استحالة الوصف
1 - عن الفتح بن يزيد الجرجاني، قال: ضمني و أباالحسن [الهادي]
[ صفحه 234]
الطريق حين منصرفي من مكة الي خراسان، و هو صائر الي العراق، فسمعته و هو يقول: من اتقي الله يتقي، و من أطاع الله يطاع.
قال: فتلطفت في الوصول اليه، فسلمت عليه، فرد علي السلام، و أمرني بالجلوس، و أول ما ابتدأني به أن قال:
يا فتح، من أطاع الخالق لم يبال بسخط المخلوق، و من أسخط الخالق، فأيقن أن يحل به الخالق سخط المخلوق، و ان الخالق لا يوصف الا بما وصف به نفسه، و أني يوصف الخالق الذي تعجز الحواس أن تدركه، و الأوهام أن تناله، و الخطرات أن تحده، و الأبصار عن الاحاطة به، جل عما يصفه الواصفون، و تعالي عما ينعته الناعتون؛ نأي في قربه، و قرب في نأيه، فهو في نأيه قريب، و في قربه بعيد، كيف الكيف فلا يقال كيف، و أين الأين فلا يقال أين، اذا هو منقطع الكيفية و الأينية، هو الواحد الأحد الصمد، لم يلد و لم يولد و لم يكن له كفوا أحد، فجل جلاله.
أم كيف يوصف بكنهه محمد صلي الله عليه و آله و قد قرنه الجليل باسمه و شركه في عطائه، و أوجب لمن أطاعه جزاء طاعته، اذ يقول: (و ما نقموا الا أن أغناهم الله و رسوله من فضله). [1] .
و قال: يحكي قول من ترك طاعته و هو يعذبه بين أطباق نيرانها و سرابيل قطرانها: (يا ليتنا أطعنا الله و أطعنا الرسولا). [2] .
أم كيف يوصف بكنهه من قرن الجليل طاعتهم بطاعة رسوله حيث قال:
[ صفحه 235]
(أطيعوا الله و أطيعوا الرسول و اولي الأمر منكم) [3] ، و قال: (و لو ردوه الي الله و الي الرسول و الي اولي الأمر منهم) [4] ، و قال: (ان الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات الي أهلها) [5] ، و قال: (فاسألوا أهل الذكر ان كنتم لا تعلمون)؟ [6] .
يا فتح، كما لا يوصف الجليل جل جلاله و الرسول و الخليل و ولد البتول، فكذلك لا يوصف المؤمن المسلم لأمرنا، فنبينا صلي الله عليه و آله أفضل الأنبياء، و خليلنا أفضل الأخلاء، و وصيه أكرم الأوصياء، اسمهما أفضل الأسماء، و كنيتهما أفضل الكني و أجلاها، لو لم يجالسنا الا كفؤ لم يجالسنا أحد، و لو لم يزوجنا الا كفؤ لم يزوجنا أحد، أشد الناس تواضعا أعظمهم حلما، و أنداهم كفا، و أمنعهم كنفا، ورث عنهما أوصياؤهما علمهما، فاردد اليهم الأمر و سلم اليهم، أماتك الله مماتهم، و أحياك حياتهم، اذا شئت رحمك الله. [7] .
2 - و عن سهل بن زياد، عن أبي الحسن علي بن محمد عليه السلام أنه قال: الهي تاهت أوهام المتوهمين، و قصر طرف الطارفين، و تلاشت أوصاف الواصفين، و اضمحلت أقاويل المبطلين عن الدرك لعجيب شأنك، أو الوقوع بالبلوغ الي علوك، فأنت في المكان الذي لا يتناهي، و لم تقع عليك عيون باشارة و لا عبارة،
[ صفحه 236]
هيهات ثم هيهات، يا أولي، يا وحداني، يا فرداني، شمخت في العلو بعز الكبر، و ارتفعت من وراء كل غورة و نهاية بجبروت الفخر. [8] .
3 - و عن ابن شعبة باسناده قال: قال أبوالحسن الثالث عليه السلام:
ان الله لا يوصف الا بما وصف به نفسه، و أني يوصف الذي تعجز الحواس أن تدركه؟ و الأوهام أن تناله، و الخطرات أن تحده، و الأبصار عن الاحاطة به، نأي في قربه، و قرب في نأيه، كيف الكيف بغير أن يقال: كيف، و أين الأين بلا أن يقال: أين، هو منقطع الكيفية و الأينية، الواحد، الأحد، جل جلاله و تقدست أسماؤه. [9] .
پاورقي
[1] التوبة: 74.
[2] الأحزاب: 66.
[3] النساء: 59.
[4] النساء: 83.
[5] النساء: 58.
[6] الأنبياء: 7.
[7] كشف الغمة 176: 3، الكافي 137: 1، اثبات الوصية: 227.
[8] التوحيد: 19 / 66، الباب 2.
[9] بحارالأنوار 30 / 303: 4.