بازگشت

دور الامام في التشريع


اذا كانت أحداث السقيفة ايذانا بعزل أهل البيت عليهم السلام عن أداء دورهم الريادي و القيادي للامة بعد الرسول صلي الله عليه و آله، و بداية لاقصاء الوصي الشرعي و الخليفة الحقيقي للرسول الأكرم صلي الله عليه و آله عن منصبه الالهي، فان أئمة أهل البيت عليهم السلام قد ساهموا في أداء دورهم الرسالي الهادف الي اقامة مبادي ء الكتاب الكريم و السنة المطهرة، و مقاومة مظاهر البدع و الانحراف، و توجيه الامة نحو الاصول الحقيقية للشريعة المقدسة، و لذلك فقد كانوا عليهم السلام، و حتي في الظروف القاسية أعلاما للحق و مراجع للدين، يهرع اليهم الناس حيثما أشكلت مسألة و حيثما استجدت اخري.

و في هذا السياق تجد أميرالمؤمنين عليه السلام باب مدينة علم الرسول صلي الله عليه و آله و أعلم الناس بالقضاء و فصل الخطاب، يلجأ اليه الناس لحل ما أشكل عليهم في مسائل القضاء و معضلات الامور، و في طليعتهم الحاكمون، حيث قال عمر بن الخطاب، فيما جاء عنه من صحيح الخبر: «لا أبقاني الله لمعضلة ليس لها أبوالحسن» و قال في أكثر من مناسبة: «لولا علي الهلك عمر».

و قد مارس أئمة الهدي عترة المصطفي صلي الله عليه و آله نفس هذا الدور الرسالي في زمان الامويين و العباسيين رغم شدة الظروف و قسوة الحكام، و الامثلة علي ذلك كثيرة



[ صفحه 80]



سقناها في عرض موسوعتنا هذه فيما تقدم و سيأتي من أجزائها.

يقول السيد هاشم معروف الحسني:

لقد انصرف الامام أبوالحسن الهادي عليه السلام عن السياسة و السياسيين كآبائه الي خدمة الاسلام في طريق الدفاع عن اصوله و نشر فروعه، فناظر المشككين و الملحدين، و أجاب عن أسئلتهم بالاسلوب الهادئ الرصين المدعوم بالحجة و المنطق، و لم يجتمع اليه أحد من اولئك المشككين الا و خرج مقتنعا مؤمنا يقول: «الله أعلم حيث يجعل رسالته».

و فيما يعود الي التشريع كان الرواة و العلماء يراجعونه فيما يشتبه عليهم عن طريق الكتابة، و لعل مرد ذلك الي أن محدثي الشيعة الذين كانوا يتدارسون فقه الأئمة و مروياتهم قد انتشروا في طول البلاد و عرضها، و كان لمدينة قم النصيب الأكبر من اولئك الرواة و من مؤلفات أصحاب الصادقين عليهماالسلام.

هذا بالاضافة الي أن السلطات الحاكمة كانت تضيق علي الأئمة عليهم السلام و تراقب جميع حركاتهم و سكناتهم، و قد فرضت عليهم الامامة الجبرية في عواصم الحكام للحد من التجمعات حولهم، بل و من الاتصال بهم، لذا فان الرواة و العلماء كانوا يتصلون في الغالب بالأئمة الثلاثة: الجواد و الهادي و العسكري عليهم السلام بالمراسلة، و يجد المتتبع لكل واحد منهم عشرات المرويات بهذا الطريق في مختلف الأبواب و المواضع الفقهية...

و يقول السيد محسن الأمين في (أعيان الشيعة): «ان الخيبري - أو الحميري - له كتاب مكاتبات الرجال عن العسكريين الهادي و ولده الحسن بن علي العسكري عليهماالسلام».

و روي عن الامام الهادي عليه السلام اسحاق بن عبدالله الأشعري كتاب (علل



[ صفحه 81]



الصلاة) و (مسائل الرجال) كما جاء في فهرست أسماء المولفين للشيخ الطوسي. [1] .

و التأليف في موضوع المكاتبات و المسائل يدل علي سعة تلك المكاتبات و كثرتها، و فيما يلي نورد من روايات أصحاب الامام الهادي عنه عليه السلام في مختلف مسائل الفقه و أبوابه، و هو دليل ناصع يعكس هذه الحقيقة بشكل جلي.

و فيما يلي نبذة مختارة من أحاديث الامام الهادي عليه السلام في مختلف فروع الفقه: و هي بمجموعها تعكس و بشكل واضح الدور المشرق للامام عليه السلام و أصحابه في التشريع، و مساهمتهم في الحفاظ علي خط الاسلام الأصيل و مبادئه السمحة في أحلك الظروف و أقساها.

و قد جمعنا هذه الأحاديث من الكتب الأربعة و كتاب الوسائل و مستدركه و غيرها، و رتبناها موضوعيا آملين أن نكون قد وفينا البحث حقه.



[ صفحه 82]




پاورقي

[1] سيرة الأئمة الاثني عشر - القسم الثاني: 459 - 456.