بازگشت

كرمه و عطاؤه


و من المظاهر البارزة في سيرته عليه السلام الكرم و السخاء و العطاء، فقد كان عليه السلام من أندي الناس كفا و أسمحهم يدا، و روي المؤرخون بوادر كثيرة تدل علي بره و احسانه الي البائسين و المحرومين، قلما تجد لها نظيرا الا عند عترة المصطفي الميامين (سلام الله عليهم)، و فيما يلي نورد بعضا منها:

1 - قال ابن شهرآشوب: دخل أبوعمر و عثمان بن سعيد، و أحمد بن اسحاق الأشعري، و علي بن جعفر الهمداني علي أبي الحسن العسكري، فشكا اليه أحمد ابن اسحاق دينا عليه، فقال: يا أباعمرو - و كان وكيله - ادفع اليه ثلاثين ألف دينار، و الي علي بن جعفر ثلاثين ألف دينار، و خذ أنت ثلاثين ألف دينار؛ فهذه معجزة لا يقدر عليها الا الملوك، و ما سمعنا بمثل هذا العطاء. [1] .



[ صفحه 47]



2 - و روي علي بن عيسي الاربلي عن كمال الدين بن طلحة الشافعي، قال: ان أباالحسن عليه السلام كان يوما قد خرج من سر من رأي الي قرية لمهم عرض له، فجاء رجل من الأعراب يطلبه، فقيل له: قد ذهب الي الموضع الفلاني، فقصده، فلما وصل اليه قال له: ما حاجتك؟ فقال: أنا رجل من أعراب الكوفة المتمسكين بولاء جدك علي بن أبي طالب، و قد ركبني دين فادح أثقلني حمله، و لم أر من أقصده لقضائه سواك.

فقال له أبوالحسن عليه السلام: طب نفسا و قر عينا، ثم أنزله، فلما أصبح ذلك اليوم قال له أبوالحسن عليه السلام، اريد منك حاجة، الله الله أن تخالفني فيها.

فقال الأعرابي: لا اخالفك، فكتب أبوالحسن عليه السلام و رقة بخطه معترفا فيها أن عليه للأعرابي مالا عينه فيها يرجح علي دينه، و قال: خذ هذا الخط، فاذا وصلت الي سر من رأي احضر الي و عندي جماعة فطالبني به، و أغلظ القول علي في ترك ايفائك اياه، الله الله في مخالفتي! فقال: و أخذ الخط.

فلما وصل أبوالحسن الي سر من رأي و حضر عنده جماعة كثيرون من أصحاب الخليفة و غيرهم، حضر ذلك الرجل و أخرج الخط و طالبه، و قال كما أوصاه، فألان أبوالحسن عليه السلام له القول و رققه، و جعل يعتذر اليه، و وعده بوفائه و طيب نفسه؛ فنقل ذلك الي الخليفة المتوكل، فأمر أن يحمل الي أبي الحسن ثلاثون ألف درهم، فلما حملت اليه تركها الي أن جاء الرجل، فقال: خذ هذا المال فاقض منه دينك، و أنفق الباقي علي عيالك و أهلك، و اعذرنا.

فقال له الأعرابي: يابن رسول الله، و الله ان أملي كان يقصر عن ثلث هذا، ولكن الله أعلم حيث يجعل رسالاته، و أخذ المال و انصرف، و هذه منقبة من سمعها



[ صفحه 48]



حكم له بمكارم الأخلاق، و قضي له بالمنقبة المحكوم بشرفها بالاتفاق. [2] .

3 - و روي الشيخ الصدوق بالاسناد عن أبي هاشم الجعفري، قال: أصابتني ضيقة شديدة، فصرت الي أبي الحسن علي بن محمد عليه السلام فأذن لي، فلما جلست قال: يا أباهاشم، أي نعم الله عزوجل عليك تريد أن تؤدي شكرها؟

قال أبوهاشم: فوجمت، فلم أدر ما أقول له، فابتدأ عليه السلام فقال: رزقك الايمان، فحرم به بدنك علي النار، و رزقك العافية، فأعانك علي الطاعة، و رزقك القنوع، فصانك عن التبذل.

يا أباهاشم، انما ابتدأتك بهذا لأني ظننت أنك تريد أن تشكو لي من فعل بك هذا، و قد أمرت لك بمائة دينار فخذها. [3] .

4 - و روي الطبري عن أبي عبدالله القمي، قال: حدثني ابن عياش، قال: حدثني أبوطالب عبيدالله بن أحمد، قال: حدثني مقبل الديلمي، قال: كنت جالسا علي بابنا بسر من رأي، و مولانا أبوالحسن عليه السلام راكب لدار المتوكل الخليفة، فجاء فتح القلانسي، و كانت له خدمة لأبي الحسن عليه السلام، فجلس الي جانبي، و قال: ان لي علي مولانا أربعمائة درهم، فلو أعطانيها لانتفعت بها.

قال: قلت له: ما كنت صانعا بها؟

قال: كنت أشتري منها بمائتي درهم خرقا تكون في يدي، أعمل منها



[ صفحه 49]



قلانس، و أشتري بمائتي درهم تمرا فأنبذه نبيذا.

قال: فلما قال لي ذلك أعرضت عنه بوجهي، فلم اكلمه لما ذكر، و أمسكت، و أقبل أبوالحسن عليه السلام علي أثر هذا الكلام، و لم يسمع هذا الكلام أحد و لا حضره، فلما أبصرت به قمت اجلالا له، فأقبل حتي نزل بدابته في دار الدواب، و هو مقطب الوجه، أعرف الغضب في وجهه، فحين نزل عن دابته دعاني، فقال: يا مقبل، ادخل فأخرج أربعمائة درهم، و ادفعها الي فتح هذا الملعون، و قل له: هذا حقك فخذه و اشتر منه خرقا بمائتي درهم، و اتق الله فيما أردت أن تفعله بالمائتي درهم الباقية.

فأخرجت الأربعمائة درهم فدفعتها اليه و حدثته القصة فبكي، و قال: و الله، لا شربت نبيذا و لا مسكرا أبدا، و صاحبك يعلم ما نعمل. [4] .

5 - و من مظاهر كرمه و صلته ذوي القربي ما رواه اسحاق الجلاب، قال: اشتريت لأبي الحسن الهادي عليه السلام غنما كثيرة يوم التروية، فقسمها عليه السلام في أقاربه. [5] .


پاورقي

[1] مناقب ابن شهرآشوب: 409، بحارالأنوار 173: 50.

[2] كشف الغمة 166: 3، الاتحاف بحب الأشراف: 68 - 67.

[3] بحارالأنوار 7 / 129: 50، الأنوار البهية: 228.

[4] دلائل الامامة: 418، نوادر المعجزات: 5 / 186.

[5] بحارالأنوار 14 / 132: 50.