بازگشت

مثل رائع


و مثل الاختيار بالاستطاعة مثل رجل ملك عبدا، و ملك مالا كثيرا، أحب أن يختبر عبده علي علم منه بما يؤول اليه، فملكه من ماله بعض ما أحب، و وقفه [1] علي امور عرفها العبد، فأمره أن يصرف ذلك المال فيها، و نهاه عن أسباب لم يحبها، و تقدم اليه أن يجتنبها و لا ينفق من ماله فيها، و المال يتصرف في أي الوجهين، فصرف المال [2] أحدهما في اتباع أمر المولي و رضاه، و الآخر صرفه في اتباع نهيه و سخطه.

و أسكنه دار اختبار، أعلمه أنه غير دائم له السكني في الدار، و أن له دارا غيرها، و هو مخرجه اليها، فيها ثواب و عقاب دائمان، فان أنفذ العبد المال الذي ملكه مولاه في الوجه الذي أمره به، جعل له ذلك الثواب الدائم في تلك الدار التي



[ صفحه 223]



أعلمه أنه مخرجه اليها، و ان أنفق المال في الوجه الذي نهاه عن انفاقه فيه، جعل له ذلك العقاب الدائم في دار الخلود.

و قد حد المولي في ذلك حدا معروفا و هو المسكن الذي أسكنه في الدار الاولي، فاذا بلغ الحد استبدل المولي بالمال و بالعبد، علي أنه لم يزل مالكا للمال و العبد في الأوقات كلها، الا أنه وعد أن لا يسلبه ذلك المال ما كان في تلك الدار الاولي الي أن يستتم سكناه فيها، فوفي له، لأن من صفات المولي العدل و الوفاء و النصفة و الحكمة، أو ليس يجب ان كان ذلك العبد صرف ذلك المال في الوجه المأمور به أن يفي له بما وعده من الثواب؟ و تفضل عليه بأن استعمله في دار فانية و أثابة علي طاعته فيها نعيما دائما في دار باقية دائمة.

و ان صرف العبد المال الذي ملكه مولاه أيام سكناه تلك الدار الاولي في الوجه المنهي عنه، و خالف أمر مولاه، كذلك تجب عليه العقوبة الدائمة التي حذره اياها، غير ظالم له لما تقدم اليه و أعلمه و عرفه و أوجب له الوفاء بوعده و وعيده، بذلك يوصف القادر القاهر.

و أما المولي فهو الله جل و عز، و أماالعبد فهو ابن آدم المخلوق، و المال قدرة الله الواسعة، و محنته [3] اظهار [ه] الحكمة و القدرة، و الدار الفانية هي الدنيا، و بعض المال الذي ملكه مولاه هو الاستطاعة التي ملك ابن آدم، و الامور التي أمر الله بصرف المال اليها هو الاستطاعة لاتباع الأنبياء، و الاقرار بما أوردوه عن الله جل و عز، و اجتناب الأسباب التي نهي عنها هي طريق ابليس.

أما وعده فالنعيم الدائم و هي الجنة، و أما الدار الفانية فهي الدنيا، و أما الدار



[ صفحه 224]



الاخري فهي الدار الباقية و هي الآخرة. و القول بين الجبر و التفويض هو الختبار و الامتحان و البلوي بالاستطاعة التي ملك العبد.

و شرحها في الخمسة الأمثال التي ذكرها الصادق عليه السلام [4] أنها جمعت جوامع الفضل، و أنا مفسرها بشواهد من القرآن و البيان ان شاء الله.


پاورقي

[1] في نسخة: و وافقه.

[2] في نسخة: فصرف الآن.

[3] أي اختباره و امتحانه.

[4] أي صحة الخلقة، و تخليلة السرب، و المهلة في الوقت، و الزاد، و السبب المهيج.