة الجماهير الغاضبة، وهذا إن دلّ علي شيء فإنّما يدل علي وجود التحرّك الشيعي رغم الظروف القاسية التي كان يعاني منها أئمة أهل البيت(عليهم السلام) وشيعتهم من سلطة الخلافة الغاشمة.


پاورقي

[1] موسوعة العتبات المقدسة: 12 / 82.

[2] تاريخ الشيعة: 101.

[3] تاريخ اليعقوبي: 2 / 503.