بازگشت

في ظهور آياته في الماء و الشجر و الجماد و غيرها


1 - عن يحيي بن هرثمة، قال: صحبت أباالحسن عليه السلام من المدينة الي سر من رأي في خلافة المتوكل، فلما صرنا ببعض الطريق عشطنا عطشا شديدا، فتكلمنا، و تكلم الناس في ذلك، فقال أبوالحسن عليه السلام: «الآن نصير الي ماء عذب فنشربه».

فما سرنا الا قليلا حتي صرنا الي تحت شجرة ينبع منها ماء عذب بارد، فنزلنا عليه و ارتوينا، و حملنا معنا و ارتحلنا، و كنت علقت سيفي علي الشجرة فنسيته.



[ صفحه 176]



فلما صرت غير بعيد في بعض الطريق ذكرته، فقلت لغلامي: ارجع حتي تأتيني بالسيف، فمر الغلام ركضا، فوجد السيف و حمله و رجع متحيرا، فسألته عن ذلك فقال لي: اني رجعت الي الشجرة، فوجدت السيف معلقا عليها، و لا عين و لا ماء و لا شجر، فعرفت الخبر، فصرت الي أبي الحسن عليه السلام فأخبرته بذلك، فقال: «احلف أن لا تذكر ذلك لأحد» فقلت: نعم. [1] .

2 - و عن أبي هاشم الجعفري، قال: خرجت مع أبي الحسن عليه السلام الي سر من رأي نتلقي بعض القادمين فأبطأوا، فطرح لأبي الحسن عليه السلام غاشية السرج فجلس عليها، فنزلت عن دابتي و جلست بين يديه و هو يحدثني، فشكوت اليه قصور يدي، فأهوي بيده الي رمل كان عليه جالسا، و ناولني منه كفا، و قال: «اتسع بهذا يا أباهاشم، و اكتم ما رأيت، فجئت به معي، و رجعنا فأبصرته فاذا هو يتقد كالنيران ذهبا أحمر.

فدعوت صائغا الي منزلي، و قلت له: اسبك لي هذا فسبكه، و قال لي: ما رأيت ذهبا أجود منه، و هو كهيئة الرمل، فمن أين لك هذا؟ فما رأيت أعجب منه! قلت: هذا شي ء كان عندنا قديما تدخره لنا عجائزنا علي طول الأيام. [2] .

3 - و عنه، قال: حججت سنة حج فيها بغا [3] ، فلما صرت الي المدينة الي



[ صفحه 177]



باب أبي الحسن عليه السلام وجدته راكبا في استقبال بغا، فسلمت عليه فقال: «امض بنا اذا شئت». فمضيت معه حتي خرجنا من المدينة، فلما أصحرنا التفت الي غلامه، و قال: «اذهب فانظر في أوائل العسكر». ثم قال: «انزل بنا يا أباهاشم».

قال: فنزلت و في نفسي أن أسأله شيئا و أنا أستحيي منه، و اقدم و أؤخر.

قال: فعمل بسوطه في الأرض خاتم سليمان، فنظرت فاذا في آخر الأحرف مكتوب: «خذ» و في الآخر «اكتم» و في الآخر «اعذر» ثم اقتلعه بسوطه و ناولنيه، فنظرت فاذا بنقرة [4] صافية فيها أربعمائة مثقال، فقلت: بأبي أنت و امي، لقد كنت شديد الحاجة اليها، و أردت كلامك و اقدم و اؤخر، و الله أعلم حيث يجعل رسالاته، ثم ركبنا. [5] .

4 - و روي أبومحمد البصري، عن أبي العباس خال شبل كاتب ابراهيم ابن محمد، قال: كنا أجرينا ذكر أبي الحسن عليه السلام، فقال لي: يا أبامحمد، لم أكن في شي ء من هذا الأمر، و كنت اعيب علي أخي و علي أهل هذا القول عيبا شديدا بالذم و الشتم، الي أن كنت في الوفد الذي أوفد المتوكل الي المدينة في احضار أبي الحسن عليه السلام، فخرجنا الي المدينة.

فلما خرج وجدنا في بعض الطريق، و طوينا المنزل، و كان منزلا صائفا شديد الحر، فسألناه أن ينزل، فقال: لا. فخرجنا و لم نطعم و لم نشرب، فلما اشتد الحر و الجوع و العطش، فبينما و نحن اذ ذلك في أرض ملساء لا نري شيئا و لا ظل



[ صفحه 178]



و لا ماء نستريح، فجعلنا نشخص بأبصارنا نحوه، قال: و ما لكم أحسبكم جياعا و قد عطشتم، فقلنا: اي والله يا سيدنا قد عيينا، قال: عرسوا [6] ، و كلوا و اشربوا.

فتعجبت من قوله و نحن في صحراء ملساء، لا نري فيها شيئا نستريح اليه، و لا نري ماء و لا ظلا، فقال: ما لكم عرسوا [7] ، فابتدرت الي القطار [8] لانيخ، ثم التفت و اذا أنا بشجرتن عظيمتين يستظل تحتهما عالم من الناس، و اني لأعرف موضعهما، انه أرض براح فقراء، و اذا بعين تسيح علي وجه الأرض أعذب ماء و أبرده.

فنزلنا و أكلنا و شربنا و استرحنا، و ان فينا من سلك ذلك الطريق مرارا، فوقع في قلبي ذلك الوقت أعاجيب، و جعلت أحد النظر اليه و أتأمله طويلا، و اذا نظرت اليه تبسم و زوي وجهه عني.

فقلت في نفسي: و الله لأعرفن هذا كيف هو؟ فأتيت وراء الشجرة، فدفنت سيفي، و وضعت عليه حجرين، و تهيأت للصلاة، فقال أبوالحسن عليه السلام: استرحتم؟ قلنا: نعم. قال: فارتحلوا علي اسم الله، فارتحلنا.

فلما أن سرنا ساعة رجعت علي الأثر، فأتيت الموضع، فوجدت الأثر و السيف كما وضعت و العلامة، و كأن الله لم يخلق ثم شجرة و لا ماء و لا ظلالا و لا بللا، فتعجبت من ذلك، و رفعت يدي الي السماء، فسألت الله الثبات علي المحبة و الايمان به، و المعرفة منه، و أخذت الأثر فلحقت بالقوم، فالتفت الي أبوالحسن عليه السلام و قال: يا أباالعباس فعلتها؟ قلت: نعم يا سيدي، لقد كنت شاكا،



[ صفحه 179]



و أصبحت و أنا عند نفسي من أغني الناس في الدنيا و الآخرة.

فقال: هو كذلك هم معدودون معلومون لا يزيد رجل و لا ينقص. [9] .

5 - و روي أبوهاشم الجعفري: أنه كان للمتوكل مجلس بشبابيك كيما تدور الشمس في حيطانه، قد جعل فيها الطيور التي تصوت، فاذا كان يوم السلام جلس في ذلك المجلس، فلا يسمع ما يقال له: و لا يسمع ما يقول، لاختلاف أصوات تلك الطيور، فاذا وافاه علي بن محمد بن الرضا عليه السلام سكتت الطيور، فلا يسمع منها صوت واحد الي أن يخرج، فاذا خرج من باب المجلس عادت الطيور في أصواتها.

قال: و كان عنده عدة من القوابج [10] في الحيطان، فكان يجلس في مجلس له عال، و يرسل تلك القوايج تقتتل، و هو ينظر اليها، و يضحك منها، فاذا وافي علي ابن محمد عليه السلام ذلك المجلس لصقت القوابج بالحيطان، فلا تتحرك عن مواضعها حتي ينصرف، فاذا انصرف عادت في القتال. [11] .


پاورقي

[1] الثاقب في المناقب: 531.

[2] الثاقب في المناقب: 532، الخرائج و الجرائح 673: 2، المناقب 409: 4 قطعة منه، اعلام الوري: 360، الصراط المستقيم 19 / 205: 2.

[3] بغا: قائد المتوكل، تركي.

[4] النقرة: القطعة المذابة، و قيل: السبيكة.

[5] الثاقب في المناقب: 533 - 532.

[6] أي أقيموا.

[7] عرس في المكان: أقام به في آخر الليل للراحة.

[8] القطار: مجموعة الابل في القافلة بعضها خلف بعض علي نسق واحد.

[9] بحارالأنوار 45 / 159: 50.

[10] القوابج: الحجل أو الكروان، نوع من الطيور.

[11] بحارالأنوار 34 / 148: 50.