بازگشت

هيبته في قلوب الناس


لقد ورث الامام الهادي عليه السلام من آبائه الكرام عليهم السلام العلم و مكارم الأخلاق و الهيبة في قلوب الناس، و لقد كانت هيبته تملأ القلوب اكبارا و تعظيما، و ذلك ناشي ء من طاعته لله تعالي و زهده في الدنيا و تحرجه في الدين، و قد بلغ من عظيم هيبته أن جميع السادة العلويين و الطالبيين و غيرهم المعاصرين له، قد أجمعوا علي تعظيمه و الاعتراف له بالزعامة و الفضل مع كونهم من المشايخ الكبار و السادة المقدمين



[ صفحه 55]



أمثال عم أبيه زيد بن الامام موسي بن جعفر عليه السلام.

روي ابن جمهور عن سعيد بن عيسي، قال: رفع زيد بن موسي الي عمر ابن الفرج مرارا يسأله أن يقدمه علي ابن أخيه، و يقول: انه حدث و أنا عم أبيه، فقال عمر ذلك لأبي الحسن عليه السلام فقال: افعل واحدة، أقعدني غذا قبله، ثم انظر، فلما كان من الغد أحضر عمر أباالحسن عليه السلام فجلس في صدر المجلس، ثم أذن لزيد بن موسي فدخل فجلس بين يدي أبي الحسن عليه السلام، فلما كان يوم الخميس أذن لزيد بن موسي قبله فجلس في صدر المجلس، ثم أذن لأبي الحسن عليه السلام فدخل، فلما رآه زيد قام من مجلسه و أقعده في مجلسه و جلس بين يديه. [1] .

و عن محمد بن الحسن الأشتر العلوي الحسيني، قال: كنت مع أبي علي باب المتوكل، و أنا صبي، في جمع من الناس في ما بين طالبي الي عباسي الي جعفري الي غير ذلك، اذا جاء أبوالحسن علي بن محمد عليه السلام فترجل الناس كلهم، حتي دخل فقال بعضهم لبعض: لم نترجل لهذا الغلام؟ فما هو بأشرفنا و لا بأكبرنا سنا و لا بأعلمنا! فقالوا: و الله لا ترجلنا له.

فقال أبوهاشم الجعفري: و الله لتترجلن له [علي] صغره اذا رأيتموه، فما هو الا أن طلع و بصروا به حتي ترجل له الناس كلهم، فقال لهم أبوهاشم: ألستم زعمتم أنكم لا تترجلون له؟ فقالوا: ما ملكنا أنفسنا حتي ترجلنا. [2] .

و عندما أرسل المتوكل يحيي بن هرثمة الي المدينة لاشخاص الامام الهادي عليه السلام الي سامراء، فدخل المدينة، ضج أهلها ضجيجا عظيما ما سمع الناس



[ صفحه 56]



بمثله خوفا علي الامام عليه السلام، قال يحيي: و قامت الدنيا علي ساق، لأنه كان محسنا اليهم ملازما للمسجد، لم يكن عنده ميل الي الدنيا. [3] .

و عندما وصل موكب الامام عليه السلام الي الياسرية نزل هناك، فرأي يحيي بن هرثمة تشوق الناس الي الامام عليه السلام و هيبته في قلوبهم و اجتماعهم لرؤيته، فأنفذه ليلا الي بغداد، و أقام بعض تلك الليلة، ثم سار فيها الي سامراء. [4] .

و بلغ من عظيم هيبة الناس له أنه كان اذا دخل علي المتوكل لا يبقي أحد في القصر الا قام بخدماته، و كانوا يتسابقون الي رفع الستائر و فتح الأبواب و لا يكلفونه بشي ء من ذلك. [5] .

و من مظاهر تعظيم الامام عليه السلام أنه لما اقيمت الصلاة عليه بعد استشهاده عليه السلام كثر الناس و اجتمعوا و كثر بكاؤهم و ضجتهم، فرد النعش الي داره، فدفن فيها. [6] .



[ صفحه 57]




پاورقي

[1] اعلام الوري: 365.

[2] الثاقب في المناقب: 542، الخرائج و الجرائح 7 / 675: 2، المناقب 407: 4.

[3] تذكرة الخواص: 359.

[4] تأريخ اليعقوبي 217: 3.

[5] راجع بحارالأنوار 6 / 128: 50.

[6] تأريخ اليعقوبي 234: 3.