بازگشت

علمه


لقد ذكر المؤرخون و أرباب السير الامام الهادي عليه السلام بوصفه علما بارزا من أعلام عصره في العلم و المعرفة و التقوي و العبادة و الوجاهة و القيادة و الريادة.

و لقد تسالم العلماء و الفقهاء علي الرجوع الي رأيه المشرق في المسائل المعقدة و الغامضة من أحكام الشريعة الاسلامية و مسائل العقائد المختلفة، حتي ان المتوكل العباسي و هو ألد أعدائه كان يرجع الي رأي الامام عليه السلام في المسائل التي اختلف فيها علماء عصره، مقدما رأيه عليه السلام علي آرائهم، و لذلك شواهد كثيرة سنذكر منها الكثير في بحوثه العقائدية و في مناظراته و أجوبته، و هي جميعا تدل علي أنه عليه السلام كان أعلم أهل عصره.

و كان له عليه السلام دور كبير و تأثير معروف في اغناء المدرسة الاسلامية التي قاد



[ صفحه 42]



أهل البيت عليهم السلام حركتها، و غذوها بروح الشريعة الغراء، و سنة المصطفي السمحاء، فقد عد الشيخ الطوسي في كتابه (الرجال) نحو 185 تلميذا و راويا أخذوا عنه العلم ورووا الحديث أو كاتبوه فأجابهم عن مسائلهم، و كان عليه السلام مرجع أهل العلم و الفقه و أحكام الشريعة و قضايا الدين في عصره، و حفلت كتب الرواية و الحديث و الفقه و العقيدة و المناظرة و التفسير و أمثالها عند الامامية بما اثر عنه و استفيد من علومه و معارفه، و كتاب مسند الامام الهادي عليه السلام الذي جمعه الشيخ عزيزالله العطاردي بصفحاته الأربعمئة خير شاهد علي ما نقول.

و كان بين أصحابه عليه السلام مؤلفون أغنوا المدرسة الاسلامية، منهم: أحمد بن اسحاق بن عبدالله بن سعد بن الأحوص الأشعري، و لاحسين بن سعيد بن حماد الأهوازي، و داود بن أبي زيد النيشابوري، و علي بن مهزيار الأهوازي، و الفضل ابن شاذان و غيره ممن سيأتي ذكرهم في أصحابه عليه السلام.

و فيما يلي نورد بعض الروايات الدالة علي غزارة علمه الذي لا يحد و فقهه الذي لا يجاري:

1- كان المتوكل نذر أن يتصدق بمال كثير ان عافاه الله من علته، فلما عوفي سأل العلماء عن حد المال الكثير، فاختلفوا و لم يصيبوا المعني، فسأل أباالحسن عليه السلام عن ذلك، فقال عليه السلام: يتصدق بثمانين درهما.

فسئل عن علة ذلك، فقال: ان الله قال لنبيه صلي الله عليه و آله: (لقد نصركم الله في مواطن كثيرة) [1] ، فعددنا مواطن رسول الله صلي الله عليه و آله فبلغت ثمانين موطنا، و سماها الله كثيرة،



[ صفحه 43]



فسر المتوكل بذلك و تصدق بثمانين درهما. [2] .

2 - و في شرح شافية أبي فراس، قال:

و مما نقل أن قيصر ملك الروم كتب الي خليفة من خلفاء بني العباس كتابا يذكر فيه: انا وجدنا في الأنجيل أنه من قرأ سورة خالية من سبعة أحرف حرم الله تعالي جسده علي النار [3] ، و هي: الثاء و الجيم و الخاء و الزاي و الشين و الظاء و الفاء، فانا طلبنا هذه السورة في التوراة فلم نجدها، و طلبناها في الزبور فلم نجدها، فهل تجدونها في كتبكم؟

فجمع العلماء و سألهم في ذلك، فلم يجب منهم أحد عن ذلك الا النقي علي ابن محمد بن الرضا عليه السلام، فقال: انها سورة الحمد، فانها خالية من هذه السبعة أحرف.

فقيل: الحكمة في ذلك أن الثاء من الثبور، و الجيم من الجحيم، و الخاء من الخيبة، و الزاي من الزقوم، و الشين من الشقاوة، و الظاء من الظلمة، و الفاء من الفرقة، أو من الآفة.

فلما وصل الي قيصر و قرأه فرح بذلك فرحا شديدا، و أسلم لوقته، و مات علي الاسلام، و الحمدلله رب العالمين. [4] .



[ صفحه 44]




پاورقي

[1] التوبة: 25.

[2] تحف العقول: 481، التهذيب 1147 / 309: 8، بحارالأنوار 41 / 162: 50.

[3] قراءة السورة لا توجب دخول الجنة مع التأكيد علي فضلها، بل ان ذلك معهود الي الالتزام بشرطها و شروطها، و أول شروطها ولاية أهل البيت عليهم السلام.

[4] شرح شافية أبي فراس الحمداني: 563، و ستأتي نماذج من سعة علمه عليه السلام في المعاجز.